الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُجْمَعُ عَلَى الْخَلِفَاتِ (فَهِيَ عُشَرَاءُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الشِّينِ يُقَالُ عَشَّرَتِ النَّاقَةُ بِالتَّثْقِيلِ فَهِيَ عُشَرَاءُ أَتَى عَلَى حَمْلِهَا عَشْرَةُ أَشْهُرٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ
وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ هَذَا الْبَابِ مُفَصَّلًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَلْيُرَاجَعْ إِلَيْهِ
1 -
(بَاب دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ)
[4556]
(الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ) أَيْ حَتَّى الْإِبْهَامُ وَالْخِنْصَرُ وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْمَفَاصِلِ (عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ) أَيْ فِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِنَ الْأَصَابِعِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَأَصَابِعُ الرِّجْلِ وَالْيَدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ
وَالْحَدِيثٌ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[4557]
(قُلْتُ عَشْرٌ عَشْرٌ) أَيْ هَلْ فِي كُلِّ إِصْبَعٍ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَخْ) الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بَيَانُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ الرِّوَايَةِ فَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ رَوَى غَالِبٌ عَنْ مَسْرُوقٍ بِلَفْظِ السَّمَاعِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ الْمَذْكُورَةِ بِالْعَنْعَنَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ شُعْبَةُ وَإِسْمَاعِيلُ بَيْنَ غَالِبٍ وَمَسْرُوقٍ وَاسِطَةً وَجَعَلَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ ثُمَّ رَوَى سَعِيدٌ وَشُعْبَةُ عَنْ غَالِبٍ بِالْعَنْعَنَةِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ وَحَنْظَلَةُ عَنْ غَالِبٍ بِالتَّحْدِيثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن ماجه
[4558]
(هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ قَالَ يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالْخِنْصَرَ) قال المنذري وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
[4559]
(وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ) فَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ (الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ) الثَّنِيَّةُ وَاحِدَةُ الثَّنَايَا وَهِيَ الْأَسْنَانُ الْمُتَقَدِّمَةُ اثْنَتَانِ فَوْقَ وَاثْنَتَانِ أَسْفَلَ وَالضِّرْسُ وَاحِدُ الْأَضْرَاسِ وَهِيَ مَا سِوَى الثَّنَايَا مِنَ الْأَسْنَانِ يَعْنِي أَنَّ الْأَسْنَانَ كُلَّهَا سَوَاءٌ لَا تَفَاوُتَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَمَا يُفْتَقَرُ إِلَيْهَا كُلَّ الِافْتِقَارِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ (هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ) يَعْنِي الْإِبْهَامَ والخنصر (حدثناه الدارمي عن النضر) أي بن شُمَيْلٍ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي حَدَّثَنَاهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا رَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ دِيَةُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءٌ عَشْرَةٌ مِنَ الْإِبِلِ لِكُلِّ إِصْبَعٍ وَقَالَ حسن صحيح غريب
وأخرجه بن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ فِي لَفْظِهِ أَنَّهُ قَضَى فِي السِّنِّ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ
[4560]
(الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ) الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[4561]
(جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَخْ) الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[4562]
(وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
[4563]
(قَالَ فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[4564]
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَجَدْتُ) أَيْ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورَ بَعْدَ هَذَا الْمَصْدَرِ بِقَوْلِهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَوِّمُ دِيَةِ الْخَطَأِ (وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ شَيْبَانَ (صَاحِبٌ لَنَا) أي تلميذ لنا وهو بدل من أبو بَكْرٍ (ثِقَةٌ) صِفَةٌ لِصَاحِبٍ (يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَأِ إِلَخْ) مِنَ التَّقْوِيمِ أَيْ يَجْعَلُ قِيمَةَ دِيَةِ الْخَطَأِ (عَلَى أَهْلِ الْقُرَى) جَمْعُ قَرْيَةٍ (أَوْ عِدْلُهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُكْسَرُ قِيلَ الْعَدْلُ بِالْفَتْحِ مِثْلُ الشَّيْءِ فِي الْقِيمَةِ وَبِالْكَسْرِ مِثْلُهُ فِي الْمَنْظَرِ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ بِالْفَتْحِ مَا عَدَلَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَبِالْكَسْرِ مِنْ جِنْسِهِ
قَالَ الحافظ بن حَجَرٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِلْأَكْثَرِ بِالْفَتْحِ فَالْمَعْنَى أَوْ مِثْلِهَا فِي الْقِيمَةِ (مِنَ الْوَرِقِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيُسَكَّنُ أَيِ الْفِضَّةُ (وَيُقَوِّمُهَا) أَيْ وَكَانَ يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَأِ (عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ) جَمْعُ ثَمَنٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَأِ يَعْنِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَقْوِيمِ دية الخطأ
تَقْوِيمُ إِبِلِهَا (فَإِذَا غَلَتْ) أَيِ الْإِبِلُ يَعْنِي زَادَ ثَمَنُهَا (رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا) أَيْ زَادَ فِي قِيمَةِ الدِّيَةِ (وَإِذَا هَاجَتْ) مِنْ هَاجَ إِذَا ثَارَ أَيْ ظَهَرَتْ قِيمَتُهَا (رُخْصًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ضِدَّ الْغَلَاءِ حَالٌ وَالْمَعْنَى إِذَا رَخُصَتْ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا (نَقَصَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (مَنْ قِيمَتِهَا) أَيْ قِيمَةِ الدِّيَةِ (وَبَلَغَتْ) أَيْ قِيمَةُ الدِّيَةِ لِلْخَطَأِ (وَمَنْ كَانَ دِيَةُ عَقْلِهِ) وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَمَا فِي الْمِشْكَاةِ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَيْ شَاةٍ (فِي الشَّاءِ) جَمْعِ شَاةٍ (إِنَّ الْعَقْلَ) أَيِ الدِّيَةَ (مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ عَلَى قَرَابَتِهِمْ) مَعْنَاهُ أَنَّ دِيَةَ الْقَتِيلِ تَرِكَةٌ يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ كَسَائِرِ تَرِكَتِهِ (فَمَا فَضَلَ) أَيْ مِنْ سِهَامِ أصحاب الفرائض وهم الذين لهم سهام مقدرة فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلِلْعَصَبَةِ) الْعَصَبَةُ كُلُّ مَنْ يَأْخُذُ مِنَ التَّرِكَةِ مَا أَبْقَتْهُ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمَالِ (إِذَا جُدِعَ) أَيْ قُطِعَ وَالْمُرَادُ إِذَا اسْتَوْعَبَ فِي الْقَطْعِ (الدِّيَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (كَامِلَةً) حَالٌ من الدية (وإن جدعت ثندؤته) بِضَمِّ مُثَلَّثَةٍ مَهْمُوزًا وَفَتْحِهَا بِلَا هَمْزٍ وَبَعْدَ المثلثة نون والمراد بها ها هنا أَرْنَبَةُ الْأَنْفِ أَيْ طَرَفُهُ وَمُقَدَّمُهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ) بَيَانُ النِّصْفِ (أَوْ عَدْلُهَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى خَمْسُونَ (وَفِي الْمَأْمُومَةِ) أَيِ الشَّجَّةِ الَّتِي تَصِلُ إِلَى جِلْدَةٍ تُسَمَّى أُمَّ الدِّمَاغِ وَاشْتِقَاقُ الْمَأْمُومَةِ مِنْهُ (ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْإِبِلِ) بَيَانُ ثُلُثِ الْعَقْلِ (وَثُلُثٌ) أَيْ ثُلُثُ قِيمَةِ إِبِلٍ (وَالْجَائِفَةِ) أَيْ وَفِي الْجَائِفَةِ وَهِيَ الطَّعْنَةُ الَّتِي تَصِلُ إِلَى جَوْفِ الرَّأْسِ أَوِ الْبَطْنِ أَوِ الظَّهْرِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَإِنْ نَفَذَتِ الْجَائِفَةُ حَتَّى خَرَجَتْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَيِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ جَائِفَتَانِ (أَنَّ عَقْلَ الْمَرْأَةِ) أَيِ الدِّيَةَ الَّتِي وَجَبَتْ بِسَبَبِ جِنَايَتِهَا (بَيْنَ عَصَبَتِهَا) أَيْ هُمْ يَتَحَمَّلُونَهَا (مَنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْمَرْأَةِ وَهَذِهِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْعَصَبَةِ أَيْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ يَتَحَمَّلُهَا عَصَبَتُهَا الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ مِنْهَا (إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا) أَيْ ذَوِي الْفَرَائِضِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَقُولُ إِنَّ الْعَصَبَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَقْلَهَا كَمَا يَتَحَمَّلُونَ عَنِ الرَّجُلِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَتَهُ وَإِنَّمَا هِيَ فِي رَقَبَتِهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمَا السُّدُسُ وَإِنَّمَا الْعَاقِلَةُ الْأَعْمَامُ وَأَبْنَاءُ الْعُمُومَةِ وَمَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ مِنَ الْعَصَبَةِ انْتَهَى (فَإِنْ قُتِلَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الْمَرْأَةُ (فَعَقْلُهَا) أَيْ دِيَتُهَا (بَيْنَ وَرَثَتِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَصْحَابَ الْفَرَائِضِ أَوْ عَصَبَةً فَإِنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ كَسَائِرِ تَرِكَتِهَا فَلَا تَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ بَلْ تُقَسَّمُ أَوَّلًا بَيْنَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ يُقْسَمُ بَيْنَ الْعَصَبَةِ
بِخِلَافِ دِيَةِ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا بِسَبَبِ قَتْلِهَا فَإِنَّ الْعَصَبَةَ يَتَحَمَّلُونَهَا خَاصَّةً دُونَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّ الدِّيَةَ مَوْرُوثَةٌ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَمْلِكُهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا يَرِثُهَا زَوْجُهَا
وَقَدْ وَرَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا (وَهُمْ) أَيْ وَرَثَتُهَا (يَقْتُلُونَ قَاتِلَهُمْ) الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ قَاتِلَهَا أَيْ قَاتِلَ الْمَرْأَةِ وَلَكِنْ أُضِيفَ الْقَاتِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَتْلِهِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَرَثَةَ يَرِثُونَ دِيَةَ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ وَيَأْخُذُونَهَا وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهَا فهم مختارون إن شاؤوا أخذوا الدية ولم يقتلوا قاتلها وإن شاؤا قَتَلُوا قَاتِلَهَا وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ وَلَا مِنْ تَرِكَتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمَقْتُولِ (وَارِثٌ) أَيْ سِوَى الْقَاتِلِ (فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الْمَقْتُولِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ إِذَا قَتَلَ الْمُوَرِّثَ حُرِمَ مِيرَاثَهُ وَوَرِثَهُ مَنْ لَمْ يَقْتُلْ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ وَتُدْفَعُ تَرِكَتُهُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ الْقَاتِلِ وَهَذَا كَالرَّجُلِ يَقْتُلُهُ ابْنُهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَ ابْنِهِ الْقَاتِلِ وَلِلْقَاتِلِ ابْنٌ فَإِنَّ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ يدفع إلى بن الْقَاتِلِ وَيُحْرَمُ الْقَاتِلُ انْتَهَى
وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَارِثٌ ذُو فَرْضٍ وَالْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ ذُو فَرْضٍ فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إليه من العصابات كَذَا قِيلَ
قُلْتُ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ الْإِمَامُ الخطابي فتدبر (قال
محمد) يعني بن رَاشِدٍ وَهَذِهِ مَقُولَةُ شَيْبَانَ (هَذَا كُلُّهُ) أَيْ كل حديث رَوَاهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي هَذَا الْمَتْنِ الطَّوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ
قَالَ المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَكْحُولِيُّ وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
[4565]
(عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ) قَدْ مَرَّ بَحْثُهُ (وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ) أَيْ صَاحِبُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ الْقَاتِلُ سَمَّاهُ صَاحِبَهُ لِصُدُورِ الْقَتْلِ عَنْهُ وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم هَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ جَوَازِ الِاقْتِصَاصِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ حَيْثُ جَعَلَهُ كَالْعَمْدِ الْمَحْضِ فِي الْعَقْلِ (قَالَ) هَذَا مَقُولُ أَبِي دَاوُدَ الْمُؤَلِّفِ وَالْقَائِلُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ شيخه ذكره المزي (وزادنا خليل) بن زِيَادٍ الْمُحَارِبِيُّ رَوَى عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَلَفْظُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ وَعَبْدُ الصَّمَدِ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يعني بن رَاشِدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلَ عَقْلِ الْعَمْدِ وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ أَبُو النَّضْرِ فَيَكُونُ رَمْيًا فِي عِمِّيًّا فِي غَيْرِ فِتْنَةٍ وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ (وَذَلِكَ) أَيْ قَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ (أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ) النَّزْوُ الْوُثُوبُ وَالتَّسَرُّعُ إِلَى الشَّرِّ (فَتَكُونَ دِمَاءٌ) ضُبِطَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الدِّهْلَوِيِّ
وَكَذَلِكَ ضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْأُخَرِ أَيْ فَتُوجَدُ دِمَاءٌ فَكَلِمَةُ تَكُونُ تَامَّةٌ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَكُونُ دَمًا بِالْإِفْرَادِ وَالنَّصْبِ وَلَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ ضَمِيرَ يَكُونُ رَاجِعٌ إِلَى نَزْوِ الشَّيْطَانِ وَهُوَ اسْمُهُ وَدَمًا خَبَرُهُ وَالْمَعْنَى يَكُونُ نَزْوُ الشَّيْطَانِ بَيْنَ النَّاسِ دَمًا أَيْ سَبَبَ دَمٍ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ كَمَا لَا يَخْفَى (فِي عِمِّيًّا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ فِي حَالِ يَعْمَى أَمْرُهُ فَلَا يُتَبَيَّنُ قَاتِلُهُ وَلَا حَالُ قَتْلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَمَعْنَاهُ (فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ) الضَّغِينَةُ الْحِقْدُ وَالْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَتْلَ شِبْهِ الْعَمْدِ يَحْصُلُ بِسَبَبِ وُثُوبِ الشَّيْطَانِ بَيْنَ النَّاسِ فَيَكُونُ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ حِقْدٍ وَعَدَاوَةٍ وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ بَلْ فِي حَالٍ يَعْمَى أَمْرُهُ وَلَا يُتَبَيَّنُ قَاتِلُهُ وَلَا حَالُ قَتْلِهِ فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ بَلْ عَلَيْهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِثْلَ دِيَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَخَلِيلٌ هَذَا لَمْ يُنْسَبْ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ انْتَهَى
وَفِي التَّهْذِيبِ خَلِيلٌ غَيْرُ مَنْسُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ فِي تَرْجَمَةِ الْخَلِيلِ بْنِ زِيَادٍ الْمُحَارِبِيِّ انْتَهَى
[4566]
(فُضَيْلٌ) بِالتَّصْغِيرِ اسْمُ أَبِي كَامِلٍ (فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ) جَمْعُ مُوضِحَةٍ بِكَسْرِ الضَّادِ أَيِ الْجِرَاحَةِ الَّتِي تَرْفَعُ اللَّحْمَ مِنَ الْعَظْمِ وَتُوضِحُهُ أَيْ فِي كُلِّ مُوضِحَةٍ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَفِي الْمَجْمَعِ وَالْوَضَحُ الْبَيَاضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَمَرَ بِصِيَامِ الْأَوَاضِحِ أَيْ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْأَوَاضِحِ أَيِ الْبِيضِ جَمْعِ وَاضِحَةٍ وَالْمُوضِحَةُ الَّتِي تُبْدِي وَضَحَ الْعَظْمِ أَيْ بَيَاضَهُ وَجَمْعُهُ الْمَوَاضِحُ انْتَهَى
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ
[4567]
(فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ السَّادَّةِ لِمَكَانِهَا) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيِ الْبَاقِيَةِ فِي مَكَانِهَا صَحِيحَةً لَكِنْ ذَهَبَ نَظَرُهَا وَإِبْصَارُهَا
وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ أَرَادَ بِهَا الْعَيْنَ الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْحَدَقَةِ وَلَمْ يَخْلُ مَوْضِعُهَا فَبَقِيَتْ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ عَلَى مَا كَانَتْ لَمْ يُشَوَّهْ خِلْقَتُهَا وَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا جَمَالُ الْوَجْهِ (بِثُلُثِ الدِّيَةِ) 1 وَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ ذَهَابِ بَصَرِهَا بَاقِيَةَ الْجَمَالِ فَإِذَا قُلِعَتْ أَوْ فُقِئَتْ ذَهَبَ ذلك
قال بن الْمَلَكِ عَمِلَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ إِسْحَاقُ وَأَوْجَبَ الثُّلُثَ فِي الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبُوا حُكُومَةَ الْعَدْلِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَفُتْ بِكَمَالِهَا فَصَارَتْ كَالسِّنِّ إِذَا سُوِّدَتْ بِالضَّرْبِ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى مَعْنَى الْحُكُومَةِ إِذِ الْحُكُومَةُ بَلَغَتْ ثُلُثَ الدِّيَةِ