المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في رد الإرجاء) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌37 - كتاب الحدود

- ‌(باب الحكم في من ارتد)

- ‌(باب الحكم فِي مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُحَارَبَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ)

- ‌(باب يعفى عن الحدود)

- ‌(باب السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ)

- ‌(بَاب فِي صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ)

- ‌(بَاب فِي التَّلْقِينِ فِي الْحَدِّ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ)

- ‌(بَاب فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ [4382] أَيِ امْتِحَانِ السَّارِقِ)

- ‌(بَاب مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ)

- ‌(بَاب مَا لَا قَطْعَ فِيهِ)

- ‌(باب القطع في الخلسة)

- ‌(باب فيمن سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ)

- ‌(بَاب فِي الْقَطْعِ فِي الْعَارِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حدا)

- ‌(بَاب فِي الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ هَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ)

- ‌(باب السارق يَسْرِقُ فِي الْغَزْوِ أَيُقْطَعُ)

- ‌(بَاب فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ)

- ‌(باب السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا)

- ‌(باب في السارق تعلق يده فِي عُنُقِهِ)

- ‌(باب بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إِذَا سَرَقَ)

- ‌(باب في الرجم)

- ‌(بَاب رَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ)

- ‌(باب في المرأة التي الخ)

- ‌(بَاب فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ)

- ‌(باب فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ)

- ‌(باب في من عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ)

- ‌(باب في من أَتَى بَهِيمَةً أَيْ جَامَعَهَا)

- ‌(باب إذا أقر الرجل بالزنى وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ)

- ‌(باب فِي الرَّجُلِ يصيب من المرأة ما دون الجماع)

- ‌(باب فِي الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ)

- ‌(باب فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ)

- ‌(باب في حد القاذف)

- ‌(باب في الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ)

- ‌(باب إِذَا تَتَابَعَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَيْ تَوَالَى فِي شُرْبِهَا)

- ‌(باب فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ هَلْ يَجُوزُ)

- ‌(باب فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌38 - كتاب الديات

- ‌(باب لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه أو أخيه)

- ‌(باب الْإِمَامِ يَأْمُرُ بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ)

- ‌(باب ولي العمد يأخذ الدية)

- ‌(بَاب من قتل بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ)

- ‌(باب فيمن سقى رجلا سما)

- ‌(باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقَادُ مِنْهُ)

- ‌(باب القسامة)

- ‌(باب فِي تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ)

- ‌(بَاب يُقَادُ مِنْ الْقَاتِلِ)

- ‌(بَاب أَيُقَادُ المسلم من الكافر)

- ‌(باب فيمن وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ)

- ‌(باب العامل)

- ‌(بَاب القود بغير حديد)

- ‌(بَاب الْقَوَدِ مِنْ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الْأَمِيرِ مِنْ نفسه)

- ‌(بَاب عَفْوِ النِّسَاءِ عَنْ الدَّمِ)

- ‌(باب من قتل في عميا بين قوم)

- ‌(بَاب الدِّيَةِ كَمْ هِيَ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ)

- ‌(باب أسنان الإبل)

- ‌(بَاب دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ)

- ‌(بَاب دِيَةِ الْجَنِينِ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الْمُكَاتَبِ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُقَاتِلُ الرَّجُلَ فَيَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ)

- ‌(باب فيمن تطبب ولا يعلم منه طب فَأَعْنَتَ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ)

- ‌(بَاب الْقِصَاصِ مِنْ السِّنِّ)

- ‌(بَاب فِي الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا)

- ‌(بَاب الْعَجْمَاءُ وَالْمَعْدِنُ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ)

- ‌(بَاب فِي النَّارِ)

- ‌(باب جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ قَتَلَ)

- ‌39 - كتاب السُّنَّة

- ‌ بَاب النَّهْيِ عَنْ الْجِدَالِ وَاتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهِ مِنْ الْقُرْآنِ)

- ‌ بَاب مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَبُغْضِهِمْ)

- ‌(باب في تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْجِدَالِ فِي الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ)

- ‌(باب من دعا إلى السُّنَّةِ)

- ‌(بَاب فِي التَّفْضِيلِ)

- ‌(بَاب فِي الْخُلَفَاءِ)

- ‌(باب في فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ)

- ‌(بَاب فِي اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(باب في التخيير بين الأنبياء عليهم السلام

- ‌(بَابٌ فِي رَدِّ الْإِرْجَاءِ)

- ‌(بَاب الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ)

- ‌(بَاب فِي الْقَدَرِ)

- ‌(بَاب فِي ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ)

الفصل: ‌(باب في رد الإرجاء)

وَالْمَعْنَى أَنَّ أَصْلَ دِينِهِمْ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّوْحِيدُ وَفُرُوعَ الشَّرَائِعِ مُخْتَلِفَةٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ أَزْمِنَتَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ (وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ) قَالَ الْحَافِظُ هَذَا أَوْرَدَهُ كَالشَّاهِدِ لِقَوْلِهِ إِنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

4 -

(بَابٌ فِي رَدِّ الْإِرْجَاءِ)

وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيِّ بَابُ الرَّدِّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُرْجِئَةُ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْإِسْلَامِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ مَعْصِيَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ سُمُّوا مُرْجِئَةً لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ أَرْجَأَ تَعْذِيبَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي أَيْ أَخَّرَهُ عَنْهُمْ وَالْمُرْجِئَةُ تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنَى التَّأْخِيرِ

كَذَا فِي السِّرَاجِ الْمُنِيرِ

(الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ) أَيْ شُعْبَةً وَالْبِضْعُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وفتحها هو عدد ذكر الشيخ بن القيم رحمه الله حديث الإيمان بضع وسبعون ثم قال ولفظ مسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة وفي كتاب البخاري بضع وستون وفي بعض رواياته بضع وسبعون بضعة وسبعون أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة العظم الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان مُبْهَمٌ مُقَيَّدٌ بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ إِلَى الْعَشَرَةِ وَقِيلَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى تِسْعَةٍ وَقِيلَ مِنَ اثْنَيْنِ إِلَى عَشْرَةٍ وَعَنِ الْخَلِيلِ الْبِضْعُ السَّبْعُ (وَأَدْنَاهَا) أَيْ أَدْوَنُهَا مِقْدَارًا (إِمَاطَةُ الْعَظْمِ) أَيْ إِزَالَتُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إِمَاطَةُ الْأَذَى وَالْأَذَى مَا يُؤْذِي كَشَوْكٍ وَحَجَرٍ (وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ) الحياء بالمد وهو في اللغة تغير وانكسار يتعرى الْإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَفِي

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

ذكر الشيخ بن الْقَيِّم رحمه الله حَدِيث الْإِيمَان بِضْع وَسَبْعُونَ ثُمَّ قَالَ وَلَفْظ مُسْلِم الْإِيمَان بِضْع وَسَبْعُونَ شُعْبَة وَفِي كِتَاب الْبُخَارِيّ بِضْع وَسِتُّونَ وَفِي بَعْض رِوَايَاته بِضْع وَسَبْعُونَ

وَالْمَعْرُوف سِتُّونَ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم بِالْوَجْهَيْنِ عَلَى الشَّكّ عَنْ أَبِي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْإِيمَان بِضْع وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْع وَسِتُّونَ شُعْبَة

وَحَدِيث الْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان رَوَاهُ البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة وبن عُمَر وَأَبِي مَسْعُود عُقْبَة بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ

وَفِي حَدِيث بْن عُمَر المتفق عليه في سؤال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم عَنْ الْإِسْلَام فَقَالَ

ص: 282

الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَبِ إذا الْحَيِيُّ يَخَافُ فَضِيحَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَيَأْتَمِرُ وَيَنْزَجِرُ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الْإِيمَانَ الشَّرْعِيَّ اسْمٌ بِمَعْنَى ذِي شُعَبٍ وَأَجْزَاءٍ لَهَا أَعْلَى وَأَدْنَى وَأَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ وَزِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ فَالِاسْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهَا كَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّهَا وَالْحَقِيقَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ شُعَبِهَا وَتَسْتَوْفِي جُمْلَةَ أَجْزَائِهَا كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَهَا شُعَبٌ وَأَجْزَاءٌ وَالِاسْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَعْضِهَا وَالْحَقِيقَةُ تَقْتَضِي جَمِيعَ أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَا ويدل على

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

أَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وأن محمدا رسول الله وَتُقِيم الصَّلَاة وَتُؤْتِي الزَّكَاة وَتَصُوم رَمَضَان وَتَحُجّ الْبَيْت إِنْ اِسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلًا

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه جَاءَ رَجُل مِنْ أَهْل نَجْد ثَائِر الرَّأْس نَسْمَع دَوِيّ صَوْته وَلَا نَفَقه مَا يَقُول حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم

فَإِذَا هُوَ يَسْأَل عَنْ الْإِسْلَام فَقَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَمْس صَلَوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة الْحَدِيث

وَفِي مُسْنَد الإمام أحمد عن بن عمر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْإِسْلَام شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ محمد رسول الله وَإِقَام الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَحَجّ الْبَيْت

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَيّ الْإِسْلَام خَيْر قَالَ تُطْعِم الطَّعَام

وَتَقْرَأ السَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِن عَبْد حَتَّى يُحِبّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ وَقَالَ مُسْلِم حَتَّى يُحِبّ لِجَارِهِ أَوْ قَالَ لِأَخِيهِ

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى أَكُون أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِده وَوَلَده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَقَالَ مُسْلِم مِنْ أَهْله وَمَاله وَالنَّاس أَجْمَعِينَ

وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي سَعِيد الخدري رضي الله عنه قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان

وَفِي صَحِيح مُسْلِم أَيْضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ نَبِيّ بَعَثَهُ اللَّه فِي أُمَّته قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّته حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ

ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُف مِنْ بَعْدهمْ خُلُوف يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ

فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِن

وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِن

وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِن

لَيْسَ وَرَاء ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل

وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي مَرْحُوم عَنْ سَهْل بْن مُعَاذ بْن أَنَس الْجُهَنِيّ عَنْ أَبِيهِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اِسْتَكْمَلَ إِيمَانه وَأَبُو مَرْحُوم وَسَهْل قَدْ ضُعِّفَا

ص: 283

صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْحَيَاءَ أَحَدُ الشُّعَبِ وَفِيهِ إِثْبَاتُ التَّفَاصِيلِ فِي الْإِيمَانِ وَتَبَايُنُ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَرَجَاتِهِمُ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ

(إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ) الْوَفْدُ جَمْعُ وَافِدٍ وَهُوَ الَّذِي أَتَى إِلَى الْأَمِيرِ بِرِسَالَةٍ مِنْ قَوْمٍ وَقِيلَ رَهْطٌ كِرَامٌ وَعَبْدُ الْقَيْسِ أَبُو قَبِيلَةٍ عَظِيمَةٍ تَنْتَهِي إِلَى رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ (لَمَّا قَدِمُوا) أَيْ أَتَوْا (وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمُسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا (مِنَ الْمَغْنَمِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ أَيِ الْغَنِيمَةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

(بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ خَبَرُهُ وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَصْلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ

وَالْمَعْنَى يُوصِلُهُ إِلَيْهِ

وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ زَالَ الْإِشْكَالُ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْحَاجِزَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فِعْلُ الصَّلَاةِ لَا تَرْكُهَا قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ

وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْفَرْضِ عَمْدًا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ ترك الصلاة وقال بن مَسْعُودٍ تَرْكُهَا كُفْرٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِهَا جُحُودًا أَوْ عَلَى الزَّجْرِ وَالْوَعِيدِ

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمَكْحُولٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَارِكُ الصَّلَاةِ كَالْمُرْتَدِّ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الدِّينِ

وَقَالَ صَاحِبُ الرَّأْيِ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ السُّنَّةِ

وَقَدْ أَطَالَ الكلام في هذه المسألة الإمام بن الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ فَأَطَابَ وَأَحْسَنَ وأجاد

ص: 284