الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لله فِي هَذَا الْأَنَام لطائف
…
خفيت عَلَيْهِم أَنْت من آياتها)
(وَلكُل عَافِيَة عفت وَقت فان
…
عدت الْمَرِيض فانت من أَوْقَاتهَا)
(فَاسْلَمْ ليسلم من تعلله فقد
…
صحت بك الدُّنْيَا على علاتها)
ونقلت أَيْضا من خطه مِمَّا نظمه فِيهِ وَقد عالجه من بعض الْأَمْرَاض الْعَظِيمَة الْخطر فَكتب إِلَيْهِ
(أواصل شكرا لست عَنهُ بلاهي
…
سفيرا غَدا بيني وَبَين إلهي)
(أعَاد بِإِذن الله روحي وَلم أكد
…
أَعُود إِلَى هَذَا الْوُجُود ولاهي)
(هُوَ السَّيِّد القَاضِي السديد الَّذِي بِهِ
…
أفاخر أَرْبَاب الْعلَا وأباهي)
(فلولا التناهي فِي البرايا لَقلت مَا
…
لآماده فِي المكرمات تناهي)
(تنير لَهُ المشكلات بَصِيرَة
…
تريه خفايا الغائبات كَمَا هِيَ)
(زِمَام العوافي والسقام بكفه
…
لَهُ آمُر فِي الْفرْقَتَيْنِ وناهي)
(لَك الله يَا عبد الْإِلَه فكمرزهت
…
ببهجتك الدُّنْيَا وَلست بزاهي)
(تجل عَن المَاء الزلَال وَجل أَن
…
يُقَاس هَوَاء منعش بمياه) الطَّوِيل
وَتُوفِّي الشَّيْخ السديد رحمه الله بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
ابْن جَمِيع
هُوَ الشَّيْخ الْمُوفق شمس الرياسة أَبُو العشائر هبة الله بن زين بن حسن بن افرائيم بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل بن جَمِيع الإسرائيلي من الْأَطِبَّاء الْمَشْهُورين وَالْعُلَمَاء الْمَذْكُورين والأكابر المتعينين
وَكَانَ متفننا فِي الْعُلُوم جيد الْمعرفَة بهَا كثير الِاجْتِهَاد فِي صناعَة الطِّبّ حسن المعالجة جيد التصنيف
وَقَرَأَ صناعَة الطِّبّ على الشَّيْخ الْمُوفق أبي نصر عدنان بن الْعين زَرْبِي وَلَزِمَه مُدَّة
وَكَانَ مولد ابْن جَمِيع ومنشؤه بفسطاط مصر
وخدم الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وحظي فِي أَيَّامه وَكَانَ رفيع الْمنزلَة عِنْده عالي الْقدر نَافِذ الْأَمر يعْتَمد عَلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ وَركب لَهُ الترياق الْكَبِير الْفَارُوق
وَكَانَ لِابْنِ جَمِيع مجْلِس عَام للَّذين يشتغلون عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ وَذكر أَنه كَانَ كثير التَّحْصِيل فِي صناعَة الطِّبّ متصرفا فِي علمهَا فَاضلا فِي أَعمالهَا
أَقُول وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك مَا نجده فِي مصنفاته فَإِنَّهَا جَيِّدَة التَّأْلِيف كَثِيرَة الْفَوَائِد منتخبة العلاج
وَكَانَ لَهُ نظر فِي الْعَرَبيَّة وَتَحْقِيق للألفاظ اللُّغَوِيَّة
وَكَانَ لَا يقْرَأ إِلَّا وَكتاب الصِّحَاح للجوهري حَاضر بَين يَدَيْهِ وَلَا تمر كلمة لُغَة لم يعرفهَا حق الْمعرفَة إِلَّا ويكشفها مِنْهُ ويعتمد
على مَا أوردهُ الْجَوْهَرِي فِي ذَلِك
وَكنت يَوْمًا عِنْد الصاحب جمال الدّين يحيى بن مطروح فِي دَاره بِدِمَشْق وَكَانَ ذَلِك فِي أَيَّام الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب صَاحب الْبِلَاد المصرية والشامية
والصاحب جمال الدّين يَوْمئِذٍ وزيره فِي سَائِر الْبِلَاد وَهُوَ صَاحب السَّيْف والقلم وَفِي خدمته مِائَتَا فَارس وتجارينا الحَدِيث وتفضل وَقَالَ لي مَا سَبَقَك إِلَى تأليف كتابك فِي طَبَقَات الْأَطِبَّاء أحد
ثمَّ قَالَ لي وَذكرت أَصْحَابنَا الْأَطِبَّاء المصريين فَقلت لَهُ نعم
فَقَالَ وَكَأَنِّي بك قد أَشرت إِلَى أَن مَا فِي الْأَطِبَّاء الْمُتَقَدِّمين مِنْهُم مثل ابْن رضوَان وَفِي الْمُتَأَخِّرين مثل ابْن جَمِيع فَقلت لَهُ صَحِيح يَا مَوْلَانَا
وحَدثني بعض المصريين أَن ابْن جَمِيع كَانَ يَوْمًا جَالِسا فِي دكانه عِنْد سوق الْقَنَادِيل بفسطاط مصر وَقد مرت عَلَيْهِ جَنَازَة فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا صَاح بِأَهْل الْمَيِّت وَذكر لَهُم أَن صَاحبهمْ لم يمت وَأَنَّهُمْ إِن دفنوه فَإِنَّمَا يدفنوه حَيا
قَالَ فبقوا ناظرين إِلَيْهِ كالمتعجبين من قَوْله وَلم يصدقوه فِيمَا قَالَ
ثمَّ إِن بَعضهم قَالَ لبَعض هَذَا الَّذِي يَقُوله مَا يضرنا أننا نمتحنه فَإِن كَانَ حَقًا فَهُوَ الَّذِي نريده وَإِن لم يكن حَقًا فَمَا يتَغَيَّر علينا شَيْء فاستدعوه إِلَيْهِم وَقَالُوا بَين الَّذِي قد قلت لنا فَأَمرهمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْبَيْت وَأَن ينزعوا عَن الْمَيِّت أَكْفَانه وَقَالَ لَهُم احملوه إِلَى الْحمام ثمَّ سكب عَلَيْهِ المَاء الْحَار وأحمى بدنه ونطله بنطولات وغطسه فَرَأَوْا فِيهِ أدنى حس وتحرك حَرَكَة خَفِيفَة
فَقَالَ أَبْشِرُوا بعافيته ثمَّ تمم علاجه إِلَى أَن أَفَاق وَصلح فَكَانَ ذَلِك مبدأ اشتهاره بجودة الصِّنَاعَة وَالْعلم وَظَهَرت عَنهُ كالمعجزة ثمَّ أَنه سُئِلَ بعد ذَلِك من أَيْن علمت أَن ذَلِك الْمَيِّت وَهُوَ مَحْمُول وَعَلِيهِ الأكفان أَن فِيهِ روحا فَقَالَ إِنِّي نظرت إِلَى قَدَمَيْهِ فوجدتهما قائمتين وأقدام الَّذين قد مَاتُوا منبسطة فحدست أَنه حَيّ وَكَانَ حدسي صائبا أَقُول وَكَانَ بِمصْر ابْن المنجم الْمصْرِيّ وَكَانَ شَاعِرًا مَشْهُورا خَبِيث اللِّسَان وَله أهاجي كَثِيرَة فِي ابْن جَمِيع وَمن ذَلِك مِمَّا أنشدت لَهُ فِيهِ
(لِابْنِ جَمِيع فِي طبه حمق
…
يسب طب الْمَسِيح من سَببه)
(وَلَيْسَ يدْرِي مَا فِي الزجاجة من
…
بَوْل مَرِيض وَلَو تمخض بِهِ)
(وأعجب الْأَمر أَخذه أبدا
…
أُجْرَة قتل الْمَرِيض من عصبه) المنسرح
وَله أَيْضا فِيهِ
(دعوا ابْن جَمِيع وبهتانه
…
ودعواه فِي الطِّبّ والهندسة)
(فَمَا هُوَ إِلَّا رقيع أَتَى
…
وَإِن حل فِي بلد أنحسه)
(وَقد جعل الشّرْب من شَأْنه
…
وَلَكِن كَمَا تشرب النرجسه) المتقارب
وَله أَيْضا فِيهِ
(كذبت وصحفت فِيمَا ادعيت
…
وَقلت أَبوك جَمِيع الْيَهُودِيّ)
(وَلَيْسَ جَمِيع الْيَهُودِيّ أَبَاك
…
وَلَكِن أَبَاك جَمِيع الْيَهُود)
ونقلت من خطّ يُوسُف بن هبة الله بن مُسلم قصيدة لنَفسِهِ وَهُوَ يرثي بهَا الشَّيْخ الْمُوفق بن جَمِيع وَهِي
(أعيني بِمَا تحوي من الدمع فاسجمي
…
وَإِن نفذت مِنْك الدُّمُوع فبالدم)
(فَحق بِأَن تذرفي على فقد سيد
…
فَقدنَا بِهِ فضل الْعلَا والتكرم)
(وَأفضل أهل الْعَصْر علما وسؤددا
…
وأفضلهم فِي مُشكل القَوْل مُبْهَم)
(وأهداهم بِالرَّأْيِ وَالْأَمر مُبْهَم
…
وأعلمهم بِالْغَيْبِ علم تفهم)
(وأرحبهم صَدرا وكفا ومنزلا
…
ووجها كَمثل الصُّبْح عِنْد التبسم)
(وأنجد من يممته لملمة
…
وأنجد من أملته لتألم)
(وَلَو كَانَ يفدى من حمام فديته
…
بِنَفس مَتى تقدم على الْمَوْت تقرم)
(وبطش أسود كالأساود ترتمي
…
بهزة هندي وَعزة لهذم)
(وَلَكِن قَضَاء الله فِي الْخلق نَافِذ
…
فَلَا دَافع للْآمِر المتحكم)
(وَمَا رد بقراطا عَن الْمَوْت طبه
…
وَقد كَانَ من أعيانه فِي التَّقَدُّم)
(وَلَا حاد جالينوس عَن حتف يَوْمه
…
فَسلم مَا أعياه للمتسلم)
(لَا كسر كسْرَى ثمَّ تَابع تبعا
…
وَعَاد بعاد ثمَّ جر بجرهم)
(فَقل مُعْلنا للشامتين بيومه
…
ذَوُو الْجَهْل إِن الْجَهْل مِنْكُم بمأتم)
(تمر سفيهات الرِّيَاح عواصفا
…
فَهَل زعزعت ضعفا نَبَات يَلَمْلَم)
(وَمَا سرح السَّرْح الضَّعِيف حراكه
…
بِأَرْض فَكَانَ اللَّيْث فِيهَا بمجثم)
(ألم يَك ذَا ورد النُّفُوس بأسرها
…
فَكل أخير تَابع الْمُتَقَدّم)
(فَلَا فَرح إِلَّا ويعقبه الأسى
…
وَلَا غَايَة الْبُنيان غير التهدم)
(فقبحا لدهر ردنا بعد فَقده
…
حيارى بِلَا هاد حَلِيف التيتم)
(أما عجب إِذْ غاله الحتف راميا
…
وَقد كَانَ أرمى للخطوب بأسهم)