الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(العَبْد يذكر مَوْلَاهُ بِمَا سبقت
…
وَعوده لعماد الدّين عَن كثب)
(وَمثل مولَايَ من جَاءَت مواهبه
…
عَن غير وعد وجدواه بِلَا طلب)
(فأصف من بحرك الْفَيَّاض مورده
…
وأغنه من كنوز الْعلم لَا الذَّهَب)
(وَاجعَل لَهُ نسبا يُدْلِي إِلَيْك بِهِ
…
فلحمة الْعلم تعلو لحْمَة النّسَب)
(وَلَا تكله إِلَى كتب تنبئه
…
فالسيف أصدق إنباء من الْكتب) الْبَسِيط
أَقُول وَقد جَاءَ فِي هَذَا الْبَيْت أحسن مَا يكون من تضمين قَول أبي تَمام لاشتراك لَفْظَة السَّيْف وَلم يزل سيف الدّين مُقيما بِدِمَشْق إِلَى أَن توفّي رحمه الله
وَكَانَت وَفَاته فِي رَابِع شهر صفر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَمن شعر سيف الدّين الْآمِدِيّ أَنْشدني وَلَده جمال الدّين مُحَمَّد مِمَّا أنْشدهُ وَالِده سيف الدّين لنَفسِهِ
(فَلَا فَضِيلَة إِلَّا من فضائله
…
وَلَا غَرِيبَة إِلَّا وَهُوَ منشاها)
(حَاز الفخار بِفضل الْعلم وَارْتَفَعت
…
بِهِ الممالك لما أَن تولاها)
(فَهُوَ الْوَسِيلَة فِي الدُّنْيَا لطالبها
…
وَهُوَ الطَّرِيق إِلَى الزلفى بأخراها) الْبَسِيط
ولسيف الدّين الْآمِدِيّ من الْكتب كتاب دقائق الْحَقَائِق
كتاب رموز الْكُنُوز
كتاب لباب الْأَلْبَاب
كتاب أبكار الأفكار فِي الْأُصُول
كتاب غَايَة المرام فِي علم الْكَلَام
كتاب كشف التمويهات فِي شرح التَّنْبِيهَات أَلفه للْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة ابْن تَقِيّ الدّين
كتاب غَايَة الأمل فِي علم الجدل
شرح كتاب شهَاب الدّين الْمَعْرُوف بالشريف المراغي فِي الجدل
كتاب مُنْتَهى السالك فِي رتب المسالك
كتاب الْمُبين فِي مَعَاني أَلْفَاظ الْحُكَمَاء والمتكلمين
دَلِيل مُتحد الائتلاف وجاد فِي جَمِيع مسَائِل الْخلاف
كتاب الترجيحات فِي الْخلاف
كتاب المؤاخذات فِي الْخلاف
كتاب التعليقة الصَّغِيرَة
كتاب التعليقة الْكَبِيرَة
عقيدة تسمى خُلَاصَة الإبريز
تذكرة الْملك الْعَزِيز بن صَلَاح الدّين كتاب مُنْتَهى السول فِي علم الْأُصُول
كتاب منائح القرائح
موفق الدّين بن المطران
هُوَ الْحَكِيم الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل موفق الدّين أَبُو نصر أسعد بن أبي الْفَتْح إلْيَاس بن جرجس المطران
كَانَ سيد الْحُكَمَاء وأوحد الْعلمَاء وافر الآلاء جزيل النعماء أَمِير أهل زَمَانه فِي علم صناعَة الطِّبّ وعملها وَأَكْثَرهم تحصيلا لأصولها وجملها
جيد المداواة لطيف المداراة عَارِفًا بالعلوم الْحكمِيَّة مُتَعَيّنا فِي الْفُنُون الأدبية
وَقَرَأَ علم النَّحْو واللغة وَالْأَدب على الشَّيْخ الإِمَام تَاج الدّين أبي الْيمن زيد بن
الْحسن الْكِنْدِيّ وتميز فِي ذَلِك
وَكَانَ مولد موفق الدّين بن المطران ومنشؤه بِدِمَشْق وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا طَبِيبا مُتَقَدما جوالا فِي الْبِلَاد لطلب الْفَضِيلَة
وسافر إِلَى بِلَاد الرّوم لإتقان الْأُصُول الَّتِي يعْتَمد عَلَيْهَا فِي علم النَّصَارَى ومذاهبهم
ثمَّ عدل بعد ذَلِك إِلَى الْعرَاق وَاجْتمعَ بأمين الدولة بن التلميذ واشتغل عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ مُدَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من الْكتب الطبية وَصَارَ موسوما بالطب
ثمَّ أَنه عَاد إِلَى دمشق وَبَقِي طَبِيبا بهَا إِلَى حِين وَفَاته
وَكَانَ موفق الدّين بن المطران حاد الذِّهْن فصيح اللِّسَان كثير الِاشْتِغَال
وَله تصانيف تدل على فَضله ونبله فِي صناعَة الطِّبّ وَفِي غَيرهَا من الْعُلُوم واشتغل بالطب على مهذب الدّين بن النقاش
وَكَانَ ابْن المطران جميل الصُّورَة كثير التخصص محبا للبس الفاخر الْمُثمن
وخدم بصناعة الطِّبّ الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وحظي فِي أَيَّامه وَكَانَ رفيع الْمنزلَة عِنْده عَظِيم الجاه
وَكَانَ يتحجب عِنْده وَيَقْضِي أشغال النَّاس ونال من جِهَة المَال مبلغا كثيرا
وَكَانَ صَلَاح الدّين رحمه الله كريم النَّفس كثير الْعَطاء لمن هُوَ فِي خدمته وَلمن يَقْصِدهُ من سَائِر النَّاس حَتَّى أَنه مَاتَ وَلم يُوجد فِي خزانته من المَال شَيْء وَكَانَ لَهُ حسن اعْتِقَاد فِي ابْن المطران لَا يُفَارِقهُ فِي سفر أَو حضر وَلِهَذَا أَنه غمره بإحسانه وأترفه بامتنانه
وَكَانَ يغلب على ابْن المطران الزهو بِنَفسِهِ والتكبر حَتَّى على الْمُلُوك
وَكَانَ صَلَاح الدّين قد عرف ذَلِك مِنْهُ ويحترمه ويبجله لما قد تحَققه من علمه وَأسلم ابْن المطران فِي أَيَّام صَلَاح الدّين
وحَدثني بعض من كَانَ يعرف ابْن المطران فِيمَا يتَعَلَّق بعجبه وإدلاله على صَلَاح الدّين أَنه كَانَ مَعَه فِي بعض غَزَوَاته وَكَانَت عَادَة صَلَاح الدّين فِي وَقت حروبه أَن ينصب لَهُ خيمة حَمْرَاء وَكَذَلِكَ دهليزها وشقتها
وَإِن صَلَاح الدّين كَانَ يَوْمًا رَاكِبًا وَإِذا بِهِ قد نظر إِلَى خيمة حَمْرَاء اللَّوْن وَكَذَلِكَ شقتها ومستراحها فَبَقيَ متأملا لَهَا وَسَأَلَ لمن هِيَ فَأخْبر أَنَّهَا لِابْنِ المطران الطَّبِيب
فَقَالَ وَالله لقد عرفت أَن هَذَا من حَمَاقَة ابْن المطران وَضحك ثمَّ قَالَ مَا بِنَا إِلَّا يعبر أحد من الرُّسُل فيعتقد أَنَّهَا لأحد الْمُلُوك وَإِذا كَانَ لَا بُد فيغير مستراحها
وَأمر بِهِ أَن يرْمى وَلما رمي صَعب ذَلِك على ابْن المطران وَبَقِي يَوْمَيْنِ لم يقرب الْخدمَة فاسترضاه السُّلْطَان ووهب لَهُ مَالا
وحَدثني أَيْضا من ذَلِك أَنه كَانَ فِي خدمَة صَلَاح الدّين طَبِيب يُقَال لَهُ أَبُو الْفرج النَّصْرَانِي وَبَقِي فِي خدمته مُدَّة وَله تردد إِلَى دوره فَقَالَ يَوْمًا للسُّلْطَان أَن عِنْده بَنَات وَهُوَ يحْتَاج إِلَى تجهيزهن وَطلب مِنْهُ أَن يُطلق لَهُ مَا يَسْتَعِين بِهِ من ذَلِك فَقَالَ لَهُ صَلَاح الدّين اكْتُبْ فِي ورقة جَمِيع مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي تجهيزهن وجيب الورقة
فَمضى أَبُو الْفرج وَكتب فِي ورقة من المصاغ والقماش والآلات وَغير ذَلِك مَا يكون بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم
وَلما قَرَأَ صَلَاح الدّين الورقة أَمر الخزندار بِأَن يَشْتَرِي لأبي الْفرج جَمِيع مَا تضمنته وَلَا يخل بِشَيْء مِنْهُ
وَلما بلغ ذَلِك ابْن المطران قصر فِي ملازمته الْخدمَة وَتبين لصلاح الدّين مِنْهُ تغير فِي وَجهه فَعرف السَّبَب
ثمَّ أَمر الخزندار بِأَن يحضر جَمِيع مَا وصل إِلَى أبي الْفرج الطَّبِيب مِمَّا اشْتَرَاهُ لَهُ ويحسب جملَة ثمنه وَمهما بلغ من المَال يدْفع إِلَى ابْن المطران مثله سَوَاء فَفعل ذَلِك
وحَدثني أَبُو الظَّاهِر إِسْمَاعِيل وَكَانَ يعرف ابْن المطران ويأنس بِهِ أَن الْعجب والتكبر الَّذِي كَانَ يغلب على ابْن المطران لم يكن على شَيْء مِنْهُ فِي أَوْقَات طلبه الْعلم
وَقَالَ أَنه كَانَ يرَاهُ فِي الْأَوْقَات الَّتِي يشْتَغل فِيهَا بالنحو فِي الْجَامِع يَأْتِي إِذا تفرغ من دَار السُّلْطَان وَهُوَ فِي مركبة حفلة وحواليه جمَاعَة كَثِيرَة من المماليك التّرْك وَغَيرهم فَإِذا قرب من الْجَامِع ترجل وَأخذ الْكتاب الَّذِي يشْتَغل فِيهِ فِي يَده أَو تَحت أبطه وَلم يتْرك أحدا مَا يَصْحَبهُ وَلَا يزَال مَاشِيا وَالْكتاب مَعَه إِلَى حَلقَة الشَّيْخ الَّذِي يقْرَأ عَلَيْهِ فَيسلم وَيقْعد بَين الْجَمَاعَة وَهُوَ بكيس ولطف إِلَى أَن يفرغ من الْقِرَاءَة وَيعود إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ
وَقَالَ الصاحب جمال الدّين القَاضِي الأكرم أَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم القفطي أَن الْحَكِيم موفق الدّين أسعد بن المطران لما أسلم وَكَانَ نَصْرَانِيّا حسن إِسْلَامه وزوجه الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين قدس الله روحه إِحْدَى حظايا دَاره وَاسْمهَا جوزة
وَكَانَت جوزة هَذِه جَارِيَة خوندخاتون بنت معِين الدّين وَزَوْجَة صَلَاح الدّين وَكَانَت مُدبرَة دارها والمتقدمة عِنْدهَا من جواريها وأعطتها الْكثير من حليها وذخائرها ومولتها وخولتها فرتبت أُمُوره وهذبت أَحْوَاله وَحسنت زيه وجملت ظَاهره وباطنه
وَصَارَ لَهُ ذكر سَام فِي الدولة وحصلت لَهُ أَمْوَال جمة من أُمَرَاء الدولة فِي حَال مُبَاشَرَته لَهُم فِي أمراضهم
وتنافسوا فِي الْعَطاء لَهُ وترقت حَاله عِنْد سُلْطَانه إِلَى أَن كَاد يكون وزيرا
وَكَانَ كثيرا الاشتمال على أهل هَذِه الصِّنَاعَة الطبية والحكمية يقدمهم ويتوسط فِي أَرْزَاقهم
قَالَ وَلَقَد أَخْبرنِي الْفَقِيه إِسْمَاعِيل بن صَالح بن الْبناء القفطي خطيب عيذاب قَالَ لما فتح السُّلْطَان السَّاحِل ارتحلت عَن عيذاب لزيارة الْبَيْت الْمُقَدّس
فَلَمَّا حصلت بِالشَّام رَأَيْت جبالا مشجرة بِعَدَد براري عيذاب المصحرة فاشتقت إِلَى الْمقَام بِالشَّام وتحيلت فِي الرزق بِهِ فقصدت الْفَاضِل عبد الرَّحِيم وَسَأَلته كتابا إِلَى السُّلْطَان فِي توليتي خطابة قلعة الكرك
فَكتب لي كتابا هُوَ مَذْكُور فِي ترسله وَهُوَ حسن التلطف
قَالَ فاحضرته إِلَى دمشق وَالسُّلْطَان بهَا فارشدت فِي عرضه إِلَى ابْن المطران فقصدته فِي دَاره وَدخلت عَلَيْهِ بِإِذْنِهِ فرأيته حسن الْخلقَة والخلق لطيف الِاسْتِمَاع وَالْجَوَاب
وَرَأَيْت دَاره وَهِي على غَايَة من الْحسن فِي الْعِمَارَة والتجمل
وَرَأَيْت أنابيب بركته الَّتِي يبرز مِنْهَا المَاء وَهِي ذهب على غَايَة مَا يكون من حسن الصَّنْعَة
وَرَأَيْت لَهُ غُلَاما يتحجب بَين يَدَيْهِ اسْمه عمر فِي غَايَة جمال الصُّورَة
ثمَّ رَأَيْت من الْفرش الطرح وشممت من الرَّائِحَة الطّيبَة مَا هالني وَسَأَلته الْحَاجة الَّتِي قصدته فِيهَا فأنعم بإنجازها
وَقَالَ الصاحب جمال الدّين وَرَأَيْت زَوجته وَابْن عمر حَاجِبه وَقد حضرا بعد سنة سِتّمائَة إِلَى حلب على رقة من الْحَال وَنزلا فِي الكنف الملكي الظَّاهِرِيّ سقى الله عَهده وأقيما بِهِ بِصَدقَة قررت لَهما وَمَاتَتْ هِيَ بعد مُدَّة وَلَا أعلم بعْدهَا لولد عمر خَبرا
وحَدثني الشَّيْخ موفق الدّين بن البوري الْكَاتِب النَّصْرَانِي قَالَ لما فتح الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب الكرك أَتَى إِلَى دمشق الْحَكِيم موفق الدّين يَعْقُوب بن سقلاب النَّصْرَانِي وَهُوَ شَاب على رَأسه كوفية وتخفيفة صَغِيرَة وَهُوَ لابس جوخة ملوطة زرقاء زِيّ أطباء الفرنج وَقصد الْحَكِيم موفق الدّين بن المطران وَصَارَ يَخْدمه ويتردد إِلَيْهِ لَعَلَّه يَنْفَعهُ فَقَالَ لَهُ هَذَا الزي الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ مَا يمشي لَك بِهِ حَال فِي الطِّبّ فِي هَذِه الدولة بَين الْمُسلمين
وَإِنَّمَا الْمصلحَة أَن تغير زيك وتلبس عَادَة الْأَطِبَّاء فِي بِلَادنَا
ثمَّ أخرج لَهُ جُبَّة وَاسِعَة عنابية وبيقارا مكملا وَأمره أَن يَلْبسهُمَا
ثمَّ قَالَ لَهُ إِن هَهُنَا أَمِيرا كَبِيرا يُقَال لَهُ مَيْمُون القصري وَهُوَ مَرِيض وَأَنا أتردد إِلَيْهِ وأداويه فتعال معي حَتَّى تكون تعالجه
فَلَمَّا رَاح مَعَه قَالَ للأمير هَذَا طَبِيب فَاضل وَإِنِّي اعْتمد عَلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ وأثق بِهِ فَيكون يلزمك ويباشر أحوالك فِي كل وَقت وَيُقِيم عنْدك إِلَى أَن تَبرأ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فامتثل قَوْله وَصَارَ الْحَكِيم يَعْقُوب ملازما لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا إِلَى أَن تعافى فَأعْطَاهُ خَمْسمِائَة دِينَار
فَلَمَّا قبضهَا حملهَا إِلَى ابْن المطران وَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا هَذَا مَا أَعْطَانِي وَقد أحضرته إِلَى مَوْلَانَا فَقَالَ لَهُ خُذْهُ فَأَنا مَا قصدت إِلَّا نفعك
فَأَخذه ودعا لَهُ
وحَدثني الْحَكِيم عز الدّين أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن السويدي قَالَ كَانَ ابْن المطران جَالِسا على بَاب دَاره وَقد أَتَاهُ شَاب من أهل نعْمَة وَعَلِيهِ زِيّ الجندية وَأَعْطَاهُ ورقة فِيهَا اثْنَا عشر بَيْتا من الشّعْر يمتدحه بهَا
فَلَمَّا قَرَأَهَا ابْن المطران قَالَ أَنْت شَاعِر فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي من أهل الْبيُوت وَقد نزل الدَّهْر بِي وَقد أتيت الْمولى وَجعلت قيادي بِيَدِك لتدبرني مِمَّا حسن فِيهِ رَأْيك العالي
فَدخل إِلَى دَاره واستدعى الشَّاب وَقدم لَهُ طَعَاما فَأكل وَقَالَ لَهُ إيش تَقول قد مرض عز الدّين فرخشاه صَاحب صرخد وَهَذَا الْمَرَض يعتاده فِي كل حِين فَإِنِّي رَأَيْت أَن أسيرك إِلَيْهِ تعالجه فَهُوَ يحصل لَك من جِهَته شَيْء جيد
قَالَ لَهُ يَا مولَايَ من أَيْن لي معرفَة بصناعة الطِّبّ أَو دربة فَقَالَ مَا عَلَيْك أَنا أكتب مَعَك دستورا تمشي عَلَيْهِ وَلَا تخرج عَنهُ
فَقَالَ الشَّاب السّمع وَالطَّاعَة فَلَمَّا خرج الشَّاب لحقه الْغُلَام ببقجة فِيهَا عدَّة قطع قماش مخيط وَفرس بسرج ولجام فَقَالَ لَهُ خُذ هَذَا القماش البسه وَهَذَا الْفرس اركبه وتجهز إِلَى صرخد
فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي
إِنَّه لم يكن لي مَكَان أَبيت الْفرس
فَقَالَ اتركها عندنَا وَشد عَلَيْهَا بكرَة النَّهَار وسافر على خيرة الله تَعَالَى
فَلَمَّا كَانَ بكرَة النَّهَار حضر الشَّاب إِلَى بَاب دَار ابْن المطران فَأعْطَاهُ كتابا قد كتبه على يَده إِلَى عز الدّين فرخشاه صَاحب صرخد وَأَعْطَاهُ تذكرة بِمَا يعتمده فِي مداواته وَأَعْطَاهُ مِائَتي دِرْهَم وَقَالَ اتركها عِنْد بَيْتك نَفَقَة
وسافر الشَّاب إِلَى صرخد وداوى عز الدّين فرخشاه بِمَا أمره بِهِ فبرأ وَدخل الْحمام وخلع عَلَيْهِ خلعة مليحة من أَجود مَا يكون وَأَعْطَاهُ بغلة بسرج وسرفسار ذهب وَألف دِينَار مصرية وَقَالَ تخدمني فَقَالَ لَهُ مَا أقدر يَا مَوْلَانَا حَتَّى أشاور شَيْخي الْحَكِيم موفق الدّين ابْن المطران فَقَالَ لَهُ عز الدّين وَمن هُوَ الْحَكِيم موفق الدّين مَا هُوَ إِلَّا غُلَام أخي لَا سَبِيل إِلَى
خُرُوجك من صرخد
وألحوا عَلَيْهِ فِي القَوْل وشددوا فَقَالَ إِذا كَانَ وَلَا بُد فَأَنا أمضي إِلَى منزلي وأجيء
فَمضى إِلَى منزله وأحضر الخلعة وَالذَّهَب وَمَا مَعهَا وَقَالَ هَذَا الَّذِي أعطيتموني خذوه وَأَنا فوَاللَّه مَا أعرف صناعَة الطِّبّ وَلَا أَدْرِي مَا هِيَ وَإِنَّمَا أَنا جرى لي مَعَ الْحَكِيم ابْن المطران كَذَا وَكَذَا
وقص عَلَيْهِ الْوَاقِعَة كَمَا وَقعت
فَقَالَ لَهُ عز الدّين مَا عَلَيْك أَن لَا تكون طَبِيبا أَنْت مَا تعرف تلعب بالنرد وَالشطْرَنْج فَقَالَ بلَى
وَكَانَ الشَّاب لَدَيْهِ أدب وفضيلة
فَقَالَ لَهُ عز الدّين قد تركتك حاجبي وَجعلت لَك إقطاعا فِي السّنة يعْمل اثْنَيْنِ وَعشْرين ألف دِرْهَم
فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة يَا مولَايَ بل أسأَل دستورا إِلَى دمشق أَن أروح إِلَى الْحَكِيم موفق الدّين وَأَقْبل يَده وأشكره على مَا فعل معي من الْخَيْر
فَأعْطِي دستورا وأتى إِلَى الْحَكِيم موفق الدّين وَقبل يَده وشكره شكرا كثيرا وأحضر الَّذِي حصل بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ قد حصل لي هَذَا فَخذه
فَرده عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ أَنا مَا قصدت إِلَّا نفعك خُذْهُ بَارك الله لَك فِيهِ
وعرفه الشَّاب بِمَا جرى لَهُ مَعَ عز الدّين وَصُورَة الْخدمَة وَاسْتمرّ الشَّاب فِي خدمَة عز الدّين
وَكَانَ ذَلِك الْإِحْسَان من مُرُوءَة موفق الدّين ابْن المطران
أَقُول وَكَانَت لموفق الدّين بن المطران همة عالية فِي تَحْصِيل الْكتب حَتَّى أَنه مَاتَ وَفِي خزانته من الْكتب الطبية وَغَيرهَا مَا يناهز عشرَة آلَاف مجلدا خَارِجا عَمَّا استنسخه
وَكَانَت لَهُ عناية بَالِغَة فِي استنساخ الْكتب وتحريرها
وَكَانَ فِي خدمته ثَلَاثَة نساخ يَكْتُبُونَ لَهُ أبدا وَلَهُم مِنْهُ الجامكية والجراية وَكَانَ من جُمْلَتهمْ جمال الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الجمالة وَكَانَ خطه مَنْسُوبا
وَكتب ابْن المطران أَيْضا بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة وَقد رَأَيْت عدَّة مِنْهَا وَهِي فِي نِهَايَة حسن الْخط وَالصِّحَّة وَالْإِعْرَاب
وَكَانَ كثير المطالعة للكتب لَا يفتر من ذَلِك فِي أَكثر أوقاته
وَأكْثر الْكتب الَّتِي كَانَت عِنْده تُوجد وَقد صححها وأتقن تحريرها وَعَلَيْهَا خطه بذلك
وَبلغ من كَثْرَة اعتنائه بالكتب وغوايته فِيهَا أَنه جَامع لكثير من الْكتب الصغار والمقالات المتفرقة فِي الطِّبّ وَهِي فِي الْأَكْثَر يُوجد جمَاعَة مِنْهَا فِي مُجَلد وَاحِد استنسخ كلا مِنْهَا بِذَاتِهِ فِي جُزْء صَغِير قطع نصف ثمن الْبَغْدَادِيّ بمسطرة وَاضِحَة وَكتب بِخَطِّهِ أَيْضا عدَّة مِنْهَا وَاجْتمعَ عِنْده من تِلْكَ الْأَجْزَاء الصغار مجلدات كَثِيرَة جدا فَكَانَ أبدا لَا يُفَارق فِي كمه مجلدا يطالعه على بَاب دَار السُّلْطَان أَو أَيْن توجه
وَبعد وَفَاته بِيعَتْ جَمِيع كتبه وَذَلِكَ أَنه مَا خلف ولدا
وحَدثني الْحَكِيم عمرَان الإسرائيلي أَنه لما حضر بيع كتب ابْن المطران وجدهم وَقد أخرجُوا من هَذِه الْأَجْزَاء الصغار ألوفا كَثِيرَة أَكْثَرهَا بِخَط ابْن الجمالة وَأَن القَاضِي الْفَاضِل بعث يستعرضها فبعثوا إِلَيْهِ بملء خزانَة صَغِيرَة مِنْهَا وجدت كَذَلِك فَنظر فِيهَا ثمَّ ردهَا فبلغت فِي المناداة ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَاشْترى الْحَكِيم عمرَان أَكْثَرهَا وَقَالَ لي إِنَّه حصل الِاتِّفَاق مَعَ الْوَرَثَة فِي بيعهَا أَنهم أطْلقُوا مَعَ كل جُزْء مِنْهَا بدرهم فَاشْترى الْأَطِبَّاء مِنْهُم هَذِه الْأَجْزَاء الصغار على الثّمن بِالْعدَدِ
أَقُول وَكَانَ ابْن المطران كثير الْمُرُوءَة كريم النَّفس ويهب لتلامذته الْكتب وَيحسن إِلَيْهِم وَإِذا جلس أحد مِنْهُم لمعالجة المرضى يخلع عَلَيْهِ
وَلم يزل معتنيا بأَمْره
وَكَانَ أجل تلامذته شَيخنَا مهذب
الدّين بن عبد الرَّحِيم بن عَليّ رحمه الله
وَكَانَ كثير الْمُلَازمَة لَهُ والاشتغال عَلَيْهِ وسافر مَعَه مَرَّات فِي غزوات صَلَاح الدّين لما فتح السَّاحِل
وَمِمَّا حَدثنِي شَيخنَا مهذب الدّين عَنهُ فِيمَا يتَعَلَّق بمعالجاته قَالَ كَانَ أَسد الدّين شيركوه صَاحب حمص قد طلب ابْن المطران فَتوجه إِلَيْهِ وَكنت مَعَه
فَبَيْنَمَا نَحن فِي بعض الطَّرِيق وَإِذا رجل مجذوم استقبله وَقد قوي بِهِ الْمَرَض حَتَّى تَغَيَّرت خلقته وتشوهت صورته
فاستوصف مِنْهُ مَا يتَنَاوَلهُ وَمَا يتداوى بِهِ فَبَقيَ كالمتبرم من رُؤْيَته وَقَالَ لَهُ كل لُحُوم الأفاعي
فعاوده فِي الْمَسْأَلَة فَقَالَ كل لُحُوم الأفاعي فَإنَّك تَبرأ
قَالَ ومضينا إِلَى حمص وعالج الْمَرِيض الَّذِي رَاح بِسَبَبِهِ إِلَى أَن تماثل وَصلح ورجعنا فَلَمَّا كُنَّا فِي الطَّرِيق وَإِذا بشاب حسن الصُّورَة كَامِل الصِّحَّة قد سلم علينا وَقبل يَده فَلم نعرفه
وَقَالَ لَهُ من أَنْت فَعرفهُ بِنَفسِهِ وَأَنه صَاحب الْمَرَض الَّذِي كَانَ قد شكاه إِلَيْهِ وَأَنه لما اسْتعْمل مَا وَصفه لَهُ صلح بِهِ من غير أَن يحْتَاج مَعَه إِلَى دَوَاء آخر فتعجبنا من ذَلِك فِي كَمَال برئه وودعنا وَانْصَرف
وحَدثني أَيْضا عَنهُ أَنه كَانَ مَعَه فِي البيمارستان الْكَبِير الَّذِي أنشأه نور الدّين ابْن زنكي وَهُوَ يعالج المرضى المقيمين بِهِ فَكَانَ من جُمْلَتهمْ رجل بِهِ استقصاء زقي استحكم بِهِ فقصد إِلَى بزله وَكَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت فِي البيمارستان ابْن حمدَان الجرائحي وَله يَد طولى فِي العلاج فجزموا على بزل المستسقي قَالَ فحضرنا وبزل الْموضع على مَا يجب فجرت مائية صفراء وَابْن المطران يتفقد نبض الْمَرِيض فَلَمَّا رأى أَن قوته لَا تفي بِإِخْرَاج أَكثر من ذَلِك أَمر بشد الْموضع وَأَن يستلقي الْمَرِيض وَلَا يُغير الرِّبَاط أصلا
وَوجد الْمَرِيض خفَّة وراحة كَبِيرَة وَكَانَت عِنْده زَوجته فأوصاها ابْن المطران أَنَّهَا لَا تمكنه من حل الرِّبَاط وَلَا تغيره بِوَجْه من الْوُجُوه إِلَى أَن يبصره فِي ثَانِي يَوْم
فَلَمَّا انصرفنا وَجَاء اللَّيْل قَالَ زَوجهَا إِنَّنِي قد وجدت الْعَافِيَة وَمَا بَقِي بِي شَيْء وَإِنَّمَا الْأَطِبَّاء قصدهم أَن يطولوا بِي فَحل الرِّبَاط حَتَّى يخرج هَذَا المَاء الَّذِي قد بَقِي وأقوم فِي شغلي فأنكرت عَلَيْهِ قَوْله وَلم تقبل مِنْهُ فعادوها بالْقَوْل وَكرر ذَلِك عَلَيْهَا مَرَّات وَلم يعلم أَن بَقِيَّة المائية إِنَّمَا جعلُوا إِخْرَاجه فِي وَقت آخر مُرَاعَاة لحفظ قوته وشفقة عَلَيْهِ
فَلَمَّا حلت الرِّبَاط وَجَرت المائية بأسرها خارت قوته وَهلك
وحَدثني أَيْضا أَنه رأى فِي البيمارستان مَعَ ابْن المطران رجلا قد فلجت يَده من أحد شقي الْبدن وَرجله الْمُخَالفَة لَهَا من الشق الآخر فعالجه فِي أسْرع وَقت وَدبره بالأدوية الموضعية فصلح
أَقُول وَكَانَ لموفق الدّين أسعد بن إلْيَاس بن المطران أَخَوان أَيْضا قد اشتغلا بصناعة الطِّبّ أَحدهمَا هبة الله بن إلْيَاس وَالْآخر ابْن إلْيَاس
وَتُوفِّي موفق الدّين بن المطران فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة بِدِمَشْق
ونقلت من خطّ البديع عبد الرازق بن أَحْمد العامري
الشَّاعِر يمدح موفق الدّين بن المطران بعد إِسْلَامه وَذَلِكَ فِي ثَالِث شهر رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
(ينْهَى إِلَيْك وَلَيْسَ عَنْك بمنته
…
قلب على صاب الصبابة مكرهي)
(شوقا أدل على الْفُؤَاد فَلم يفد
…
بمدله الأغرام غير مدله)
(يدنو فيغدو فِيك حلف تفكه
…
وَلكم بَعدت فَبَاتَ إلْف تفكه)
(يهوى الَّذِي تهوى ويعشق قلب
…
مَا تشْتَهي فيصد عَمَّا يَشْتَهِي)
(تجني وَيعلم مَا جنيت فيجتني
…
عذرا يوجهه بِوَجْه أبله)
(لعجبت من مغض على نَار الغضا
…
مَا زَالَ مُسْتَندا الى صَبر يهي)
(فطن دهاه فِي حشاشته الْهوى
…
غررا وَلنْ يدهى سوى الفطن الدهي)
(وَلَقَد نها وَنَهَاهُ عَنْك وَلم يزل
…
يزْدَاد غيا فِي هَوَاك اذا نهي)
(لَو ساعد التَّوْفِيق لم يَك لائذا
…
بسوى الْمُوفق ذِي الْمحل الانبه)
(من لَا يرى الاحسان فِي الاقوال مَا
…
لم يتلها بفعال غير مموه)
(جم النهى ويداه أنهاء الندى
…
للوفد مَا عَنْهَا امْرُؤ بمنهنه)
(رُؤْيَاهُ للادواء حاسمة فكم
…
مشف شفَاه بذلك الْوَجْه الْبَهِي)
(جد حوى جدا وجود محوز
…
حمد يطرز حلَّة الْمجد الشهي)
(ضاهي ابْن مَرْيَم حِكْمَة وسعادة
…
فعنا الاعز لَهُ عنو موله)
(هُوَ عصمَة اللاجي فان هُوَ لم يكن
…
الاده للمستجير فلاده)
(نصر العفاة على الزَّمَان ندى أبي
…
نصر أخي الجاه الْوَجِيه فلاجه)
(ذِي المنصب العادي غير مدافع
…
والنطق فِي النادي وَلما ينده)
(الالمعي الاريحي المرتجى
…
واللوذعي الفيلسوف المدره)
(الْعَالم الحبر الَّذِي حَاز الْغَنِيّ
…
وحوى الْعلَا طفْلا فلب وَمَا زهي)
(واذا الْخَلَائق أشبهت أَمْثَالهَا
…
فِي الاكرمين فَمَا لَهُ من مشبه)
(واذا الخواكر أَصبَحت مشدوهة
…
فضل الانام بخاطر لم يشده)
(أعفى الانام عَن الثَّنَاء فحازه
…
بيَدي جواد باللهى متنبه)
(فلك من الاحسان حِين وصلته
…
أُغني باعلى اوجه عَن اوجه)
(أضحى ثرى مغناه وَهُوَ لي الْغنى
…
عَنهُ الاياب كَمَا اليه تَوَجُّهِي)
(هِيَ نفثة المصدور اصدر وردهَا
…
الحساد بَين مقهقر ومقهقه)
(مَا اقْربْ الآمال من ذِي الهمة
…
الحسرى وابعدها من المترفه)
(لَوْلَا رَجَاء الْبُرْء مَا ارجأتها
…
من بعد مَا سبقت عتاق الفره)
(لَكِنَّهَا سرت بمبدا برئه
…
فسرت اليه وجسمه لم ينقه)
(وغدت مهنئة بِشَهْر صِيَامه
…
بفصيح قَول لم يكن بمفهفه)
(يَا اِسْعَدْ اصغ الى مدائح أفوه
…
بعلاك فاق على البليغ الافوه)
(راج حداه ولاءهفسرى على
…
عِيسَى الرَّجَاء بِكُل مرت مهمه)
(وأراك للشكوى الممضة مشكيا
…
بضياء نور سريرة لم تعمه)
(طَال اشتكائي للأنام وَلَا أرى
…
مِمَّن شَكَوْت إِلَيْهِ غير مسفه)
(وَلكم دهيت مَعَ الوثوق وَلست فِي
…
أَمْرِي بِأول واثق يقظ دهي)
(قد كنت فِي أهل الرسوم أقلهم
…
حظا وَأكْثر فِي المديح الأنزه)
(فَلَمَّا رأى السُّلْطَان نقصي بَعْدَمَا
…
قد زِدْت فِي مدحي لَهُ وتألهي)
(شَره الْفَتى دَاء وَخير طَعَامه
…
مَا كَانَ كافيه وَلما يشره)
(ومطاعم الأطماع تأسن والغنى
…
فِي النَّفس لم يأسن وَلم يتسنه)
(لَا تجبه الْأَيَّام إِلَّا رَاغِبًا
…
وأخو القناعة وادع لم يجبهُ)
(آها لأيامي وَلَوْلَا سوء مَا
…
لاقيت من زمن لقل تأوهي)
(وَلكم أنوه فِي الزَّمَان وَأَهله
…
بثناء من لم يمس لي بمنوه)
(إِذْ لَا يُحَرك أهل دهري للندى
…
شعر الْوَلِيد وَلَا غناء البندهي)
(وَمن العناء معاتب لَا يرعوي
…
عَن غيه ومعاقب لَا يَنْتَهِي)
ولموفق الدّين بن المطران من الْكتب كتاب بُسْتَان الْأَطِبَّاء وروضة الألباء غَرَضه فِيهِ أَن يكون جَامعا لكل مَا يجده من ملح ونوادر وتعريفات مستحسنة مِمَّا طالعه أَو سَمعه من الشُّيُوخ أَو نسخه من الْكتب الطبية وَلم يتم هَذَا الْكتاب وَالَّذِي وجدته مِنْهُ بِخَط شَيخنَا الْحَكِيم مهذب الدّين جزآن الأول مِنْهُمَا قد قَرَأَهُ على ابْن المطران وَعَلِيهِ خطه والجزء الثَّانِي ذكر مهذب الدّين فِيهِ أَن ابْن المطران وافاه الْأَجَل قبل قِرَاءَته لَهُ عَلَيْهِ
الْمقَالة الناصرية فِي حفظ الْأُمُور الصحية قصد فِيهَا الإيجاز والبلاغ وَقد رتبها أحسن تَرْتِيب وَجعلهَا باسم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَوجدت