الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلَافَة الْمَنْصُور
فَلَمَّا دعى الْمهْدي عِيسَى إِلَى خلع نَفسه من ولَايَة الْعَهْد وَتَسْلِيم الْأَمر إِلَى الْهَادِي قَالَ عِيسَى بن مُوسَى قَاتلك الله يَا فرات مَا كَانَ أَجود رَأْيك وأعلمك بِمَا تتفوه بِهِ كَأَنَّك كنت شَاهدا ليومنا هَذَا قَالَ مُوسَى بن إِسْرَائِيل وَلما رَأَيْت فعل أبي السَّرَايَا بمنازل العباسيين قلت مثل مَا قَالَ عِيسَى ابْن مُوسَى
وَقَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم لما بلغه وَهُوَ بِمصْر مَا ركب الطالبيون وَأهل الْكُوفَة من العباسيين وَقتل عبد الله بن مُحَمَّد بن دَاوُد مثل مَا قَالَ عِيسَى بن مُوسَى ومُوسَى المتطبب
قَالَ يُوسُف وحَدثني مُوسَى بن إِسْرَائِيل المتطبب أَن عِيسَى بن مُوسَى شكا إِلَى فرات متطببه مَا يُصِيبهُ من النعاس مَعَ مسامريه وَأَنه أَن تعشى مَعَهم ثقلت معدته فَنَامَ وَفَاته السمر وَأصْبح وَمَعَهُ ثقلة تَمنعهُ من الْغذَاء وَإِن لم يتعش مَعَهم أضرت بِهِ الشَّهْوَة الكاذبة فَقَالَ لَهُ شَكَوْت إِلَيّ مثل مَا شكا الْحجَّاج إِلَى أستاذي تياذوق فوصف لَهُ شَيْئا أَرَادَ بِهِ الْخَيْر فَصَارَ شرا
فَقَالَ لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ وصف لَهُ الْعَبَث بالفستق فَذكر ذَلِك الْحجَّاج لحظاياه فَلم يبْق لَهُ حظية إِلَّا قشرت لَهُ جَاما من الفستق وَبعثت بِهِ إِلَيْهِ
وَجلسَ مَعَ مَسَامِيرهُ فَأقبل يستف الفستق سفا فأصابته هيضة كَادَت تَأتي على نَفسه فَشَكا ذَلِك إِلَى تياذوق
فَقَالَ إِنَّمَا أَمرتك أَن تعبث بالفستق وَأَرَدْت بذلك الفستق الَّذِي بقشريه جَمِيعًا لتتولى أَنْت كسر الْوَاحِدَة بعد الْوَاحِدَة ومص قشرها المصلح لمعدة مثلك من الشَّبَاب الممرورين وَإِصْلَاح الكبد بِمَا يتَأَدَّى إِلَيْهَا من طعم هَذَا الفستق وَذَهَبت إِلَى أَنَّك إِذا أكلت مَا فِي الفستقة من الثَّمَرَة وحاولت كسر أُخْرَى لم يتم لَك كسرهَا إِلَّا وَقد أسرعت الطبيعة فِي هضم مَا أكلت من ثَمَرَة الفستقة الَّتِي قبلهَا
فَأَما مَا فعلت فَلَيْسَ بعجيب أَن ينالك مَعَه أَكثر مِمَّا أَنْت فِيهِ
وَإِن كنت تَأْخُذ أَيهَا الْأَمِير الفستق على مَا رأى أستاذي أَن يُؤْخَذ انتفعت بِهِ
قَالَ مُوسَى فَلَزِمَ عِيسَى بن مُوسَى أَخذ الفستق أَكثر من عشْرين سنة فَكَانَ يحمده
ماسرجويه متطبب الْبَصْرَة
وَهُوَ الَّذِي نقل كتاب أهرن من السرياني إِلَى الْعَرَبِيّ
وَكَانَ يَهُودِيّ الْمَذْهَب سريانيا وَهُوَ الَّذِي يعنيه أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي بقوله قَالَ الْيَهُودِيّ
وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل أَن ماسرجويه كَانَ فِي أَيَّام بني أُميَّة
وَأَنه تولى فِي الدولة المروانية تَفْسِير كتاب أهرن بن أعين إِلَى الْعَرَبيَّة الَّذِي وجده عمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله فِي خَزَائِن الْكتب فَأمر بِإِخْرَاجِهِ وَوَضعه فِي مُصَلَّاهُ واستخار الله فِي إِخْرَاجه إِلَى الْمُسلمين للإنتفاع بِهِ فَلَمَّا تمّ لَهُ فِي ذَلِك أَرْبَعُونَ صباحا أخرجه إِلَى النَّاس وبثه فِي أَيْديهم
قَالَ سُلَيْمَان بن حسان حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بِهَذِهِ الْحِكَايَة فِي مَسْجِد التِّرْمِذِيّ
سنة تسع وَخمسين وثلثمائة
وَقَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم حَدثنِي أَيُّوب بن الحكم الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالكسروي صَاحب مُحَمَّد بن طَاهِر بن الْحُسَيْن وَكَانَ ذَا أدب ومروءة وَعلم بأيام النَّاس وأخبارهم
قَالَ كَانَ أَبُو نواس الْحسن بن هَانِئ يعشق جَارِيَة لامْرَأَة من ثَقِيف تسكن الْموضع الْمَعْرُوف بحكمان من أَرض الْبَصْرَة يُقَال لَهَا جنان وَكَانَ المعروفان بِأبي عُثْمَان وَأبي أُميَّة من ثَقِيف قريبين لمولاة الْجَارِيَة
فَكَانَ أَبُو نواس يخرج فِي كل يَوْم من الْبَصْرَة يتلَقَّى من يقدمهُ من نَاحيَة حكمان فيسائلهم عَن أَخْبَار جنان
قَالَ فَخرج يَوْمًا وَخرجت مَعَه وَكَانَ أول طالع علينا ماسرجويه المتطبب فَقَالَ لَهُ أَبُو نواس كَيفَ خلفت أَبَا عُثْمَان ومية فَقَالَ ماسرجويه جنان صَالِحَة كَمَا تحب
فَأَنْشَأَ أَبُو نواس يَقُول
(أسأَل القادمين من حكمان
…
كَيفَ خَلفْتُمْ أَبَا عُثْمَان)
(وَأَبا مية الْمُهَذّب والمأمول
…
والمرتجى لريب الزَّمَان)
(فَيَقُولُونَ لي جنان كَمَا
…
سرك فِي حَالهَا فسل عَن جنان)
(مَا لَهُم لَا يُبَارك الله فيهم
…
كَيفَ لم يغن عَنْهُم كتماني) الْخَفِيف
قَالَ يُوسُف وحَدثني أَيُّوب بن الحكم أَنه كَانَ جَالِسا عِنْد ماسرجويه وَهُوَ ينظر فِي قَوَارِير المَاء إِذْ أَتَاهُ رجل من الخوز فَقَالَ لَهُ إِنِّي بليت بداء لم يبل أحد بِمثلِهِ
فَسَأَلَهُ عَن دائه فَقَالَ أصبح وبصري عَليّ مظلم وَأَنا أجد مثل لحس الْكلاب فِي معدتي فَلَا تزَال هَذِه حَالي حَتَّى أطْعم شَيْئا فَإِذا طعمت سكن عني مَا أجد إِلَى وَقت انتصاف النَّهَار ثمَّ يعاودني مَا كنت فِيهِ فَإِذا عاودت الْأكل سكن مَا بِي إِلَى وَقت صَلَاة الْعَتَمَة ثمَّ يعاودني فَلَا أجد لَهُ دَوَاء إِلَّا معاودة الْأكل فَقَالَ ماسرجويه على هَذَا الدَّاء غضب الله فَإِنَّهُ أَسَاءَ لنَفسِهِ الِاخْتِيَار حِين قرنها بسفلة مثلك ولوددت أَن هَذَا الدَّاء يحول إِلَيّ وَإِلَى صبياني وَكنت أعوضك مِمَّا نزل بك مِنْهُ مثل نصف مَا أملك فَقَالَ لَهُ مَا أفهم عَنْك فَقَالَ لَهُ ماسرجويه هَذِه صِحَة لَا تستحقها أسأَل الله نقلهَا عَنْك إِلَى من هُوَ أَحَق بهَا مِنْك
قَالَ يُوسُف وحَدثني أَيُّوب بن الحكم الكسروي قَالَ شَكَوْت إِلَى ماسرجويه تعذر الطبيعة فَسَأَلَنِي أَي الأنبذة أشْرب فأعلمته أَنِّي أدمن النَّبِيذ الْمَعْمُول من الدوشاب البستاني الْكثير الداذي
فَأمرنِي أَن آكل فِي كل يَوْم من أَيَّام الصَّيف على الرِّيق قثاءه صَغِيرَة من قثاء بِالْبَصْرَةِ يعرف