الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَرْضَ فَأَفْسَدُوا فِيهَا قَبْلَ سُكْنَى الْمَلَائِكَةِ.
[هَلْ الْمَلَائِكَة كُلّهمْ مطلعون عَلَى اللَّوْح الْمَحْفُوظ]
(سُئِلَ) عَنْ الْمَلَائِكَةِ هَلْ كُلُّهُمْ مُطَّلِعُونَ عَلَى مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَمْ بَعْضُهُمْ وَإِذَا قُلْتُمْ بَعْضُهُمْ فَهَلْ هُمْ مُعَيَّنُونَ؟
(فَأَجَابَ) لَيْسَ كُلُّ الْمَلَائِكَةِ مُطَّلِعِينَ عَلَى مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ رَاكِعٌ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] أَيْ مَقَامٌ فِي الْعِبَادَاتِ وَالِانْتِهَاءِ إلَى أَمْرِ اللَّهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ شَأْنُهُ الِاسْتِغْرَاقُ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالتَّنَزُّهِ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهِ كَمَا وَصَفَهُمْ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ فَقَالَ {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] وَهُمْ الْعِلِّيُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ، وَأَمَّا الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِأَجْلِ الْإِيحَاءِ وَإِنْفَاذِ الْأَمْرِ فَمُخْتَصٌّ بِإِسْرَافِيلَ وَجَبْرَائِيلَ عليهما السلام.
(سُئِلَ) هَلْ قَوْلُ سَيِّدِي عُمَرَ بْنِ الْفَارِضِ
قَلْبِي يُحَدِّثُنِي بِأَنَّك مُتْلِفِي
…
رُوحِي فِدَاكَ عَرَفْتَ أَمْ لَمْ تَعْرِفْ
لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ الْخِطَابُ لِغَيْرِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟
(فَأَجَابَ) إنَّ الْخِطَابَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَرَفْتَ أَمْ لَا تَعْرِفُ جَازَيْتَ أَمْ لَمْ تُجَازِ فَهُوَ مَجَازٌ
هَذَا أَحَدُ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ وَحُكِيَ عَنْ شِهَابِ الدِّينِ الْحِجَازِيِّ الشَّاعِرِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِهِ إنْكَارٌ عَلَى الشَّيْخِ بِسَبَبِ هَذَا الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يُنْكِرُ عَلَى الشَّيْخِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَرَأَى الشَّيْخَ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ لَهُ إنَّ هَذَا الْتِفَاتٌ أَيْ عَرَفْتَ يَا عَذُولِي أَمْ لَمْ تَعْرِفْ.
(سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258] لِمَ قَدَّمَ يُحْيِي عَلَى يُمِيتُ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ مَوْتَ الشَّيْءِ وَهُوَ كَوْنُهُ جَمَادًا سَابِقٌ عَلَى حَيَاتِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ إنَّمَا هُوَ الْحَيَاةُ لَا الْمَوْتُ بِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْجَمَادِ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَا يَحِلُّهُ الْمَوْتُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِصِفَةِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي الْعَادَةِ فَيَكُونُ فِيهِ الْحَيَاةُ وَالرُّطُوبَةُ، وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فَالْجَوَابُ إنَّ مِنْ الْحِكْمَةِ فِي تَقْدِيمِ يُحْيِي عَلَى يُمِيتُ الِاهْتِمَامَ بِشَأْنِهِ لِلْإِشَارَةِ أَوَّلًا إلَى الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي الْبَعْثِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَدَرَ عَلَى الْإِحْيَاءِ أَوَّلًا قَدَرَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ ثَانِيًا فَإِنَّ بَدْءَ الْخَلْقِ لَيْسَ بِأَهْوَنَ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ إعَادَتِهِ وَمِنْهَا أَيْضًا التَّذْكِيرُ أَوَّلًا بِنِعْمَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ خُصُوصًا الْحَيَاةَ الثَّانِيَةَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ الْحَيَاةُ الْحَقِيقِيَّةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64]