الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَشَأَ عَلَى شَاهِقِ جَبَلٍ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَخَذَهُ إنْسَانٌ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ وَصَدَّقَهُ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ مِنْ غَيْرِ تَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ فَهَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْأَشْعَرِيِّ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ مَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ مِنْ قَبُولِ الْإِيمَانِ مِنْ الْعَوَامّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ اسْمُ الْمُقَلِّدِ. اهـ. وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِذَا حَصَلَ عَنْ ذَلِكَ جَزْمٌ لَا يَجُوزُ مَعَهُ كَوْنُ الْوَاقِعِ النَّقِيضَ فَقَدْ قَامَ بِالْوَاجِبِ مِنْ الْإِيمَانِ إذْ لَمْ يَبْقَ سِوَى الِاسْتِدْلَالِ وَمَقْصُودُ الِاسْتِدْلَالِ هُوَ حُصُولُ ذَلِكَ الْجَزْمِ فَإِذَا حَصَلَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَمَّ قِيَامُهُ بِالْوَاجِبِ.
(سُئِلَ) مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَقِيقَةَ زِيَادَةِ طُولِ أَعْنَاقِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أَكْثَرُ رَجَاءً؛ لِأَنَّ رَاجِي الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُلْجِمُهُمْ الْعَرَقُ فَإِنَّ الْعَرَقَ يَأْخُذُ النَّاسَ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَرُوِيَ إعْنَاقًا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ أَكْثَرُ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَنَقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ السَّيْرِ.
[مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّك مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ]
(سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} [الأعراف: 172] الْآيَةَ قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي تَفْسِيرِهِ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ
جَلَّ ذِكْرُهُ يَوْمَ خَلَقَ آدَمَ قَبَضَ مِنْ صُلْبِهِ قَبْضَتَيْنِ فَوَقَعَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ وَكُلُّ خَبِيثٍ بِيَدِهِ الْأُخْرَى فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ النَّارِ وَلَا أُبَالِي ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ فَهُمْ يَنْسِلُونَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْآنَ» وَذَكَرَ أَحَادِيثَ أُخْرَى بِمَعْنَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَنِي آدَمَ مَخْلُوقُونَ الْآنَ مُودَعُونَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مَعْنَاهُ «لَمْ أَزَلْ أُنْقَلُ مِنْ الْأَصْلَابِ الطَّيِّبَةِ إلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ حَتَّى خَرَجْت مِنْ بَيْنِ أَبَوَيَّ» وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] فِي سُورَةِ نُوحٍ مَا مَعْنَاهُ إنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى خَلَقَ النَّبَاتَاتِ مِنْ الْأَرْضِ وَجَعَلَهَا أَغْذِيَةً لَنَا وَخَلَقَ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْمَنِيَّ وَخَلَقَنَا مِنْ هَذَا الْمَنِيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ مَخْلُوقٌ مِنْ الْمَنِيِّ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ مُودَعِينَ فِي الْأَصْلَابِ فَالْمَسْئُولُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ مُوجَزٍ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَ نَسَمَ بَنِي آدَمَ مِنْ صُلْبِهِ فَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ كَالذَّرِّ وَفِي بَعْضِهَا كَالْخَرْدَلَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ إنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ خَلْقِ الْأَجْسَادِ، وَإِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا مِنْ الْمَعْرِفَةِ مَا عَلِمَتْ بِهِ مَا خَاطَبَهَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا