الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَعْفٍ فَيَجُوزُ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاحْتِلَامُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَهُمْ مَعْصُومُونَ. اهـ. وَحَقِيقَةُ الِاحْتِلَامِ نُزُولُ الْمَنِيِّ فِي النَّوْمِ فَأَفَادَ تَعْلِيلُهُمْ أَنَّ خُرُوجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ الشَّيْطَانَ، وَإِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ صُدُورُهُ مِنْهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقَائِلُ مُصِيبٌ.
[هَلْ يحشر السقط الَّذِي لَمْ ينفخ فِيهِ الرُّوح]
(سُئِلَ) عَنْ السِّقْطِ الَّذِي لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ هَلْ يُحْشَرُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُحْشَرُ ذَلِكَ السِّقْطُ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الصُّورَ قَرْنٌ مِنْ نُورٍ يُجْعَلُ فِيهِ الرُّوحُ يُقَالُ إنَّ فِيهِ ثَقْبًا عَلَى عَدَدِ أَرْوَاحِ الْخَلَائِقِ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ ذَهَبَ كُلُّ رُوحٍ إلَى جَسَدِهِ {فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ} [يس: 51] أَيْ الْقُبُورِ {يَنْسِلُونَ} [يس: 51] فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَا يُحْشَرُ.
[يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ هَلْ يَجُوزُ لَعْنُهُ]
(سُئِلَ) عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ هَلْ يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ سِبْطَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَفِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُلْجَمٍ الَّذِي قَتَلَ عَلِيًّا هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَعْنِ الْمُصَلِّينَ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْقِبْلَةِ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ اللَّعْنِ عَلَى مَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ أَوْ أَمَرَ بِهِ أَوْ أَجَازَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ وَهُوَ لَعْنُ الطَّوَائِفِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِالْأَوْصَافِ دُونَ تَعْيِينِ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بَلْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قَتَلَ الْحُسَيْنَ وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ لَا يَجُوزُ لَعْنُ يَزِيدَ وَلَا تَكْفِيرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ إنْ شَاءَ رَحِمَهُ.
وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ طَعَنَ الْحُسَيْنَ سِنَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ فَأَلْقَاهُ عَنْ فَرَسِهِ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ خولي بْنُ يَزِيدَ بْنِ حِمْيَرٍ وَنَزَلَ لِيَحُزَّ رَأْسَهُ فَأَرْعَدَتْ يَدَاهُ فَنَزَلَ أَخُوهُ شِبْلُ بْنُ يَزِيدَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ وَدَفَعَهُ إلَى أَخِيهِ خولي وَلَمَّا قَدِمُوا بِهِ عَلَى يَزِيدَ وَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَهُ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ وَيْحَكُمْ كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ كُنْت صَاحِبَهُ لَعَفَوْت عَنْهُ ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَغَفَرَ لَهُ وَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي السَّبْيِ قَالَ حُلُّوا عَنْهُمْ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ الْبَابَ، وَأَمَالَ الْمَطْبَخَ وَكَسَاهُمْ
وَأَخْرَجَ لَهُمْ جَوَائِزَ كَثِيرَةً ثُمَّ قَالَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ابْنِ مَرْجَانَةَ نَسَبٌ مَا قَتَلَهُمْ ثُمَّ رَدَّهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته رَدُّ مَا قَدِمَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ عَلَيْهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِلَعْنِ يَزِيدَ عَلَى التَّعْيِينِ مُسْتَنِدًا إلَى أَنَّ تَفَاصِيلَ مَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ رِضَاهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَاسْتِبْشَارِهِ بِهِ قَدْ تَوَاتَرَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا. اهـ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: اعْلَمْ أَنَّك فِي هَذَا الْمَقَامِ بَيْنَ أَنْ تُسِيءَ الظَّنَّ بِمُسْلِمٍ وَتَطْعَنَ فِيهِ وَتَكُونَ كَاذِبًا أَوْ تُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِ وَتَكُفَّ لِسَانَك عَنْ الطَّعْنِ فِيهِ، وَأَنْتَ مُخْطِئٌ فَالْخَطَأُ فِي حُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ أَسْلَمُ مِنْ الصَّوَابِ بِالطَّعْنِ فِيهِمْ فَلَوْ سَكَتَ إنْسَانٌ عَنْ لَعْنِ إبْلِيسَ أَوْ لَعْنِ أَبِي جَهْلٍ أَوْ أَبِي لَهَبٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ الْأَشْرَارِ طُولَ عُمْرِهِ لَمْ يَضُرَّهُ السُّكُوتُ وَلَوْ هَفَا هَفْوَةً بِالطَّعْنِ فِي مُسْلِمٍ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الَّذِي قَتَلَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إنَّهُ قَتَلَهُ مُتَأَوِّلًا بِأَنَّهُ وَكِيلُ امْرَأَةٍ قَتَلَ عَلِيٌّ أَبَاهَا فَاقْتَصَّ مِنْهُ يَعْنِي مُتَأَوِّلًا عِنْدَ نَفْسِهِ فِيمَا كَانَ مُخْطِئًا فِيهِ وَفِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَتَأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَأَوَّلَ وَقَدْ قَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَدَيْهِ