الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَانِعٌ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي مَأْخُوذٌ مِنْ الْعِقَالِ وَهَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ يَدْعُوهُ الدَّاعِي فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَالْعَقْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ إذْ هُوَ أَسَاسٌ لَهُ وَلِجَمِيعِ التَّكَالِيفِ وَالْعِبَادَاتِ وَهُوَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ الْوَاجِبِ حِفْظُهُمَا فِي كُلِّ مِلَّةٍ، وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِالْمَرْوِيِّ الْمَذْكُورِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُ.
[هَلْ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ]
(سُئِلَ) هَلْ الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِإِقْرَارِهِ بِالتَّوْحِيدِ فِي عَالَمِ الذَّرِّ كَمَا شَمَلَهُ قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] عَلَى الْفِطْرَةِ وَلِقَوْلِ النَّوَوِيِّ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ أَطْفَالِ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ فَكَيْفَ بِالْغُلَامِ الْمَذْكُورِ الَّذِي أَبَوَاهُ مُؤْمِنَانِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ التَّكْلِيفِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ يُعَذَّبُ كَالْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ وُرُودِ نَصٍّ بِذَلِكَ أَوْ هُوَ كَافِرٌ يَخْلُدُ فِي النَّارِ لِقِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَلِحَدِيثِ «وَأَمَّا الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ فَكَانَ طُبِعَ كَافِرًا» نَقَلَهُمَا الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا الْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْأَوَّلِ وَمَا الْجَمْعُ
بَيْنَ قِرَاءَةِ كَانَ كَافِرًا وَحَدِيثِ «يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَهَلْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِمَّنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ طُبِعَ كَافِرًا» وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ هَلْ كَانَ بَالِغًا أَوْ لَا فَقَالَ بِالْأَوَّلِ ابْنُ جُبَيْرٍ وَالْكَلْبِيُّ وَكَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَانَ رَجُلًا وَمِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ تُسَمِّيَ الرَّجُلَ صَبِيًّا إلَى أَرْبَعِينَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {بِغَيْرِ نَفْسٍ} [المائدة: 32] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِقَتْلِ نَفْسٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ بِنَفْسٍ وَبِغَيْرِ نَفْسٍ، وَقِرَاءَةُ أَبِي وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا، وَالْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ مِنْ صِفَاتِ الْمُكَلَّفِينَ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ نَحْوَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَتَعَيَّنَ أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ، وَقَالَ وَبِالثَّانِي جَمَاعَةٌ وَعَلَى هَذَا فَتَسْمِيَتُهُ كَافِرًا إمَّا مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ لَوْ بَلَغَ فَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِتَعْذِيبِهِ فَضْلًا عَنْ خُلُودِهِ فِي النَّارِ، وَإِمَّا حَقِيقَةٌ وَتَكُونُ الْأَحْكَامُ إذْ ذَاكَ مَنُوطَةٌ بِالتَّمْيِيزِ. وَهَذَا نَظِيرُ مَا ذُكِرَ فِي شَرِيعَتِنَا فَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا صَارَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبُلُوغِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ أُنِيطَتْ بِخَمْسَةَ