الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا قَدْ تُفْضِي إلَى إذْهَابِ أَمْوَالٍ، وَإِذْهَابِ أَنْفُسٍ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ صَاحِبُ الْعُبَابِ.
[بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]
(بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ)(سُئِلَ) رضي الله عنه عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي مُخْتَصَرِ أَدَبِ الْقَضَاءِ الْمُسَمَّى بِعِمَادِ الرِّضَا عَمَّنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ أَوْ قَالَ بِعْته قَبْلَ أَنْ أَمْلِكَهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ. اهـ. فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ هُوَ صَحِيحٌ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ دَعْوًى حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْبَائِعُ عُذْرًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَ بِنَقْصٍ ثُمَّ ذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ.
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مُقَيَّدٍ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لِلْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ وَفِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ إذَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ يَمِينًا وَلَا يَكْفِي لَهُمْ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ رَضُوا بِهَا. اهـ. فَمَا صُورَةُ هَذَا وَكَيْفَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّ
الْمُدَّعِي وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ كُلُّ مَا يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي لِنَفْعِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْسِهِ إلَّا إذَا قَالَ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى. اهـ. فَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِهِ فَهَلْ هَذَا الْمَفْهُومُ صَحِيحٌ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَفْهُومَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى صَحِيحٌ مُصَرَّحٌ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ بَائِعُهُ وَهُوَ مِلْكُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ بِأَنَّ دَعْوَاهُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ مُتَضَمِّنَةٌ لِبُطْلَانِ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَى آخِرِهِ صُورَتُهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْحَقِّ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ فَمَجَازٌ وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ ذِكْرُ التَّحْلِيفِ، وَأَمَّا مَفْهُومُ الثَّالِثَةِ فَصَحِيحٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ نَفْسِ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَنْ إنْكَارٍ وَهُوَ لَاغٍ.
(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ قَبُولُ قَوْلِ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ ظَاهِرًا بِيَمِينِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّيْخِ الْإِسْنَوِيِّ أَمْ لَا يُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ
وَيَحْلِفُ خَصْمُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ وَهَلْ حُكْمُ دَعْوَى النِّسْيَانِ حُكْمُ دَعْوَى التَّخْصِيصِ بِلَا فَرْقٍ كَمَا عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ دُونَ التَّخْصِيصِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ إلَّا لِتَحْلِيفِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي النِّسْيَانِ بِيَمِينِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِأَنَّهُ نَكَحَهَا عَلَى مَبْلَغٍ جُمْلَتُهُ كَذَا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَهَلْ يُقْبَلُ هَذَا الْجَوَابُ إذْ قَدْ يَنْكِحُهَا عَلَى عَيْنٍ أَوْ تَكُونُ مُفَوَّضَةً، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَتُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ تُقِيمُهَا عَلَى مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ لَمْ تُقِمْهَا وَطَلَبَتْ يَمِينَهُ فَذَكَرَ قَدْرًا دُونَ مَا ادَّعَتْهُ فَهَلْ يَتَحَالَفَانِ أَمْ لَا؟ . (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الزَّوْجِ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ بَلْ يُكَلَّفُ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ عَلَيْهِ تَحَالَفَا، وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ لَهَا بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِفُضُولِ كَسَاوِي فَأَجَابَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الزَّوْجِيَّةِ ثُبُوتُ الْكَسَاوِي لِتَوَقُّفِهِ عَلَى التَّمَكُّنِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي
الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ إذْ الْأَصْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ عَدَمُ النُّشُوزِ الْمُسْقِطِ لِلْكِسْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ التَّمْكِينُ فَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الزَّوْجَةِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى عَدَمَ تَمْكِينِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ حَضَرَ عِنْدَهُ خَصْمَانِ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مِنْهُمَا لَا يُصَوِّرُ دَعْوَاهُ فَيَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَنْتَ تَدَّعِي عَلَى غَرِيمِك هَذَا بِمَا هُوَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ إذْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْمُدَّعِيَ إذَا أَهْمَلَ وَصْفًا فَإِنْ أَهْمَلَ شَرْطًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنِينَ مِنْ جُمْلَتِهِ نِصْفُ أَنْشَابِ غَيْطٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِجَرَيَانِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ فِي جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ إلَى صُدُورِ الْوَقْفِ، وَثَبَتَ جَمِيعُ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجَبِ جَمِيعِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَاسْتَمَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَاضِعِينَ الْيَدِ عَلَى جَمِيعِ الْمَوْقُوفِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَخْرَجَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مُسْتَنَدًا نَاطِقًا بِأَنَّ أَبُوهُ اشْتَرَى سُدُسَ أَنْشَابِ الْغَيْطِ الْمَذْكُورِ مِنْ فُلَانٍ وَفِيهِ فَصْلُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ مَثْبُوتٌ جَمِيعُ مَا فِيهِ مَحْكُومٌ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ أَيْضًا مُؤَرَّخٌ بِتَارِيخٍ مُقَدَّمٍ
عَلَى تَارِيخِ الْوَقْفِ، وَالْحَالُ أَنَّ أَبَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى مَا خَصَّهُ مِنْ جَمِيعِ نِصْفِ أَنْشَابِ الْغَيْطِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ لَدُنْ آلَ إلَيْهِ مَا خَصَّهُ مِنْ الْوَقْفِ إلَى أَنْ مَاتَ وَوَضَعَ ابْنُهُ يَدَهُ كَذَلِكَ وَبَقِيَّةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ إلَى أَنْ ادَّعَى أَنَّ سُدُسَ أَنْشَابِ نِصْفِ الْغَيْطِ الْمَوْقُوفَةِ مِلْكُهُ بِمُقْتَضَى الْمُسْتَنَدِ الشَّاهِدِ لِوَالِدِهِ بِمَا تَقَدَّمَ فَهَلْ الْمُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ مُقَدَّمَةٌ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَالْيَدُ فِيمَا ذَكَرَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِمُوجِبِهِ فِي الْمُسْتَنَدَيْنِ وَمِنْ مُوجِبِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَفْعِ الْخِلَافِ أَمْ بِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي عَلَى بَيِّنَةِ الْوَقْفِ لِإِضَافَتِهَا الْمِلْكَ إلَى سَبَبِهَا وَلِتَقَدُّمِ تَارِيخِهَا فَإِنَّهَا انْفَرَدَتْ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي زَمَانٍ لَمْ تُعَارِضْهَا فِيهِ بَيِّنَةُ الْوَقْفِ فَوَجَبَ وَقْفُ الْمُتَعَارِضِ، وَإِمْضَاءُ مَا لَيْسَ فِيهِ تَعَارُضٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ يَمْنَعُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْمُتَأَخِّرُ إلَّا مِنْ صَاحِبِهِ وَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ الشَّهَادَةُ لَهُ فَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَلَمْ تُعَارِضْ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ يَدٌ إذْ الْيَدُ فِي الْأَنْشَابِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِوَائِهِمَا
فِي الِاتِّصَالِ بِهَا وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَإِنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي تَضَمَّنَتْ أَنَّ يَدَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مِلْكِهِ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لَا لِمَنْفَعَتِهَا فَقَطْ بِسَبَبِ الْوَقْفِ، وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْمُسْتَنَدِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ مَتَى غِبْت عَنْ زَوْجَتِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ أَحْضُرْ إلَيْهِمَا كَانَتْ طَالِقًا وَغَابَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ لَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَا هَلْ لِلْحَاكِمِ سَمَاعُ دَعْوَاهَا وَبَيِّنَتِهَا وَالْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ السَّمَاعَ وَالْحُكْمَ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَطَلَبَ الْحَلِفَ مَعَهُ هَلْ يُجَابُ وَيَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ لِقَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَتَعْبِيرِي بِالْحُجَّةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِشُمُولِهِ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَك حُجَّةٌ قَالَ نَعَمْ وَأُرِيدَ حَلِفُهُ مُكِّنَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْعَزِيزِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بَعْدَمَا حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سُمِعَتْ وَقَضَى بِهَا وَقَوْلُ الرَّوْضِ ثُمَّ إنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ سُمِعَتْ وَقَوْلُ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ
وَبَعْدَ هَذَا أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقَامُ جَوَازُ الْبَيِّنَةِ أَيْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ أَيْ حَلِفِ الْخَصْمِ وَهَلْ تَعْبِيرُهُمْ بِالْبَيِّنَةِ يُخْرِجُ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ حَتَّى لَا يُجْزِئَ فِي ذَلِكَ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُجَابُ الْمُدَّعِي إلَى حَلِفِهِ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ، وَتَعْبِيرُ الْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ بِالْبَيِّنَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَمِثْلُهَا الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ بِقَوْلِهِمْ مَا ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا إذْ الِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي مَسْأَلَتِنَا صَاحِبُ الْعُدَّةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ فَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْضَهُمْ عَمَّا قَالَهُ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُ السَّاكِتُ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ فَقَالَ الْمَسْئُولُ قَدْ قَصَدْتَنِي بِقَوْلِك السَّاكِتُ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ فَقَالَ الْمُتَكَلِّمُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ نِسْبَةُ شَيْءٍ إلَيْك بَلْ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ الْقَاضِي أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا اُحْتُمِلَ الْمَنْوِيُّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلِمَةِ
الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَنَحْوَهُ تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ إذْ اللَّفْظُ شَامِلٌ لِلْمَنْوِيِّ أَوْ مُحْتَمِلٌ لَهُ سَوَاءٌ جُعِلَتْ أَلْ فِي السَّاكِتِ اسْمًا مَوْصُولًا كَمَا هُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ بِمَعْنَى الَّذِي إذْ هُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَمَدْلُولُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْمَسْئُولِ أَنْتَ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ لِسُكُوتِك عَنْ الْحَقِّ أَمْ جَعَلْته حَرْفَ تَعْرِيفٍ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَخْفَشِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ إنْ جُعِلَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَمَا مَرَّ أَوْ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ الْمَقْصُودِ بِهِ الْمَسْئُولَ فَذَاكَ أَوْ لِلْجِنْسِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِفْرَادِ فَالْجِنْسُ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَسْئُولِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِهِ وَعَلَى تَقْدِيرٍ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ أَوْ حَلَالٌ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ لَحْمُ مَيْتَةٍ أَوْ حَرَامٌ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أَمْ تُقَدَّمُ الْأُولَى؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقَدَّمُ الْأُولَى فَقَدْ قَطَعَ الدَّمِيرِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِلَحْمٍ إلَى الْمُسْلِمِ فَقَالَ الْمُسَلَّمُ هُوَ لَحْمُ مَيْتَةٍ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، وَقَالَ الْمُسَلِّمُ
إلَيْهِ هُوَ لَحْمُ مُذَكَّاةٍ فَعَلَيْك قَبُولُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُسَلِّمُ. وَعَلَّلَهُ الْعَبَّادِيُّ بِأَنَّ اللَّحْمَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ تَحْرِيمِهِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ بَيِّنَةَ التَّذْكِيَةِ أَوْ الْحِلِّ مُقَدَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ، وَالنَّافِلَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لَا يُقَالُ الْقِيَاسُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ التَّعَارُضُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةِ مَنْ عُرِفَ بِالتَّنَصُّرِ كَلِمَةُ النَّصْرَانِيَّةِ وَأُخْرَى بِأَنَّهَا كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَادَّعَى أَحَدُ أَصْحَابِ الدُّيُونِ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ عَلَى مَا بَقِيَ بِدَيْنِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ السُّلْطَانَ أَخَذَهَا كُلَّهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْحَاكِمِ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ كَذَلِكَ فَهَلْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ حَتَّى لَا يَحْلِفَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لِثُبُوتِ عَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ يَحْلِفُ لِكُلِّ مُدَّعٍ مِنْهُمْ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ الْيَمِينُ الْأُولَى لِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالُوهُ فِي بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهَا إنْ طَلَبَ الْخَصْمُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدُوا أَوْ فِيمَا إذَا طُولِبَ شَخْصٌ بِدَيْنٍ وَثَبَتَ إعْسَارُهُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي