الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ الْمُسْتَقْبَحَاتِ الْعَقْلِيَّةِ. وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ الشُّكْرُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِإِنْعَامِهِ بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا أَوْ بِالْقَلْبِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ تَعَالَى وَلِيُّهَا أَوْ غَيْرُهُ كَانَ يَخْضَعُ لَهُ تَعَالَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَكَادُ يَخْلُو فِي وَقْتٍ عَنْ الشُّكْرِ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورُ.
[مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَصِفَاتِهَا]
(سُئِلَ) عَمَّا رَوَتْهُ الْقُرَّاءُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ فِي سَائِرِ طُرُقِهِمْ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَصِفَاتِهَا كَأَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ وَتَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا هَلْ هُوَ عَيْنُ مَا قَرَأَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَلَقَّاهُ عَنْ جِبْرِيلَ عَنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَنْ اللَّهِ عز وجل أَمْ لَا وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْعَالِمِ الْعَامِدِ تَغْيِيرُ ذَلِكَ حَرْفًا أَوْ صِفَةً أَمْ لَا وَهَلْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم آحَادًا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَصِفَاتِهَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اعْتِمَادِهِ وَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ، وَحَصَلَ بِذَلِكَ مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حِفْظِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] فَهُوَ عَيْنُ مَا قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَلَقَّاهُ عَنْ جِبْرِيلَ وَتَلَقَّفَهُ هُوَ تَلَفُّظًا رُوحَانِيًّا أَوْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ
تَعَالَى أَوْ أَنَّهُ حَفِظَهُ مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ بِأَمْرِ إسْرَافِيلَ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَحَادِيثَ.
فَمَنْ غَيَّرَ حَرْفًا مِنْهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَكَذَا مَنْ غَيَّرَ صِفَةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَقْطُوعٌ بِأَنَّهَا قُرْآنٌ كَسَائِرِ حُرُوفِهِ وَكَلِمَاتِهِ فَالْقَارِئُ كَذَلِكَ مِنْ الدَّاخِلِينَ فِي خَبَرِ «رُبَّ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ يَلْعَنُهُ» وَمُخْطِئٌ لِلصَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ عِنْدَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ فَالْجَلِيُّ خَطَأٌ يَعْرِضُ لِلَّفْظِ وَيُخِلُّ بِالْمَعْنَى وَالْعُرْفِ كَرَفْعِ الْمَجْرُورِ وَنَصْبِهِ، وَالْخَفِيُّ خَطَأٌ يَعْرِضُ لِلَّفْظِ وَلَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى بَلْ بِالْعُرْفِ كَتَرْكِ الْإِخْفَاءِ وَالْإِقْلَابِ وَالْغُنَّةِ، وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّوَاذِّ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لِإِعْجَازِهِ النَّاسَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ تَوَاتُرًا بَلْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْرِيمِهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَنْ قَرَأَ بِالشَّاذِّ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ عَرَفَ ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ عُزِّرَ تَعْزِيرًا بَلِيغًا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ عَنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ عَلَى الْإِنْكَارِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ.
وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الشَّاذِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَصْلًا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ إنْ أَخْرَجَتْ لَفْظَ