الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ الْإِسْلَامَ يَبْقَى إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إلَّا أَنَّهُ يَضْعُفُ وَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ.»
(سُئِلَ) هَلْ وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ جُبِلَتْ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَالَ «جُبِلَتْ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهَا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِيهِ الْوَقْفُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ. اهـ. وَمَعْنَاهُ ثَابِتٌ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
[هَلْ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ]
(سُئِلَ) هَلْ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42] وَلِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ مَرْيَمَ فَاطِمَةُ وَخَدِيجَةُ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي خَيْرَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَارَّهَا ثَانِيًا عِنْدَ مَوْتِهِ «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَرْيَمَ» وَلِخَبَرِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ
كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ ثُمَّ فَاطِمَةُ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلِخَبَرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ «قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَرْيَمَ الْبَتُولَ» .
وَلِخَبَرِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ» وَلِخَبَرِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ» وَلِخَبَرٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَحَنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى بَعْلٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ وَلَوْ عَلِمْت أَنَّ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ رَكِبَتْ بَعِيرًا مَا فَضَّلْت عَلَيْهَا أَحَدًا» وَلِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ «خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ» وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ بَلَّغَتْهَا الْوَحْيَ عَنْ اللَّهِ عز وجل شِفَاهًا بِالتَّكْلِيفِ وَالْإِخْبَارِ وَالْبِشَارَةِ كَرَامَةً لَهَا كَمَا بَلَّغَتْ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الصَّحِيحُ أَنَّهَا نَبِيَّةٌ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّهَا بِمَا لَمْ يُؤْتِهِ أَحَدًا مِنْ النِّسَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ رُوحَ الْقُدُسِ
كَلَّمَهَا وَظَهَرَ لَهَا وَنَفَخَ فِي دِرْعِهَا وَدَنَا مِنْهَا لِلنَّفْخَةِ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَلَمْ تَسْأَلْ آيَةً عِنْدَمَا بُشِّرَتْ كَمَا سَأَلَ زَكَرِيَّا صلى الله عليه وسلم عَنْ الْآيَةِ وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقَةٌ فَقَالَ {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [المائدة: 75] وَقَالَ {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] فَشَهِدَ لَهَا بِالصِّدِّيقِيَّةِ وَشَهِدَ لَهَا بِالتَّصْدِيقِ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَشَهِدَ لَهَا بِالْقُنُوتِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَجَابِرٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 42] مَعْنَاهُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ كُلِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ أَبٍ غَيْرَهَا وَلِأَنَّهَا قُبِلَتْ فِي التَّحْرِيرِ وَلَمْ يَكُنْ التَّحْرِيرُ فِي الْإِنَاثِ فَهِيَ مُخْتَارَةٌ عَلَى النِّسَاءِ كُلِّهِنَّ بِمَا لَهَا مِنْ الْخَصَائِصِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ نِسَاءِ جَمِيعِ الْعَالَمِ مِنْ حَوَّاءَ إلَى آخِرِ امْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهَا السَّاعَةُ.
ثُمَّ بَعْدَهَا فِي الْفَضِيلَةِ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ وَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ عَلَيْهَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْضِيلِهَا عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْأُمُومَةُ. وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْكُلِّ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مُصْطَفَاةٌ عَلَى عَالَمِ زَمَانِهَا فَهُوَ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ وَذَكَرَ ابْنُ عَطِيَّةَ نَحْوَهُ وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ