المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة ص (38) : الآيات 12 إلى 14] - التحرير والتنوير - جـ ٢٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 55 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 77 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 83]

- ‌37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 22 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 27 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 40 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 62 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 75 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 88 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 101 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 103 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 108 إِلَى 111]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 112 الى 113]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 114 إِلَى 116]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 123 إِلَى 132]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 133 إِلَى 136]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 137 إِلَى 138]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 139 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 145 إِلَى 146]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 147 إِلَى 148]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 151 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 161 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 164 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 167 إِلَى 170]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 171 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 176 إِلَى 177]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

- ‌38- سُورَةُ ص

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 21 الى 25]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 31 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 49 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 67 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 84 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 86 إِلَى 88]

- ‌39- سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

الفصل: ‌[سورة ص (38) : الآيات 12 إلى 14]

[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (14)

لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: جُنْدٌ مَا هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ [ص: 11] تَسْلِيَة للنبيء صلى الله عليه وسلم وَوَعْدًا لَهُ بِالنَّصْرِ وَتَعْرِيضًا بِوَعِيدِ مُكَذِّبِيهِ بِأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى مَا صَارَتْ إِلَيْهِ الْأَحْزَابُ الَّذِينَ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا جِيءَ بِمَا هُوَ كَالْبَيَانِ لِهَذَا التَّعْرِيضِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمَصِيرِ الْمَقْصُودِ عَلَى طَرِيقَةِ قِيَاسِ الْمُسَاوَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ: إِمَّا بَدَلٌ مِنْ جُمْلَةِ جُنْدٌ مَا هُنالِكَ إِلَخْ، وَإِمَّا اسْتِئْنَافٌ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا.

وَحُذِفَ مَفْعُولُ كَذَّبَتْ لِأَنَّهُ سَيَرِدُ مَا يُبَيِّنُهُ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ كَمَا سَيَأْتِي. وَخَصَّ فِرْعَوْنَ بِإِسْنَادِ التَّكْذِيبِ إِلَيْهِ دُونَ قَوْمِهِ لِأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مُوسَى عليه السلام إِلَى فِرْعَوْنَ لِيُطْلِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَذَّبَ مُوسَى فَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَى بِمُجَادِلَةِ فِرْعَوْنَ لِإِبْطَالِ كُفْرِهِ فَتَسَلْسَلَ الْجِدَالُ فِي الْعَقِيدَةِ وَوَجَبَ إِشْهَارُ أَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي ضَلَالٍ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِشُبُهَاتِ فِرْعَوْنَ، ثُمَّ كَانَ فِرْعَوْنُ عَقِبَ ذَلِكَ مُضْمِرًا أَذَى مُوسَى وَمُعْلِنًا بِتَكْذِيبِهِ.

وَوُصِفَ فِرْعَوْنُ بِأَنَّهُ بِ ذُو الْأَوْتادِ لِعَظَمَةِ مُلْكِهِ وَقُوَّتِهِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَذَابِ اللَّهِ. وَأَصْلُ الْأَوْتادِ أَنَّهُ: جَمْعُ وَتِدٍ بِكَسْرِ التَّاءِ: عُودٌ غَلِيظٌ لَهُ رَأْسٌ مُفَلْطَحٌ يُدَقُّ فِي الْأَرْضِ لِيُشَدَّ بِهِ الطُّنُبُ، وَهُوَ الْحَبْلُ الْعَظِيمُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ شَقَّةُ الْبَيْتِ وَالْخَيْمَةِ فَيُشَدُّ إِلَى الْوَتِدِ وَتُرْفَعُ الشَّقَّةُ عَلَى عِمَادِ الْبَيْتِ قَالَ الْأَفْوَهُ الْأَوْدَيُّ:

وَالْبَيْتُ لَا يُبْتَنَى إِلَّا عَلَى عَمَدٍ

وَلَا عِمَادَ إِذَا لَمْ تُرْسَ أَوْتَادِ

والْأَوْتادِ فِي الْآيَةِ مُسْتَعَارٌ لِثَبَاتِ الْمُلْكِ وَالْعِزِّ، كَمَا قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ:

وَلَقَدْ غَنَوْا فِيهَا بِأَنْعَمِ عِيشَةٍ

فِي ظِلِّ مُلْكٍ ثَابِتِ الْأَوْتَادِ

وَقِيلَ: الْأَوْتادِ: الْبِنَاءَاتُ الشَّاهِقَةُ. وَهُوَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضِّحَاكِ، سُمِّيَتِ الْأَبْنِيَةُ أَوْتَادًا لِرُسُوخِ أُسُسِهَا فِي الْأَرْضِ.

ص: 220

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يَتَأَيَّدُ بِمُطَابَقَةِ التَّارِيخِ فَإِنَّ فِرْعَوْنَ الْمَعْنِيَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ (مِنْفِتَاحُ الثَّانِي) الَّذِي خَرَجَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ فِي زَمَنِهِ وَهُوَ مِنْ مُلُوكِ الْعَائِلَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ فِي تَرْتِيبِ الْأُسَرِ الَّتِي تَدَاوَلَتْ مُلْكَ مِصْرَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْعَائِلَةُ مُشْتَهِرَةً بِوَفْرَةِ الْمَبَانِي الَّتِي بَنَاهَا مُلُوكُهَا مِنْ مَعَابِدَ وَمَقَابِرَ وَكَانَتْ مُدَّةُ حُكْمِهِمْ مِائَةً وَأَرْبَعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سَنَةِ (1462) قَبْلَ الْمَسِيحِ إِلَى سَنَةِ (1288) ق. م.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ مُحَمَّدٌ عَبْدُهْ فِي «تَفْسِيرِهِ» لِلْجُزْءِ الثَلَاثِينَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الْفَجْرِ:

وَمَا أَجْمَلَ التَّعْبِيرَ عَمَّا تَرَكَ الْمِصْرِيُّونَ مِنَ الْأَبْنِيَةِ الْبَاقِيَةِ بِالْأَوْتَادِ فَإِنَّهَا هِيَ الْأَهْرَامُ وَمَنْظَرُهَا فِي عَيْنِ الرَّائِي مَنْظَرُ الْوَتَدِ الضَّخْمِ الْمَغْرُوزِ فِي الأَرْض ا. هـ. وَأَكْثَرُ الْأَهْرَامِ بُنِيَتْ قَبْلَ زَمَنِ فِرْعَوْنَ مُوسَى مِنْفِتَاحَ الثَّانِي فَكَانَ مِنْفِتَاحُ هَذَا مَالِكَ تِلْكَ الْأَهْرَامِ فَإِنَّهُ يَفْتَخِرُ بِعَظَمَتِهَا وَلَيْسَ يُفِيدُ قَوْلُهُ: ذُو الْأَوْتادِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إِذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْبَانِيَ تِلْكَ الْأَهْرَامِ. وَذَلِكَ كَمَا يُقَالُ: ذُو النِّيلِ، وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ: وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف: 51] .

وَأَمَّا ثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ غَيْرَ مرّة. وأَصْحابُ الْأَيْكَةِ: هُمْ أَهْلُ مَدْيَنَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ خَبَرُهُمْ وَتَحْقِيقُ أَنَّهُمْ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ وَأَنَّهُمْ مُخْتَلِطُونَ مَعَ مَدْيَنَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ.

وَتَقْدِيمُ ذِكْرِ فِرْعَوْنَ عَلَى ثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَأَصْحَابِ لَيْكَةَ مَعَ أَنَّ قِصَّتَهُ حَدَثَتْ بَعْدَ قَصَصِهِمْ لِأَنَّ حَالَهُ مَعَ مُوسَى أَشْبَهُ بِحَالِ زُعَمَاءِ أَهْلِ الشِّرْكِ بِمَكَّةَ مِنْ أَحْوَالِ الْأُمَمِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ قاوم موس بِجَيْشٍ كَمَا قَاوَمَ الْمُشْرِكُونَ الْمُسْلِمِينَ بِجُيُوشٍ.

وَجُمْلَةُ أُولئِكَ الْأَحْزابُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ وَجُمْلَةِ إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ. وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعْظِيمِ، أَيْ تَعْظِيمِ الْقُوَّةِ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي الْأَحْزابِ اسْتِغْرَاقٌ ادِّعَائِيٌّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ مِثْلَ: هُمُ الْقَوْمُ وَأَنْتَ الرَّجُلُ. وَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ وَالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ حَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ، قُصِرَتْ صِفَةُ

ص: 221

الْأَحْزَابِ عَلَى الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ بِ أُولئِكَ بِادِّعَاءِ الْأُمَمِ وَأَنَّ غَيْرَهُمْ لَمَّا يَبْلُغُوا مَبْلَغَ أَنْ يُعَدُّوا مِنَ الْأَحْزَابِ فَظَاهِرُ الْقِصَرِ وَلَامُ الْكَمَالِ لِتَأْكِيدِ مَعْنَى الْكَمَالِ كَقَوْلِ الْأَشْهَبِ بْنِ رُمَيْلَةَ:

وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ

هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ

وَالْمَعْنَى: أُولَئِكَ الْمَذْكُورُونَ هُمُ الْأُمَمُ لَا تُضَاهِيهِمْ أُمَمٌ فِي الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ. وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِتَخْوِيفِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلْ بِأُولَئِكَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ فِي سُورَةِ غَافِرٍ [21، 22] .

وَجُمْلَةُ إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ مُؤَكِّدَةٌ لِجُمْلَةِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ إِلَى قَوْله:

وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ، أَخْبَرَ أَوَّلًا عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا إِلَّا مُكَذِّبِينَ عَلَى وَجْهِ الْحَصْرِ كَأَنَّهُمْ لَا صِفَةَ لَهُمْ إِلَّا تَكْذِيبُ الرُّسُلِ لِتَوَغُّلِهِمْ فِيهَا وَكَوْنِهَا هِجِّيرَاهُمْ. وإِنْ نَافِيَةٌ، وَتَنْوِينُ كُلٌّ تَنْوِينُ عِوَضٍ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ كُلُّهُمْ.

وَجِيءَ بِالْمُسْنَدِ فِعْلًا فِي قَوْلِهِ: كَذَّبَ الرُّسُلَ لِيُفِيدَ تَقْدِيمَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَيْهِ تَخْصِيصَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ فَحَصَلَ بِهَذَا النّظم تَأْكِيد الْحَصْرِ.

وَتَعْدِيَةُ كَذَّبَ إِلَى الرُّسُلَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ إِنَّمَا كَذَّبَتْ رَسُولَهَا، مَقْصُودٌ مِنْهُ تَفْظِيعُ التَّكْذِيبِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ إِنَّمَا كَذَّبَتْ رَسُولَهَا مُسْتَنِدَةً لِحُجَّةٍ سُفُسْطَائِيَّةٍ هِيَ اسْتِحَالَةُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنَ الْبَشَرِ رَسُولًا مِنَ اللَّهِ فَهَذِهِ السَّفْسَطَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَ جَمِيعَ الرُّسُلِ. وَقَدْ حَصَلَ تَسْجِيلُ التَّكْذِيبِ عَلَيْهِمْ بِفُنُونٍ مِنْ تَقْوِيَةِ ذَلِكَ التَّسْجِيلِ وَهِيَ إِبْهَامُ مَفْعُولِ كَذَّبَتْ فِي قَوْلِهِ: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ثُمَّ تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ: إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ وَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ مِنَ الْحَصْرِ، وَمَا فِي تَأْكِيدِهِ بِالْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ فِي قَوْلِهِ:

إِلَّا كَذَّبَ، وَمَا فِي جَعْلِ الْمُكَذَّبِ بِهِ جَمِيعَ الرُّسُلِ،

ص: 222