المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 إلى 57] - التحرير والتنوير - جـ ٢٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 55 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 77 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 83]

- ‌37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 22 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 27 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 40 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 62 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 75 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 88 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 101 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 103 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 108 إِلَى 111]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 112 الى 113]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 114 إِلَى 116]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 123 إِلَى 132]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 133 إِلَى 136]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 137 إِلَى 138]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 139 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 145 إِلَى 146]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 147 إِلَى 148]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 151 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 161 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 164 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 167 إِلَى 170]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 171 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 176 إِلَى 177]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

- ‌38- سُورَةُ ص

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 21 الى 25]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 31 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 49 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 67 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 84 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 86 إِلَى 88]

- ‌39- سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

الفصل: ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 50 إلى 57]

وَذَلِكَ اللَّوْنُ أَحْسَنُ أَلْوَانِ النِّسَاءِ، وَقَدِيمًا شَبَّهُوا الْحِسَانَ بِبَيْضِ النَّعَامِ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وَبَيْضَةِ خِدْرٍ لَا يُرَامُ خِبَاؤُهَا

تَمَتَّعَتْ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غير معجل

[50- 57]

[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (50) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54)

فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (55) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57)

الْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُتَجَالِسِينَ فِي مَسَرَّةٍ أَنْ يَشْرَعُوا فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ مَعَ الْأَصْحَابِ وَالْمُنْتَدِمِينَ لَذَّةً كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فَيَّاضٍ:

وَمَا بَقِيَتْ مِنَ اللَّذَّاتِ إِلَّا

أَحَادِيثُ الْكِرَامِ عَلَى الشَّرَابِ

فَإِذَا اسْتَشْعَرُوا أَنَّ مَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ النَّعِيمِ كَانَ جَزَاءً عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ إِيمَانِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ تَذَكَّرَ بَعْضُهُمْ مَنْ كَانَ يُجَادِلُهُ فِي ثُبُوتِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ فَحَمَدَ اللَّهَ عَلَى أَنْ هَدَاهُ لِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ إِلَى ذَلِكَ الصَّادِّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ جُلَسَاءَهُ وَأَرَاهُمْ إِيَّاهُ فِي النَّارِ، فَلِذَلِكَ حُكِيَ إِقْبَالُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْمُسَاءَلَةِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّاسَ فِي الْآخِرَةِ تَعُودُ إِلَيْهِمْ تَذَكُّرَاتُهُمُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُصَفَّاةً مِنَ الْخَوَاطِرِ السَّيِّئَةِ وَالْأَكْدَارِ النَّفْسَانِيَّةِ مُدْرِكَةً الْحَقَائِقَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ. وَجِيءَ فِي حِكَايَةِ هَذِهِ الْحَالَةِ بِصِيَغِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مَعَ أَنَّهَا مُسْتَقْبَلَةٌ لِإِفَادَةِ تَحْقِيقِ وُقُوعِ ذَلِكَ حَتَّى كَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النَّحْل: 1] ، وَالْقَرِينَةُ هِيَ التَّفْرِيعُ عَلَى الْأَخْبَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ.

وَالتَّسَاؤُلُ: أَنْ يَسْأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَحُذِفَ الْمُتَسَاءَلُ عَنْهُ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَ نَحْوًا مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر:

40، 42] .

ص: 115

وَجُمْلَةُ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ يَتَساءَلُونَ، أَيْ قَالَ أَحَدُهُمْ فِي جَوَابِ سُؤَالِ بَعْضِهِمْ، فَإِنَّ مَعْنَى التَّسَاؤُلِ يَشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الْجَوَابِ فَلِذَلِكَ جَعَلْنَاهُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ لَا بَدَلَ بَعْضٍ وَلَا عَطْفَ بَيَانٍ، وَالْقَرِينُ مُرَادٌ بِهِ الْجِنْسُ، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقُولَهُ كَثِيرٌ مِنْ خُلَطَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا.

وَالْقَرِينُ: الْمُصَاحِبُ الْمُلَازِمُ شُبِّهَتِ الْمُلَازِمَةُ الْغَالِبَةُ بِالْقَرْنِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَنْفَصِلَانِ، أَيْ يَقُولُ لَهُ صَاحِبُهُ لَمَّا أَسْلَمَ وَبَقِيَ صَاحِبُهُ عَلَى الْكُفْرِ يُجَادِلُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَيُحَاوِلُ تَشْكِيكَهُ فِي صِحَّتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ:«لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي عَلَى الْإِسْلَامِ» أَيْ جَاعِلُنِي فِي وَثَاقٍ لِأَجْلِ أَنِّي أَسْلَمْتُ، وَكَانَ سَعِيدٌ صِهْرَ عُمَرَ زَوْجَ أُخْتِهِ.

والاستفهام فِي أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِنْكَارِ، أَيْ مَا كَانَ يَحِقُّ لَكَ أَنْ تُصَدِّقَ بِهَذَا، وَسُلِّطَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى حَرْفِ التَّوْكِيدِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ بَلَغَهُ تَأَكُّدُ إِسْلَامِ قَرِينِهِ فَجَاءَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ مَا تَحَقَّقَ عِنْدَهُ، أَيْ أَنَّ إِنْكَارَهُ إِسْلَامَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ خَبَرِهِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ تَحَقَّقَهُ لَمَا ظَنَّ بِهِ ذَلِكَ. وَالْمُصَدِّقُ هُوَ: الْمُوقِنُ بِالْخَبَرِ.

وَجُمْلَةُ أَإِذا مِتْنا بَيَانٌ لِجُمْلَةِ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ بَيَّنَتِ الْإِنْكَارَ الْمُجْمَلَ بِإِنْكَارٍ

مُفَصَّلٍ وَهُوَ إِنْكَارُ أَنْ يُبْعَثَ النَّاسُ بَعْدَ تَفَرُّقِ أَجْزَائِهِمْ وَتَحَوُّلِهَا تُرَابًا بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ يُجَازُوا.

وَجُمْلَةُ إِنَّا لَمَدِينُونَ جَوَابُ إِذا. وَقُرِنَتْ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِلْوَجْهِ الَّذِي عَلِمْتَهُ فِي قَوْلِهِ: أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ.

وَالْمَدِينُ: الْمُجَازَى يُقَالُ: دَانَهُ يُدِينُهُ، إِذَا جَازَاهُ، وَالْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجَزَاء على السوء، وَالدَّيْنُ: الْجَزَاءُ كَمَا فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ. وَقيل هُنَا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ وَفِي أَوَّلِ السُّورَةِ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الصافات: 16] لِاخْتِلَافِ الْقَائِلِينَ.

وَقَرَأَ الْجَمِيعُ أَإِنَّكَ بِهَمْزَتَيْنِ. وَقَرَأَ مَنْ عَدَا ابْنَ عَامِرٍ أَإِذا مِتْنا بِهَمْزَتَيْنِ وَابْنُ عَامِرٍ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَة وَهِي همزَة إِذا اكْتِفَاءً بِهَمْزَةِ أَإِنَّا لَمَدِينُونَ فِي

ص: 116

قِرَاءَتِهِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ إِنَّا لَمَدِينُونَ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ اكْتِفَاءً بِالِاسْتِفْهَامِ الدَّاخِلِ على شَرطهَا. وقرأه الْبَاقُونَ بِهَمْزَتَيْنِ.

وَجُمْلَةُ قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ:

هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ الْمَحْكِيَّ بِهَا هُوَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ إِذْ هُوَ تَكْمِلَةٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَالِاسْتِفْهَامُ بِقَوْلِهِ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعَرْضِ، عَرَضَ عَلَى رُفَقَائِهِ أَنْ يَتَطَلَّعُوا إِلَى رُؤْيَةِ قَرِينِهِ وَمَا صَارَ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ: إِمَّا لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ قَرِينَهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَهُ بِالْمَوْتِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ أُلْقِيَ فِي رَوْعِهِ أَنَّ قَرِينَهُ صَارَ إِلَى النَّارِ، وَهُوَ مُوقِنٌ بِأَنَّ خَازِنَ النَّارِ يُطْلِعُهُمْ عَلَى هَذَا الْقَرِينِ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ مَا يَتَسَاءَلُونَ قَالَ تَعَالَى:

وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ [يس: 57] .

وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ مُطَّلِعُونَ لِدَلَالَةِ آخِرِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فِي سَواءِ الْجَحِيمِ.

فَالتَّقْدِيرُ: هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ لِنَنْظُرَهُ فِيهِمْ.

وَفِي قَوْلِهِ: فَاطَّلَعَ اكْتِفَاءٌ، أَي فاطّلع واطّلعوا فَرَآهُ وَرَأَوْهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ إِذْ هُوَ إِنَّمَا عَرَضَ عَلَيْهِمُ الِاطِّلَاعَ لِيَعْلَمُوا تَحْقِيقَ مَا حَدَّثَهُمْ عَنْ قَرِينِهِ. وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اطِّلَاعِهِ هُوَ دُونَ ذِكْرِ اطِّلَاعِ رُفَقَائِهِ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ بِالِاطِّلَاعِ لِيُمَيِّزَ قَرِينَهُ فَيُرِيَهُ لِرُفَقَائِهِ.

وسَواءِ الْجَحِيمِ وَسَطُهَا قَالَ بَلْعَاءُ بْنُ قَيْسٍ:

عَضْبًا أَصَابَ سَوَاءَ الرَّأْسِ فَانْفَلَقَا وَجُمْلَةُ قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِأَنَّ وَصْفَ هَذِهِ الْحَالَةِ

يُثِيرُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ أَنْ يَسْأَلَ: فَمَاذَا حَصَلَ حِينَ اطَّلَعَ؟ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ حِينَ رَأَى قَرِينَهُ أَخَذَ يُوَبِّخُهُ عَلَى مَا كَانَ يحاوله مِنْهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُلْقِيَهُ فِي النَّارِ مِثْلَهُ. وَهَذَا التَّوْبِيخُ يَتَضَمَّنُ تَنْدِيمَهُ عَلَى مُحَاوَلَةِ إِرْجَاعِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ.

وَالْقَسَمُ بِالتَّاءِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقَعَ فِيمَا جَوَابُ قَسَمِهِ غَرِيبٌ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [73]، وَقَوْلِهِ: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ [57] . وَمَحَلُّ الْغَرَابَةِ هُوَ خَلَاصُهُ مِنْ شَبَكَةِ قَرِينِهِ وَاخْتِلَافُ

ص: 117

حَالِ عَاقِبَتَيْهِمَا مَعَ مَا كَانَا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْمُلَازَمَةِ وَالصُّحْبَةِ وَمَا حَفَّهُ مِنْ نِعْمَةِ الْهِدَايَةِ وَمَا تَوَرَّطَ قرينه فِي أَو حَال الْغَوَايَةِ.

وإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَاتَّصَلَ بِهَا الْفِعْلُ النَّاسِخُ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَحْوَالِهَا إِذَا أُهْمِلَتْ. وَاللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى خَبَرِ كَادَ هِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ إِنْ الْمُخَفَّفَةِ والنافية. و «ترديني» تُوقِعُنِي فِي الرَّدَى وَهُوَ الْهَلَاكُ، وَأَصِلُ الرَّدَى: الْمَوْتُ ثُمَّ شَاعَتِ اسْتِعَارَتُهُ لِسُوءِ الْحَالِ تَشْبِيهًا بِالْمَوْتِ لِمَا شَاعَ مِنَ اعْتِبَارِ الْمَوْتِ أَعْظَمَ مَا يُصَابُ بِهِ الْمَرْءُ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّكَ قَارَبْتَ أَنْ تُفْضِيَ بِي إِلَى حَالِ الرَّدَى بِإِلْحَاحِكَ فِي صَرْفِي عَنِ الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ لِفَرْطِ الصُّحْبَةِ. وَلَوْلَا نِعْمَةُ هِدَايَةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتِهِ لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ مَعَكَ فِي الْعَذَابِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَتُرْدِينِ بِنُونٍ مَكْسُورَةٍ فِي آخِرِهِ دُونَ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَهُوَ حَذْفٌ شَائِعٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْفَصِيحِ وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ. وَكُتِبَ فِي الْمَصَاحِفِ بِدُونِ يَاءٍ. وَقَرَأَهُ وَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَلَا يُنَافِي رَسْمَ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْيَاءَاتِ لَمْ تُكْتَبْ فِي الْمُصْحَفِ، وَقَرَأَ الْقُرَّاءُ بِإِثْبَاتِهَا فَإِنَّ كُتَّابَ الْمُصْحَفِ قَدْ حَذَفُوا مُدُودًا كَثِيرَةً مِنْ أَلِفَاتٍ وَيَاءَاتٍ.

وَالْمُحْضَرُونَ: أُرِيدَ بِهِمُ الْمُحْضَرُونَ فِي النَّارِ، أَيْ لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ مَعَكَ لِلْعَذَابِ. وَقَدْ كَثُرَ إِطْلَاقُ الْمُحْضَرِ وَنَحْوِهِ عَلَى الَّذِي يَحْضُرُ لِأَجْلِ الْعِقَابِ. وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْقَرِينَ هُنَا بِالشَّيْطَانِ الَّذِي يُلَازِمُ الْإِنْسَانَ لِإِضْلَالِهِ وَإِغْوَائِهِ. وَطَرِيقُ حِكَايَةِ تَصَدِّي الْقَائِلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِإِخْبَارِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ بِحَالِهِ يُبْطِلُ هَذَا التَّفْسِيرَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الشَّيْطَانَ لَكَانَ إِخْبَارُهُ بِهِ غَيْرَ مُفِيدٍ فَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا كَانَ لَهُ قَرِينٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَمَا مِنْهُمْ إِلَّا عَالِمٌ بِأَنَّ مَصِيرَ الشَّيَاطِينِ إِلَى النَّارِ.

وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي شَرِيكَيْنِ هُمَا الْمُشَارُ إِلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ

ص: 118