المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الصافات (37) : الآيات 8 إلى 10] - التحرير والتنوير - جـ ٢٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 55 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 77 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 83]

- ‌37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 22 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 27 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 40 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 62 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 75 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 88 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 101 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 103 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 108 إِلَى 111]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 112 الى 113]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 114 إِلَى 116]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 123 إِلَى 132]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 133 إِلَى 136]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 137 إِلَى 138]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 139 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 145 إِلَى 146]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 147 إِلَى 148]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 151 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 161 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 164 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 167 إِلَى 170]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 171 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 176 إِلَى 177]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

- ‌38- سُورَةُ ص

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 21 الى 25]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 31 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 49 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 67 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 84 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 86 إِلَى 88]

- ‌39- سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

الفصل: ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 8 إلى 10]

وَسَقَطَتْ بِالْقُطْرِ التُّونِسِيِّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، مِنْهَا قِطْعَةٌ سَقَطَتْ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ وَسَطَ الْمَمْلَكَةِ أَحْسَبُ أَنَّهَا بِجِهَاتِ تَالَةٍ وَرَأَيْتُ شَظِيَّةً مِنْهَا تُشْبِهُ الْحَدِيدَ، وَالْعَامَّةُ يَحْسَبُونَهَا صَاعِقَةً وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ حَجَرَ الصَّاعِقَةِ، وَتَسَاقُطُهَا يَقَعُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلَكِنَّا لَا نُشَاهِدُ مُرُورَهَا فِي النَّهَارِ لِأَنَّ شُعَاعَ الشَّمْسِ يَحْجُبُهَا عَنِ الْأَنْظَارِ.

وَمِمَّا عَلِمْتَ مِنْ تَدَحْرُجِ هَذِهِ الشُّهُبِ مِنْ فَلَكِ الشَّمْسِ إِلَى فَلَكِ الْأَرْضِ تَبَيَّنَ لَكَ سَبَبُ كَوْنِهَا مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَسَبَبُ اتِّصَالِهَا بِالْأَجْرَامِ الشَّيْطَانِيَّةِ الصَّاعِدَةِ مِنَ الْأَرْضِ تَتَطَلَّبُ الِاتِّصَالَ بِالسَّمَاوَاتِ. وَقَدْ سُمِّيَتْ شُهُبًا عَلَى التَّشْبِيهِ بِقَبَسِ النَّارِ وَهُوَ الْجَمْرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ فِي سُورَةِ النَّمْلِ [7] .

وَالْمَارِدُ: الْخَارِجُ عَنِ الطَّاعَةِ الَّذِي لَا يُلَابِسُ الطَّاعَةَ سَاعَةً قَالَ تَعَالَى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ [التَّوْبَة: 101] . وَفِي وَصْفِهِ بِالْمَارِدِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا يُصِيبُ إِخْوَانَهُ مِنَ الضُّرِّ بِالشُّهُبِ لَا يَعِظُهُ عَنْ تَجْدِيدِ مُحَاوَلَةِ الِاسْتِرَاقِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ طَبْعُهُ الشَّيْطَانِيُّ مِنَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى تِلْكَ السَّجَايَا الْخَبِيثَةِ كَمَا لَا يَنْزَجِرُ الْفِرَاشُ عَنِ التَّهَافُتِ حَوْلَ الْمِصْبَاحِ بِمَا يُصِيبُ أَطْرَافَ أَجْنِحَتِهِ مِنْ مسّ النَّار.

[8- 10]

[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (9) إِلَاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (10)

اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا [الصافات: 6] وَجُمْلَةِ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً [الصافات: 11] قُصِدَ مِنْهُ وَصْفُ قِصَّةِ طَرْدِ الشَّيَاطِينِ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ قَوْله: وَحِفْظاً [الصافات: 7] مَصْدَرًا نَائِبًا مَنَابَ فِعْلِهِ يَجُوزُ جَعْلُ جُمْلَةِ لَا يَسَّمَّعُونَ بَيَانًا لِكَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ فِي مَوْقِعِ عَطْفِ الْبَيَانِ مِنْ جُمْلَةِ وَحِفْظاً عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ [طه: 120] الْآيَةَ، أَيِ انْتَفَى بِذَلِكَ الْحِفْظِ سَمْعُ الشَّيَاطِينِ لِلْمَلَأِ الْأَعْلَى.

ص: 91

وَحَرْفُ إِلَى يُشِيرُ إِلَى تَضْمِينِ فِعْلِ يَسَّمَّعُونَ مَعْنَى يَنْتَهُونَ فَيَسْمَعُونَ، أَيْ لَا يَتْرُكُهُمُ الرَّمْيُ بِالشُّهُبِ مُنْتَهِينَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى انْتِهَاءَ الطَّالِبِ الْمَكَانَ الْمَطْلُوبَ بَلْ تَدْحَرُهُمْ قَبْلَ وُصُولِهِمْ فَلَا يَتَلَقَّفُونَ مِنْ عِلْمِ مَا يَجْرِي فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى الْأَشْيَاءَ مَخْطُوفَةً غَيْرَ مُتَبَيَّنَةٍ، وَذَلِكَ أَبْعَدُ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَسْمَعُوا لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَهُونَ فَلَا يَسْمَعُونَ. وَفِي «الْكَشَّافِ» : أَنَّ سَمِعْتُ الْمَعْدَّى بِنَفْسِهِ يُفِيدُ الْإِدْرَاكَ، وَسَمِعْتُ الْمَعْدَّى بِ إِلَى يُفِيدُ الْإِصْغَاءَ مَعَ الْإِدْرَاكِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَا يَسَّمَّعُونَ بِسُكُونِ السِّينِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَخَلَفٌ لَا يَسَّمَّعُونَ بِتَشْدِيدِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَفْتُوحَتَيْنِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ: لَا يَتَسَمَّعُونَ فَقُلِبَتِ التَّاءُ سِينًا تَوَصُّلًا إِلَى الْإِدْغَامِ، وَالتَّسَمُّعُ: تَطَلُّبُ السَّمْعِ وَتَكَلُّفُهُ، فَالْمُرَادُ التَّسَمُّعُ الْمُبَاشِرُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَهَيَّأُ لَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي تَصِلُ إِلَيْهِ أَصْوَاتُ الْمَلَأِ الْأَعْلَى، أَيْ أَنَّهُمْ يُدْحَرُونَ قَبْلِ وُصُولِهِمُ الْمَكَانَ الْمَطْلُوبَ، وَالْقِرَاءَتَانِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَالِاسْتِعْمَالِ لَا يَصِحُّ.

وَحَاصِلُ مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ أَنَّ الشُّهُبَ تَحُولُ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ أَنْ يَسْمَعُوا شَيْئًا مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَقَدْ كَانُوا قَبْلَ الْبِعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ رُبَّمَا اخْتَطَفُوا الْخَطْفَةَ فَأَلْقَوْهَا إِلَى الْكُهَّانِ فَلَمَّا بَعَثَ الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدَّرَ زِيَادَةَ حِرَاسَةِ السَّمَاءِ بِإِرْدَافِ الْكَوَاكِبِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ حَتَّى لَا يَرْجِعَ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ سَالِمًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ، فَالشُّهُبُ كَانَتْ مَوْجُودَةً مِنْ قَبْلُ وَكَانَتْ لَا تَحُولُ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ تَلَقُّفِ أَخْبَارٍ مُقَطَّعَةٍ مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى فَلَمَّا بعث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم حُرِمَتِ الشَّيَاطِينُ مِنْ ذَلِكَ.

وَالْمَلَأُ: الْجَمَاعَةُ أَهْلُ الشَّأْنِ وَالْقَدْرِ. وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الْمَلَائِكَةُ. وَوَصْفُ الْمَلَإِ بِ الْأَعْلى لِتَشْرِيفِ الْمَوْصُوفِ.

وَالْقَذْفُ: الرَّجْمُ، وَالْجَانِبُ: الْجِهَةُ، وَالدُّحُورُ: الطَّرْدُ. وَانْتَصَبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِ يُقْذَفُونَ. وَإِسْنَادُ فَعْلِ يُقْذَفُونَ لِلْمَجْهُولِ لِأَنَّ الْقَاذِفَ مَعْلُومٌ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ

الْمُوَكَّلُونَ بِالْحِفْظِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ

ص: 92

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً [الْجِنّ: 8] .

وَالْعَذَابُ الْوَاصِبُ: الدَّائِمُ يُقَالُ: وَصَبَ يَصِبُ وُصُوبَا، إِذَا دَامَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يُطْرَدُونَ فِي الدُّنْيَا وَيُحَقَّرُونَ وَلَهُمْ عَذَابٌ دَائِمٌ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ الشَّيَاطِين للنار فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا فِي سُورَةِ مَرْيَمَ [68] ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عَذَابَ الْقَذْفِ وَأَنَّهُ وَاصِبٌ، أَيْ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُمْ كُلَّمَا حَاوَلُوا الِاسْتِرَاقَ لِأَنَّهُمْ مجبولون على محاولته.

وَجُمْلَةُ وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهِيَ جُمْلَةُ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ.

ومَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ مُسْتَثْنًى مِنْ ضَمِيرِ لَا يَسَّمَّعُونَ فَهُوَ فِي مَحل رفع على الْبَدَلِيَّةِ مِنْهُ.

وَالْخَطْفُ: ابْتِدَارُ تَنَاوُلِ شَيْءٍ بِسُرْعَةٍ، والْخَطْفَةَ الْمَرَّةُ مِنْهُ. فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِ خَطِفَ لِبَيَانِ عَدَدِ مَرَّاتِ الْمَصْدَرِ، أَيْ خَطْفَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِلْإِسْرَاعِ بِسَمْعِ مَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعَهُ مِنْ كَلَامٍ غَيْرِ تَامٍّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [20] .

وَ «أَتْبَعَهُ» بِمَعْنَى تَبِعَهُ فَهَمْزَتُهُ لَا تُفِيدُهُ تَعْدِيَةً، وَهِيَ كَهَمْزَةِ أَبَانَ بِمَعْنَى بَانَ.

وَالشِّهَابُ: الْقَبَسُ وَالْجَمْرُ مِنَ النَّارِ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُسَمَّى بِالنَّيْزَكِ فِي اصْطِلَاحِ عِلْمِ الْهَيْئَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [18] .

وَالثَّاقِبُ: الْخَارِقُ، أَيِ الَّذِي يَتْرُكُ ثُقْبًا فِي الْجِسْمِ الَّذِي يُصِيبُهُ، أَيْ ثَاقِبٌ لَهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الشِّهَابُ لَا يَقْتُلُ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُصِيبُهُ وَلَكِنَّهُ يَحْتَرِقُ وَيَخْبِلُ، أَيْ يُفْسِدُ قِوَامَهُ فَتَزُولُ خَصَائِصُهُ، فَإِنْ لَمْ يَضْمَحِلَّ فَإِنَّهُ يُصْبِحُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى مُحَاوَلَةِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ مَرَّةً أُخْرَى، أَيْ إِلَّا مَنْ تَمَكَّنَ مِنَ الدُّنُوِّ إِلَى مَحَلٍّ يَسْمَعُ فِيهِ كَلِمَاتٍ مِنْ كَلِمَاتِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى فَيُرْدَفُ بِشِهَابٍ يَثْقُبُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ صَدَرَ، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ مَا بَعْدَ الْبِعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اسْتِرَاقِ السَّمْعِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ فِي سُورَة الشُّعَرَاء [210، 211] .

ص: 93