الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والْكَرْبِ الْعَظِيمِ: هُوَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْمَذَلَّةِ تَحْتَ سُلْطَةِ الْفَرَاعِنَةِ وَمِنَ اتِّبَاعِ فِرْعَوْنَ إِيَّاهُمْ فِي خُرُوجِهِمْ حِينَ تَرَاءَى الْجَمْعَانِ فَقَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشُّعَرَاء: 61] فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ الْبَحْرَ فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ وَاجْتَازَ مِنْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ مَدَّ الْبَحْرُ أَمْوَاجَهَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ، عَلَى أَنَّ الْكَرْبَ الْعَظِيمَ أُطْلِقَ عَلَى الْغَرَقِ فِي قِصَّةِ نُوحٍ السَّابِقَةِ وَفِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْأُمَمِ الَّتِي مَرُّوا بِبِلَادِهَا مِنَ الْعَمَالِقَةِ وَالْأَمُورِيِّينَ فَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُنْتَصِرِينَ فِي كُلِّ مَوْقِعَةٍ قَاتَلُوا فِيهَا عَنْ أَمْرِ مُوسَى وَمَا انْهَزَمُوا إِلَّا حِينَ أَقْدَمُوا عَلَى قِتَالِ الْعَمَالِقَةِ وَالْكَنْعَانِيِّينَ فِي سُهُولِ وَادِي (شُكُولَ) لِأَنَّ مُوسَى نَهَاهُمْ عَنْ قِتَالِهِمْ هُنَالِكَ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي تَارِيخِهِمْ.
وهُمُ مِنْ قَوْلِهِ: فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ ضَمِيرُ فَصْلٍ وَهُوَ يُفِيدُ قَصْرًا، أَيْ هُمُ الْغَالِبِينَ لِغَيْرِهِمْ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَغْلِبُوهُمْ، أَيْ لَمْ يُغْلَبُوا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّ الْمُنْتَصِرَ قَدْ يَنْتَصِرُ بَعْدَ أَنْ يُغْلَبَ فِي مواقع.
[117- 122]
[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]
وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (118) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (120) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121)
إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)
الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ: هُوَ التَّوْرَاةُ، وَالْمُسْتَبِينُ الْقَوِيُّ الْوُضُوحِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ يُقَالُ: اسْتَبَانَ الشَّيْءُ إِذَا ظَهَرَ ظُهُورًا شَدِيدًا.
وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ الْإِيتَاءِ إِلَى ضَمِيرِ مُوسَى وَهَارُونَ مَعَ أَنَّ الَّذِي أُوتِيَ التَّوْرَاةَ هُوَ مُوسَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ [الْمُؤْمِنُونَ: 49] مِنْ حَيْثُ إِنَّ هَارُونَ كَانَ مُعَاضِدًا لِمُوسَى فِي رِسَالَتِهِ فَكَانَ لَهُ حَظٌّ مِنْ إِيتَاءِ التَّوْرَاةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً [الْأَنْبِيَاء: 48] وَهَذَا مِنِ اسْتِعْمَالِ الْإِيتَاءِ فِي مَعْنَيَيْهِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ.
والصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ: الدِّينَ الْحَقَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ، وَقَدْ كَانَتْ شَرِيعَةُ التَّوْرَاةِ يَوْمَ أُوتِيهَا مُوسَى عليه السلام هِيَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فَلَمَّا نُسِخَتْ