المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة ص (38) : آية 43] - التحرير والتنوير - جـ ٢٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 55 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 77 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 83]

- ‌37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 22 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 27 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 40 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 62 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 75 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 88 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 101 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 103 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 108 إِلَى 111]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 112 الى 113]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 114 إِلَى 116]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 123 إِلَى 132]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 133 إِلَى 136]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 137 إِلَى 138]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 139 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 145 إِلَى 146]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 147 إِلَى 148]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 151 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 161 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 164 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 167 إِلَى 170]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 171 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 176 إِلَى 177]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

- ‌38- سُورَةُ ص

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 21 الى 25]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 31 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 49 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 67 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 84 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 86 إِلَى 88]

- ‌39- سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

الفصل: ‌[سورة ص (38) : آية 43]

وَوَصْفُهُ بِ بارِدٌ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ بِهِ زَوَالُ مَا بِأَيُّوبَ مِنَ الْحُمَّى مِنَ الْقُرُوحِ.

قَالَ النبيء صلى الله عليه وسلم: «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ»

، أَيْ نَافِعٌ شَافٍ، وَبِالتَّنْوِينِ اسْتُغْنِيَ عَنْ وَصْفِ شَرابٌ إِذْ مِنَ الْمَعلُومِ أَنَّ الْمَاءَ شَرَابٌ فَلَوْلَا إِرَادَةُ التَّعْظِيمِ بِالتَّنْوِينِ لَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنِ الْمَاءِ بِأَنَّهُ شَرَابٌ إِخْبَارًا بِأَمْرٍ مَعْلُومٍ، وَمُرْجِعُ تَعْظِيمِ شَرابٌ إِلَى كَوْنِهِ عَظِيمًا لِأَيُّوبَ وَهُوَ شِفَاءُ مَا بِهِ من مرض.

[43]

[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (43)

اقْتِصَارُ أَيُّوبَ فِي دُعَائِهِ عَلَى التَّعْرِيضِ بِإِزَالَةِ النُّصْبِ وَالْعَذَابِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ بِغَيْرِ الضُّرِّ فِي بَدَنِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَهُ تَلَفُ الْمَالِ وَهَلَاكُ الْعِيَالِ كَمَا جَاءَ فِي كِتَابِ «أَيُّوبَ» مِنْ كُتُبِ الْيَهُودِ فَيَكُونُ اقْتِصَارُهُ عَلَى النُّصْبِ وَالْعَذَابِ فِي دُعَائِهِ لِأَنَّ فِي هَلَاكِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ نُصْبًا وَعَذَابًا لِلِنَّفْسِ. وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا فِي آيَةِ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَن أَيُّوب رزىء أَهلَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَبْقَى لَهُ أَهْلَهُ فَلَمْ يُصَبْ فِيهِمْ بِمَا يَكْرَهُ وَزَادَهُ بَنِينَ وَحَفَدَةً.

وَيَكُونُ فِعْلُ وَهَبْنا مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَحْمَلَ وُقُوعُ كَلِمَةِ مَعَهُمْ عَقِبَ كَلِمَةِ وَمِثْلَهُمْ فَإِنَّ (مَعَ) تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَاحِقٌ بِأَهْلِهِ وَمَزِيدٌ فِيهِمْ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ تَقْدِيرُ مُضَافٍ فِي قَوْلِهِ: وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ.

وَلَيْسَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَا يُخَالِفُ هَذَا إِلَّا أَقْوَالًا عَنِ الْمُفَسِّرِينَ نَاشِئَةً عَنْ أَفْهَامٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَصَابَهُ أَنَّهُ هَلَكَ وَأَوْلَادُهُ فِي مُدَّةِ ضُرِّهِ كَمَا جَاءَ فِي كِتَابِ «أَيُّوبَ» مِنْ كُتُبِ الْيَهُودِ وَأَقْوَالِ بَعْضِ السَّلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فَيَتَعَيَّنُ تَقْدِيرُ مُضَافٍ، أَيْ وَهَبْنَا لَهُ عِوَضَ أَهْلِهِ. وَأَلْفَاظُ الْآيَةِ تَنْبُو عَنْ هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي.

ص: 271

وَمَعْنَى وَمِثْلَهُمْ مُمَاثِلُهُمْ. وَالْمُرَادُ: مُمَاثِلُ عَدَدِهِمْ، أَيْ ضِعْفَ عَدَدِ أَهْلِهِ مِنْ بَنِينَ وَحَفَدَةٍ.

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ [84] . وَمَا بَيْنَ الْآيَتَيْنِ مِنْ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ هُوَ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي التَّعْبِيرِ لَا يَقْتَضِي تَفَاوُتًا فِي الْبَلَاغَةِ. وَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا مِنْ مُخَالَفَةٍ فِي قَوْلِهِ هُنَا: وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وَقَولُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ، فَأَمَّا قَوْلُهُ هُنَا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ فَإِن الذّكر التَّذْكِيرُ بِمَا خَفِيَ أَوْ بِمَا يَخْفَى وَأُولُو الْأَلْبَابِ هُمْ أَهْلُ الْعُقُولِ، أَيْ تَذْكِرَةٌ لِأَهْلِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ. فَإِنَّ فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ مُجْمَلُهَا وَمُفَصَّلُهَا مَا إِذَا سَمِعَهُ الْعُقَلَاءُ الْمُعْتَبَرُونَ بِالْحَوَادِثِ وَالْقَائِسُونَ عَلَى النَّظَائِرِ اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ صَبْرَهُ قُدْوَةٌ لِكُلِّ مَنْ هُوَ فِي حرج أَن يَنْتَظِرُ الْفَرَجَ، فَلَمَّا كَانَتْ قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَسُوقَةً لِلِاعْتِبَارِ بِعَوَاقِبِ الصَّابِرِينَ وَكَانَ النبيء صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ مَأْمُورِينَ بِالِاعْتِبَارِ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ: اصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ كَمَا تَقَدَّمَ حُقَّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِمْ «بِأُولِي الْأَلْبَابِ» .

وَأَمَّا الَّذِي فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ جِيءَ بِهِ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ النُّبُوءَةَ لَا تُنَافِي الْبَشَرِيَّةَ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ تَعْتَرِيهِمْ مِنَ الْأَحْدَاثِ مَا يَعْتَرِي الْبَشَرَ مِمَّا لَا يُنْقِصُ مِنْهُمْ فِي نَظَرِ الْعَقْلِ وَالْحِكْمَةِ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَقُومُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ، ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا يُوحى إِلَيْهِم [الْأَنْبِيَاء: 7] وَأَنَّهُمْ مُعَرَّضُونَ لِأَذَى النَّاسِ مِمَّا لَا يُخِلُّ بِحُرْمَتِهِمُ الْحَقِيقِيَّةِ وَأَقْصَى ذَلِكَ الْمَوْتُ مِنْ قَوْلِهِ: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [الْأَنْبِيَاء: 34] .

وَإِذْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ [الطّور: 30] ، وَحَاوَلُوا قَتْلَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَعَصَمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [الْأَنْعَام: 10] ثُمَّ قَالَ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ [الْأَنْبِيَاء: 48، 49] ، وَذَكَرَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ قومه فَصَبر، وَمن ابْتُلِيَ من غَيرهم فَصَبَرَ، وَكَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَةُ صَبْرِهِمْ وَاحِدَةً مَعَ اخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ. فَكَانَتْ فِي ذَلِكَ آيَاتٌ لِلْعَابِدِينَ، أَيِ الْمُمْتَثِلِينَ أَمْرَ اللَّهِ الْمُجْتَنِبِينَ نَهْيَهُ، فَإِنَّ مِمَّا أَمَرَ بِهِ اللَّهُ الصَّبْرَ عَلَى مَا

ص: 272