المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الصافات (37) : الآيات 153 إلى 157] - التحرير والتنوير - جـ ٢٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 55 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 77 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 83]

- ‌37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 22 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 27 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 40 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 62 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 75 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 88 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 101 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 103 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 108 إِلَى 111]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 112 الى 113]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 114 إِلَى 116]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 123 إِلَى 132]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 133 إِلَى 136]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 137 إِلَى 138]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 139 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 145 إِلَى 146]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 147 إِلَى 148]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 151 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 161 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 164 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 167 إِلَى 170]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 171 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 176 إِلَى 177]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

- ‌38- سُورَةُ ص

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 21 الى 25]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 31 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 49 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 67 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 84 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 86 إِلَى 88]

- ‌39- سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

الفصل: ‌[سورة الصافات (37) : الآيات 153 إلى 157]

وَ (أَلا) حَرْفُ تَنْبِيهٍ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ. وَالْإِفْكُ: الْكَذِبُ أَيْ قَوْلُهُمْ هَذَا بَعْضٌ مِنْ أُكْذُوبَاتِهِمْ. وَلِذَلِكَ أَعْقَبَهُ بِعَطْفِ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ مُؤَكَّدًا بِ (إِنَّ) وَاللَّامِ، أَيْ شَأْنُهُمُ الْكَذِبُ فِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ مِنْ بَاطِلِهِمْ، فَلَيْسَتِ الْجُمْلَةُ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ: مِنْ إِفْكِهِمْ كَيْفَ وَهِي معطوفة.

[153- 157]

[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (157)

عَوْدٌ إِلَى الِاسْتِفْتَاءِ، وَلِذَلِكَ لَمْ تُعْطَفْ لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا كَمَالَ الِاتِّصَالِ، فَالْمَعْنَى: وَقُلْ لَهُمْ: اصْطفى الْبَنَات.

قَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَصْطَفَى بِهَمْزَةِ قَطْعٍ مَفْتُوحَةٍ عَلَى أَنَّهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَأَمَّا هَمْزَةُ الْوَصْلِ الَّتِي فِي الْفِعْلِ فَمَحْذُوفَةٌ لِأَجْلِ الْوَصْلِ. وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ عَلَى أَنَّ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفَةٌ.

وَالْكَلَامُ ارْتِقَاءٌ فِي التَّجْهِيلِ، أَيْ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ اللَّهَ اتخذ ولدا فَلَمَّا ذَا اصْطَفَى الْبَنَاتِ

دُونَ الذُّكُورِ، أَيِ اخْتَارَ لِذَاتِهِ الْبَنَاتِ دُونَ الْبَنِينَ وَالْبَنُونَ أَفْضَلُ عِنْدَكُمْ؟

وَجُمْلَةُ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ فَإِنَّ إِنْكَارَ اصْطِفَاءِ الْبَنَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَ الدَّلِيلِ فِي حُكْمِهِمْ ذَلِكَ، فَأَبْدَلَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ مِنْ إِنْكَارِ ادِّعَائِهِمُ اصْطِفَاءَ اللَّهِ الْبَنَاتِ لِنَفْسِهِ. وَقَوْلُهُ: مَا لَكُمْ: مَا اسْتِفْهَامٌ عَنْ ذَاتٍ وَهِيَ مُبْتَدَأٌ ولَكُمْ خَبَرٌ.

وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ حَصَلَ لَكُمْ؟ وَهَذَا إِبْهَامٌ فَلِذَلِكَ كَانَتْ كَلِمَةُ «مَا لَكَ» وَنَحْوُهَا فِي الِاسْتِفْهَامِ يَجِبُ أَنْ يُتْلَى بِجُمْلَةِ حَالٍ تُبَيِّنُ الْفِعْلَ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ نَحْوَ: مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ [الصافات: 92] وَنَحْوَ مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ [يُوسُفَ: 11] وَقَدْ بُيِّنَتْ هُنَا بِمَا

ص: 182

تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ اسْتِفْهَامِ كَيْفَ تَحْكُمُونَ فَإِنَّ كَيْفَ اسْمُ اسْتِفْهَامٍ عَنِ الْحَالِ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ تَحْكُمُونَ قُدِّمَتْ لِأَجْلِ صَدَارَةِ الِاسْتِفْهَامِ. وَجُمْلَةُ تَحْكُمُونَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ لَكُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا لَكُمْ فَحَصَلَ اسْتِفْهَامَانِ: أَحَدُهُمَا عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي حَصَلَ لَهُمْ فَحَكَمُوا هَذَا الْحُكْمَ. وَثَانِيهِمَا عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي اتَّصَفُوا بِهَا لَمَّا حُكِيَ هَذَا الْحُكْمُ الْبَاطِلُ. وَهَذَا إِيجَازُ حَذْفٍ إِذِ التَّقْدِيرُ: مَا لَكَمَ تَحْكُمُونَ هَذَا الْحُكْمَ، كَيْفَ تَحْكُمُونَهُ. وَحُذِفَ مُتَعَلَّقُ تَحْكُمُونَ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامَانِ مِنْ كَوْنِ مَا حَكَمُوا بِهِ مُنْكَرًا يَحِقُّ الْعَجَبُ مِنْهُ فَكِلَا الِاسْتِفْهَامَيْنِ إِنْكَارٌ وَتَعْجِيبٌ.

وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَامَ الْإِنْكَارِيَّ عَنْ عَدَمِ تَذَكُّرِهِمْ، أَيِ اسْتِعْمَالُ ذُكْرِهِمْ- بِضَمِّ الذَّالِ وَهُوَ الْعَقْلُ- أَيْ فَمُنْكَرٌ عَدَمُ تَفَهُّمِكُمْ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْ حُكْمِكُمْ.

وأَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ إِضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ فَ أَمْ مُنْقَطِعَةٌ بِمَعْنَى (بَلْ) الَّتِي مَعْنَاهَا الإضراب الصَّالح للإضراب الْإِبْطَالِيُّ وَالْإِضْرَابُ الِانْتِقَالِيُّ. وَالسُّلْطَانُ: الْحُجَّةُ. وَالْمُبِينُ:

الْمُوَضِّحُ لِلْحَقِّ. وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أَمْ بَعْدَهَا إِنْكَارِيُّ أَيْضًا. فَالْمَعْنَى: مَا لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ، أَيْ عَلَى مَا قُلْتُمْ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ.

وَتَفَرَّعَ عَلَى إِنْكَارِ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ بِمَا قَالُوا أَنْ خُوطِبُوا بالإتيان بِكِتَاب من عِنْد الله عَلَى ذَلِكَ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فِيمَا زَعَمُوا، أَي فَإِنْ لَمْ تَأْتُوا بِكُتَّابٍ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْتُمْ غَيْرُ صَادِقِينَ. وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ: فَأْتُوا

أَمْرُ تَعْجِيزٍ مِثْلَ قَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [الْبَقَرَة: 23] .

وَإِضَافَةُ الْكِتَابِ إِلَيْهِمْ عَلَى مَعْنَى الْمَفْعُولِيَّةِ، أَيْ كِتَابٍ مُرْسَلٍ إِلَيْكُمْ. وَمُجَادَلَتُهُمْ بِهَذِهِ

الْجُمَلِ الْمُتَفَنَّنَةِ رُتِّبَتْ عَلَى قَانُونِ الْمُنَاظَرَةِ فَابْتَدَأَهُمْ بِمَا يُشْبِهُ الِاسْتِفْسَارَ عَنْ دَعْوَيَيْنِ:

دَعْوَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ بِقَوْلِهِ: فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً [الصافات: 149، 150] .

ص: 183

ثُمَّ لَمَّا كَانَ تَفْسِيرُهُمْ لِذَلِكَ مَعْلُومًا مِنْ مُتَكَرَّرِ أَقْوَالِهِمْ نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ الْمُجِيبِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ. وَإِنَّمَا أُرِيدَ مِنِ اسْتِفْسَارِهِمْ صُورَةُ الِاسْتِفْسَارِ مُضَايَقَةً لَهُمْ وَلِيَنْتَقِلَ مِنْ مَقَامِ الِاسْتِفْسَارِ إِلَى مَقَامِ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّلِيلِ عَلَى دَعْوَاهُمْ، فَذَلِكَ الِانْتِقَالُ ابْتِدَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُمْ شاهِدُونَ [الصافات: 150] وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ شَهِدَ إِذَا حَضَرَ وَرَأَى، ثُمَّ قَوْلِهِ: أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَرَدَّدَهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا قَدِ اسْتَنَدُوا إِلَى دَلِيلِ الْمُشَاهَدَةِ أَوْ إِلَى دَلِيلٍ غَيْرِهِ وَهُوَ هُنَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنْ يَكُونَ خَبَرًا مَقْطُوعًا بِصِدْقِهِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا سَبِيلَ إِلَى إِثْبَاتِهَا غَيْرُ ذَلِكَ، فَدَلِيلُ الْمُشَاهَدَةِ مُنْتَفٍ بِالضَّرُورَةِ، وَدَلِيلُ الْعَقْلِ وَالنَّظَرِ مُنْتَفٍ أَيْضًا إِذْ لَا دَلِيلَ مِنَ الْعَقْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ وَلَا عَلَى أَنَّهُمْ ذُكُورٌ.

فَلَمَّا عُلِمَ أَنَّ دَلِيلَ الْعَقْلِ غَيْرُ مَفْرُوضٍ هُنَا انْحَصَرَ الْكَلَامُ مَعَهُمْ فِي دَلِيلِ السَّمْعِ وَهُوَ الْخَبَرُ الصَّادِقُ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْعِلْمِ لِلْخَلْقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي هَذِهِ الْأَدِلَّةِ الثَّلَاثَةِ: أُشِيرَ إِلَى دَلِيلِ الْحِسِّ بِقَوْلِهِ: وَهُمْ شاهِدُونَ، وَإِلَى دَلِيلَيِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ بِقَوْلِهِ: أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

وَهُوَ دَلِيلُ السَّمْعِ. فَأَسْقَطَ بِهَذَا التَّفْرِيعِ احْتِمَالَ دَلِيلِ الْعَقْلِ لِأَنَّ انْتِفَاءَهُ مَقْطُوعٌ إِذْ لَا طَرِيقَ إِلَيْهِ وَانْحَصَرَ دَلِيلُ السَّمْعِ فِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا عَلِمْتَ إِذْ لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَيْبِ اللَّهِ غَيْرُهُ.

ثُمَّ خُوطِبُوا بِأَمْرِ التَّعْجِيزِ بِأَنْ يَأْتُوا بِكِتَاب أَي بِكِتَابٍ جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَإِنَّمَا عَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ اسْتِحَالَةَ مَجِيءِ رَسُولٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاسْتِحَالَةَ أَنْ يُكَلِّمَ اللَّهُ أَحَدًا مَنْ خَلْقِهِ، فَانْحَصَرَ الدَّلِيلُ الْمَفْرُوضُ مِنْ جَانِبِ السَّمْعِ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ فِي أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ مِنَ السَّمَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ [الْإِسْرَاء: 93] ، وَلَنْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْتُوا بِكِتَابٍ.

فَذِكْرُ لَفْظِ «كِتَابِكُمْ» إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: فَأْتُوا بِهِ، أَيِ السُّلْطَانِ الْمُبِينِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كِتَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَإِضَافَةُ كِتَابٍ إِلَى ضَمِيرِهِمْ مِنْ إِضَافَةِ مَا فِيهِ مَعْنَى الْمَصْدَرِ إِلَى مَعْنَى الْمَفْعُولِ

ص: 184