الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ أَيْ فَإِنَّ جَزَاءَ الْمُجْرِمِينَ يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ الْجَزَاءِ فِي مُؤَاخَذَةِ التَّابِعِ الْمَتْبُوعِ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُجْرِمِينَ: الْمُشْرِكُونَ، أَيِ الْمُجْرِمِينَ مِثْلَ جُرْمِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَتْهُ جُمْلَةُ إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات: 35] .
[35- 36]
[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]
إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ أَفَادَ تَعْلِيلَ جَزَائِهِمْ وَبَيَانَ إِجْرَامِهِمْ بِذِكْرِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّكَبُّرِ عَنِ الِاعْتِرَافِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ لِلَّهِ وَمِنْ وصف الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِمَا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ وَصْفًا يَرْمُونَ بِهِ إِلَى تَكْذِيبِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ. فَحَرْفُ (إِنَّ) هُنَا لَيْسَ لِلتَّأْكِيدِ لِأَنَّ كَوْنَهُمْ كَذَلِكَ مِمَّا لَا مُنَازِعَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ فَلِذَلِكَ تُفِيدُ التَّعْلِيلَ وَالرَّبْطَ وَتُغْنِي غَنَاءَ فَاءِ التَّفْرِيعِ.
وَذُكِرَ فِعَلُ الْكَوْنِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ وَصْفٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُمْ فَهُوَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ وَلَا هُمْ حَائِدُونَ عَنْهُ.
وَمَعْنَى قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الدَّعْوَةِ وَالتَّعْلِيمِ.
وَفَاعِلُ الْقَوْلِ الْمَبْنِيُّ فِعْلُهُ للنائب هُوَ النبيء صلى الله عليه وسلم فَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ.
وَالِاسْتِكْبَارُ: شِدَّةُ الْكِبْرِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، أَيْ يَتَعَاظَمُونَ عَنْ أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ مِثْلِهِمْ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ السِّينَ وَالتَّاءَ لِلطَّلَبِ، أَيْ إِظْهَارِ التَّكَبُّرِ، أَيْ يَبْدُو عَلَيْهِمُ التَّكَبُّرُ وَالِاشْمِئْزَازُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ.
وَيُقَارِنُ اسْتِكْبَارَهُمْ أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا نَتْرُكُ آلِهَتَنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ، وَأَتَوْا بِالنَّفْيِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ إِظْهَارًا لِكَوْنِ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَمر مُنكر لَا يَطْمَعُ فِي قَبُولِهِمْ إِيَّاهُ، تَحْذِيرًا لِمَنْ يَسْمَعُ مَقَالَتَهُمْ مِنْ أَنْ يَجُولَ فِي خَاطِرِهِ تَأَمُّلٌ فِي قَول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَوَّوْا هَذَا التَّحْذِيرَ بِجَعْلِ حَرْفِ الْإِنْكَارِ مُسَلَّطًا على الْجُمْلَة الموكّدة بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا أَتَوْا مَا أَنْكَرُوهُ كَانُوا قَدْ تَحَقَّقَ تَرْكُهُمْ آلِهَتَهِمْ تَنْزِيلًا لِبَعْضِ الْمُخَاطَبِينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَشُكُّ فِي أَنَّ