المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة يس (36) : الآيات 60 إلى 62] - التحرير والتنوير - جـ ٢٣

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 41 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 51]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 52]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 55 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 58]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 66 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة يس (36) : الْآيَات 77 إِلَى 79]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة يس (36) : آيَة 83]

- ‌37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 1 إِلَى 4]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 22 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 27 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 33 إِلَى 34]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 35 إِلَى 36]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 40 إِلَى 49]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 50 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 58 إِلَى 60]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 62 إِلَى 68]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 69 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 75 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 83 إِلَى 87]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 88 إِلَى 96]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 99 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 101 إِلَى 102]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 103 إِلَى 107]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 108 إِلَى 111]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 112 الى 113]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 114 إِلَى 116]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 117 إِلَى 122]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 123 إِلَى 132]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 133 إِلَى 136]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 137 إِلَى 138]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 139 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 145 إِلَى 146]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 147 إِلَى 148]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 151 إِلَى 152]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 153 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 161 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 164 إِلَى 166]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 167 إِلَى 170]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 171 إِلَى 173]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 174 إِلَى 175]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 176 إِلَى 177]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 178 إِلَى 179]

- ‌[سُورَة الصافات (37) : الْآيَات 180 إِلَى 182]

- ‌38- سُورَةُ ص

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 4 الى 5]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 17 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 21 الى 25]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 31 إِلَى 33]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 34 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 36 إِلَى 38]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 41 إِلَى 42]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 45 إِلَى 47]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 49 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 57 إِلَى 58]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 59]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 62 إِلَى 63]

- ‌[سُورَة ص (38) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 67 إِلَى 70]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 71 إِلَى 74]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 75 إِلَى 76]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 84 إِلَى 85]

- ‌[سُورَة ص (38) : الْآيَات 86 إِلَى 88]

- ‌39- سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 1 إِلَى 2]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 11 إِلَى 12]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 14 إِلَى 15]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 25 إِلَى 26]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 30 إِلَى 31]

الفصل: ‌[سورة يس (36) : الآيات 60 إلى 62]

[سُورَة يس (36) : الْآيَات 60 إِلَى 62]

أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)

إِقْبَالٌ عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ الَّذِينَ جَمَعَهُمُ الْمَحْشَرُ غَيْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ عُجِّلُوا إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَشْمَلُ هَذَا جَمِيعَ أَهْلِ الضَّلَالَةِ مِنْ مُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَلَعَلَّهُ شَامِلٌ لِأَهْلِ الْأَعْرَافِ، وَهُوَ إِشْهَادٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَوْبِيخٌ لَهُمْ.

وَالِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيٌّ، وَخُوطِبُوا بِعُنْوَانِ بَنِي آدَمَ لِأَنَّ مَقَامَ التَّوْبِيخِ عَلَى عِبَادَتِهِمُ الشَّيْطَانَ يَقْتَضِي تَذْكِيرَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّيْطَانُ عَدُوًّا لَهُ، كَقَوْلِ النَّابِغَةِ:

لَئِنْ كَانَ لِلْقَبْرَيْنِ قَبْرٍ بجلق

وقبر بصيدا الَّذِي عِنْدَ حَارِبِ

وَلِلْحَارِثِ الْجَفْنِيِّ سيد قومه

ليلتمس بِالْجَيْشِ دَارَ الْمُحَارِبِ

يَعْنِي بِلَادَ مَنْ حَارَبَ أُصُولَهُ.

وَالْعَهْدُ: الْوِصَايَةُ، ووصاية الله بني آدَمُ بِأَلَّا يَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ هِيَ مَا تَقَرِّرَ وَاشْتَهِرَ فِي الْأُمَمِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرُّسُلُ فِي الْعُصُورِ الْمَاضِيَةِ فَلَا يَسَعُ إِنْكَارُهُ. وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَحَّ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِهِمُ الشَّبِيهَةِ بِحَالِ مَنْ يَجْحَدُ هَذَا الْعَهْدَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَعْهَدْ تَوَالِي الْعَيْنِ وَالْهَاءِ وَهُمَا حَرْفَانِ مُتَقَارِبَا الْمَخْرَجِ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ إِلَّا أَنَّ تَوَالِيَهُمَا لَمْ يُحْدِثْ ثِقْلًا فِي النُّطْقِ بِالْكَلِمَةِ يُنَافِي الْفَصَاحَةَ بِمُوجَبِ تَنَافُرِ الْحُرُوفِ لِأَنَّ انْتِقَالَ النُّطْقِ فِي مَخْرَجِ الْعَيْنِ مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ إِلَى مَخْرَجِ الْهَاءِ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ خَفَّفَ النُّطْقَ بِهِمَا، وَكَذَلِكَ الِانْتِقَالُ مِنْ سُكُونٍ إِلَى حَرَكَةٍ زَادَ ذَلِكَ خِفَّةً.

وَمَثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَبِّحْهُ [الْإِنْسَان: 26] الْمُشْتَمِلُ عَلَى حَاءٍ وَهِيَ مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ وَهَاءٍ وَهِيَ مَنْ أَقْصَاهُ إِلَّا أَنَّ الْأُولَى سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيَةَ مُتَحَرِّكَةٌ وَهُمَا مُتَقَارِبَا الْمَخْرَجِ، وَلَا يُعَدُّ هَذَا مِنْ تَنَافُرِ الْحُرُوفِ، وَمُثِّلَ لَهُ بِقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ:

كَرِيمٌ مَتَى أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ وَالْوَرَى

مَعِي وَإِذَا مَا لُمْتُهُ لُمْتُهُ وَحْدِي

ص: 46

فَإِنَّ كَلِمَةَ (أَمْدَحْهُ) لَا تُعَدُّ مُتَنَافِرَةَ الْحُرُوفِ عَلَى أَنَّ تَكْرِيرَهَا أَحْدَثَ عَلَيْهَا ثِقْلًا مَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلَى الْعُلَى (1) الْمَجْعُولِ مِثَالًا لِلتَّنَافُرِ فَإِنَّ تَنَافُرَ حُرُوفِهِ انْجَرَّ إِلَيْهِ مِنْ تَعَاقُبِ ثَلَاثَةِ حُرُوفٍ: السِّينِ وَالشِّينِ وَالزَّايِ، وَلَوْلَا الْفَصْلُ بَيْنَ السِّينِ وَالشِّينِ بِالتَّاءِ لَكَانَ أَشَدَّ تَنَافُرًا.

وَمُوجِبَاتُ التَّنَافُرِ كَثِيرَةٌ وَمَرْجِعُهَا إِلَى سُرْعَةِ انْتِقَالِ اللِّسَانِ فِي مَخَارِجِ حُرُوفٍ شَدِيدَةِ التَّقَارُبِ أَوِ التَّبَاعُدِ مَعَ عَوَارِضَ تَعْرِضُ لَهَا مِنْ صِفَاتِ الْحُرُوفِ مِنْ: جَهْرٍ وَهَمْسٍ، أَوْ شِدَّةٍ وَرِخْوٍ، أَوِ اسْتِعْلَاءٍ وَاسْتِفَالٍ، أَوِ انْفِتَاحٍ وَانْطِبَاقٍ، أَوْ إِصْمَاتٍ وَانْذِلَاقٍ. وَمِنْ حَرَكَاتِهَا

وَسَكَنَاتِهَا وَلَيْسَ لِذَلِكَ ضَابِطٌ مُطَّرِدٌ وَلَكِنَّهَ مِمَّا يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى ذَوْقِ الْفُصَحَاءِ. وَقَدْ حَاوَلَ ابْنُ سِنَانٍ الْخَفَاجِيِّ إِرْجَاعَهُ إِلَى تَقَارُبِ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ فَرَدَّهُ ابْنُ الْأَثِيرِ عَلَيْهِ بِمَا لَا مُخَلِّصَ مِنْهُ.

وَإِذَا اقْتَضَى الْحَالُ مِنْ حَقِّ الْبَلَاغَةِ إِيثَارَ كَلِمَةٍ بِالذِّكْرِ إِذْ لَا يَعْدِلُهَا غَيْرُهَا فَعَرَضَ مِنْ تَصَارِيفِهَا عَارِضُ ثِقَلٍ لَا يَكُونُ حَقُّ مُقْتَضَى الْحَالِ الْبَلَاغِيِّ مُوجِبًا إِيرَادَهَا.

وأَنْ تَفْسِيرِيَّةٌ، فَسَرَتْ إِجْمَالَ الْعَهْدِ لِأَنَّ الْعَهْدَ فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ فَ أَنْ الْوَاقِعَةُ بَعْدَهُ تَفْسِيرِيَّةٌ.

وَعِبَادَةُ الشَّيْطَانِ: عِبَادَةُ مَا يَأْمُرُ بِعِبَادَتِهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَنَحْوِهَا.

وَجُمْلَةُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ وَقَدْ أَغْنَتْ أَنْ عَنْ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ.

ومُبِينٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَبَانَ بِمَعْنَى بَانَ للْمُبَالَغَة، أَي عداوته وَاضِحَةٌ، وَوَجْهُ وُضُوحِهَا أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا رَاقَبَ عَوَاقِبَ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُوَسْوِسُهَا لَهُ نَفْسُهُ وَاتَّهَمَهَا وَعَرَضَهَا عَلَى وَصَايَا الْأَنْبِيَاءِ وَالْحُكَمَاءِ وَجَدَهَا عَوَاقِبَ نَحِسَةً، فَوَضَحَ لَهُ أَنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ بِالْوَسْوَسَةِ وَأَنَّ الَّذِي وَسْوَسَ بِهَا عَدُوٌّ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَدُودًا لَمَا أَوْقَعَهُ فِي

(1) تَمَامه: تضل العقاص فِي مثنى ومرسل. [.....]

ص: 47

الْكَوَارِثِ وَلَا يُظَنُّ بِهِ الْإِيقَاعُ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ بَصِيرَة لِأَن تكَرر أَمْثَالِ تِلْكَ الْوَسَاوِسِ لِلْمَرْءِ وَلِأَمْثَالِهِ مِمَّنْ يَبُوحُ لَهُ بِأَحْوَالِهِ يَدُلُّ ذَلِكَ التَّكَرُّرُ عَلَى أَنَّهَا وَسَاوِسُ مَقْصُودَةٌ لِلْإِيقَاعِ فِي الْمَهَالِكِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُشِيرَ بِهَا عَدُوٌّ أَلَدُّ، وَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ.

وَجُمْلَةُ وَأَنِ اعْبُدُونِي عَطْفٌ عَلَى أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ بِإِعَادَةِ أَنِ التَّفْسِيرِيَّةِ فَهُمَا جُمْلَتَانِ مُفَسِّرَتَانِ لِعَهْدَيْنِ.

وَعُدِلَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ قَصْرٍ لِأَنَّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ لِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَةِ الدَّهْرِيِّينَ وَالْمُعَطِّلِينَ فَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوا اللَّهَ فَكَانُوا خَاسِئِينَ بِالْعَهْدِ.

وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لِلْعَهْدِ الْمَفْهُومِ مِنْ فِعْلِ أَعْهَدْ أَوْ لِلْمَذْكُورِ فِي «تَفْسِيرِهِ» مِنْ جُمْلَتَيْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ وَأَنِ اعْبُدُونِي، أَيْ هَذَا الْمَذْكُورُ صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ، أَيْ كَالطَّرِيقِ الْقَوِيمِ فِي الْإِبْلَاغِ إِلَى الْمَقْصُودِ. وَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً عَطْفٌ عَلَى إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَعَدَاوَتُهُ وَاضِحَةٌ بِدَلِيلِ التَّجْرِبَةِ فَكَانَتْ عِلَّةً لِلنَّهْيِ عَنْ عِبَادَةِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَتِهِمْ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ عَدَاوَتَهُ وَاضِحَةٌ وُضُوحَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ لِأَنَّهَا تَقَرَّرَتْ بَيْنَ النَّاسِ وَشَهِدَتْ بِهَا الْعُصُورُ وَالْأَجْيَالُ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُضِلُّ النَّاسَ إِضْلَالًا تَوَاتَرَ أَمْرُهُ وَتَعَذَّرَ إِنْكَارُهُ.

وَالْجِبِلُّ: بِكَسْرِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحِّدَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ كَمَا قَرَأَهُ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْبَاءِ.

وَالْجِبِلُّ: الْجَمْعُ الْعَظِيمُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَبْلِ بِسُكُونِ الْبَاءِ بِمَعْنَى الْخَلْقِ.

ص: 48