المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٣

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يوسف

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 76]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 77 الى 82]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 83 الى 88]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 89 الى 98]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 102 الى 108]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 109 الى 111]

- ‌سورة الرّعد

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 11]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 12 الى 18]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 26 الى 30]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 31 الى 35]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 40 الى 43]

- ‌سورة إبراهيم

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 الى 12]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 الى 27]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 الى 46]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 الى 52]

- ‌سورة الحجر

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 16 الى 25]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 26 الى 44]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 45 الى 66]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 77]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 87 الى 99]

- ‌سورة النّحل

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 10 الى 19]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 51 الى 62]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 63 الى 69]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 70 الى 74]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 97 الى 105]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 106 الى 111]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 112 الى 119]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 120 الى 128]

- ‌سورة الإسراء

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 25 الى 33]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 34 الى 41]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 42 الى 48]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 55]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 85]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 93]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 109]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]

- ‌سورة الكهف

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 47 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 71 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 108]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]

- ‌سورة مريم

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 27 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 96 الى 98]

- ‌سورة طه

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 17 الى 35]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 36 الى 44]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 45 الى 59]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 77 الى 91]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 92 الى 101]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 122]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

- ‌سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 10 الى 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 26 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 44 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 57 الى 70]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]

- ‌سورة الحجّ

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 16]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 25 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 67 الى 72]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 73 الى 78]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 83]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 118]

الفصل: ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

الْبَشَرِيَّةِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ مَا يُخْشَى مِنْهُ، وَقِيلَ: خَافَ أَنْ يُفْتَتَنَ النَّاسُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَ عَصَاهُ، وَقِيلَ: إِنَّ سَبَبَ خَوْفِهِ هُوَ أَنَّ سِحْرَهُمْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا أَرَاهُمْ فِي الْعَصَا، فَخَافَ أَنْ يَلْتَبِسَ أَمْرُهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يُؤْمِنُوا، فَأَذْهَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا حَصَلَ مَعَهُ مِنَ الْخَوْفِ بِمَا بَشَّرَهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: قُلْنا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى أَيِ: الْمُسْتَعْلِي عَلَيْهِمْ بِالظَّفَرِ وَالْغَلَبَةِ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْخَوْفِ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ يَعْنِي الْعَصَا، وَإِنَّمَا أَبْهَمَهَا تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا، وَجَزْمُ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ. قُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْقَافِ، وَالْأَصْلُ: تَتَلَقَّفُ، فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَقُرِئَ «تَلْقَفْ» بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ لَقِفَهُ إِذَا ابْتَلَعَهُ بِسُرْعَةٍ، وَقُرِئَ «تَلْقَفُ» بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ فَإِنَّهَا تَتَلَقَّفُ، وَمَعْنَى مَا صَنَعُوا الَّذِي صَنَعُوهُ مِنَ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْقِرَاءَةُ بِالْجَزْمِ جَوَابُ الْأَمْرِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى مَعْنَى الْحَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَلْقِهَا مُتَلَقِّفَةً، وَجُمْلَةُ إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ تَلْقَفْ، وَارْتِفَاعُ كَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِإِنَّ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْكُوفِيِّينَ إِلَّا عَاصِمًا. وَقَرَأَ هَؤُلَاءِ «سِحْرٍ» بِكَسْرِ السِّينِ وسكون الحاء، وإضافة الكيد إلى السِّحْرِ عَلَى الِاتِّسَاعِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، أَوْ بِتَقْدِيرِ ذِي سِحْرٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ كَيْدُ ساحِرٍ. وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى أَيْ: لَا يُفْلِحُ جِنْسُ السَّاحِرِ حَيْثُ أَتَى وَأَيْنَ تَوَجَّهَ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْلِيلِ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً أَيْ: فَأَلْقَى ذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي شَاهَدُوهُ مِنْ مُوسَى وَالْعَصَا السَّحَرَةَ سُجَّدًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُ هَذَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى إِنَّمَا قَدَّمَ هَارُونَ عَلَى مُوسَى فِي حِكَايَةِ كَلَامِهِمْ رِعَايَةً لِفَوَاصِلِ الآي، وعناية بتوافق رؤوسها.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ قَالَ: يُهْلِكُكُمْ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ فَيُسْحِتَكُمْ قَالَ: يَسْتَأْصِلُكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن أَبِي صَالِحٍ قَالَ: فَيَذْبَحُكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم عن عَلِيٍّ وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى قَالَ: يَصْرِفَا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِمَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: يَقُولُ أَمْثَلُكُمْ، وَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي قَوْلِهِ: تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا:

مَا يَأْفِكُونَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَلْقَاهَا مُوسَى فَتَحَوَّلَتْ حَيَّةً تَأْكُلُ حِبَالَهُمْ وَمَا صَنَعُوا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ سَحَرَةَ فِرْعَوْنُ كَانُوا تِسْعَمِائَةٍ، فَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: إِنْ يَكُنْ هذان ساحران فَإِنَّا نَغْلِبُهُمَا فَإِنَّهُ لَا أَسْحَرُ مِنَّا، وَإِنْ كَانَا مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنْ خَرُّوا سُجَّدًا. أَرَاهُمُ اللَّهُ فِي سُجُودِهِمْ مَنَازِلَهُمُ الَّتِي إِلَيْهَا يَصِيرُونَ، فَعِنْدَهَا قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ إِلَى قوله: وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى.

[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (71) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (75)

جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)

ص: 443

قَوْلُهُ: قالَ آمَنْتُمْ لَهُ يُقَالُ: آمَنَ لَهُ وَآمَنَ بِهِ، فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ «1» ، ومن الثاني: قَوْلُهُ فِي الْأَعْرَافِ: آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ «2» . وَقِيلَ: إِنَّ الْفِعْلَ هُنَا مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الِاتِّبَاعِ.

وَقُرِئَ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ التَّوْبِيخِيِّ، أَيْ: كَيْفَ آمَنْتُمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ مِنِّي لَكُمْ بِذَلِكَ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ أَيْ: إِنَّ مُوسَى لَكَبِيرُكُمْ، أَيْ: أَسْحَرُكُمْ وَأَعْلَاكُمْ دَرَجَةً فِي صِنَاعَةِ السِّحْرِ، أَوْ مُعَلِّمُكُمْ وَأُسْتَاذُكُمْ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ قَالَ الْكِسَائِيُّ: الصَّبِيُّ بِالْحِجَازِ إِذَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ مُعَلِّمِهِ قَالَ:

جِئْتُ مِنْ عِنْدِ كَبِيرِي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّهُ لِعَظِيمِ السِّحْرِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْكَبِيرُ فِي اللُّغَةِ: الرَّئِيسُ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِلْمُعَلِّمِ: الْكَبِيرُ. أَرَادَ فِرْعَوْنُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُدْخِلَ الشُّبْهَةَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى لَا يُؤْمِنُوا، وَإِلَّا فَقَدَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ مُوسَى، وَلَا كَانَ رَئِيسًا لَهُمْ، وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مُوَاصَلَةٌ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ أَيْ: وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ بِكُمْ ذَلِكَ «3» ، وَالتَّقْطِيعُ لِلْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ مِنْ خِلَافٍ هُوَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى وَالرِّجْلِ الْيُسْرَى، وَمِنْ لِلِابْتِدَاءِ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ أَيْ: عَلَى جُذُوعِهَا، كَقَوْلِهِ: أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ «4» أَيْ: عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ سُوَيْدِ بْنِ أَبِي كَاهِلٍ:

هُمْ صَلَبُوا الْعَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ

فَلَا عَطَسَتْ شَيْبَانُ إِلَّا بِأَجْدَعَا

وَإِنَّمَا آثَرَ كَلِمَةَ فِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِقْرَارِهِمْ عَلَيْهَا كَاسْتِقْرَارِ الْمَظْرُوفِ فِي الظَّرْفِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى أَرَادَ: لَتَعْلَمُنَّ هَلْ أَنَا أَشَدُّ عَذَابًا لَكُمْ أَمْ مُوسَى؟ وَمَعْنَى أَبْقَى: أَدْوَمُ، وَهُوَ يُرِيدُ بِكَلَامِهِ هَذَا الِاسْتِهْزَاءَ بِمُوسَى لِأَنَّ مُوسَى لَمْ يَكُنْ مِنَ التَّعْذِيبِ فِي شَيْءٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ الْعَذَابَ الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِهِ مُوسَى إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا وَقِيلَ: أَرَادَ بِمُوسَى رَبَّ مُوسَى عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ أَيْ: لَنْ نَخْتَارَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا بِهِ مُوسَى مِنَ الْبَيِّنَاتِ الْوَاضِحَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَالْيَدِ وَالْعَصَا. وَقِيلَ:

إِنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْبَيِّنَاتِ مَا رَأَوْهُ فِي سُجُودِهِمْ مِنَ الْمَنَازِلِ الْمُعَدَّةِ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَالَّذِي فَطَرَنا مَعْطُوفٌ عَلَى «مَا جَاءَنَا» ، لَنْ نَخْتَارَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا بِهِ مُوسَى مِنَ الْبَيِّنَاتِ، وَعَلَى الَّذِي فَطَرَنَا، أَيْ: خَلَقَنَا، وَقِيلَ: هُوَ قَسَمٌ، أَيْ: وَاللَّهِ الَّذِي فَطَرَنَا لَنْ نُؤْثِرَكَ، أَوْ لَا نُؤْثِرُكَ، وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ذَكَرَهُمَا الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ.

فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ هَذَا جَوَابٌ مِنْهُمْ لِفِرْعَوْنَ لَمَّا قَالَ لَهُمْ «لَأُقَطِّعَنَّ» إِلَخْ، وَالْمَعْنَى: فَاصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ، وَاحْكُمْ مَا أَنْتَ حَاكِمٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مَا أَنْتَ صَانِعُهُ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا أَيْ: إِنَّمَا سُلْطَانُكَ عَلَيْنَا وَنُفُوذُ أَمْرِكَ فِينَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، وَلَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْنَا فِيمَا بَعْدَهَا، فَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَمَا كَافَّةٌ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ الرَّفْعَ عَلَى أَنْ تُجْعَلَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي، أَيْ: أَنَّ الَّذِي تقضيه هذه الحياة

(1) . العنكبوت: 26.

(2)

. الأعراف: 123.

(3)

. فرعون كان ينكر وجود الله تعالى. ولعله أقسم بنفسه.

(4)

. الطور: 38.

ص: 444

الدُّنْيَا فَقَضَاؤُكَ وَحُكْمُكَ مُنْحَصِرٌ فِي ذَلِكَ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا الَّتِي سَلَفَتْ مِنَّا مِنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ مَعْطُوفٌ عَلَى «خَطَايَانَا» ، أَيْ: وَيَغْفِرُ لَنَا الَّذِي أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ السِّحْرِ فِي مُعَارَضَةِ مُوسَى، فَمَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ نَافِيَةٌ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مُقَدَّرٌ، أَيْ: وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ مَوْضُوعٌ عَنَّا وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى أَيْ: خَيْرٌ مِنْكَ ثَوَابًا وَأَبْقَى مِنْكَ عِقَابًا، وَهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِ:«وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى» . إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى الْمُجْرِمُ: هُوَ الْمُتَلَبِّسُ بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، وَمَعْنَى «لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى» : أَنَّهُ لَا يَمُوتُ فَيَسْتَرِيحُ وَلَا يَحْيَا حَيَاةً تَنْفَعُهُ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: لَا يَمُوتُ مَيْتَةً مُرِيحَةً، وَلَا يَحْيَا حَيَاةً مُمْتِعَةً، فَهُوَ يَأْلَمُ كَمَا يَأْلَمُ الْحَيُّ، وَيَبْلُغُ بِهِ حَالُ الْمَوْتِ فِي الْمَكْرُوهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ فِيهَا عَنْ إِحْسَاسِ الْأَلَمِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ لَا حَيٌّ وَلَا مَيِّتٌ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُنْتَفِعٍ بِحَيَاتِهِ. وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي مِثْلِ هَذَا:

أَلَا مِنْ لِنَفْسٍ لَا تَمُوتُ فَيَنْقَضِي

شَقَاهَا وَلَا تَحْيَا حَيَاةً لَهَا طَعْمُ

وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَكَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ قَوْلِ السَّحَرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ، وَالضَّمِيرُ فِي «إِنَّهُ» عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِلشَّأْنِ. وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ أَيْ: وَمَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُصَدِّقًا بِهِ قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ، أَيِ: الطَّاعَاتِ، وَالْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: الْأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ، وَجُمْلَةُ «قَدْ عَمِلَ» فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَهَكَذَا مُؤْمِنًا مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ، وَالْإِشَارَةُ بِ فَأُولئِكَ إلى من باعتبار معناه لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى أَيِ: الْمَنَازِلُ الرَّفِيعَةُ الَّتِي قَصَرَتْ دُونَهَا الصِّفَاتُ جَنَّاتُ عَدْنٍ بَيَانٌ لِلدَّرَجَاتِ أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا، وَالْعَدْنُ: الْإِقَامَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَجُمْلَةُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ حَالٌ مِنَ الْجَنَّاتِ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إِلَى عَدْنٍ، وَعَدْنٌ عَلَمٌ لِلْإِقَامَةِ كَمَا سَبَقَ، وَانْتِصَابُ خالِدِينَ فِيها عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ فِي «لَهُمْ» ، أَيْ: مَاكِثِينَ دَائِمِينَ، وَالإشارة ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُمْ مِنَ الْأَجْرِ، وهو مبتدأ، وجَزاءُ مَنْ تَزَكَّى خَبَرُهُ، أَيْ: جَزَاءُ مَنْ تَطَهَّرَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ قَالَ: أَخَذَ فِرْعَوْنُ أَرْبَعِينَ غُلَامًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَمَرَ أَنْ يُعَلَّمُوا السِّحْرَ بِالْفَرَمَا «1» قَالَ: عَلِّمُوهُمْ تَعْلِيمًا لَا يَغْلِبُهُمْ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَهُمْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُوسَى، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى قَالَ: خَيْرٌ مِنْكَ إِنْ أُطِيعَ، وَأَبْقَى مِنْكَ عَذَابًا إِنْ عُصِيَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَهْلُهَا الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يموتون

(1) . «الفرما» : مدينة بمصر.

ص: 445