المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٣

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يوسف

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 76]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 77 الى 82]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 83 الى 88]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 89 الى 98]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 102 الى 108]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 109 الى 111]

- ‌سورة الرّعد

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 11]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 12 الى 18]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 26 الى 30]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 31 الى 35]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 40 الى 43]

- ‌سورة إبراهيم

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 الى 12]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 الى 27]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 الى 46]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 الى 52]

- ‌سورة الحجر

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 16 الى 25]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 26 الى 44]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 45 الى 66]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 77]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 87 الى 99]

- ‌سورة النّحل

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 10 الى 19]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 51 الى 62]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 63 الى 69]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 70 الى 74]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 97 الى 105]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 106 الى 111]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 112 الى 119]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 120 الى 128]

- ‌سورة الإسراء

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 25 الى 33]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 34 الى 41]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 42 الى 48]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 55]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 85]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 93]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 109]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]

- ‌سورة الكهف

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 47 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 71 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 108]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]

- ‌سورة مريم

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 27 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 96 الى 98]

- ‌سورة طه

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 17 الى 35]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 36 الى 44]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 45 الى 59]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 77 الى 91]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 92 الى 101]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 122]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

- ‌سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 10 الى 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 26 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 44 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 57 الى 70]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]

- ‌سورة الحجّ

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 16]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 25 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 67 الى 72]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 73 الى 78]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 83]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 118]

الفصل: ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

فِي تَارِيخِهِ، مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِقَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ فَقَالَ: فِيمَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَتَذَاكَرُ الْمُرُوءَةَ، فقال: أو ما كَفَاكُمُ اللَّهُ عز وجل ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ فَالْعَدْلُ الْإِنْصَافُ، وَالْإِحْسَانُ التَّفَضُّلُ، فَمَا بَقِيَ بَعْدَ هذا؟.

[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (94) وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95)

مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (96)

خَصَّ سُبْحَانَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورَاتِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ فَقَالَ:

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ فِي كُلِّ عَهْدٍ يَقَعُ مِنَ الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ عَهْدِ الْبَيْعَةِ وَغَيْرِهِ، وَخَصَّ هَذَا الْعَهْدَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ بِالْعَهْدِ الْكَائِنِ فِي بَيْعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ الْعَهْدُ الْمُضَافُ إِلَى اسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْعُمُومِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ عُهُودِ اللَّهِ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ السَّبَبَ خَاصٌّ بِعَهْدٍ مِنَ الْعُهُودِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوجِبًا لِقَصْرِهِ عَلَى السَّبَبِ، فَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْيَمِينِ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِذِكْرِ الْوَفَاءِ بِالْأَيْمَانِ بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها أَيْ: بَعْدَ تَشْدِيدِهَا وَتَغْلِيظِهَا وَتَوْثِيقِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اخْتِصَاصَ النَّهْيِ عَنِ النَّقْضِ بِالْأَيْمَانِ الْمُؤَكَّدَةِ، لَا بِغَيْرِهَا مِمَّا لَا تَأْكِيدَ فِيهِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَ النَّقْضِ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ، وَلَكِنْ فِي نَقْضِ الْيَمِينِ الْمُؤَكَّدَةِ مِنَ الْإِثْمِ فَوْقَ الْإِثْمِ الَّذِي فِي نَقْضِ مَا لَمْ يُوَكَّدْ مِنْهَا، يُقَالُ وَكَّدَ وَأَكَّدَ تَوْكِيدًا وَتَأْكِيدًا، وَهُمَا لُغَتَانِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:

الْأَصْلُ الْوَاوُ وَالْهَمْزَةُ بَدَلٌ مِنْهَا، وَهَذَا الْعُمُومُ مَخْصُوصٌ بِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» حَتَّى بَالَغَ فِي ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

«وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي» وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَيُخَصُّ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْعُمُومِ يَمِينُ اللَّغْوِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ «1» ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِالتَّوْكِيدِ هُنَا لِإِخْرَاجِ أَيْمَانِ اللَّغْوِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى الْأَيْمَانِ فِي الْبَقَرَةِ وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا أَيْ: شَهِيدًا، وَقِيلَ: حَافِظًا، وَقِيلَ: ضَامِنًا، وقيل:

(1) . البقرة: 225.

ص: 227

رَقِيبًا لِأَنَّ الْكَفِيلَ يُرَاعِي حَالَ الْمَكْفُولِ بِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ تَوْكِيدَ الْيَمِينِ هُوَ حَلِفُ الْإِنْسَانِ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مِرَارًا. وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ التَّوْكِيدَ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ وَاحِدَةً فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ فَيُجَازِيكُمْ بِحَسَبِ ذَلِكَ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، وَفِيهِ تَرْغِيبٌ وَتَرْهِيبٌ.

ثُمَّ أَكَّدَ وُجُوبَ الْوَفَاءِ وَتَحْرِيمَ النَّقْضِ فَقَالَ: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها أَيْ: لَا تَكُونُوا فِيمَا تَصْنَعُونَ مِنَ النَّقْضِ بَعْدَ التَّوْكِيدِ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا، أَيْ: مَا غَزَلَتْهُ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَيْ: مِنْ بَعْدِ إِبْرَامِ الْغَزَلِ وَإِحْكَامِهِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِنَقَضَتْ أَنْكاثاً جَمْعُ نِكْثٍ بِكَسْرِ النُّونِ، مَا يُنْكَثُ فَتْلُهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ:

انْتَصَبَ أَنْكَاثًا عَلَى الْمَصْدَرِ لِأَنَّ مَعْنَى نَقَضَتْ نَكَثَتْ وَرُدَّ بِأَنَّ أَنْكَاثًا لَيْسَ بِمَصْدَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعٌ كَمَا ذَكَرْنَا.

وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ كَمَا تَقُولُ كَسَرْتُهُ أَقْطَاعًا وَأَجْزَاءً، أَيْ: جَعَلْتُهُ أَقْطَاعًا وَأَجْزَاءً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا قَبْلَهَا، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كُنْتُمْ مِثْلَ امْرَأَةٍ غَزَلَتْ غَزْلًا وَأَحْكَمَتْهُ ثُمَّ جَعَلَتْهُ أَنْكَاثًا، وَجُمْلَةُ تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالدَّخَلُ الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَهُوَ دَخَلٌ. وَقِيلَ: الدَّخَلُ مَا أُدْخِلَ فِي الشَّيْءِ عَلَى فَسَادِهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: غشا ودغلا أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ جَمَاعَةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ جَمَاعَةٍ أَيْ: أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْهَا وَأَوْفَرُ مَالًا. يُقَالُ: رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو إِذَا كَثُرَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى لَا تَغْدِرُوا بِقَوْمٍ لِقِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِكُمْ أَوْ لِقِلَّتِكُمْ وَكَثْرَتِهِمْ وَقَدْ عَزَّرْتُمُوهُمْ بِالْأَيْمَانِ. قِيلَ: وَقَدْ كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا رَأَوْا شَوْكَةً فِي أَعَادِي حُلَفَائِهِمْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ وَحَالَفُوا أَعْدَاءَهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ تَحْذِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغْتَرُّوا بِكَثْرَةِ قُرَيْشٍ وَسَعَةِ أَمْوَالِهِمْ فَيَنْقُضُوا بَيْعَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ أَيْ: يَخْتَبِرُكُمْ بِكَوْنِكُمْ أَكْثَرَ وَأَوْفَرَ لِيَنْظُرَ هَلْ تَتَمَسَّكُونَ بِحَبَلِ الْوَفَاءِ أَمْ تَنْقُضُونَ اغْتِرَارًا بِالْكَثْرَةِ؟

فَالضَّمِيرُ فِي «بِهِ» رَاجِعٌ إِلَى مَضْمُونِ جُمْلَةِ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ أَيْ: إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِتِلْكَ الْكَثْرَةِ لِيَعْلَمَ مَا تَصْنَعُونَ، أَوْ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِمَا يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَيُوَضِّحُ الْحَقَّ وَالْمُحِقِّينَ وَيَرْفَعُ دَرَجَاتِهِمْ، وَيُبَيِّنُ الْبَاطِلَ وَالْمُبْطِلِينَ فَيُنْزِلُ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ، وَفِي هَذَا إِنْذَارٌ وَتَحْذِيرٌ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَقِّ وَالرُّكُونِ إِلَى الْبَاطِلِ، أَوْ يُبَيِّنُ لَكُمْ مَا كُنْتُمْ تَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ عَلَى الْوَفَاءِ أَوْ عَلَى الْإِيمَانِ فَقَالَ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً مُتَّفِقَةً عَلَى الْحَقِّ وَلكِنْ بِحُكْمِ الْإِلَهِيَّةِ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ بِخِذْلَانِهِ إِيَّاهُمْ عَدْلًا مِنْهُ فِيهِمْ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بِتَوْفِيقِهِ إياهم فضلا منه عليهم: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ «1» ، ولهذا قال:

وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي الدُّنْيَا، وَاللَّامُ فِي. «وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ» ، وَفِي «وَلَتُسْأَلُنَّ» هُمَا الْمُوَطِّئَتَانِ لِلْقَسَمِ. ثُمَّ لَمَّا نَهَاهُمْ سُبْحَانَهُ عَنْ نَقْضِ مُطْلَقِ الْأَيْمَانِ نَهَاهُمْ عَنْ نَقْضِ أَيْمَانٍ مَخْصُوصَةٍ فَقَالَ: وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ وَهِيَ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَهَذَا فِي نَهْيِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَقْضِ الْعَهْدِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنُصْرَةِ الدِّينِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا التخصيص بما في قوله:

(1) . الأنبياء: 23.

ص: 228

فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها مِنَ الْمُبَالَغَةِ، وَبِمَا فِي قَوْلِهِ: وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدُّوا غَيْرَهُمْ عَنِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ. وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ هَذِهِ الْأَيْمَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هِيَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ هَذَا تَكْرِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّقْرِيرِ، وَمَعْنَى «فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا» فَتَزِلُّ قَدَمُ مَنِ اتَّخَذَ يَمِينَهُ دَخَلًا عَنْ مَحَجَّةِ الْحَقِّ بَعْدَ ثُبُوتِهَا عَلَيْهَا وَرُسُوخِهَا فِيهَا. قِيلَ: وَأَفْرَدَ الْقَدَمَ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ زَلَلَ قَدَمٍ وَاحِدٍ أَيُّ قَدَمٍ كَانْتْ عَزَّتْ أَوْ هَانَتْ مَحْذُورٌ عَظِيمٌ، فَكَيْفَ بِأَقْدَامٍ كَثِيرَةٍ؟ وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ لِلْمُسْتَقِيمِ الْحَالِ يَقَعُ فِي شَرٍّ عَظِيمٍ وَيَسْقُطُ فِيهِ لِأَنَّ الْقَدَمَ إِذَا زَلَّتْ نَقَلَتِ الْإِنْسَانَ مِنْ حَالِ خَيْرٍ إِلَى حَالِ شَرٍّ، وَيُقَالُ لِمَنْ أَخْطَأَ فِي شَيْءٍ: زَلَّتْ بِهِ قَدَمُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «1» :

تَدَارَكْتُمَا عَبْسًا «2» وَقَدْ ثُلَّ عَرْشُهَا

وَذِبْيَانُ قَدْ زَلَّتْ بِأَقْدَامِهَا النَّعْلُ

وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ أَيْ: تَذُوقُوا الْعَذَابَ السَّيِّئَ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ: بِسَبَبِ صُدُودِكُمْ أَنْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ، أَوْ بِسَبَبِ صَدِّكُمْ لِغَيْرِكُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ مَنْ نَقَضَ الْبَيْعَةَ وَارْتَدَّ اقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ فِعْلُهُ سُنَّةً سَيِّئَةً عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلِهَذَا قَالَ: وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ أَيْ: مُتَبَالِغٌ فِي الْعِظَمِ، وَهُوَ عَذَابُ الْآخِرَةِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَا قَبْلَهُ عَذَابَ الدُّنْيَا.

ثُمَّ نَهَاهُمْ سُبْحَانَهُ عَنِ الْمَيْلِ إِلَى عَرَضِ الدُّنْيَا وَالرُّجُوعِ عَنِ الْعَهْدِ لِأَجْلِهِ فَقَالَ: وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا أَيْ: لَا تَأْخُذُوا فِي مُقَابَلَةِ عَهْدِكُمْ عِوَضًا يَسِيرًا حَقِيرًا، وَكُلُّ عَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ وَإِنْ كَانَ فِي الصُّورَةِ كَثِيرًا فَهُوَ لِكَوْنِهِ ذَاهِبًا زَائِلًا يَسِيرٌ، وَلِهَذَا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ تَقْلِيلِ عَرَضِ الدُّنْيَا خَيْرِيَّةَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ: إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ أَيْ: مَا عِنْدَهُ مِنَ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْغَنَائِمِ وَالرِّزْقِ الْوَاسِعِ، وَمَا عِنْدَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَا يَزُولُ وَلَا يَنْقَطِعُ هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، ثُمَّ عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْ أَنْ يَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ. ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى حَقَارَةِ عَرَضِ الدُّنْيَا وَخَيْرِيَّةِ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَمَعْلُومٌ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ مَا يَنْفَدُ وَيَزُولُ، وَإِنْ بَلَغَ فِي الْكَثْرَةِ إِلَى أَيِّ مَبْلَغٍ فَهُوَ حَقِيرٌ يَسِيرٌ، وَمَا كَانَ يَبْقَى وَلَا يَزُولُ فَهُوَ كَثِيرٌ جَلِيلٌ، أَمَّا نَعِيمِ الْآخِرَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا نَعِيِمُ الدُّنْيَا الَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ زَائِلًا، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِنَعِيمِ الْآخِرَةِ كَانَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فِي حُكْمِ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ اللَّامُ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ، أَيْ: لَنَجْزِيَنَّهُمْ بِسَبَبِ صَبْرِهِمْ عَلَى مَا نَالَهُمْ مِنْ مَشَاقِّ التَّكْلِيفِ وَجِهَادِ الْكَافِرِينَ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يَنَالُهُمْ مِنْهُمْ مِنَ الْإِيذَاءِ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ الطَّاعَاتِ. قِيلَ: وَإِنَّمَا خَصَّ أَحْسَنَ أَعْمَالِهِمْ، لِأَنَّ مَا عَدَاهُ وَهُوَ الْحَسَنُ مُبَاحٌ، وَالْجَزَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الطَّاعَةِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ بِجَزَاءٍ أَشْرَفَ وَأَوْفَرَ مِنْ عَمَلِهِمْ، كَقَوْلِهِ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «3»

(1) . هو زهير بن أبي سلمى.

(2)

. في اللسان: الأحلاف.

(3)

. الأنعام: 160.

ص: 229