المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٣

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يوسف

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 76]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 77 الى 82]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 83 الى 88]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 89 الى 98]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 102 الى 108]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 109 الى 111]

- ‌سورة الرّعد

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 11]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 12 الى 18]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 26 الى 30]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 31 الى 35]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 40 الى 43]

- ‌سورة إبراهيم

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 الى 12]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 الى 27]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 الى 46]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 الى 52]

- ‌سورة الحجر

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 16 الى 25]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 26 الى 44]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 45 الى 66]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 77]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 87 الى 99]

- ‌سورة النّحل

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 10 الى 19]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 51 الى 62]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 63 الى 69]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 70 الى 74]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 97 الى 105]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 106 الى 111]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 112 الى 119]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 120 الى 128]

- ‌سورة الإسراء

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 25 الى 33]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 34 الى 41]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 42 الى 48]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 55]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 85]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 93]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 109]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]

- ‌سورة الكهف

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 47 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 71 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 108]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]

- ‌سورة مريم

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 27 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 96 الى 98]

- ‌سورة طه

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 17 الى 35]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 36 الى 44]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 45 الى 59]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 77 الى 91]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 92 الى 101]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 122]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

- ‌سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 10 الى 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 26 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 44 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 57 الى 70]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]

- ‌سورة الحجّ

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 16]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 25 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 67 الى 72]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 73 الى 78]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 83]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 118]

الفصل: ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

‌سورة المؤمنون

هي مكية بلا خلاف. قال القرطبي: كلّها مكيّة في قول الجميع، وآياتها مائة وتسع عشرة آية وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ الصُّبْحَ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ، أَوْ ذِكْرُ عِيسَى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ لَهَا تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ عَدِيٍّ وَالْحَاكِمُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي السُّنَّةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عباس مثله. وقد ورد في فَضَائِلُ الْعَشْرِ الْآيَاتِ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا.

بسم الله الرحمن الرحيم

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

بسم الله الرحمن الرحيم

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (4)

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (5) إِلَاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (9)

أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (11)

قَوْلُهُ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قال الفرّاء: قد ها هنا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَأْكِيدًا لِفَلَاحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَقْرِيبًا لِلْمَاضِي مِنَ الْحَالِ، لِأَنَّ قَدْ تُقَرِّبُ الْمَاضِيَ مِنَ الْحَالِ حَتَّى تُلْحِقَهُ بِحُكْمِهِ، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ:

قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ حَالِ قِيَامِهَا، وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ وأن الْفَلَاحَ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ، وَأَنَّهُمْ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَالْفَلَاحُ: الظَّفَرُ بِالْمُرَادِ وَالنَّجَاةُ مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَقِيلَ: الْبَقَاءُ فِي الْخَيْرِ، وَأَفْلَحَ إِذَا دَخَلَ فِي الْفَلَاحِ، وَيُقَالُ:

أَفْلَحَهُ: إِذَا أَصَارَهُ إِلَى الْفَلَاحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى الْفَلَاحِ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَدْ أَفْلَحَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ «أَفْلَحُوا الْمُؤْمِنُونَ» عَلَى الْإِبْهَامِ وَالتَّفْسِيرِ، أَوْ عَلَى لُغَةِ: أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ. ثُمَّ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَالْخُشُوعُ: مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ وَالرَّهْبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ وَتَرْكِ الِالْتِفَاتِ وَالْعَبَثِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: السُّكُونُ وَالتَّوَاضُعُ وَالْخَوْفُ وَالتَّذَلُّلُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْخُشُوعِ هَلْ هُوَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ فَضَائِلِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: قِيلَ: الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَقِيلَ: الثَّانِي. وَادَّعَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْ صَلَاتِهِ، حَكَاهُ

ص: 560

النَّيْسَابُورِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ «1» وَالتَّدَبُّرُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمَعْنَى، وكذا قوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «2» وَالْغَفْلَةُ تُضَادُّ الذِّكْرَ، وَلِهَذَا قَالَ: وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ «3» وقوله: حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ «4» نَهْيٌ لِلسَّكْرَانِ، وَالْمُسْتَغْرِقُ فِي هُمُومِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَتِهِ. وَاللَّغْوُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ كُلُّ بَاطِلٍ وَلَهْوٍ وهَزْلٍ وَمَعْصِيَةٍ وَمَا لَا يَجْمُلُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي الْبَقَرَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ اللَّغْوَ هُنَا الشِّرْكُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّهُ الْمَعَاصِي كُلُّهَا. وَمَعْنَى إِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ: تَجَنُّبُهُمْ لَهُ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِمْ إِلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ اتِّصَافُهُمْ بِصِفَةِ الْإِعْرَاضِ عَنِ اللَّغْوِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، فَيَدْخُلُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا كَمَا تُفِيدُهُ الْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ، وَبِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الضَّمِيرِ، وَمَعْنَى فِعْلِهِمْ لِلزَّكَاةِ تَأْدِيَتُهُمْ لَهَا، فَعَبَّرَ عَنِ التَّأْدِيَةِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهَا مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ، وَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ هُنَا الْمَصْدَرُ لِأَنَّهُ الصَّادِرُ عَنِ الْفَاعِلِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعَيْنُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: وَالَّذِينَ هُمْ لِتَأْدِيَةِ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ- وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ الْفَرْجُ: يُطْلَقُ عَلَى فَرْجِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَعْنَى حِفْظِهِمْ لَهَا أَنَّهُمْ مُمْسِكُونَ لَهَا بِالْعَفَافِ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ. قِيلَ: وَالْمُرَادُ هُنَا الرِّجَالُ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ يَطَأَهَا مَنْ تَمْلِكُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ عَلَى فِي قَوْلِهِ: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ بِمَعْنَى مِنْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُلَامُونَ فِي إِطْلَاقِ مَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ فَأُمِرُوا بِحِفْظِهِ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ ذِكْرُ اللَّوْمِ فِي آخِرِ الْآيَةِ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ نَفْيِ الْإِرْسَالِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْحِفْظِ، أَيْ: لَا يُرْسِلُونَهَا عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ. وَقِيلَ:

الْمَعْنَى: إِلَّا وَالِينَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَقَوَّامِينَ عَلَيْهِمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: كَانَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةٍ فَمَاتَ عَنْهَا فَخَلَفَ عَلَيْهَا فُلَانٌ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ تَزَوُّجِهِمْ أَوْ تَسَرِّيهِمْ، وَجُمْلَةُ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فِي مَحَلِّ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِمَاءُ وَعَبَّرَ عَنْهُنَّ بِمَا الَّتِي لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ، لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فيهنّ الأنوثة المنبئة عَنْ قُصُورِ الْعَقْلِ وَجَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهِنَّ كَسَائِرِ السِّلَعِ، فَأَجْرَاهُنَّ بِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مُجْرَى غَيْرِ الْعُقَلَاءِ، وَجُمْلَةُ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ تَعْلِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ فُرُوجِهِمْ مِنْهُ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى الزَّوْجَاتِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَمَعْنَى «الْعَادُونَ» : الْمُجَاوِزُونَ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ، فَسَمَّى سُبْحَانَهُ مَنْ نَكَحَ مَا لَا يَحِلُّ عَادِيًا، وَوَرَاءَ هُنَا بِمَعْنَى سِوَى وَهُوَ مَفْعُولُ ابْتَغَى. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ فَمَنِ ابْتَغَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَفْعُولُ الِابْتِغَاءِ مَحْذُوفٌ، وَوَرَاءَ ظَرْفٌ.

وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِمْنَاءِ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَرَاءِ «5» لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ جَمَعْنَا فِي ذَلِكَ رِسَالَةً سَمَّيْنَاهَا «بُلُوغَ المنى في حكم الاستمناء» ، وَذَكَرْنَا فِيهَا أَدِلَّةَ الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ وَتَرْجِيحَ الرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ لِأَماناتِهِمْ بِالْجَمْعِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْإِفْرَادِ. وَالْأَمَانَةُ مَا يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ، وَالْعَهْدُ مَا يُعَاهِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْ جِهَةِ

(1) . النساء: 82.

(2)

. طه: 14.

(3)

. الأعراف: 205.

(4)

. النساء: 43.

(5)

. المقصود: الإشارة إلى قوله تعالى: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ. [.....]

ص: 561

عِبَادِهِ، وَقَدْ جَمَعَ الْعَهْدُ وَالْأَمَانَةُ كُلَّ مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَالْأَمَانَةُ أَعَمُّ مِنَ الْعَهْدِ، فَكُلُّ عَهْدٍ أَمَانَةٌ، وَمَعْنَى «رَاعُونَ» : حَافِظُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ صَلَواتِهِمْ بِالْجَمْعِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «صَلَاتِهِمْ» بِالْإِفْرَادِ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْإِفْرَادِ فَقَدْ أَرَادَ اسْمَ الْجِنْسِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ: إِقَامَتُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَإِتْمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَالْمَشْرُوعِ مِنْ أَذْكَارِهَا. ثُمَّ مَدَحَ سُبْحَانَهُ هَؤُلَاءِ فَقَالَ: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ أَيِ: الْأَحِقَّاءُ بِأَنْ يُسَمَّوْا بِهَذَا الِاسْمِ دُونَ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ بَيَّنَ الْمَوْرُوثَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ وَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، كَمَا صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ عَمِلَ بِمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ فَهُوَ الْوَارِثُ الَّذِي يَرِثُ مِنَ الْجَنَّةِ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمُ الْفِرْدَوْسَ بِأَعْمَالِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَرِثُونَ مِنَ الْكُفَّارِ مَنَازِلَهُمْ حَيْثُ فَرَّقُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلًا فِي النَّارِ. وَلَفْظُ الْفِرْدَوْسِ لُغَةٌ رُومِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ، وَقِيلَ: فَارِسِيَّةٌ، وَقِيلَ: حَبَشِيَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ عَرَبِيَّةٌ، وَجُمْلَةُ هُمْ فِيها خالِدُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا، وَمَعْنَى الْخُلُودِ أَنَّهُمْ يَدُومُونَ فِيهَا لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْفِرْدَوْسِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْجَنَّةِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْعُقَيْلِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ:«كَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَمَكَثْنَا سَاعَةً، فَسُرِّيَ عَنْهُ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ عَشْرُ آيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى خَتَمَ الْعَشْرَ» وَفِي إِسْنَادِهِ يُونُسُ بْنُ سُلَيْمٍ الْأَيْلِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَا نَعْرِفُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ إِلَّا يُونُسَ بْنَ سُلَيْمٍ، وَيُونُسُ لَا نَعْرِفُهُ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ قَالَ: قُلْنَا لِعَائِشَةَ: كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قَالَتْ: تقرأ سورة المؤمنون؟ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فقرأ حَتَّى بَلَغَ الْعَشْرَ، فَقَالَتْ: هَكَذَا كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَتِ:

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ، وَزَادَ: فَأَمَرَهُ بِالْخُشُوعِ فَرَمَى بِبَصَرِهِ نَحْوَ مَسْجِدِهِ. وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ أَيْضًا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ، بِلَفْظِ: كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ نَظَرَ هَكَذَا وَهَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، فَنَزَلَتِ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فَحَنَى رَأْسَهُ. وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ مُرْسَلًا هَكَذَا. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَتِ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ المنذر وابن أبي حاتم عن

ص: 562

ابْنِ سِيرِينَ بِلَفْظِ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يرفعون رؤوسهم وَأَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَلْتَفِتُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ- الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فَمَالُوا بِرُءُوسِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا أَبْصَارَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا يَمِينًا وَشِمَالًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قَالَ: الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَأَنْ تُلِينَ كَتِفَكَ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، وَأَنْ لَا تَلْتَفِتَ فِي صَلَاتِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قَالَ: خَائِفُونَ سَاكِنُونَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ وَعَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ أَحَادِيثُ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ قَالَ: الْبَاطِلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: إِنِّي لَأَرَى تَحْرِيمَهَا فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ تَلَا وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ- إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ يُكْثِرُ ذِكْرَ الصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ «1» وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قَالَ: ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، قَالُوا: مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا عَلَى تَرْكِهَا، قَالَ: تَرْكُهَا كُفْرٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ قَالَ: يَرِثُونَ مَسَاكِنَهُمْ وَمَسَاكِنَ إِخْوَانِهِمُ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُمْ لَوْ أَطَاعُوا اللَّهَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ:

مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ» . وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً، وَفِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا» ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الْوِرَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا «2» ، وَقَوْلُهُ: تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «3» . وَيَشْهَدُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى» وَفِي لَفْظٍ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ:

هَذَا فكاكك من النار» .

(1) . المعارج: 23.

(2)

. مريم: 63.

(3)

. الأعراف: 43.

ص: 563