المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٣

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يوسف

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 76]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 77 الى 82]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 83 الى 88]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 89 الى 98]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 102 الى 108]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 109 الى 111]

- ‌سورة الرّعد

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 11]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 12 الى 18]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 26 الى 30]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 31 الى 35]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 40 الى 43]

- ‌سورة إبراهيم

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 الى 12]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 الى 27]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 الى 46]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 الى 52]

- ‌سورة الحجر

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 16 الى 25]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 26 الى 44]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 45 الى 66]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 77]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 87 الى 99]

- ‌سورة النّحل

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 10 الى 19]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 51 الى 62]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 63 الى 69]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 70 الى 74]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 97 الى 105]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 106 الى 111]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 112 الى 119]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 120 الى 128]

- ‌سورة الإسراء

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 25 الى 33]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 34 الى 41]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 42 الى 48]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 55]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 85]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 93]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 109]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]

- ‌سورة الكهف

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 47 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 71 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 108]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]

- ‌سورة مريم

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 27 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 96 الى 98]

- ‌سورة طه

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 17 الى 35]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 36 الى 44]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 45 الى 59]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 77 الى 91]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 92 الى 101]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 122]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

- ‌سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 10 الى 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 26 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 44 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 57 الى 70]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]

- ‌سورة الحجّ

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 16]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 25 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 67 الى 72]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 73 الى 78]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 83]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 118]

الفصل: ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)

قَوْلُهُ: فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ لَعَلَّ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفًا مُقَدَّرًا، وَهُوَ: فَرَحَلَ يَعْقُوبُ وَأَوْلَادُهُ وَأَهْلُهُ إِلَى مِصْرَ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ، أَيْ: ضَمَّهُمَا وَأَنْزَلَهُمَا عِنْدَهُ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمُرَادُ بِالْأَبَوَيْنِ هُنَا يَعْقُوبُ وَزَوْجَتُهُ خَالَةُ يُوسُفَ لِأَنَّ أُمَّهُ قَدْ كَانَتْ مَاتَتْ فِي وِلَادَتِهَا لِأَخِيهِ بِنْيَامِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ: أَحْيَا اللَّهُ لَهُ أُمَّهُ تَحْقِيقًا لِلرُّؤْيَا حَتَّى سَجَدَتْ له، في قوله: وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مِمَّا تَكْرَهُونَ، وَقَدْ كَانُوا فِيمَا مَضَى يَخَافُونَ مُلُوكَ مِصْرَ، وَلَا يَدْخُلُونَهَا إِلَّا بِجَوَازٍ مِنْهُمْ. قِيلَ: وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَشِيئَةِ عَائِدٌ إِلَى الْأَمْنِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِهِ إِلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، كَمَا أَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ آمِنِينَ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَقِيلَ: إِنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَشِيئَةِ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي وَهُوَ بَعِيدٌ. وَظَاهِرُ النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ: أَنَّ يُوسُفَ قَالَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، أَيِ: ادْخُلُوا مِصْرَ قَبْلَ دُخُولِهِمْ، وَقَدْ قِيلَ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَلَقَّاهُمْ إِلَى خَارِجِ مِصْرَ، فَوَقَفَ مُنْتَظِرًا لَهُمْ فِي مَكَانٍ أَوْ خَيْمَةٍ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ فَلَمَّا دَخَلُوا مِصْرَ، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ دُخُولًا آخَرَ في المكان الذي له بمصر رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ أَيْ أَجْلَسَهُمَا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُلُوكِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أَيِ الْأَبَوَانِ وَالْإِخْوَةُ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ خَرُّوا لِيُوسُفَ سُجَّدًا، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي شَرِيعَتِهِمْ، مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ التَّحِيَّةِ وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سُجُودًا بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ إِيمَاءٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ تَحِيَّتَهُمْ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَعْنَى: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا، فَإِنَّ الْخُرُورَ فِي اللُّغَةِ الْمُقَيَّدُ بِالسُّجُودِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِوَضْعِ الْوَجْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: لَهُ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، أَيْ: وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، وَهُوَ بَعِيدٌ جَدًّا وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ لِيُوسُفَ، وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ: وَخَرُّوا لِأَجْلِهِ، وَفِيهِ أيضا بعد. وقال يوسف: يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ يَعْنِي الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مِنْ قَبْلُ أَيْ: مِنْ قَبْلِ هَذَا الْوَقْتِ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا

بِوُقُوعِ تَأْوِيلِهَا عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ الْأَصْلُ أَنْ يَتَعَدَّى فِعْلُ الْإِحْسَانِ بِإِلَى، وَقَدْ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، وَقِيلَ: إِنَّهُ ضَمَّنَ أَحْسَنَ مَعْنَى لَطُفَ، أَيْ: لَطُفَ بِي مُحْسِنًا، وَلَمْ يَذْكُرْ إِخْرَاجَهُ مِنَ الْجُبِّ لِأَنَّ فِي ذِكْرِهِ نَوْعَ تَثْرِيبٍ لِلْإِخْوَةِ، وَقَدْ قَالَ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ سَجْنِهِ وَمُدَّةُ بَقَائِهِ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ وَجْهَ عَدَمِ ذِكْرِ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْجُبِّ أَنَّ الْمِنَّةَ كَانَتْ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ السِّجْنِ أَكْبَرُ مِنَ الْمِنَّةِ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ الْجُبِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ أَيِ الْبَادِيَةِ، وَهِيَ أَرْضُ كَنْعَانَ بِالشَّامِ، وَكَانُوا أَهْلَ مَوَاشٍ وَبَرِّيَّةٍ وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا مِنَ الْبَادِيَةِ، وَإِنَّ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَعْقُوبُ يُقَالُ

ص: 67

لَهُ «بَدَا» ، وَإِيَّاهُ عَنَى جَمِيلٌ بِقَوْلِهِ:

وَأَنْتِ التي «1» حبّبت شغبا إِلَى بَدَا «2»

إِلَيَّ وَأَوْطَانِي بِلَادٌ سِوَاهُمَا

وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي أَيْ أَفْسَدَ بَيْنَنَا، وَحَمَّلَ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ، يُقَالُ نَزَغَهُ إِذَا نَخَسَهُ، فَأَصْلُهُ مَنْ نَخَسَ الدَّابَّةَ لِيَقْوَى مَشْيُهَا، وَأَحَالَ يُوسُفُ ذَنْبَ إِخْوَتِهِ عَلَى الشَّيْطَانِ تَكَرُّمًا مِنْهُ وَتَأَدُّبًا إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ اللَّطِيفُ: الرَّفِيقُ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: اللَّطِيفُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَعْنَاهُ الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ، يُقَالُ: لَطُفَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ يَلْطُفُ إِذَا رَفَقَ بِهِ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو: اللَّطِيفُ الَّذِي يُوصِلُ إِلَيْكَ أَرْبَكَ فِي لُطْفٍ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: اللَّطِيفُ هُوَ الْبَرُّ بِعِبَادِهِ الَّذِي يَلْطُفُ بِهِمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَيُسَبِّبُ لَهُمْ مَصَالِحَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ، وَقِيلَ: اللَّطِيفُ الْعَالِمُ بِدَقَائِقِ الْأُمُورِ، وَمَعْنَى لِمَا يَشَاءُ: لِأَجْلِ مَا يَشَاءُ حَتَّى يَجِيءَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ أَيِ الْعَلِيمُ بِالْأُمُورِ الْحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ، وَلَمَّا أَتَمَّ اللَّهُ نِعْمَتَهُ عَلَى يُوسُفَ عليه السلام بِمَا خَلَّصَهُ مِنْهُ مِنَ الْمِحَنِ الْعَظِيمَةِ وَبِمَا خَوَّلَهُ مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمَهُ مِنَ الْعِلْمِ، تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْخَيْرِ الْأُخْرَوِيِّ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ، فَقَالَ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: بَعْضِ الْمُلْكِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ كُلَّ الْمُلْكِ، إِنَّمَا أُوتِيَ مُلْكًا خَاصًّا، وَهُوَ مُلْكُ مِصْرَ فِي زَمَنٍ خَاصٍّ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أَيْ بَعْضِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ جَمِيعَ عِلْمِ التَّأْوِيلِ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ، أَوْ مُجَرَّدُ تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا وَقِيلَ: مِنْ لِلْجِنْسِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ، وَقِيلَ: زَائِدَةٌ، أَيْ: آتَيْتَنِي الْمُلْكَ وَعَلَّمْتَنِي تَأْوِيلَ الْأَحَادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مُنْتَصِبٌ عَلَى أَنَّهُ صفة لربّ، لِكَوْنِهِ مُنَادًى مُضَافًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى أَنَّهُ مُنَادًى بِحَرْفٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: يَا فاطر، والفاطر: الخالق والمنشئ وَالْمُخْتَرِعُ وَالْمُبْدِعُ أَنْتَ وَلِيِّي أَيْ نَاصِرِي وَمُتَوَلِّي أُمُورِي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَتَوَلَّانِي فِيهِمَا تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ أَيْ تَوَفَّنِي عَلَى الْإِسْلَامِ لا يفارقني حتى أموت، وألحقني بِالصَّالِحِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ آبَائِي وَغَيْرِهِمْ فَأَظْفَرُ بِثَوَابِهِمْ مِنْكَ وَدَرَجَاتِهِمْ عِنْدَكَ. قِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل، قِيلَ: كَانَ عُمُرُهُ عِنْدَ أَنْ أُلْقِيَ فِي الْجُبِّ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالسِّجْنِ وَالْمُلْكِ ثَمَانِينَ سَنَةً إِلَى قُدُومِ أَبِيهِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ شَمْلِهِمْ حَتَّى كَمُلَ عُمُرُهُ الْمِقْدَارَ الَّذِي سَيَأْتِي وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ. قِيلَ:

لَمْ يَتَمَنَّ الْمَوْتَ أَحَدٌ غَيْرُ يُوسُفَ لَا نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَمَنَّ الْمَوْتَ بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَإِنَّمَا دَعَا رَبَّهُ أَنْ يَتَوَفَّاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُلْحِقَهُ بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ عِنْدَ حُضُورِ أَجَلِهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ يَعْقُوبُ مِصْرَ فِي مُلْكَ يُوسُفَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَعَاشَ فِي مُلْكِهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَمَاتَ يُوسُفُ وَهُوَ ابْنُ مائة وعشرين سنة. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ عُمُرُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قتادة في قوله:

(1) . في المطبوع: الذي! والمثبت من الديوان ص (200) .

(2)

. شغب: موضع بين المدينة والشام. بدا: واد قرب أيلة من ساحل البحر.

ص: 68