المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٣

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يوسف

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 76]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 77 الى 82]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 83 الى 88]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 89 الى 98]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 102 الى 108]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 109 الى 111]

- ‌سورة الرّعد

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 11]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 12 الى 18]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 26 الى 30]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 31 الى 35]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 40 الى 43]

- ‌سورة إبراهيم

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 الى 12]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 الى 27]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 الى 46]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 الى 52]

- ‌سورة الحجر

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 16 الى 25]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 26 الى 44]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 45 الى 66]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 77]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 87 الى 99]

- ‌سورة النّحل

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 10 الى 19]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 51 الى 62]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 63 الى 69]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 70 الى 74]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 97 الى 105]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 106 الى 111]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 112 الى 119]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 120 الى 128]

- ‌سورة الإسراء

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 25 الى 33]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 34 الى 41]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 42 الى 48]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 55]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 85]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 93]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 109]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]

- ‌سورة الكهف

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 47 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 71 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 108]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]

- ‌سورة مريم

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 27 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 96 الى 98]

- ‌سورة طه

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 17 الى 35]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 36 الى 44]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 45 الى 59]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 77 الى 91]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 92 الى 101]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 122]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

- ‌سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 10 الى 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 26 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 44 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 57 الى 70]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]

- ‌سورة الحجّ

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 16]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 25 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 67 الى 72]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 73 الى 78]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 83]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 118]

الفصل: ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ: قَضَيْنَا عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ قَالَ: الْأُولَى قَتْلُ زَكَرِيَّا، وَالْآخِرَةُ قَتْلُ يَحْيَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْآيَةِ قَالَ:

كَانَ أَوَّلُ الْفَسَادِ قَتْلَ زَكَرِيَّا، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَلِكَ النَّبَطِ، ثُمَّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَجَهَّزُوا فغزوا النبط فأصابوا منهم، فذلك قوله: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى جَالُوتَ، وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى بُخْتَنَصَّرَ، فَعَادُوا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فَجاسُوا قَالَ: فَمَشَوْا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ:

تَتْبِيراً تَدْمِيرًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ قَالَ: كَانَتِ الرَّحْمَةُ الَّتِي وَعَدَهُمْ بَعْثَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا قَالَ: فَعَادُوا فَبَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَهُمْ يُعْطُونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهَا قَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي تَعْيِينِ الْوَاقِعِ مِنْهُمْ فِي الْمَرَّتَيْنِ، وَفِي تَعْيِينِ مَنْ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَفِي كَيْفِيَّةِ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كَثِيرُ فَائِدَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم عن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً قَالَ: سِجْنًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ. قَالَ:

مَعْنَى حَصِيراً جَعَلَ اللَّهُ مَأْوَاهُمْ فِيهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: حَصِيراً قَالَ: فِرَاشًا وَمِهَادًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ قَالَ: لِلَّتِي هِيَ أَصْوَبُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَتْلُو كَثِيرًا إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ بِالتَّخْفِيفِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ يَعْنِي قَوْلَ الْإِنْسَانِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ وَاغَضَبْ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا قَالَ: ضَجِرًا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى سَرَّاءَ وَلَا ضَرَّاءَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ آدَمَ رَأْسُهُ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ وَهُوَ يُخْلَقُ وَبَقِيَتْ رِجْلَاهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ: يَا رَبِّ أَعْجِلْ قَبْلَ اللَّيْلِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا.

[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (12) وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (13) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (16)

وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17)

ص: 252

لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ وَالتَّوْحِيدِ أَكَّدَهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ مِنْ عَجَائِبِ صُنْعِهِ وَبَدَائِعِ خَلْقِهِ، فَقَالَ:

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِمَا مِنَ الْإِظْلَامِ وَالْإِنَارَةِ مَعَ تَعَاقُبِهِمَا وَسَائِرِ مَا اشْتَمَلَا عَلَيْهِ مِنَ الْعَجَائِبِ الَّتِي تَحَارُ فِي وَصْفِهَا الْأَفْهَامُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِمَا آيَتَيْنِ أَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَدَّمَ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ أَيْ: طَمَسْنَا نُورَهَا، وَقَدْ كَانَ الْقَمَرُ كَالشَّمْسِ فِي الْإِنَارَةِ وَالضَّوْءِ. قِيلَ: وَمِنْ آثَارِ الْمَحْوِ السَّوَادُ الَّذِي يُرَى فِي الْقَمَرِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَحْوِهَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَهَا مَمْحُوَّةَ الضَّوْءِ مَطْمُوسَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَحَاهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً أَيْ جَعَلَ سُبْحَانَهُ شَمْسَهُ مُضِيئَةً تُبْصَرُ فِيهَا الْأَشْيَاءُ. قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَالْكِسَائِيُّ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَبْصَرَ النَّهَارُ إِذَا صَارَ بِحَالَةٍ يُبْصَرُ بِهَا وَقِيلَ: مُبْصَرَةٌ لِلنَّاسِ مِنْ قَوْلِهِ أَبْصَرَهُ فَبَصَرَ. فَالْأَوَّلُ وَصْفٌ لَهَا بِحَالِ أَهْلِهَا، وَالثَّانِي وَصْفٌ لَهَا بِحَالِ نَفْسِهَا، وَإِضَافَةُ آيَةً إِلَى اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بَيَانِيَّةٌ، أَيْ: فَمَحَوْنَا الْآيَةَ الَّتِي هِيَ اللَّيْلُ وَالْآيَةَ الَّتِي هِيَ النَّهَارُ كَقَوْلِهِمْ نَفْسُ الشَّيْءِ وَذَاتُهُ لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ: لِتَتَوَصَّلُوا بِبَيَاضِ النَّهَارِ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي وُجُوهِ الْمَعَاشِ، وَاللَّامُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً أَيْ: جَعَلْنَاهَا لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ: رِزْقًا، إِذْ غَالِبُ تَحْصِيلِ الْأَرْزَاقِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ يَكُونُ بِالنَّهَارِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا السُّكُونَ فِي اللَّيْلِ اكْتِفَاءً بِمَا قَالَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً «1» ، ثُمَّ ذَكَرَ مَصْلَحَةً أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْجَعْلِ فَقَالَ: وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا، أَعْنِي مَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لَا بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ كَالْأَوَّلِ، إِذْ لَا يَكُونُ عِلْمُ عَدَدِ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ، إِلَّا بِاخْتِلَافِ الْجَدِيدَيْنِ «2» وَمَعْرِفَةِ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالْحِسَابِ أَنَّ الْعَدَدَ إِحْصَاءُ مَا لَهُ كَمِّيَّةٌ بِتَكْرِيرِ أَمْثَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يتحصّل منه شيء، والحساب إحصاء ماله كَمِّيَّةٌ بِتَكْرِيرِ أَمْثَالِهِ مِنْ حَيْثُ يَتَحَصَّلُ بِطَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا حَدٌّ مُعَيَّنٌ مِنْهُ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ فَالسَّنَةُ مَثَلًا إِنْ وَقَعَ النَّظَرُ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ عَدَدِ أَيَّامِهَا فَذَلِكَ هُوَ الْعَدَدُ وَإِنْ وَقَعَ النَّظَرُ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقِهَا وَتَحَصُّلِهَا مِنْ عِدَّةِ أَشْهُرٍ، قَدْ يَحْصُلُ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ عِدَّةِ أَيَّامٍ، قَدْ يَحْصُلُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عِدَّةِ سَاعَاتٍ، قَدْ تَحَصَّلَتْ كُلَّ سَاعَةٍ مِنْ عِدَّةِ دَقَائِقَ، فَذَلِكَ هُوَ الْحِسَابُ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا أَيْ: كُلَّ مَا تَفْتَقِرُونَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ بَيَّنَّاهُ تَبْيِينًا وَاضِحًا لَا يَلْتَبِسُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْزَاحُ الْعِلَلُ وَتَزُولُ الْأَعْذَارُ: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ «3» ، وَلِهَذَا قَالَ: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الطَّائِرُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْحَظُّ، وَيُقَالُ لَهُ الْبَخْتُ، فَالطَّائِرُ مَا وَقَعَ لِلشَّخْصِ فِي الْأَزَلِ بِمَا هُوَ نَصِيبُهُ مِنَ الْعَقْلِ وَالْعَمَلِ وَالْعُمْرِ وَالرِّزْقِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، كَأَنَّ طَائِرًا يَطِيرُ إِلَيْهِ مِنْ وَكْرِ الْأَزَلِ وَظُلُمَاتِ عَالَمِ الْغَيْبِ طَيَرَانًا لَا نِهَايَةَ لَهُ ولا غاية إلى أن انتهى إِلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ مِنْ غَيْرِ خَلَاصٍ وَلَا مَنَاصٍ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَلِمَ الْمُطِيعَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَالْعَاصِيَ، فَكَتَبَ مَا عَلِمَهُ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَقَضَى سَعَادَةَ مَنْ عَلِمَهُ مُطِيعًا وَشَقَاوَةَ مَنْ عَلِمَهُ عَاصِيًا، فَطَارَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ عِنْدَ خَلْقِهِ وَإِنْشَائِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ أَيْ: مَا طَارَ لَهُ في علم الله، وفي عنقه

(1) . يونس: 67.

(2)

. الجديدان والأجدّان: الليل والنهار.

(3)

. الأنفال: 42.

ص: 253

عِبَارَةٌ عَنِ اللُّزُومِ كَلُزُومِ الْقِلَادَةِ الْعُنُقَ مِنْ بَيْنِ مَا يُلْبَسُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: ذِكْرُ الْعُنُقِ عِبَارَةٌ عَنِ اللُّزُومِ كَلُزُومِ الْقِلَادَةِ الْعُنُقَ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ «وَيَخْرُجُ» بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِالرَّاءِ المضمومة على معنى: ويخرج له الطائر، وكتابا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: يخرج له الطَّائِرُ فَيَصِيرُ كِتَابًا. وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ «يُخْرِجُ» بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: أَيْ يُخْرِجُ الله. وقرأ شيبة ومحمد بن السّميقع. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «يُخْرَجُ» بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: وَيُخْرَجُ لَهُ الطَّائِرُ كِتَابًا. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «وَنُخْرِجُ» بِالنُّونِ عَلَى أَنَّ الْمُخْرِجَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَكِتَابًا مَفْعُولٌ بِهِ، وَاحْتَجَّ أَبُو عَمْرٍو لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلْزَمْناهُ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ عَامِرٍ يُلَقَّاهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ، وَإِنَّمَا قَالَ سُبْحَانَهُ يَلْقاهُ مَنْشُوراً تَعْجِيلًا لِلْبُشْرَى بِالْحَسَنَةِ وَلِلتَّوْبِيخِ عَلَى السَّيِّئَةِ اقْرَأْ كِتابَكَ أَيْ: نَقُولُ لَهُ: اقْرَأْ كِتَابَكَ، أَوْ قَائِلِينَ لَهُ، قِيلَ: يَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ مَنْ كَانَ قَارِئًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا. كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً الْبَاءُ في بِنَفْسِكَ زائدة وحَسِيباً تَمْيِيزٌ أَيْ:

حَاسِبًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: ضَرِيبُ الْقِدَاحِ بِمَعْنَى ضَارِبِهَا، وَصَرِيمٌ بِمَعْنَى صَارِمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَسِيبُ بِمَعْنَى الْكَافِي، ثُمَّ وُضِعَ مَوْضِعَ الشَّهِيدِ فَعُدِّيَ بِعَلَى، وَالنَّفْسُ بِمَعْنَى الشَّخْصِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَسِيبُ بِمَعْنَى الْمُحَاسِبِ كَالشَّرِيكِ وَالْجَلِيسِ. مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ ثَوَابَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَعِقَابَ ضِدِّهِ يَخْتَصَّانِ بفاعلهما لا يتعدان مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَمَنِ اهْتَدَى بِفِعْلِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَتَرْكِ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّمَا تَعُودُ مَنْفَعَةُ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ مَا نُهِيَ عَنْهُ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها أَيْ: فَإِنَّ وَبَالَ ضَلَالِهِ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِهِ لَا يُجَاوِزُهَا، فَكُلُّ أَحَدٍ مُحَاسَبٌ عَنْ نَفْسِهِ، مَجْزِيٌّ بِطَاعَتِهِ، مُعَاقَبٌ بِمَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ أَكَّدَ هَذَا الْكَلَامَ بِأَبْلَغِ تَأْكِيدٍ فَقَالَ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَالْوِزْرُ: الْإِثْمُ، يُقَالُ: وَزَرَ يَزِرُ وِزْرًا وَوَزْرَةً. أَيْ: إِثْمًا، وَالْجَمْعُ أَوْزَارُ، وَالْوِزْرُ: الثِّقَلُ. وَمِنْهُ: يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ «1» أَيْ: أَثْقَالَ ذُنُوبِهِمْ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ حَامِلَةٌ لِلْوِزْرِ وِزْرَ نَفْسٍ أُخْرَى حَتَّى تَخَلُصَ الْأُخْرَى عَنْ وِزْرِهَا وَتُؤْخَذَ بِهِ الْأُولَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي الْأَنْعَامِ. قَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّ الْآثِمَ وَالْمُذْنِبَ لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ اخْتِصَاصَ الْمُهْتَدِي بِهِدَايَتِهِ وَالضَّالِّ بِضَلَالِهِ، وَعَدَمَ مُؤَاخَذَةِ الْإِنْسَانِ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ، ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ عِبَادَهُ إِلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ بِإِرْسَالِ رُسُلِهِ، وَإِنْزَالِ كُتُبِهِ، فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُمْ سُدًى، وَلَا يُؤَاخِذُهُمْ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُهُمْ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَبِهِ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا هُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا لَا عَذَابُ الْآخِرَةِ وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا

اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى أَمَرْنَا عَلَى قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَمْرُ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ النَّهْيِ، وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْمَأْمُورِ بِهِ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ الطَّاعَةُ وَالْخَيْرُ. وقال في الكشاف: معناه أمرناهم

(1) . الأنعام: 31.

ص: 254

بِالْفِسْقِ فَفَسَقُوا، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا وَتَبِعَهُ الْمُقْتَدُونَ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَمَنْ تَابَعَهُ مُعَارَضٌ بِمِثْلِ قَوْلِ الْقَائِلِ أَمَرْتُهُ فَعَصَانِي، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ يَفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ شَيْءٌ غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ، لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ مُنَافِيَةٌ لِلْأَمْرِ مُنَاقِضَةٌ لَهُ، فَكَذَلِكَ أَمَرْتُهُ فَفَسَقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ شَيْءٌ غَيْرُ الْفِسْقِ، لِأَنَّ الْفِسْقَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِتْيَانِ بِضِدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَكَوْنُهُ فِسْقًا يُنَافِي كَوْنَهُ مَأْمُورًا بِهِ وَيُنَاقِضُهُ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَعْنَى أَمَرْنا مُتْرَفِيها

أَكْثَرْنَا فُسَّاقَهَا. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: تَقُولُ الْعَرَبُ: أَمَرَ الْقَوْمَ إِذَا كَثُرُوا، وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ إِذَا أَكْثَرَهُمْ. وَقَدْ قَرَأَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَأَبُو رَجَاءٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ أَمَرْنا

بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاءَ مُسَلَّطِينَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا وَقَتَادَةُ وَأَبُو حَيْوَةَ الشَّامِيُّ وَيَعْقُوبُ وَخَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ «آمَرْنَا» بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ، أَيْ: أَكْثَرْنَا جَبَابِرَتَهَا وَأُمَرَاءَهَا، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: آمِرْتُهُ بِالْمَدِّ وَأَمِرْتُهُ لُغَتَانِ بِمَعْنَى كَثْرَتِهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:«خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ» أَيْ: كَثِيرَةُ النِّتَاجِ وَالنَّسْلِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَزِيزٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ «أَمِرْنَا» بِالْقَصْرِ وَكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى مَعْنَى فَعَلْنَا، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: الْمَعْنَى أَكْثَرْنَا. وَحَكَى نَحْوَهُ أَبُو زَيْدٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَنْكَرَهُ الْكِسَائِيُّ وَقَالَ: لَا يُقَالُ مِنَ الْكَثْرَةِ إِلَّا آمَرْنَا بِالْمَدِّ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أَمِرَ مَالُهُ- بِالْكَسْرِ- أَيْ: كَثُرَ، وَأَمِرَ الْقَوْمُ: أَيْ كَثِرُوا، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

إِنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا وَإِنْ أَمِرُوا

يوما يصيروا للهلك والنّكد «1»

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَمَرْنا

مِنَ الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ مَا قَدَّمْنَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى مُتْرَفِيها

الْمُنَعَّمُونَ الَّذِينَ قَدْ أَبْطَرَتْهُمُ النِّعْمَةُ وَسَعَةُ الْعَيْشِ، وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ الْمُتْرَفِينَ: إِنَّهُمُ الْجَبَّارُونَ الْمُتَسَلِّطُونَ والملوك الجائرون، قالوا: وَإِنَّمَا خُصُّوا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ أَتْبَاعٌ لهم، ومعنى فَفَسَقُوا فِيها

خَرَجُوا عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَمَرَّدُوا فِي كُفْرِهِمْ لِأَنَّ الْفُسُوقَ الْخُرُوجُ إِلَى مَا هُوَ أَفْحَشُ فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ

أَيْ: ثَبَتَ وَتَحَقَّقَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ بَعْدَ ظُهُورِ فِسْقِهِمْ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً

أَيْ: تَدْمِيرًا عَظِيمًا لَا يُوقَفُ عَلَى كُنْهِهِ لِشِدَّتِهِ وَعِظَمِ مَوْقِعِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي تَأْوِيلِ أَمْرِنَا بِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنِ الْأَمْرِ الْحَامِلِ لَهُمْ عَلَى الْفِسْقِ، وَهُوَ إِدْرَارُ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ أَيْضًا:

إِنَّ الْمُرَادَ بِأَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَنَّهُ قُرْبُ إِهْلَاكِ قَرْيَةٍ، وَهُوَ عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ بِدُونِ مُلْجِئٍ إِلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ هَذِهِ عَادَتُهُ الْجَارِيَةُ مَعَ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، فَقَالَ: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ أَيْ: كَثِيرًا مَا أَهْلَكْنَا مِنْهُمْ، فَ «كَمْ» مَفْعُولُ «أَهْلَكْنَا» ، وَ «مِنَ الْقُرُونِ» بَيَانٌ لِ «كَمْ» وَتَمْيِيزٌ لَهُ، أَيْ: كَمْ مِنْ قَوْمٍ كَفَرُوا مِنْ بَعْدِ نُوحٍ كَعَادٍ وَثَمُودَ، فَحَلَّ بِهِمُ الْبَوَارُ، وَنَزَلَ بِهِمْ سَوْطُ الْعَذَابِ، وَفِيهِ تَخْوِيفٌ لِكُفَّارِ مَكَّةَ. ثُمَّ خَاطَبَ رَسُولَهُ بِمَا هُوَ رَدْعٌ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ: وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا يَجُوزُ إِدْخَالُ الْبَاءِ فِي الْمَرْفُوعِ إِذَا كَانَ يُمْدَحُ بِهِ صَاحِبُهُ أَوْ يُذَمُّ بِهِ، كَقَوْلِكَ: كَفَاكَ، وَأَكْرِمْ بِهِ رَجُلًا، وَطَابَ بِطَعَامِكَ طَعَامًا، وَلَا يُقَالُ قَامَ بِأَخِيكَ وَأَنْتَ تُرِيدُ قَامَ أَخُوكَ. وَفِي الْآيَةِ بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ، وَتَخْوِيفٌ شَدِيدٌ لِأَهْلِ

(1) . في المطبوع: يوما يكن للهلاك والفند. والمثبت من الديوان ص (160) . «يهبطوا» - هنا-: يموتوا.

ص: 255

الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ الْعِلْمَ التَّامَّ وَالْخِبْرَةَ الْكَامِلَةَ وَالْبَصِيرَةَ النَّافِذَةَ تَقْتَضِي إِيصَالَ الْجَزَاءِ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِحَسَبِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَزِيدُ التَّفَضُّلِ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ سُبْحَانَهُ خَبِيرًا بَصِيرًا أَنَّهُ مُحِيطٌ بِحَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا خَافِيَةٌ.

وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّوَادِ الَّذِي فِي الْقَمَرِ فَقَالَ: كَانَا شَمْسَيْنِ، قَالَ اللَّهُ: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ فَالسَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتَ هُوَ الْمَحْوُ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعْنَى هَذَا بِأَطْوَلَ مِنْهُ. قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ، عَنِ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ قَالَ: هُوَ السَّوَادُ الَّذِي فِي الْقَمَرِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً قَالَ: مُنِيرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ قَالَ: جَعَلَ لَكُمْ سَبْحًا طَوِيلًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَصَّلْناهُ قَالَ: بَيَّنَّاهُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «طَائِرُ كُلِّ إِنْسَانٍ فِي عُنُقِهِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حاتم عن ابن عباس فِي قَوْلِهِ: أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ قَالَ: سَعَادَتُهُ وَشَقَاوَتُهُ، وَمَا قَدَّرَ اللَّهُ لَهُ وَعَلَيْهِ، لازمه أينما كَانَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: طائِرَهُ قَالَ: كِتَابَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: عَمَلُهُ: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً قَالَ: هُوَ عَمَلُهُ الَّذِي أُحْصِيَ عَلَيْهِ، فَأُخْرِجَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُتِبَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ فَقَرَأَهُ مَنْشُورًا.

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: اقْرَأْ كِتابَكَ قَالَ: سَيَقْرَأُ يَوْمَئِذٍ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا فِي الدُّنْيَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي «التَّمْهِيدِ» عَنِ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى قَالَ:

سَأَلَتْ خَدِيجَةُ «1» عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فقال: «هم مع آبَائِهِمْ» ، ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» ثُمَّ سَأَلَتْهُ بَعْدَ مَا اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ، فَنَزَلَتْ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فَقَالَ: «هُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ، أَوْ قَالَ، فِي الْجَنَّةِ» . قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا:

«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ فِي الْبَيَاتِ مِنْ ذَرَارِي الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ» «2» وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَبَحْثٌ طَوِيلٌ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةَ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ. وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سريع

(1) . يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

. «البيات» : أن يغار على المشركين بالليل حيث لا يعرف الرجل من المرأة والصبي.

«هم منهم» : أي في الحكم، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية- أي بالأرجل-، فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم، جاز قتلهم. [.....]

ص: 256