المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٣

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة يوسف

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 11 الى 18]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 23 الى 29]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 30 الى 34]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 35 الى 40]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 43 الى 49]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 50 الى 57]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 76]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 77 الى 82]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 83 الى 88]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 89 الى 98]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 99 الى 101]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 102 الى 108]

- ‌[سورة يوسف (12) : الآيات 109 الى 111]

- ‌سورة الرّعد

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 11]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 12 الى 18]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 19 الى 25]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 26 الى 30]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 31 الى 35]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 36 الى 39]

- ‌[سورة الرعد (13) : الآيات 40 الى 43]

- ‌سورة إبراهيم

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 6 الى 12]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 13 الى 18]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 الى 27]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 28 الى 34]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 42 الى 46]

- ‌[سورة إبراهيم (14) : الآيات 47 الى 52]

- ‌سورة الحجر

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 16 الى 25]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 26 الى 44]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 45 الى 66]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 67 الى 77]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]

- ‌[سورة الحجر (15) : الآيات 87 الى 99]

- ‌سورة النّحل

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 10 الى 19]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 20 الى 26]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 40]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 51 الى 62]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 63 الى 69]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 70 الى 74]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 75 الى 79]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 80 الى 83]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 84 الى 90]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 91 الى 96]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 97 الى 105]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 106 الى 111]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 112 الى 119]

- ‌[سورة النحل (16) : الآيات 120 الى 128]

- ‌سورة الإسراء

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 4 الى 11]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 12 الى 17]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 18 الى 24]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 25 الى 33]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 34 الى 41]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 42 الى 48]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 55]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 78 الى 85]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 93]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 94 الى 100]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 101 الى 109]

- ‌[سورة الإسراء (17) : الآيات 110 الى 111]

- ‌سورة الكهف

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 21 الى 26]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 27 الى 31]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 32 الى 44]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 47 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 71 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 99 الى 108]

- ‌[سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]

- ‌سورة مريم

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 27 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 51 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19) : الآيات 96 الى 98]

- ‌سورة طه

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 17 الى 35]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 36 الى 44]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 45 الى 59]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 60 الى 70]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 71 الى 76]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 77 الى 91]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 92 الى 101]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 122]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20) : الآيات 128 الى 135]

- ‌سورة الأنبياء

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 10 الى 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 26 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 44 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 57 الى 70]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 71 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 78 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 89 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 98 الى 112]

- ‌سورة الحجّ

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 8 الى 16]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 17 الى 24]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 25 الى 29]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 30 الى 35]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 الى 51]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 57]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 58 الى 66]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 67 الى 72]

- ‌[سورة الحج (22) : الآيات 73 الى 78]

- ‌سورة المؤمنون

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 الى 22]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 23 الى 41]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 42 الى 56]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 57 الى 67]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 68 الى 83]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 84 الى 98]

- ‌[سورة المؤمنون (23) : الآيات 99 الى 118]

الفصل: ‌[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ يُثْنِي عَلَيْهِمْ وَلا يَشْفَعُونَ قَالَ: لَا تَشْفَعُ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى قَالَ: لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ لِمَنْ رَضِيَ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ قَالَ: قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: الَّذِينَ ارْتَضَاهُمْ لِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى قَالَ: إِنَّ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» .

وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:

كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما قَالَ: فُتِقَتِ السَّمَاءُ بِالْغَيْثِ، وَفُتِقَتِ الْأَرْضُ بِالنَّبَاتِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ كانَتا رَتْقاً قَالَ: لَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا شَيْءٌ، وَذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنْهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ كانَتا رَتْقاً قَالَ: مُلْتَصِقَتَيْنِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ قَالَ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا قَالَ: بَيْنَ الْجِبَالُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كُلٌّ فِي فَلَكٍ قَالَ: دَوَرَانٌ يَسْبَحُونَ قَالَ: يَجْرُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، عَنْهُ كُلٌّ فِي فَلَكٍ قَالَ: فَلَكٌ كَفَلَكَةِ الْمِغْزَلِ يَسْبَحُونَ قَالَ: يَدُورُونَ فِي أَبْوَابِ السَّمَاءِ.

كَمَا تَدُورُ الْفَلَكَةُ فِي الْمِغْزَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: هُوَ فَلَكُ السَّمَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عن عائشة قالت: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وقد مات فقبله وقال: وا نبياه وا خليلاه وا صفياه، ثُمَّ تَلَا وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ الْآيَةَ، وَقَوْلَهُ:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «1» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:

وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً قَالَ: نَبْتَلِيكُمْ بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالطَّاعَةِ والمعصية، والهدى والضلالة.

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 36 الى 43]

وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَاّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (36) خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (37) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (38) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)

وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (41) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)

(1) . الزمر: 30.

ص: 480

قَوْلُهُ: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَعْنِي الْمُسْتَهْزِئِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَيْ:

مَا يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا مَهْزُوءًا بِكَ، وَالْهَزْءُ: السُّخْرِيَةُ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ «1» وَالْمَعْنَى: مَا يَفْعَلُونَ بِكَ إِلَّا اتَّخَذُوكَ هُزُؤًا أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ، أَيْ: يَقُولُونَ أَهَذَا الَّذِي، فَعَلَى هَذَا هُوَ جَوَابُ إِذَا، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً اعْتِرَاضًا بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ، وَمَعْنَى يَذْكُرُهَا يَعِيبُهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ فُلَانٌ يَذْكُرُ النَّاسَ، أَيْ: يَغْتَابُهُمْ، وَيَذْكُرُهُمْ بِالْعُيُوبِ، وَفُلَانٌ يَذْكُرُ اللَّهَ، أَيْ: يَصِفُهُ بِالتَّعْظِيمِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُحْذَفُ مَعَ الذَّكَرِ مَا عُقِلَ مَعْنَاهُ، وَعَلَى مَا قَالُوا لَا يَكُونُ الذِّكْرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْعَيْبُ، وَحَيْثُ يُرَادُ بِهِ الْعَيْبُ يُحْذَفُ مِنْهُ السُّوءُ، قِيلَ: وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

لَا تَذْكُرِي مُهْرِي وَمَا أَطْعَمْتُهُ

فَيَكُونُ جِلْدُكَ مِثْلَ جَلْدِ الْأَجْرَبِ

أَيْ: لَا تَعِيبِي مُهْرِي، وَجُمْلَةُ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ:

وَهُمْ بِالْقُرْآنِ كَافِرُونَ، أَوْ هُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ الَّذِي خَلَقَهُمْ كَافِرُونَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَعِيبُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَذْكُرَ آلِهَتَهُمُ الَّتِي لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ بِالسُّوءِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، أَوِ الْقُرْآنِ كَافِرُونَ، فَهُمْ أَحَقُّ بِالْعَيْبِ لَهُمْ وَالْإِنْكَارِ عليهم، فالضمير الأوّل مبتدأ خبره كافرون، و «بذكر» مُتَعَلِّقٌ بِالْخَبَرِ، وَالضَّمِيرُ الثَّانِي تَأْكِيدٌ خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ أَيْ: جُعِلَ لِفَرْطِ اسْتِعْجَالِهِ كَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنَ الْعَجَلِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَأَنَّهُ يَقُولُ بَنَيْتُهُ وَخَلَقْتُهُ مِنَ الْعَجَلَةِ وَعَلَى الْعَجَلَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: خُوطِبَتِ الْعَرَبُ بِمَا تَعْقِلُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ الشَّيْءُ خُلِقْتَ مِنْهُ، كَمَا تَقُولُ: أَنْتَ مِنْ لَعِبٍ، وَخُلِقْتَ مَنْ لَعِبٍ، تُرِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي وَصْفِهِ بِذَلِكَ. وَيَدُلُّ عَلَى هذا المعنى قوله: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا «2» وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ الْجِنْسُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ، فَإِنَّهُ لَمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ صَارَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ إِلَى رِجْلَيْهِ فَوَقَعَ، فَقِيلَ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ، كَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَكَثِيرٌ مَنْ أَهْلِ الْمَعَانِي: الْعَجَلُ الطين بلغة حمير. وأنشدوا:

..............

والنخل ينبت بَيْنَ الْمَاءِ وَالْعَجَلِ «3»

وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ «4» وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي قُرَيْشٍ لِأَنَّهُمُ اسْتَعْجَلُوا الْعَذَابَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مَعْنَى «خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ» أَنَّهُ قِيلَ لَهُ كُنْ فَكَانَ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، أَيْ: خُلِقَ الْعَجَلُ مِنَ الْإِنْسَانِ، وَقَدْ حُكِيَ هَذَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالنَّحَّاسِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى. سَأُرِيكُمْ آياتِي أَيْ: سَأُرِيكُمْ نَقِمَاتِي مِنْكُمْ بِعَذَابِ النَّارِ فَلا تَسْتَعْجِلُونِ أَيْ: لَا تَسْتَعْجِلُونِي بِالْإِتْيَانِ بِهِ، فَإِنَّهُ نَازِلٌ بِكُمْ لَا مَحَالَةَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَاتِ ما

(1) . الحجر: 95.

(2)

. الإسراء: 11.

(3)

. وصدره: والنبع في الصخرة الصمّاء منبته.

(4)

. الأنفال: 32. [.....]

ص: 481

دَلَّ عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْعَاقِبَةِ الْمَحْمُودَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَيْ: مَتَى حُصُولُ هَذَا الْوَعْدِ الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، قَالُوا ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْوَعْدِ هُنَا الْقِيَامَةُ، وَمَعْنَى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إِنْ كُنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ صَادِقِينَ فِي وَعْدِكُمْ، وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتْلُونَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ الْمُنْذِرَةَ بِمَجِيءِ السَّاعَةِ وَقُرْبِ حُضُورِ الْعَذَابِ، وَجُمْلَةُ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وما بَعْدَهَا مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، أَيْ: لَوْ عَرَفُوا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لَوْ عَلِمُوا الْوَقْتَ الَّذِي لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ لَمَا اسْتَعْجَلُوا الْوَعِيدَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَقْدِيرِ الجواب:

لعلموا صِدْقَ الْوَعْدِ، وَقِيلَ: لَوْ عَلِمُوهُ مَا أَقَامُوا عَلَى الْكُفْرِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ السَّاعَةِ، أَيْ: لَوْ عَلِمُوهُ عِلْمَ يَقِينٍ لَعَلِمُوا أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً وَتَخْصِيصُ الْوُجُوهِ وَالظُّهُورِ بالذكر بمعنى الأمام وَالْخَلْفِ لِكَوْنِهِمَا أَشْهَرَ الْجَوَانِبِ فِي اسْتِلْزَامِ الْإِحَاطَةِ بِهَا لِلْإِحَاطَةِ بِالْكُلِّ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهَا مِنْ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهِمْ، وَمَحَلُّ حِينَ لَا يَكُفُّونَ النَّصْبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ الْعِلْمِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْوَقْتِ الْمَوْعُودِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهُ، وَمَعْنَى وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ: وَلَا يَنْصُرُهُمْ أَحَدٌ مِنِ الْعِبَادِ فَيَدْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَجُمْلَةُ «بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً» مَعْطُوفَةٌ عَلَى «يَكُفُّونَ» ، أَيْ: لَا يَكُفُّونَهَا، بَلْ تَأْتِيهِمُ الْعِدَّةُ أَوِ النَّارُ أَوِ السَّاعَةُ بَغْتَةً، أَيْ: فَجْأَةً فَتَبْهَتُهُمْ قَالَ الجوهري: بهته بهتا: أَخْذَهُ بَغْتًا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ:

«فَتَبْهَتُهُمْ» أَيْ: تُحَيِّرُهُمْ، وَقِيلَ: فَتَفْجَؤُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها أَيْ: صَرْفَهَا عَنْ وُجُوهِهِمْ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى النَّارِ، وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى الْوَعْدِ بِتَأْوِيلِهِ بِالْعِدَّةِ، وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى الْحِينِ بِتَأْوِيلِهِ بِالسَّاعَةِ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أَيْ: يُمْهَلُونَ وَيُؤَخَّرُونَ لِتَوْبَةٍ وَاعْتِذَارٍ، وَجُمْلَةُ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ مَسُوقَةٌ لِتَسْلِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَعْزِيَتِهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنِ اسْتَهْزَأَ بِكَ هَؤُلَاءِ فَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ بِمَنْ قَبْلَكَ مِنَ الرُّسُلِ عَلَى كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَخَطَرِ شَأْنِهِمْ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ أَيْ: أَحَاطَ وَدَارَ بِسَبَبِ ذلك بالذين سخروا من أولئك الرسل وهزءوا بهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «مَا» مَوْصُولَةٌ، أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: فَأَحَاطَ بِهِمُ الأمر الذي كانوا يستهزءون بِهِ، أَوْ فَأَحَاطَ بِهِمُ اسْتِهْزَاؤُهُمْ. أَيْ: جَزَاؤُهُ، عَلَى وَضْعِ السَّبَبِ مَوْضِعَ الْمُسَبَّبِ، أَوْ نَفْسِ الِاسْتِهْزَاءِ، إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْعَذَابُ الْأُخْرَوِيُّ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ أَيْ: يَحْرُسُكُمْ وَيَحْفَظُكُمْ، وَالْكَلَاءَةُ: الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ، يُقَالُ: كَلَأَهُ الله كلاء بِالْكَسْرِ: أَيْ حَفِظَهُ وَحَرَسَهُ. قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:

إِنَّ سُلَيْمَى وَاللَّهُ يَكْلَؤُهَا

ضَنَّتْ بِشَيْءٍ مَا كَانَ يَرْزَؤُهَا

أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِأُولَئِكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِطَرِيقِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ: مَنْ يَحْرُسُكُمْ وَيَحْفَظُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ بَأْسِ الرَّحْمَنِ وَعَذَابِهِ الَّذِي تَسْتَحِقُّونَ حُلُولَهُ بِكُمْ وَنُزُولَهُ عَلَيْكُمْ؟ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَنْ يَحْفَظُكُمْ مِنْ بَأْسِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى مَنْ يَحْفَظُكُمْ مِمَّا يُرِيدُ الرَّحْمَنُ إِنْزَالَهُ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَحَكَى الكسائي والفراء: «من يكلوكم» بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ

ص: 482