الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة]
3109 -
عَن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول يكون فِي آخر أمتِي رجال يركبون (نساءهم)
(1)
على سرج كأشباه الرّحال ينزلون على أَبْوَاب الْمَسَاجِد نِسَاؤُهُم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت الْعِجَاف العنوهن فَإِنَّهُنَّ ملعونات لَو كَانَ وراءكم أمة من الْأُمَم خدمتهن نِسَاؤُكُمْ كَمَا خدمكم نسَاء الْأُمَم قبلكُمْ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم
(2)
.
قوله: عن عبد الله بن عمر تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يكون في آخر أمتي نساء يركبون على سرج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد" الحديث يركبون وينزلون جمعهن جمع مذكر
(1)
هذه زيادة من الطبراني.
(2)
أخرجه أحمد 2/ 223 (7204)، وابن حبان (5753)، والطبراني في الصغير (2/ 127 - 128 رقم 1125) والأوسط (9/ 131 رقم 9331) والكبير (14/ 118 رقم 14739)، وأبو الطاهر المخلص في المخلصيات (1014)، والحاكم في المستدرك (4/ 436).
وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: عبد الله بن عياش القتباني المذكور في إسناده، وأن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه أبو داود، والنسائي، وقال أبو حاتم هو قريب من ابن لهيعة. قال الهيثمي في المجمع 5/ 137: رواه أحمد، والطبراني في الثلاثة، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن الطبراني قال:"سيكون في أمتي رجال يركبون نساءهم على سروج كأشباه الرحال". وحسنه الألباني في الصحيحة (2683) وصحيح الترغيب (2043).
لشبههن بالرجال قاله الحافظ العسقلاني المشهور بابن حجر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "نساؤهم كاسيات عاريات" يقال: كسى يكسى فهو كاس إذا صار ذا كسوة ومنه قوله: واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.
ويجوز أن يكون بمعنى مفعول من كسى يكسو كماء دافق، قاله في النهاية
(1)
، قال الإمام أبو العباس القرطبي
(2)
معناه: كاسيات من الثياب عاريات من الدين لانكشافهن وإبداء بعض محاسنهن وقيل كاسيات ثيابا رقاقا تظهر ما تحتها وما خلفها فهن كاسيات في الظاهر عاريات في الحقيقة، وقيل: كاسيات في الدنيا بأنواع الزينة من الحرام وبما لا يجوز لبسه عاريات يوم القيامة، قال القرطبي: كله يحتمل اللفظ وأحسنها كاسيات عاريات من الدين، وأنشدوا:
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى
…
تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه
…
ولا خير فيمن كان لله عاصيا
وقوله صلى الله عليه وسلم: "على رؤوسهن كأسنمة البخت" والبخت الإبل الواحد بختي والأنثى بختية، والبخاتي جمال طوال الأعناق، وقيل: بل غلاظ ذوات سنامين وجمعها بخاتي غير منصرف ولك أن تخفف الياء فتقول البخاتي وكذا كل ما أشبهها مما واحده مشدد يجوز في جمحه التشديد والتخفيف كالسواري والعواري والعلالي والأواني والأماني والكراسي
(1)
النهاية (4/ 175).
(2)
المفهم (17/ 122).
والتهادي وممن ذكر هذه القاعدة ابن السكيت في إصلاحه والجوهري
(1)
، شبه رؤوسهن بأسنمة البخت لكثرة ما وصلن به شعورهن حتى صار عليها من ذلك ما يفيئها أي يحركها خيلاء وعجبا، قاله في النهاية
(2)
، ومعنى الحديث يعظمن رؤوسهن بالخمر والمقانع ويجعلن على رؤوسهن شيئا يسمي عندهن التازة وهذا مشاهد مرأى إذ أن في عمامة كل واحدة منهن سنمين وأقل ما فيه من الضرر أن رؤوسها تعتل بسبب هذه العمائم لأنهن اتخذنها عادة من فوق الحاجبين وفي ذلك مفاسد.
أحدها: أن المرأة محل استمتاع الرجل وأعظم جمال فيها وجهها وهي تغطي أكثره فتقع بذلك في الإثم لأنها تمنع زوجها حقه ولو رضي زوجها بذلك فإنها تمنع لمخالفتها للسنة. والثاني: أنه إذا كانت هذه المواضع مستورة فإذا احتاجت إلى الوضوء تحتاج إلى كشفها لتغسل ما يجب عليها وإذا غسلته قد تستهوي لأن الموضع قد اعتاد التغطية فإذا كشفته عند الغسل قد تتضرر فيكون ذلك سببا لترك فرضين أحدهما غسل الوجه والثاني: مسح الرأس. والثالث: الزينة التي جملها الله تعالى بها في وجهها سترتها عن وجهها وقد يفضي ذلك للفراق لأنها تبقى في تلك الحال شنيعة المنظر، فإن قيل: إن فيه بعض جمال لها فهذا نادر والنادر لا حكم له فإن فرضنا الغالب فيه جمال لها فلتمنع من ذلك كما تقدم من مخالفتها للسنة والخير كله في الاتباع والله أعلم.
(1)
إصلاح المنطق (ص 134)، الصحاح (1/ 243).
(2)
النهاية (3/ 483).
قوله صلى الله عليه وسلم: "العنوهن فإنهن ملعونات" هذا اللفظ يقتضي أن ذلك من الكبائر فإن اللعن لا يكون إلا في كبيرة قد ارتكبها الإنسان كما تقدم.
3110 -
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النَّار لم أرهما قوم مَعَهم سياط كأذناب الْبَقر يضْربُونَ بهَا النَّاس وَنسَاء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لَا يدخلن الْجنَّة وَلَا يجدن رِيحهَا وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة كَذَا وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم وَغَيره
(1)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما" الحديث، هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وفيه ذم هذين الصنفين، قال أبو العباس القرطبي
(2)
: قال الحافظ ابن دحيه
(3)
: الصنف فيما ذكر عن الخليل الطائفة من كل شيء.
(1)
أخرجه أحمد 2/ 356 (8786) و 2/ 440 (9811)، ومسلم (125 - 2128) و (52 - 2128)، وأبو عوانة (9288)، وابن حبان (7461)، والطبراني في الأوسط (2/ 224 - 225 رقم 1811) و (6/ 80 رقم 5854)، والشجري في الأمالي (2/ 369)، والبغوي في شرح السنة (2578).
(2)
التذكرة بأحوال الموتى (ص 817).
(3)
عمرُ بْن حسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْجُمَيِّل بْن فَرْحِ بْن خَلَف بْن قُومِس بْن مَزْلال بْن مَلَّال بْن أَحْمَد بْن بدر بْن دِحْيَة بْن خليفة؛ كذا نسب نفسه، العلامة أبو الخطاب ابن دِحْيَةَ، الكَلْبيُّ الدّانيّ الأصلٍ، السَبْتي. [المتوفى: 633 هـ] كان بصيرًا بالحديثِ مُعتنيًا بتقييدِه، مُكِبًّا عَلَى سماعه، حسن الحظ معروفًا بالضبطِ، لَهُ حظٌ وافرٌ من اللغّةِ، ومشاركةٌ فِي العربية وغيرها. تاريخ الإسلام (14/ 113 - 116)، حسن المحاضرة 1/ 355، ذيل التقييد 2/ 236.
قوله صلى الله عليه وسلم: "قوم معهم سياط" أي أولهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة، وورد في الحديث أول من يدخل النار السواطون قيل هم الشرط الذين تكون معهم الأسواط يضربون بها الناس والسياط جمع سوط وهو الذي يجلد به والأصل سواط بالواو فقلبت ياء للكسرة قبلها، ويجمع على الأصل أسواطا، والسوط في اللغة اسم للعذاب وإن لم يكن ثم ضرب قاله الفراء وقال ابن فارس
(1)
في المجمل: السوط من العذاب النصيب والسوط خلط الشيء بعضه ببعض وإنما سمى سوطا لمخالفته وإنما أراد صلى الله عليه وسلم عظم السياط وخروجها عن حد ما يجوز به الضرب في التأديب وهذه الصفة للسياط مشاهدة تعرف إلى الآن.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ونساء كاسيات عاريات" الحديث، قيل: معناه كاسيات أي من نعم الله عاريات من شكرها وقيل معناه: تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه وقيل: تلبس رقيقا، يصف لون بدنها.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "مميلات" قيل معناه: زائغات عن طاعة الله وطاعة الأزواج وما يلزمهن من صيانة الفروج والتستر عن الأجانب ومميلات لقلوب الرجال بما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن، وقيل: مائلات يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن يملن رؤوسهن وأعطافهن للخيلاء والتبختر [وقيل: مميلات معناه يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن المذموم وقيل المميلات اللواتي يتمشطن الميلاء وهي مشطة البغايا، والمميلات: اللواتي
(1)
مجمل اللغة (1/ 478).
يمشطن غيرهن المشية الميلاء].
قوله صلى الله عليه وسلم: "مميلات" فقيل: مائلات، يمشين متبخترات وقيل مائلات معناه عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه، وقيل: مائلات يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة" فمعناه يعظمن رؤوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس حتى يشبه أسنمة البخت هذا هو المشهور في تفسيره فهن اللواتي يتعممن بالمقانع على رؤوسهن يكثرنها بها وهو من شعار المغنيات وقيل غير ذلك فينبغي للعالم أن ينهاهن عن هذه العمائم التي يعملنها على رؤوسهن كما ورد في الحديث: "لا تقوم الساعة حتى تكون نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت" بالخاء المعجمة من فوق وهي إبل غلاظ ذوات سنامين وتقدم ذلك في الحديث قبله.
تنبيه: البخت عربية وهو جمع بختي وهو الذي يولد من العربي والعجمي منسوب إلى بخت نصر لأنه جمع بينهما فتولد منهما ذلك وهو سريع السير طويل العنق قال الأصمعي: يقال بخت نصر الذي خرب بيت المقدس ولا يقال بالتخفيف وقيل بوخت نصر وبوخت ابن ونصر صنم كذا في كتاب [المعرب]
(1)
.
قوله: "كأسنمة البخت المائلة" كذا الرواية بالياء بغير خلاف، قال القاضي الكناني: صوابه الماثلة بالثاء المعجمة بالثلاث أي القائمة المنتصبة، قال
(1)
في التعريب والمعرب (1/ 49) لابن برى المعروف بابن أبى الوحش.
القاضي
(1)
: الصواب ما جاءت به الرواية ويعضده صحيح اللغة وتفسير من فسره مميلات في الحديث: أنهن يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا كما قال امرؤا القيس: غدائره مستشزرات إلى العلا ....
(2)
وإذا جمعتها هناك وكثرتها قد تميل كما تميل أسنمة البخت إلى الجهات عند كبرها وسمنها، وقد قالوا ناقة ميلاء إذا كان سنامها يميل إلى أحد شقيها هذا معنى الأسنمة المائلة على ما جاءت به الرواية إن شاء الله قاله القاضي
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" الحديا، فيتأول بتأويلين كما في نظائره أحدهما: أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك مع
(1)
إكمال المعلم (6/ 659). والكنانى هو: هشام بن أحمد بن خالد بن سعيد، أبو الوليد الكِنانيّ الطُّلَيْطُلِيّ، ويُعرف بالوَقَّشِيّ، [المتوفى: 489 هـ] ووقَّش قرية على اثني عشر ميلًا من طليطلة، قال أبو القاسم صاعد: أبو الوليد الوقَّشيّ أحد رجال الكمال في وقته، باحتوائه على فنون المعارف، وجَمْعه لكليّات العلوم، هو من أعلم النّاس بالنَّحْو، واللُّغة، ومعاني الشِّعْر، وعلم العَرَوض، وصناعة البلاغة، بليغ، شاعر، حافظ للسُّنَن وأسماء الرّجال، بصير بالاعتقادات وأُصُول الفِقْه، واقف على كثير من فتاوى فقهاء الأمصار، نافذ في علوم الشُّرُوط والفرائض، متحقّق بعلم الحساب والهندسة، مشرف على جميع آراء الحكماء، حَسَن النَّقْد للمذاهب، ثاقب الذّهن، يجمع إلى ذلك آداب الأخلاق، مع حُسْن المعاشرة، ولين الكَنَف، وصدْق اللّهجة. تاريخ الإسلام 10/ 644 - 645، وسير أعلام النبلاء 19/ 134 - 136، والصلة: 2/ 653 - 654، ومعجم البلدان: 5/ 223.
(2)
صدر بيت من معلقة امرئ القيس عجزه: تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنًّى وَمُرْسَلِ.
(3)
مشارق الأنوار (1/ 392).
علمها بالتحريم فتكون كافرة مخلدة في النار لا تدخل الجنة أبدًا، والثاني: يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم، والله أعلم ذكره النووي في شرح مسلم
(1)
.
3111 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن أَسمَاء بنت أبي بكر دخلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَاب رقاق فَأَعْرض عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ يَا أَسمَاء إِن الْمَرْأَة إِذا بلغت الْمَحِيض لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجهه وكفيه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ هَذَا مُرْسل وخَالِد بن دريك لم يدْرك عَائِشَة
(2)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.
قوله: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أسماء: إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه، الحديث.
فائدة: ومن البدع ما أحدثته النساء من لبس القمصان الواسعة الطويلة جدا حتى أن بعضهن تخيط القميص من أربعين ذراعا وطوله سبعه أذرع
(1)
شرح النووي على مسلم (17/ 191).
(2)
أخرجه أبو داود (4104) والمراسيل (437)، وابن عدي في الكامل (4/ 417)، والبيهقي في الآداب (589) والكبرى (2/ 319 رقم 3218) و (7/ 138 رقم 13496) والشعب (10/ 219 - 220 رقم 7409). وقال أبو داود: هو مرسلٌ، خالدُ بن دُرَيكِ لم يُدرك عائشةَ، وسعيد ابن بشير ليس بالقوي. وحسنه الألباني في المشكاة (4372)، وحجاب المرأة المسلمة (24)، وصحيح الترغيب (2045).
وهذا كله حرام عليها وعلى من أعانها على ذلك من زوج أو ولي ونحوه لما فيه من الإسراف والخيلاء والتكبر على الضعفاء، وقد يعجز الزوج عن ذلك فيكون سببا للفراق أو لفساد دينها إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تخفي، وأما إذا كان رقيقا يصف البشرة وهو الغالب كالشاشي اليمني والبندقي والشعر ونحو ذلك فهو حرام لأن لبس ذلك حرام وإن كان على الهيئة التي أباحها الشرع لكونه يجلو البشرة فإن لبست فوقه ما يسترك كالقباء ونحوه جاز وإن لم تلبس فوقه شيئا، وكان يجلوا شيئا من عورتها حرم، وإن كانت وحدها في بيتها لأن كشفها العورة في الخلوة من غير صورة حرام والله أعلم ذكره ابن النحاس في تنبيهه
(1)
.
قوله في الحديث: "إن المرأة إذا بلغت المحيض" الحديث.
فروع تتعلق بهذا الحديث من كتب الفقه:
الفرع الأول: وأصل الحيض السيلان تقول العرب حاضت الشجرة إذا سال صمغها وحاض الوادي إذا سال وله ستة أسماء الحيض والعراك والضحك والإكبار والإعصار والطمث وهو دم يخرج في قعر الرحم وترخيه في سن البلوغ يدفع على سبيل الصحة من غير سبب ولادة وتعتاده في أوقات معلومة.
الفرع الثاني: أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين قمرية، قال الإمام الشافعي رحمه الله: أعجل من سمعت من النساء يحيض نساء تهامة يحضن
(1)
تنبيه الغافلين (ص 507).
لتسع سنين ولا فرق في ذلك بين البلاد الحارة كتهامة والبلاد الباردة كالصين على المذهب وعن الجوني في البلاد الباردة التي لم يعهد ذلك فيها وجهان: ثم الأصح أن المراد استكمال التسع سنين وقيل المراد الطعن فيها فإذا رأت الدم في شيء من التاسعة عُدَّ حيضا، وقيل المراد مضي ستة أشهر منها ثم التسع تقريب أو تحديد فيه وجهان أصحهما تقريب فعلى هذا قال المتولى وجزم به الرافعي والنووي إذا رأت الدم قبله بزمن لا يسع طهرا وحيضا يكون حيضا دون ما إذا وسعهما وقال الماوردي: إن تقدم عنها بيوم أو يومين كان حيضا وإذن قلنا تحديد ففي الحاوي يتغير الحكم بنقص يوم وللحيض أقل وأكثر وغالب، فمن أراد شيئا من ذلك فليراجع كتب الفقه والله أعلم.
الفرع الثالث: قال الجاحظ: الذي يحيض أربعة المرأة والضبع والأرنب والخفاش، أ. هـ.
الفرع الرابع: الاستحاضة سيلان الدم في غير أوقاته عن مرض وفساد من عرف فمه في أدنى الحلق يسمى العاذل بكسر الذال المعجمة والنفاس معروف.
وما عدا هذه الدماء إذا خرج من الفرج فهو دم فساد كالخارج قبل سن البلوغ انتهى
(1)
.
قوله في الحديث: "لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه".
الفرع الخامس: وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين لقوله تعالى:
(1)
كفاية النبيه (2/ 128 - 129).
{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
(1)
قال المفسرون: ما ظهر منها هو الوجه والكفان وخرج بقوله بدنها صوتها فإنه ليس بعورة، والمراد بالكفين من رؤوس الأصابع إلى الكوعين ظهرا وبطنا وقيل: ظهورهما عورة، وقال المزني: ظهر القدمين ليس بعورة كظهر الكفين لأنه مكشوف في العادة فأشبه الوجه، وقيل: أخمص القدمين أيضًا ليس بعورة كبطن الكفين وحكاه بعضهم قولا والمذهب الأول أن أم سلمة رضي الله عنها قالت يا رسول الله: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار فقال: نعم إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها رواه أبو داود قال: وقد روى موقوفا والله أعلم
(2)
.
الفرع السادس: يجب ستر العورة عن العيون بالإجماع والمراد بالعيون أعين الإنس والجن والملائكة ويؤخذ منه ستر العورة في الخلوة على الأصح
(1)
سورة النور، الآية:31.
(2)
أخرجه أبو داود (640)، والدارقطني (1785)، والحاكم (1/ 250)، والبيهقي في الصغير (1/ 132 - 133 رقم 330 و 331) والكبرى (2/ 329 رقم 3251). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال أبو داود: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَصَرُوا بِهِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها. وقال الدارقطني في العلل (3787): والمحفوظ الموقوف.
وقال (4000): وكذلك قال الحسن، وابن أبي ذئب، وابن لهيعة، وأبو غسان محمد بن مطرف، وإسماعيل بن جعفر، والدراوردي، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، موقوفا، وهو الصواب. وضعفه الألباني في المشكاة (763).
ولا يجب ستر عورته نفسه بل نظره إليها مكروه وإن كان لفظ العيون يشتمله.
الفرع السابع: والبلوغ في الجارية بالحيض بالإجماع أو الحبل أو إنزال المني في نوم أو جماع أو غيرهما كما قاله الماوردي، والأصح إمكانه باستكمال تسع سنين أو استكمال خمس عشرة سنة والله أعلم.
الفرع الثامن: بلوغ الخنثى قد يفهم أنه مساو لما ذكر لأنه إما ذكر أو أنثى لكن إن حاض أو أمنى حكم ببلوغه على الأصح، وإن وجد إحداهما فلا، لكن إن حاض أو أمنى حكم ببلوغه على الأصح، وإن وجد إحداهما فلا، وقال الإمام: ينبغي الحكم ببلوغه ثم إن ظهر خلافه غيرنا الحكم، قال الرافعي: هو الحق واستحسن في الروضة ما قاله المتولي أنه يحكم به إن تكرر والله أعلم ذكرت هذه الفروع في مختصر الكفاية. والله أعلم.