الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل]
3403 -
عن رجل من أهل المدينة قال كتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنها أن اكتبي لي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي فكتبت عائشة إلى معاوية سلام عليك أما بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام عليك رواه الترمذي ولم يسم الرجل ثم روى بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية قال فذكر الحديث بمعناه ولم يرفعوه وروى ابن حبان في صحيحه المرفوع منه فقط ولفظه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس
(1)
.
(1)
أخرجه ابن المبارك في الزهد (199) ومن طريقه إسحاق (1175) والترمذي (2414) واللالكائى في أصول السنة (2788)، والبغوى (4213)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 188) مرفوعا. وأخرجه عبد بن حميد (1524)، والجوزجانى في أحوال الرجال (ص 8 - 9)، والترمذي في العلل (616)، ووكيع في أخبار القضاة (1/ 38)، وابن حبان (276 و 277)، والقضاعى في مسند الشهاب (499 و 500 و 501)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1059) والزهد (890 و 892) والبغوى (4214) مرفوعا من طريق آخر.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (200)، والحميدي (266)، وأحمد في الزهد (916)، وأبو داود في الزهد (315)، والترمذي بإثر (2414)، والبغوى في الجعديات (1593)، والبيهقي في الزهد (891) موقوفا.
وقال البخاري كما في علل الترمذي: أخطأ النضر، إنما روى هذا شعبة عن واقد بن =
قوله: كتب معاوية إلى عائشة رضي الله عنها أن اكتبي لي كتابا توصيني فيه ولا تكثري عليّ، الحديث، معاوية
(1)
: هو معاوية بن أبي سفيان، واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموي رئيس قريش
(2)
، أسلم يوم الفتح روى عنه ابنه معاوية وابن عباس وغيرهما، توفي سنة اثنين وثلاثين أو إحدى وثلاثين وله ثمان وثمانون سنة، وأما عائشة فهي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تقدم ذكر فضائلها، ومن فضائلها أيضًا ما قيل في الحديث "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
(3)
وهذا الحديث متفق عليه، وإنما ضرب المثل لوجوه، أحدها: لأنه أفخر طعام العرب، والثاني: لأنه يأخذ جوهر الطعام كله بالمرق، والثالث: لأنه أسهل تناولا من غيره
(4)
.
= محمد، عن رجل، عن ابن أبي مليكة [وروى عثمان بن واقد، عن أبيه، عن ابن المنكدر، عن عروة، عن عائشة، وهذا أصح. وروى سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية بهذا الحديث.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة في العلل (1800): هذا خطأ، رواه شعبة، عن واقد بن محمد، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة موقوفا وهو الصحيح. وزاد أبو حاتم: الخطأ إما من المحاربي، وإما من عثمان. وقال الدارقطني في العلل (3524): ورفعه لا يثبت. وصحح المرفوع الألباني في الصحيحة (2311) وصحيح الترغيب (2250).
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 101 - 104 ترجمة 588).
(2)
المصدر السابق (2/ 239 ترجمة 798).
(3)
أخرجه البخاري (3411) و (3433) و (3769) و (5418)، ومسلم (70 - 2431) عن أبى موسى.
(4)
الميسر للتوربشتى (4/ 1341)، وشرح المشكاة (11/ 3621) للطيبى، وشرح المصابيح (6/ 477) لابن ملك.
وروى ابن سعد عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيت جبريل عليه السلام واقفا في حجرتي هذه على فرس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيه فلما دخلت، قلت: من هذا الذي رأيتك تناجيه، قال:"وهل رأيتيه؟ " قلت: نعم، قال:"فمن شبهتيه" قلت: بدحية، قال: ذاك جبريل عليه السلام
(1)
.
وقال ابن سعد بإسناده عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: فضلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة؟ قيل: وما هن يا أم المؤمنين، قالت: لم ينكح بكرا قط غيري، ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله براءتي من السماء وجاءه جبريل بصورتي من السماء في حريرة، وقال: تزوجها فإنها امرأتك وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، وكان يصلي وانما معترضة بين يديه كالجنازة ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري وكان ينزل عليه الوحي وهو معي في فراشي ولم ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري ومات في الليلة التي كان يدور علي فيها، ودفن في بيتي. وفي رواية ابن سعد: وبني بي لتسع سنين ورأيت جبريل ولم تره امرأة غيري وكنت أحب نسائه
(2)
إليه، وكان أبي أحب أصحابه إليه ذكره في مرآة الزمان.
قوله: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس" الحديث، الالتماس الطلب، والسخط: بفتحتين وضم الطاء ضد الرضى، والمراد
(1)
الطبقات (8/ 67 - 68).
(2)
الطبقات (8/ 63 - 64).
بإرضاء الناس بسخط الله أن يتقرب إليهم بما يكون معصية عند الله تعالى كالظلم والكذب والغيبة والنميمة والنفاق ومدحهم بما ليس فيهم ومعاونتهم على الإثم والعدوان قاله شارح الأربعين الودعانية للأصبهاني
(1)
.
قوله: "ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس" ومعنى "وكله الله إلى الناس" يقال: وكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت عليه، وقال بعضهم: وكله الله إلى الناس أي فوض أمره إليهم وسلطهم عليه فيؤذوه.
3404 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطة ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ويزين قوله عمله في عينه رواه الطبراني بإسناد جيد قوي
(2)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه" الحديث، أيها المريد ائتزر رضا الله على غيره وإن كانت فيه المعاطب والمهالك ولو أغضبت الخلق فلا تبالي بما هنالك وهذه درجة
(1)
شرح الأربعين (ص 278 الحديث الثلاثون).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 268 رقم 11696). قال الهيثمي في المجمع 10/ 224 - 225: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير يحيى بن سليمان الجفري، وقد وثقه الذهبي في آخر ترجمة يحيى بن سليمان الجعفي. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1363).
الأنبياء وأعلاها للرسل قال العلماء: الرضا والسخط من الله تعالى، المراد بها أمره ونهيه أو ثوابه وعقابه أو إرادة الثواب لبعض العبادات أو العقاب لبعضهم - والله أعلم - الأصفياء وأعلاها لأولي العزم الأغلياء وأعلاها لنبينا سيد الأحباء الأخفياء فمن آثر رضا الله على رضا الخلق كفاه الله، ومن آثر رضاهم على رضاه خذله مولاه، قال بعض السلف: لمصانعة وجه واحد أيسر عليك من مصانعة وجوه كثيرة إنك إذا صانعت ذلك الوجه الواحد كفاك الوجوه كلها، وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: رضا الناس غاية لا تدرك فعليك بما فيه صلاح نفسك فالزمه، ومعلوم أنه لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا بارئها ومولاها على غيره كما قال أبو فراس رحمه الله ولقد أحسن فيما قال:
فليتك تحلو والأيام مريرة
…
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
…
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
…
وكل الذي فوق التراب تراب
ومعلوم أن المؤثر لرضى ذي الجلال والإكرام متعرض لسخط الأنام هذه سنة الله في عباده وإلا فما ذنب الرسل والأنبياء والعباد والذين يأمرون بالقسط من الناس الدابين على كتاب الله وسنة رسوله والإجماع والقياس فمن آثر رضى الله تعالى فلا بد أن تعاديه رذالة العالم وسفلة بني آدم وأهل البدع منهم والفجور وأهل الرياسات الباطلة فمن ليس عندهم نور
(1)
، أ. هـ. قاله صاحب تهذيب النفوس.
(1)
مدارج السالكين (2/ 285 - 287) باختصار.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ويزين قوله عمله في عينه" الحديث، وفي هذا المعنى جملة من الأحاديث وهي تدل على أن من خلصت نيته وصفت من شوائب الرياء طويته يقلب الله له قلوب الخلق بالمودة ويزينه في أعينهم ليحبوه وإن كان قد أتى بما يكرهونه ولقد شاهدنا من عادى في الله وأبغض في الله فأعقبت المعاداة موالاة وانقلب البغض محبة ومصافاة ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين خلقه، ولله عاقبة الأمور
(1)
. أ. هـ.
3405 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرضى سلطانا بما يسخط ربه خرج من دين الله رواه الحاكم وقال تفرد به علاق بن أبي مسلم عن جابر والرواة إليه كلهم ثقات
(2)
.
قوله: وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أرضى سلطانا بما يسخط ربه خرج من دين الله" الحديث، ودين الله هو الإسلام، وفي الحديث أن هذا دين ارتضيته لنفسي يعني وتقدم معنى الرضى والسخط في الأحاديث قبله.
3406 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده له ذاما رواه البزار وابن حبان في صحيحه
(1)
تنبيه الغافلين (ص 117).
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 104)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 326). وقال الحاكم: تفرد به علاق والرواة إليه ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (5197)، وضعيف الترغيب (1364) وحكم عليه بالوضع.
ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله ومن أسخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس ورواه البيهقي بنحوه في كتاب الزهد الكبير وفي رواية له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد سخط الله ورضا الناس عاد حامده من الناس ذاما
(1)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده له ذاما" الحديث، المحامد جمع محمدة وهي الحمد.
وقوله: "عاد حامده من الناس ذاما" عاد بمعنى صار، فلذلك احتاج إلى خبر وهو ذاما، فإن كان بمعنى رجع تم بفاعله ولم يحتج إلى خبر، مثال
(1)
أخرجه البزار كما في الكشف (3568)، والباغندى في الأمالى (20) ومن طريقه ابن بشران في أماليه (722) والخطيب في المهروانيات (129)، والعقيلى في الضعفاء (3/ 343)، والخرائطى في مساوئ الأخلاق (221)، وابن الأعرابى في المعجم (833)، وابن عدى في الكامل (7/ 182)، والبيهقي في الزهد (887) و (888). قال البزار: لا نعلم أحدا أسنده إلا قطبة عن أبيه، ورواه غيره عن هشام، عن أبيه موقوفا. وقال العقيلى: ولا يصح في الباب مسندا، وهو موقوف من قول عائشة. وقال ابن عدى: وإنما البخاري أشار إلى هذا وأنكرها عليه ولقطبة عن الثوري وعن غيره أحاديث مقاربة وأرجو أنه لا بأس به. وقال الدارقطني في العلل (3524): يرويه قطبة بن العلاء، عن أبيه العلاء بن المنهال، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، ورفعه لا يثبت.
قال أبو بكر الخطيب رحمه الله: هذا حديث غريب من حديث عروة عن عائشة أم المؤمنين. وقال الهيثمي في المجمع 10/ 225: رواه البزار من طريق قطبة بن العلاء، عن أبيه، وكلاهما ضعيف. وقال الألباني: منكر ضعيف الترغيب (1365).
الأول: عاد الماء ملحا والرطب تمرا، أي صار، ومثال الثاني: عاد زيد من سفره، أي رجع والله أعلم، قاله الأصبهاني في شرح الودعانية
(1)
.
3407 -
وروي عن عبد الله بن عصمة بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحبب إلى الناس بما يحبونه وبارز الله تعالى لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان رواه الطبراني
(2)
.
قوله: وروي عن عبد الله بن عصمة بن [فاتك] مالك.
قوله: "من تحبب إلى الناس بما يحبونه وبارز الله تعالى [بما يكرهون] لقي الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان" المبارزة المحاربة والغضب في حق الله تعالى هو انتقامه ممن عصى وهو ضد الرضى والله تعالى أعلم.
(1)
شرح الأربعين الودعانية (ص 222/ الحديث السابع).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 186 رقم 499). قال الهيثمي في المجمع 10/ 224: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف. وقال الألباني في الضعيفة (3987) و (6654) وضعيف الترغيب (1366): موضوع.