الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم]
3387 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدا جفا ومن تبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا رواه أحمد بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح
(1)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.
(1)
أخرجه إسحاق (429 و 430)، وأحمد 2/ 371 (8958) و 2/ 440 (9814)، وأبو داود (2860)، والبزار (9743)، وابن حبان في المجروحين (1/ 233)، وابن عدى في الكامل (1/ 518)، والقضاعى في مسند الشهاب (339)، والبيهقي في الكبرى (10/ 173 رقم 20255) والشعب (12/ 27 - 28 رقم 8956).
قال البزار: وهذا الحديث رواه شريك، عن الحسن بن الحكم، عن عدي بن ثابت، عن البراء وقال إسماعيل، عن الحسن، عن عدي، عن أبي حازم والحسن فليس بالحافظ. قال أبو حاتم في العلل (2230): كذا رواه، ورواه غيره عن الحسن بن الحكم، عن عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشبه. قال الدارقطني في العلل (1548): يرويه الحسن به الحكم النخعي، واختلف عنه؛ فرواه إسماعيل بن زكريا، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه حاتم بن إسماعيل، ويعلى بن عبيد، ويحيى بن عيسى. . . الرملي، عن الحسن بن الحكم، عن عدي بن ثابت، عن شيخ من الأنصار، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن حبان - بعد أن ذكر معه حديثا آخر -: هذان الخبران بهاتين اللفظتين باطلان. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 246: رواه أحمد، والبزار، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة. وحسنه الألباني في الصحيحة (1272) وصحيح الترغيب (2240).
قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدا جفا ومن تبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن" الحديث، بدا بالدال المهملة يعني من سكن البادية جفا، والجفاء غلظ القلب، وأهل البادية هم الأعراب ويغلب فيهم الجهل والجفاء، والبادية والبدو بمعنى وهم ما عدا الحاضرة والعمران، والنسبة إليها بدوى والبداوة الإقامة بالبادية وهي بكسر الباء عند جمهور أهل اللغة وقال أبو زيد هي بفتح الباء، قال ثعلب: لا أعرف البداوة بالفتح إلا عن أبي زيد وقال أبو عمرو غلام ثعلب معناه من سكن البادية غلظ طبعة لقلة مخالطة الناس وصار جافيا بعيدا عن الطباع ومكارم الأخلاق وتقول منه: بدوت أبدو إذا أتيت البادية فاعتزلت عن الناس وحضرت إذا أتيت الحاضرة ويروي الحضارة وهي الأمصار
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن تبع الصيد غفل" يعني أنه يشغله عن الجماعة وحضور مجالس الذكر للاشتغال بالصيد ومعناه أنه يغفل قلبه ويستولي عليه محبته حتى يصده عن الخيرات فكأن قلبه غفل لا سمة عليه ولا أثر من عمل صالح ومنه يقال بعير غفل أي لا سمة عليه ولا أثر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن أتى أبواب السلطان افتتن" وأما الفتنة بالقرب من السلطان فلأنه أن وافقه فيما يأتيه خاطر بدينه وإن لم يوافقه خاطر بدنياه، أ. هـ، ذكره صاحب التنقيح
(2)
، وعن قتادة أن ابن مسعود قال: إن على
(1)
الصحاح (6/ 2278)، والفائق (1/ 87)، وشرح النووي على مسلم (1/ 169)، والنهاية (1/ 108) و (1/ 281).
(2)
كشف المناهج والتناقيح (3/ 286).
أبواب السلاطين فتنا كمبارك الإبل والذي نفسي بيده لا تصيبون من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينكم مثله
(1)
.
وقال وهب بن منبه: إن جمع المال وغشيان السلطان لا يبقيان من حسنات المرء إلا كما يبقيان ذئبان جائعان ضاريان سقطا في حظار فيه غنم يجوسان حتى أصبحا
(2)
.
وقال الفضيل: ما عمل عندي أرجي من بغض هؤلاء يعني السلاطين الظلمة.
وقال أبو حازم: إن العلماء كانوا يفرون من السلطان ويطلبهم وأنهم اليوم يأتون أبواب السلطان والسلطان يفر منهم
(3)
.
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي
(4)
: قال علماؤنا معنى هذا كله في السلطان الجائر الفاسق فأما العدل منهم الفاضل فمداخلته ورؤيته وعونه على الصلاح من أفضل أعمال البر، ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز إنما كان يصحبه جلة العلماء مثل عروة بن الزبير وطبقته وابن شهاب وطبقته وقد كان ابن شهاب يدخل إلى عبد الملك وبنيه من بعده وكان ممن يدخل على السلطان الشعبي وقبيصة بن ذؤيب والحسن وأبو زياد ومالك بن أنس
(1)
أخرجه عبد الرزاق في الجامع (20644).
(2)
جامع بيان العلم وفضله (1/ 639).
(3)
تاريخ ابن أبي خيثمة (2712 و 2713)، وجامع بيان العلم وفضله (1/ 635).
(4)
هذا كلام ابن عبد البر كما في جامع بيان العلم وفضله (1/ 644).
والأوزاعي والشافعي وغيرهم من العلماء الفضلاء، وإذا حضر العلماء عند السلطان فيما فيه الحاجة إليه قال خيرا ونطق بعلم كان حسنا وكان ذلك في رضوان الله إلى يوم يلقاه ولكنها مجالس الفتنة فيها أغلب والسلامة منها ترك ما فيها.
3388 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
فائدة: واختلف الناس في سن ابن عباس عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل عشر سنين وقيل ثلاث عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة وهو رواية سعيد بن جبير عنه قال الإمام أحمد بن حنبل وهو الصواب، قاله في مرآة الزمان.
قوله: "من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل" تقدم الكلام على هذا الحديث في حديث أبي هريرة أول الباب.
قوله: "من بدا جفا" أي من نزل البادية صار فيه جفاء الأعراب أي غلظ
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة 6/ 465 (32957)، وأحمد 1/ 357 (3425)، والبخاري في التاريخ الكبير (9/ 70)، وأبو داود (2859)، والترمذي (2406)، والنسائي في المجتبى 7/ 78 (4349) والكبرى (4802)، والطبراني في الأوسط (1/ 175 - 176 رقم 556) والكبير (11/ 56 رقم 11030) وعنه أبو نعيم في الحلية (4/ 72).
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس، لا نعرفه إلا من حديث الثوري. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2241)، والصحيحة (1272).
طبعه ويغلب فيه الجهل والجفاء والبادية والبدو بمعنى وهو ما عدا الحاضرة والعمران والنسبة إليها بدوي، والبداوة الإقامة بالبادية وهي بكسر الباء عند جمهور أهل اللغة أي من سكن البادية فلا يرق قلبه لبر أو صلة وظلم على نفسه بترك الجمعة والجماعات ومجالس العلم
(1)
.
قوله: "ومن اتبع الصيد غفل" أي يشتغل به قلبه ويستولي عليه حتى تصير فيه غفلة أي من واظب على الاصطياد واتخذه حرفة للهو والطرب فقد غفل عن الصلاة والعبادة ومن عملها للأضرار أو ليبيع ما يصطاده ليجعله قوتا جاز
(2)
.
3389 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي يا كعب بن عجرة الصيام جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصلاة قربان أو قال برهان يا كعب بن عجرة الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها رواه أحمد واللفظ له والبزار ورواتهما محتج بهم في الصحيح ورواه ابن حبان في صحيحه إلا أنه قال ستكون أمراء من دخل عليهم فأعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم فليس مني ولست منه ولن يرد
(1)
المفاتيح (4/ 305 - 306)، وشرح المشكاة (8/ 2580) للطيبى.
(2)
المصدرين السابقين.
على الحوض ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه وسيرد على الحوض الحديث ورواه الترمذي والنسائي من حديث كعب بن عجرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض الحديث واللفظ للترمذي
(1)
.
3390 -
وفي رواية له أيضًا عن كعب بن عجرة قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن تسعة خمسة وأربعة أحد العددين من العرب والآخر من العجم
(1)
أما حديث جابر: أخرجه عبد الرزاق في الجامع (20719) وعنه إسحاق في مسنده كما في (الأمالي المطلقة 2/ 214) وأحمد 3/ 321 (14665)، وعبد بن حميد (1138) ومن طريقه وابن حبان (4514)، والحاكم (1/ 79) و (4/ 127) و (4/ 422)، وأحمد 3/ 399 (15517)، والدارمي (2983) مختصرا، والبزار (1609 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (1999)، والطحاوي في مشكل الآثار (1345)، وابن حبان (1723)، والحاكم 3/ 479 - 480، وأبو نعيم في الحلية (8/ 247)، والبيهقي في الشعب (12/ 25 - 26 رقم 8952)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (2106). قال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ عن جابر إلا بهذا الإسناد. وقال أبو نعيم: لم يسقه هذا السياق من حديث جابر إلا ابن خثيم، تفرد به، رواه عنه الأعلام. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وقال الحافظ: هذا حديث صحيح، وابن خثيم حسن الحديث، وأصل هذا الحديث قد وقع لنا في رواية كعب بن عجرة نفسه، وهو شاهد قوي بهذا الطريق، وباقيه وقع مفرقًا في عدة أحاديث من غير هذا الوجه. وصححه الألباني في الظلال (757) وصحيح الترغيب (2242).
فقال اسمعوا هل سمعتم إنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد على الحوض ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه وهو وارد على الحوض قال الترمذي حديث غريب صحيح
(1)
.
قوله: وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: أعاذك الله من إمارة السفهاء" قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: "أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي" الحديث.
(1)
أما حديث كعب بن عجرة: أخرجه الترمذي (614) و (615) و (2259)، والنسائي في المجتبى 6/ 635 (4245) و 6/ 637 (4246)، وابن أبي عاصم في السنة (756 و 759) والآحاد والمثانى (2064 و 2065 و 2066)، وابن حبان (279) و (282 و 283) و (285)، والطبراني في الكبير 19/ 105 (212) و 19/ 134 (294 و 295) و 19/ 135 (296 و 297 و 298) و 19/ 140 و 141 (308 و 309 و 310) و 19/ 145 (318) و 19/ 159 و 160 (354 و 356) و 19/ 162 (361) والأوسط (1/ 233 - 134 رقم 764) و (3/ 139 - 140 رقم 2730) و (4/ 377 - 378 رقم 4480) و (5/ 205 - 206 رقم 5093)، والحاكم (1/ 78 - 79).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث عبيد الله بن موسى. وقال في الموضع الأخير: هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه. وصححه الألباني في "الظلال"(756) وصحيح الترغيب (2243).
عجرة
(1)
: بضم العين وإسكان الجيم الأنصاري المدني كنيته أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: إسحاق من بني سالك بن عوف، وقيل: من غيرهم، وقيل: من حلفاء الأنصار شهد الحديبية
وفيه نزلت: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}
(2)
الآية، روي عن النبي وعن عُمر وبلال، توفي سنة إحدى أو اثنين وخمسين، أ. هـ
وقال الشيخ تقي الدين الحصني
(3)
: فيه إشارة إلى الموت على غير التوحيد لأنه عليه الصلاة والسلام تبرأ منه وأخبر أنه لا يرد عليه الحوض وهذا شأن الكفار والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا كعب بن عجرة الصيام جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصلاة قربان" إلى آخره تقدم تفسير بعض هذه الألفاظ، وسيأتي الكلام على باقي ألفاظ هذا الحديث إن شاء الله تعالى.
وقوله صلى الله عليه وسلم في رواية الترمذي: "أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء تكون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم" الحديث، ومن أعظم ما يخشى على من دخل على الملوك الظلمة أن يصدقهم بكذبهم ويعينهم على ظلمهم ولو بالسكوت عن الإنكار عليهم فإن من يريد بدخوله
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 68 ترجمة 527). وزاد: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة وأربعون حديثا، اتفقا منها على حديثين، وانفرد مسلم بآخرين.
(2)
سورة البقرة، الآية:196.
(3)
قمع النفوس (لوحة 39).
عليهم الشرف والرياسة وهو حريص عليهما لا يقدم على الإنكار بل ربما حسن لهم بعض أفعالهم القبيحة تقربا إليهم ليحسن موقعه عندهم ويساعدوه على غرضه، وقد كان كثير من السلف ينهون عن الدخول على الملوك لمن أراد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر أيضًا وممن نهي عن ذلك عمر بن عبد العزيز وابن المبارك والثوري وغيرهم من الأئمة، وقال ابن المبارك: ليس الآمر الناهي عندنا من دخل عليهم فأمرهم ونهاهم إنما الآمر الناهي من اعتزلهم وسبب هذا ما يخشى من فتنة الدخول عليهم فإن النفس قد تخيل للإنسان إذا كان بعيدا عنهم أنه يأمرهم وينهاهم ويغلظ عليهم فإذا شاهدهم فربما مالت النفس إليهم لأن محبة الشرف كامن في النفس محسنت له بذلك مداهنتهم وملاطفتهم وربما مال إليهم وأحبهم ولا سيما إن لاطفوه وأكرموه وقبل ذلك منهم وقد جرى ذلك لابن طاووس مع بعض الأمراء بحضرة أبيه طاووس فوبخه طاووس على فعله ذلك، أ. هـ ذكره ابن رجب الحنبلي
(1)
.
وقال أبو حازم: إن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء فلما رأى ذلك قوم من رذالة الناس تعلموا ذلك العلم وأتوا به أبواب السفهاء فاستغنت بهم عن العلماء واجتمع الناس على المعصية فسقطوا وانتكسوا ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم لم تزل الأمراء تهابهم
(2)
.
(1)
مجموع رسائل ابن رجب (1/ 85 - 86).
(2)
أخرجه الدينورى في المجالسة (3456)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 40).
وقال وهب: لما بعث الله عز وجل موسى وهارون قال: لا يرو عنكما لباسه الذي يلبس من الدنيا فإن ناصيته بيدي لا ينطق ولا يطرف ولا يتنفس إلا بإذني
(1)
.
وتكلم شقيق ببلخ في الأمراء والعلماء حتى رفع الخبر إلى الأمير فدعاه والعلماء مجتمعون حوله فقال له الأمير: ما حرفتك؟ قال: خادم، قال: خادم من أنت؟ قال: خادم مقلب القلوب، قال: وما لك والوقيعة في الأمراء والعلماء؟ قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العلماء ورثة الأنبياء والسلطان ظل الله عز وجل" فالوارث بالاقتداء يكون والظل ما يسكن القلب إذا أويت إليه فلو دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أينا كان يستحي أنا أم أنت أم هؤلاء، قال: اذهب فإني أشهدك أنك خادم مقلب القلوب
(2)
، ذكره صاحب تهذيب النفوس.
3391 -
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء فرفع بصره إلى السماء ثم خفض حتى ظننا أنه حدث في السماء أمر فقال ألا إنها ستكون بعدي أمراء يظلمون ويكذبون فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم فليس مني ولا أنا منه ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه حديث رواه أحمد وفي إسناده راو لم يسم وبقيته ثقات محتج بهم في الصحيح
(3)
.
(1)
الزهد لابن أبي الدنيا (62).
(2)
روضة الأمراء ودوحة الوزراء (ص 58).
(3)
أخرجه أحمد 4/ 267 (18644) ومن طريقه ابن حجر في الأمالى المطلقة (ص 222). =
قوله: وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله: "فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم" الحديث، مالأهم بالهمز أي ساعدهم عليه، قال أبو زيد: مالأت فلانا على الأمر ممالأة ساعدته عليه وشايعته، وقال ابن السكيت: تمالئوا على الأمر اجتمعوا عليه قاله الجوهري في صحاحه
(1)
.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}
(2)
[ولا تركنوا يقول: لا تدهنوا].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل لأمتي من علماء السوء يتخذون هذا العلم تجارتهم يبيعونه من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم لا أربح الله تجارتهم"
(3)
.
وقال الحسن: لا تأتوا أهل البدع فتمرض قلوبكم ولا تأتوا الملوك فتسلبوا دينكم. وقيل لرجاء بن حيوة: إنك كنت تأتي الأمراء فتركتهم قال:
= قال الهيثمي في المجمع (5/ 247): رواه أحمد وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح. قال ابن حجر: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2244).
(1)
الصحاح (1/ 73).
(2)
سورة هود، الآية:113.
(3)
أخرجه الديلمي كما في الغرائب الملتقطة (2790) من طريق الحاكم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد العدل، حدثنا أبو الفضل صالح بن نوح، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أبي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، حدثنا الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن أنس.
وضعفه الألباني في الضعيفة (5235).
يكفيني الذي تركتهم له. وقال الثوري: إياكم والظلم وأبواب من يأتي الظلمة فإن معهم فتنا مثل فتن الدجال لا يخالطهم أحد إلا دنسوه.
وقال الفضيل: لو أن أهل العلم أكرموا أنفسهم وحبوا على دينهم وأعزوا هذا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنزله الله لخضعت لهم الجبابرة وإنفاذ الناس لهم وكانوا لهم تبعا وأعزوا الإسلام وأهله ولكن استذلوا أنفسهم ولم يبالوا ما نقص من دينهم إذا سلمت لهم دنياهم وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا ليصيبوا مما في أيديهم فذلوا وضيعوا وهانوا على الناس وقد قال بعضهم في معنى ذلك:
إِنَّ الْمُلُوكَ بَلَاءٌ حَيْثُ مَا حَلُّوا
…
فَلَا يَكُنْ لَكَ فِي أَكْنَافِهِمْ ظِلُّ
مَاذَا تُؤَمِّلُ مِنْ قَوْمِ إِذَا غَضِبُوا
…
جَارُوا عَلَيْكَ وَإِنْ رَضِيتَهُمْ مَلُّوا
وَإِنْ نَصَحْتَهُمْ ظَنُّوكَ تَخْدَعُهُمْ
…
وَاسْتَثْقَلُوكَ كَمَا يُسْتَثْقَلُ الْكَلُّ
فَاسْتَغْنِ بِاللهِ عَنْ أَبْوَابِهِمْ كَرَمًا
…
إِنَّ الْوُقُوفَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ ذُلُّ
(1)
3392 -
وعن عبد الله بن خباب عن أبيه رضي الله عنهما قال كنا قعودا على باب النبي صلى الله عليه وسلم فخرج علينا فقال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال إنه سيكون بعدي أمراء فلا تصدقوهم بكذبهم ولا تعينوهم على ظلمهم فإن من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم لم يرد على الحوض رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه واللفظ له
(2)
.
(1)
العزلة (ص 93 - 95) للحطابى.
(2)
أخرجه أحمد 5/ 111 (21460) و 6/ 395 (27861)، وابن أبي عاصم في السنة (757)، وأبو يعلى كما في الأمالى المطلقة (219)، والشاشي في المسند (927)، وأبو =
قوله: وعن عبد الله بن خباب عن أبيه رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ستكون بعدي أمراء فلا تصدقوهم بكذبهم ولا تعينوهم على ظلمهم" الحديث، الدخول على الظلمة بغير قصد صحيح بل إعانة لهم وتوقير ومحبة، قال الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}
(1)
الآية، وقال تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}
(2)
الآية، قد يقول من اعتاد الدخول على الملوك والظلمة والقضاة الجورة إنما قصدي في ذلك نصر مظلوم أو مساعدة ضعيف أو دفع مظلمة أو التسبب في معروف ونحو ذلك، وهذا لا يخلوا إما أن يكون يتناول من مأكلهم مشاربهم ويشاركهم في مقاصدهم ومآربهم ويقبل من أموالهم التي اكتسبوها من [الجهات] المحرمات ووجوه المظالم والمكوس والمصادرات ويداهنهم فيما يراه عندهم من المنكرات فهذا لا يحتاج النظر في سوء حاله إلى دليل إذ شهد كل ذي بصيرة أنه ضال عن سواء السبيل وأنه من الأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الجب وهم يحسبون
= أحمد الحاكم في الأسامى والكنى (5/ 228)، وابن حبان (284)، والطبراني في الكبير (4/ 59 رقم 3627 و 3628) والشاميين (1902)، والحاكم 1/ 78، والبيهقي في الشعب (12/ 23 رقم 8950).
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في المجمع 5/ 248: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح خلا عبد الله بن خباب وهو ثقة. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2245).
(1)
سورة المائدة، الآية:2.
(2)
سورة هود، الآية:113.
أنهم يحسنون صنعا ويزعمون أنهم مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ليت شعري كيف يمكن من يأكل من أموالهم أن ينكر قبيح [أفعا] لهم وأنى يرجع الظلم منهم إليه وهو يرى فاقته في الصحبة واللقمة عليه وهو يقبل منه الكلام وباطنه قد امتلأ من ماله الحرام واختصار الكلام في مثل هذا ألين والسلام قاله ابن النحاس في تنبيهه
(1)
.
3393 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون أمراء تغشاهم غواش أو حواش من الناس يكذبون ويظلمون فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه رواه أحمد واللفظ له وأبو يعلى ومن طريق ابن حبان في صحيحه إلا أنهما قالا فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأنا منه بريء
(2)
.
(1)
تنبيه الجاهلين (ص 243).
(2)
أخرجه الطيالسي (2337)، وأحمد 3/ 24 (11362) و 3/ 92 (12053)، وبحشل في تاريخ واسط (ص 45 - 46)، وأبو يعلى (1187) و (1286)، وأبو محمد الفاكهى في الفوائد (197)، وابن حبان (286)، والطبراني كما في الأمالى المطلقة (222 - 223)، والبيهقي في الشعب (12/ 23 رقم 8950)، والخطيب في المتفق والمفترق (2/ 1026 - 1027) وقال الهيثمي في المجمع 5/ 246 - 247: رواه أحمد، وأبو يعلى بنحوه وزاد:"فأنا منه بريء وهو مني بريء". وفيه سليمان بن أبي سليمان القرشي ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2246). ولم يذكر المصنف تحته شرحا.
3394 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن ناسا من أمتي سيتفقهون في الدين ويقرؤون القرآن يقولون نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم ونعتزلهم بديننا ولا يكون ذلك كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك كذلك لا يجتنى من قربهم إلا قال ابن الصباح كأنه يعني الخطايا رواه ابن ماجه ورواته ثقات
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن ناسا من أمتي سيتفقهون في الدين ويقرؤون القرآن يقولون نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم" الحديث، تقدم الكلام على هذا الحديث في أوائل هذا التعليق.
3395 -
وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأهله فذكر عليا وفاطمة وغيرهما فقلت يا رسول الله أنا من أهل البيت قال نعم ما لم تقم على باب سدة أو تأتي أميرا تسأله رواه الطبراني في الأوسط ورواته ثقات والمراد بالسدة هنا باب السلطان ونحوه ويأتي في باب الفقر ما يدل له
(2)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه (255)، والمروزى في أخبار الشيوخ (213)، والطبراني في الأوسط (8/ 150 رقم 8236) والشاميين (2556)، وابن أخى ميمون الدقاق في الفوائد (361)، وابن عساكر في تاريح دمشق (14/ 314)، والضياء في المختارة 11/ 167 (154). قال البوصيرى في الزجاجة 1/ 38: هذا إسناد ضعيف عبيد الله بن أبي بردة لا يعرف. وضعفه الألباني في المشكاة (262) والضعيفة (1250) و (2625)، وضعيف الترغيب (86) و (1357).
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 98 رقم 2607)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 180 - 181)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 172 - 173). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن طريف إلا خالد. وقال الهيثمي في المجمع 9/ 173: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (5366) وضعيف الترغيب (1358).
قوله: وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه، كنيته: أبو عبد الرحمن بن بجدد الهاشمي من أهل الشراة موضع بين مكة واليمن، وقيل: إنه من حمير أصابه سبي فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه فنزل الرملة ثم انتقل إلى حمص وابتنى بها دارا وتوفي بها سنة خمس وأربعين، وقيل: سنة أربع وخمسين وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه فعرف الخوف في وجهه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غير لونك؟ فال: يا رسول ما بي مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم إني ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنك ترفع من النبيين وإني إن دخلت الجنة دخلت في منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبدا فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}
(1)
الآية، ذكره ابن العماد في شرح العمدة، روى ثوبان عن رسول الله مائة حديث وسبعة وعشرين حديثا روى له مسلم عشرة أحاديث
(2)
.
قوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأهله فذكر عليا وفاطمة وغيرهما فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت قال "نعم ما لم تقم على باب سدة أو تأتي أميرا تسأله" والمراد بالسدة هنا باب السلطان ونحوه هكذا ذكره الحافظ.
(1)
سورة النساء، الآية:69.
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 140 - 143 ترجمة 96).
3396 -
وعن علقمة بن أبي
(1)
وقاص الليثي رضي الله عنه أنه مر برجل من أهل المدينة له شرف وهو جالس بسوق المدينة فقال علقمة يا فلان إن لك حرمة وإن لك حقا وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء فتتكلم عندهم وإني سمعت بلال بن الحارث رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة قال علقمة انظر ويحك ماذا تقول وما تكلم به فرب كلام قد منعنيه ما سمعت من بلال بن الحارث رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه وروى الترمذي والحاكم المرفوع منه وصححاه
(2)
.
(1)
كذا هو في الأصل وإنما هو علقمة بن وقاص الليثي.
(2)
أخرجه مالك في الموطأ (2818)، والحميدى (935)، وسعيد بن منصور في التفسير (607)، وابن أبي شيبة في المسند (552)، وأحمد 3/ 469 (16094) والزهد (81)، وعبد بن حميد (358)، وهناد في الزهد (1141)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 106 - 107، وفي الصغير 1/ 94 - 95، وابن ماجه (3969)، والترمذي (2319)، والنسائي في الكبرى (11769 - 11771)، وابن حبان (280) و (281) و (287)، والحاكم 1/ 45 - 46، والبيهقي في الكبرى (8/ 285 رقم 16666) والشعب (7/ 32 رقم 4606)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (2185).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة (888) وصحيح الترغيب (2247) و (2878).
قوله: وعن علقمة بن وقاص الليثي
(1)
رضي الله عنه[علقمة بن وقاص الليثي ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر الواقدي، قاله أبو عمر، وقال ابن منده: روى عنه ابنه عمرو، أنه قال: شهدت الخندق، وكنت في الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، يعني ابن منده، في الصحابة، وذكره الحاكم أبو أحمد، والناس في التابعين، وتوفي أيام عبد الملك بن مروان بالمدينة].
قوله: وإني سمعت بلال بن الحارث رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، الحديث، هو: بلال بن الحارث المزني
(2)
أبو عبد الرحمن المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن مسعود وعمر بن الخطاب روى عن بلال بن الحارث ولده وعلقمة بن وقاص وغيرهما ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من المهاجرين وهو أول من قدم من مزينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجال من مزينة في شهر رجب سنة خمس من الهجرة، جاء عنه ثمانية أحاديث، مات سنة ستين وله ثمانون سنة روى له الأر [بعة].
قوله: انظر ويحك ماذا تقول وما تكلم به، ويحك كلمة تقال [لمن وقع في هلكة لا يستحقها ترحما وتوجعا].
قوله فرب كلام قد منعنيه ما سمحت من بلال بن الحارث رب كلمة تقال [للتكثير والتقليل].
(1)
تهذيب التهذيب (7/ ترجمة 489).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 135 - 136 ترجمة 87).
ورواه الأصفهاني إلا أنه قال عن بلال بن الحارث أنه قال لبنيه إذا حضرتم عند ذي سلطان فأحسنوا المحضر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره.
قال حجة الإسلام الغزالي في الإحياء في أول كتاب آفات اللسان
(1)
: أما بعد، فإن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة فإنه صغير جرمه عظيم طاعته وجرمه إذا لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان ثم إنه ما من موجود أو معدوم خالق أو مخلوق متخيل أو معلوم مظنون أو موهوم إلا واللسان يتناوله ويتعرض له بإثبات أو نفي فإن كل ما يتناوله العلم يعرب عنه اللسان إما بحق أو باطل ولا شيء إلا والعلم متناول له وهذه خاصية لا توجد في سائر الأعضاء فإن العين لا تصل إلى غير الألوان والصور والآذان لا تصل إلى غير الأصوات واليد لا تصل إلى غير الأجسام وكذا سائر الأعضاء واللسان رحب الميدان ليس له مرد ولا لمجاله منتهى وحد له في الخير مجال رحب وله في الشر ذيل سحب فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هار.
(1)
إحياء علوم الدين (3/ 108).