الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الطعام وغيره]
[الترغيب في التسمية على الطعام والترهيب من تركها]
3199 -
عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَأْكُل طَعَامه فِي سِتَّة من أَصْحَابه فجَاء أَعْرَابِي فَأَكله بلقمتين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أما إِنَّه لَو سمى كفاكم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد فَإِذا أكل أحدكُم طَعَامه فليذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَإِن نسي فِي أَوله فَلْيقل بِسم الله أَوله وَآخره وَهَذِهِ الزِّيَادَة عِنْد أبي دَاوُد وَابْن مَاجَه مُفْردَة
(1)
.
قوله: عن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.
قولها: قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل طعامه في ستة من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه لو سمى لكفاكم" الحديث.
اعلم أن العلماء أجمعوا على استحباب التسمية (على)
(2)
الطعام في أوله،
(1)
أخرجه الطيالسي (1671)، وإسحاق (1288)، وأحمد 6/ 143 (25746) و 6/ 207 (26372) و 6/ 246 (26729) و 6/ 265 (26933)، والدارمي (2182)، وابن ماجه (3264)، أبو داود (3767)، والترمذي (1858) والشمائل (150) و (194)، والنسائي في الكبرى (10040)، وابن حبان (5414)، والحاكم في المستدرك (4/ 108). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قال البوصيري في الزجاجة 4/ 9: هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم إلا أنه منقطع قال ابن حزم في المحلى عبد الله بن عبيد لم يسمع من عائشة. قال الألباني: صحيح، الإرواء (1965)، صحيح الترغيب (2107)، تخريج الكلم الطيب (112).
(2)
سقطت من الأصل وأثبتناها من الأذكار (ص 372) للنووى.
ويستحب أن يجهر بالتسمية ليسمع غيره وينبهه عليها، ولو ترك التسمية في أول الطعام عامدا أو ناسيا أو جاهلا أو مكرها أو عاجزا لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكله منها استحب أن يسمي ويقول باسم الله أوله وآخره كما جاء في الحديث، والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق والدواء وسائر المشروبات كالتسمية على الطعام في كل ما ذكرناه، وتحصل التسمية بقوله باسم الله ويكفيه ذلك، وتحصل به السنة فإن قال: بسم الله الرحمن الرحيم كان حسنا وهو الأفضل وسواء في استحباب التسمية الجنب والحائض وغيرهما، وينبغي أن يسمي كل واحد من الآكلين، فإن سمي واحد منهم حصل أضل التسمية وأجزأ عن الباقين نص عليه الشافعي وهو شبيه برد السلام وتشميت العاطس فإنه يجزئ فيه قول أحد الجماعة
(1)
.
ويستدل له بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليه وهذا قد ذكر اسم الله عليه، ولأن المقصود يحصل بواحد كما ذكر والله أعلم
(2)
.
3200 -
وَرُوِيَ عَن سلمَان الْفَارِسِي رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من سره أَن لَا يجد الشَّيْطَان عِنْده طَعَاما وَلَا مقيلا وَلَا مبيتا فليسلم إِذا دخل بَيته وليسم على طَعَامه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(3)
.
(1)
الأذكار (ص 372)، وشرح النووي على مسلم (13/ 188 - 189).
(2)
شرح النووي على مسلم (13/ 188 - 189).
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 240 رقم 6102). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 38: رواه =
قوله: وروي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه وسلمان الفارسي من قرية من قرى أصبهان، يقال لها جي بجيم مفتوحة ثم ياء مفتوحة، توفي بالمدائن سنة ست وثلاثين وهو ابن مائتين وخمسين سنة، وقيل: أدرك وصي عيسى عليه السلام وتقدم الكلام عليه مبسوطًا.
قوله: "من سره أن لا يجد الشيطان عنده طعاما ولا مقيلا ولا مبيتا فليسلم إذا دخل بيته وليسم على طعامه" الحديث، ففي هذا الحديث أيضا تنبيه على فضيلة التسمية، وفي بستان العارفين للفقيه أبي الليث السمرقندي
(1)
: إذا بدأت فقل باسم الله وليكن طعامك من حلال لأنه يقال: من كان طعامه حراما فإذا قال باسم الله يقول الشيطان كل إني كنت معك حين اكتسبته وأنا شريكك فيه فلا أفارقك الآن، وإذا كان الطعام حلالا وذكرت فيه باسم الله يهرب الشيطان منك هربا شديدًا، وإذا لم تسم الله تعالى شاركك الشيطان فيه وذلك لقول الله لإبليس:{وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ}
(2)
أي إذا لم يذكروا اسمي: {وَالْأَوْلَادِ}
(3)
إذا لم يذكرن النساء اسمي في الولادة، وإذا قلت باسم الله فارفع صوتك حتى تلقن من معك، أ. هـ والله أعلم.
= الطبراني، وفيه أبو الصباح عبد الغفور وهو متروك. وقال ابن حجر في نتائج الأفكار 1/ 177: سنده ضعيف. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (5358)، وضعيف الترغيب (998) و (1282).
(1)
بستان العارفين (1/ 343 - 344).
(2)
سورة الإسراء، الآية:64.
(3)
سورة الإسراء، الآية:64.
3201 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول إِذا دخل الرجل بَيته فَذكر الله تَعَالَى عِنْد دُخُوله وَعند طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء وَإِذا دخل فَلم يذكر الله عِنْد دُخُوله قَالَ الشَّيْطَان أدركتم الْمبيت وَإِذا لم يذكر الله عِنْد طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
(1)
.
قوله: وعن جابر رضي الله عنه هو: ابن عبد الله تقدم.
قوله: "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء" الحديث، معناه: قال الشيطان لإخوانه وأعوانه ورفقته لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء، المبيت: مصدر بات والعشاء بفتح العين الطعام الذي يؤكل وقت العشاء ويستعمل فيما يؤكل في غير العشاء أيضًا يعني يقول الشيطان على سبيل الدعاء على أهل البيت: جعلكم الله محرومين كما جعلتموني محروما من الطعام والمبيت بأن ذكرتم الله
(2)
.
وفيه: تنبيه على أن الشيطان (لا يستطيع أن)
(3)
يأوي إلى بيت ذكر صاحبه اسم الله عند دخوله لا ينتفع من طعامه، وذلك أن انتهازه الفرصة من الإنسان
(1)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1096)، ومسلم (103 - 2018)، وابن ماجه (3887)، وأبو داود (3765)، والنسائي في اليوم والليلة (178) والكبرى (6724) و (9935)، وابن حبان (819).
(2)
المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 500).
(3)
الميسر في شرح المصابيح (3/ 951) للتوربشتى وحدث خلل في عبارة الأصل صوبناه من المصدر.
[دون] الغفلة ونسيان الذكر يقع منه موقع الغذاء من الإنسان لتلذذه به و (تقويه) أو إصابته من الطعام التقوي برائحته والذكر هو المانع له عن حضور الطعام.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان أدركتم المبيت والعشاء" الحديث، وسبب إدراكهم العشاء استحلالهم ما لم يذكر الله عليه والموجب لذلك الغفلة عن التسمية ففي هذا الحديث استحباب ذكر الله تعالى عند دخول البيت وعند الطعام والله أعلم.
3202 -
وَعَن أُميَّة بن مخشي رضي الله عنه وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن رجلا كَانَ يَأْكُل وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينظر فَلم يسم الله حَتَّى كَانَ فِي آخر طَعَامه فَقَالَ بِسم الله أَوله وَآخره فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ الشَّيْطَان يَأْكُل مَعَه حَتَّى سمى فَمَا بَقِي فِي بَطْنه شَيْء إِلَّا قاءه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد مخشي بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بعدهمَا شين مُعْجمَة مَكْسُورَة وياء
(1)
. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يسند أُميَّة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير هَذَا الحَدِيث
(1)
أخرجه ابن سعد في الطبقات (7/ 12)، وأحمد 4/ 336 (19266)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 6 - 7)، وأبو داود (3768)، والنسائي في الكبرى (6725) و (10041) - وهو في عمل اليوم والليلة (282) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1085 و 1086)، والطبراني في الكبير (1/ 291 رقم 854 و 855)، والحاكم 4/ 108 - 109. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وقال الألباني: ضعيف، ضعيف الترغيب (1283)، المشكاة (4203).
وَكَذَا قَالَ أَبُو عمر النمري وَغَيره.
قوله: وعن أمية بن مخشي رضي الله عنه ومخشي بفتح الميم، قال الدارقطني
(1)
: لم يسند أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث وكذا قال أبو عمر النمري
(2)
وغيره قاله المنذري.
قوله: أن رجلا كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر فلم يسم الله حتى كان في آخره فقال بسم الله أوله وآخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى فما بقي في بطنه شيء إلا قاءه" الحديث، قال النووي في الأذكار
(3)
: وهذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم تركه التسمية إلا في آخره إذ لو علم ذلك لم يسكت عن أمره بالتسمية.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى" الحديث، والصواب الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين أن هذا الحديث وشبهه من الأحاديث الواردة من أكل الشيطان محمولة على ظواهرها وأن الشيطان يأكل حقيقة إذ العقل لا يحيله والشرع لم ينكره بل أثبته فوجب قبوله واعتقاده والله أعلم
(4)
.
(1)
أطراف الغرائب والأفراد (1/ 401).
(2)
الاستيعاب (1/ 107) لابن عبد البر، والبغوي في معجم الصحابة (1/ 140 - 141)، وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 284).
(3)
الأذكار (ص 230).
(4)
شرح النووي على مسلم (13/ 190)، وشرح المشكاة (9/ 2838) للطيبي.
تتمة: وروى الطبراني موقوفا ورجال رجال الصحيح عن ابن مسعود قال: "إن شيطان المسلم يلقى شيطان الكافر فيولي شيطان المؤمن شاحبا أغبر فيقول له شيطان الكافر: ويحك ما لك قد هلكت؟ فيقول شيطان المؤمن: لا والله ما أصل معه إلى شيء، إذا طعم ذكر الله وإذا شرب ذكر اسم الله وإذ دخل بيته ذكر الله فيقول الآخر: لكني آكل من طعامه وأشرب من شرابه وأنام على فراشه"
(1)
فهذا شاحب وهذا مهزول، أ. هـ قاله في الديباجة.
فرع: قال النووي
(2)
: روينا عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي أن يسمي على طعامه فليقرأ قل هو الله أحد" وفي حديث: "من نسي أن يذكر الله في أول طعامه فليذكر اسم الله في آخره وليقرأ قل هو الله أحد إذا فرغ" رواه الطبراني بإسناد في ضعف كذا رأيته
(3)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق في الجامع (19560)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (9/ 156 رقم 8782) والبيهقي في الشعب (8/ 25 رقم 5447)، وابن شاذان في الأول من حديثه (16) من طريق أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود. قال الهيثمي في المجمع 5/ 22: رواه الطبراني موقوفا ورجاله رجال الصحيح. قلت: إسناده جيد.
(2)
الأذكار (ص 230).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 66 - 67 رقم 6867) باللفظ الثاني، وابن حبان في المجروحين (1/ 270)، والطبراني في الدعاء (890) وابن السنى في اليوم والليلة (460) وابن عدى (3/ 262)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 114) باللفظ الأول من طريق حمزة النصيبي، عن أبي الزبير، عن جابر. وقال: لم يرو هذا الحديث عن أبي الزبير إلا حمزة النصيبي. قال ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 34): هذا حديث موضوع، والمتهم به حمزة، وهو حمزة بن أبي حمزة الجعفي النصيبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 23: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه حمزة بن أبي حمزة النصيبي، وهو متروك.
فرع آخر
(1)
: روينا في كتاب ابن السني: عن عبد الله بن عمرو بن العاصي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الطعام إذا قرب إليه:
اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار باسم الله
(2)
.
3203 -
وَعَن حُذَيْفَة هُوَ ابْن الْيَمَانِيّ رضي الله عنه قَالَ كُنَّا إِذا حَضَرنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم طَعَاما لم يضع أَحَدنَا يَده حَتَّى يبْدَأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا حَضَرنَا مَعَه طَعَاما فجَاء أَعْرَابِي كَأنَّمَا يدْفع فَذهب ليضع يَده فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ثمَّ جَاءَت جَارِيَة كَأنَّمَا تدفع فَذَهَبت لتَضَع يَدهَا فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا وَقَالَ إِن الشَّيْطَان يسْتَحل الطَّعَام الَّذِي لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ جَاءَ بِهَذَا الْأَعرَابِي يسْتَحل بِهِ فَأخذت بِيَدِهِ وَجَاء بِهَذِهِ الْجَارِيَة يسْتَحل بهَا فَأخذت بِيَدِهَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِن يَده لفي يَدي مَعَ أَيْدِيهِمَا رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد قَالَ الْحَافِظ وَيَأْتِي ذكر التَّسْمِيَة فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي الْحَمد بعد الْأكل
(3)
.
(1)
الأذكار (ص 237).
(2)
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 428)، والطبراني في الدعاء (888 و 895)، وابن السنى (457). قال أبو حاتم في العلل (1516): هذا حديث ليس بشيء، وابن أبي الزعيزعة لا يشتغل به؛ منكر الحديث.
(3)
أخرجه عبد الرزاق في الجامع (19563)، وأحمد 5/ 382 (23721) و 5/ 397 (23853)، ومسلم (102 - 2017)، وأبو داود (3766)، والنسائي في الكبرى (6721) و (10031) وفي عمل اليوم والليلة (273)، وأبو عوانة (8680) و (8681) و (8682) و (8683)، والطحاوي في مشكل الآثار (1077 و 1078)، والحاكم 4/ 108.
قوله: وعن حذيفة هو ابن اليماني رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما لم يضع أحدنا يده حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث، وفي هذا الحديث تنبيه على أدب الأكل وهو أنه يبدأ الكبير والفاضل في غسل اليد للطعام وفي الأكل والله أعلم.
قوله: وإنا حضرنا معه طعاما فجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب ليضع يده في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده.
قوله: ثم جاءت جارية كأنما تدفع، وفي رواية أخرى:"كأنما تطرد" يعني لشدة سعيها، قال النووي
(1)
: في هذا الحديث فوائد منها: جواز الحلف من غير استحلاف، وتقدم بيانه مرات وتفصيل الحلال في استحبابه وكراهته ومنها: استحباب التسمية في ابتداء الطعام وهذا مجمع عليه وكذا يستحب حمد الله تعالى في آخره وكذا التسمية في أول الشرب بل في أول كل أمر ذي بال كما ذكر في أول الخطبة، والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه" الحديث، ومعنى يستحل الطعام أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى ويجعله حلالا بسبب ترك اسم الله تعالى عليه وأما إذا لم يشرع فيه أحد لم يتمكن منه وإذا كانوا جماعة فسمي بعضهم دون بعض لم يتمكن منه والجمهور على أن هذا حقيقة وتقدم ذلك
(2)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (13/ 118).
(2)
المصدر السابق (13/ 189 - 190).
قوله صلى الله عليه وسلم: "فوالذي نفسي بيده إن يده -يعني الشيطان- لفي يدي مع أيديهما" هكذا في الترغيب، وقال النووي في شرح مسلم: عن يده لفي يدي مع يدها هكذا هو في معظم الأصول في جميع نسخ مسلم "يدها"، وفي بعضها "يدهما" فهذا ظاهر والتثنية تعود إلى الجارية والأعرابي، ومعناه: أن يدي في يد الشيطان مع يد الجارية والأعرابي وأما على رواية يدها بالإفراد فيعود الضمير على الجارية، وقد حكى القاضي عياض: أن الوجه التثنية والظاهر أن رواية الإفراد أيضًا مستقيمة فإن إثبات يدها لا ينفي يد الأعرابي وإذا صحت الرواية بالإفراد وجب قبولها وتأويلها على ما ذكرناه والله أعلم
(1)
.
خاتمة: قال في الإحياء
(2)
: من الآداب حالة الأكل أن يبدأ باسم الله في أوله، وبالحمد في آخره، ولو قال مع كل لقمة باسم الله فهو أحسن حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله ويقول مع اللقمة الأول باسم الله ومع الثانية باسم الله الرحمن ومع الثالثة بسم الله الرحمن الرحيم، ويجهر ليذكر غيره ويأكل باليمين ويبدأ
(3)
بالملح ويختم به ويصغر اللقمة ويجود مضغها وما لم يبتلعها فلا يمد اليد الأخرى فإن ذلك عجلة في الأكل ولا يذم مأكولا وأن يأكل مما يليه إلا الفاكهة فإن له أن يجيل يده، قال صلى الله عليه وسلم:"كل مما يليك" ثم قدمت الفاكهة فأجال يده فيها فقيل له في ذلك فقال هو ليس نوعا واحدا، ولا يقطع بالسكين خبزا ولا لحما فقد نهى عنه، رواه ابن حبان في الضعفاء من حديث
(1)
شرح النووي على مسلم (13/ 189).
(2)
الإحياء (2/ 5 - 9).
(3)
في الأصل يبدأ والتصويب من الإحياء.
أبي [هريرة] ولا ينفخ في الطعام الحار ويصبر إلى أن يستحق أكله ويأكل من التمر وترا (سبعا)
(1)
أو إحدى عشرة أو إحدى وعشرين أو ما اتفق ولا يجمع بين التمر والنواة في طبق وأن لا يكثر الشرب في أثناء الطعام، وأما الشرب فأدبه أن يأخذ الكوز بيمينه ويقول باسم الله ويشربه مصا لا غبا قال عليه السلام:"مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا فإن الكباد من العب"
(2)
ولا يشرب قائما ولا مضطجعا وأن يقول بعد الشرب الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجله ملحا أجاجا بذنوبنا رواه الطبراني في كتاب الدعوات مرسلا من رواية أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين
(3)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
(1)
سقطت من الأصل.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في الجامع (19594) ومن طريقه البيهقي في الكبرى (7/ 464 رقم 14659)، وأبو نعيم في الطب (373) عن ابن أبي حسين مرسلا. ووصله الديلمي كما في الغرائب الملتقطة (188) من طريق موسى بن إبراهيم المروزي، حدثنا موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي. وأخرجه ابن عدى في الكامل (3/ 448)، والبيهقي في الشعب (8/ 139 - 140 رقم 5608) من طريق من طريق عبد الوارث عن أبي عصام عن أنس. وضعفه الألباني في الضعيفة (1428) و (2323) و (2571).
(3)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر (70) ومن طريقه البيهقي في الشعب (6/ 272 - 273 رقم 4162)، والطبراني في الدعاء (899) وعنه أبو نعيم في الحلية (8/ 137)، عن جعفر عن أبي جعفر مرسلا. وقال أبو نعيم: غريب من حديث الفضيل وجابر وهو يزيد الجعفي الكوفي وأبو جعفر هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كذا رواه مرسلا. وضعفه الألباني في الضعيفة (4202).