المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من استعمال أواني الذهب أو الفضة وتحريمه على الرجال والنساء] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٩

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترغيب في تأديب الأولاد]

- ‌[الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه]

- ‌[الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد علي سيده]

- ‌[ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس]

- ‌[ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة]

- ‌[الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين]

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌[الترغيب في لبس الأبيض من الثياب]

- ‌[الترغيب في القميص والترهيب من طوله وطول غيره مما يلبس وجره خيلاء وإسباله في الصلاة وغيرها]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوبا جديدا]

- ‌[الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة]

- ‌[ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهب وترغيب النساء في تركهما]

- ‌[الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك]

- ‌[الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعا واقتداء بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه والترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة]

- ‌[الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه]

- ‌[الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة تتفه]

- ‌[الترهيب من خضب اللحية بالسواد]

- ‌[ترهيب الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجة]

- ‌[الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء]

- ‌[كتاب الطعام وغيره]

- ‌[الترغيب في التسمية على الطعام والترهيب من تركها]

- ‌[الترهيب من استعمال أواني الذهب أو الفضة وتحريمه على الرجال والنساء]

- ‌[الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناء والشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح]

- ‌[الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها]

- ‌[الترغيب في أكل الخل والزيت ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر]

- ‌[الترغيب في الاجتماع على الطعام]

- ‌[الترهيب من الإمعان في الشبع والتوسع في المآكل والمشارب شرها وبطرا]

- ‌[الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين]

- ‌[الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة]

- ‌[الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل]

- ‌[الترغيب في غسل اليد قبل الطعام إن صح الخبر وبعده والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها]

- ‌[كتاب القضاء وغيره]

- ‌[الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة لا سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئا من ذلك]

- ‌[ترغيب من ولي شيئا من أمور المسلمين في العدل إماما كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته أو يجور أو يغشهم أو يحتجب عنهم أو يغلق بابه دون حوائجهم]

- ‌[ترهيب من ولي شيئا من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلا وفي رعيته خير فيه]

- ‌[ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما]

- ‌[الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله والترغيب في نصرته]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالما]

- ‌[الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم]

- ‌[الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك]

- ‌[ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل]

- ‌[الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم ورحمتهم والرفق بهم والترهيب من ضد ذلك ومن تعذيب العبد والدابة وغيرهما بغير سبب شرعي وما جاء في النهي عن وسم الدواب في وجوهها]

- ‌فصل

الفصل: ‌[الترهيب من استعمال أواني الذهب أو الفضة وتحريمه على الرجال والنساء]

[الترهيب من استعمال أواني الذهب أو الفضة وتحريمه على الرجال والنساء]

3204 -

عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم رواه البخاري ومسلم

(1)

.

وفي رواية لمسلم إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم وفي أخرى له من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم

(2)

.

قوله: عن أم سلمة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي يشرب في آنية الفضة" وفي رواية مسلم: "إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" وفي رواية أخرى "من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه من نار جهنم" الحديث.

قوله "يجرجر" بضم الياء المثناة من تحت، قال النووي

(3)

: اتفق العلماء من أهل الحديث واللغة والغريب وغيرهم على كسر الجيم الثانية من

(1)

أخرجه البخاري (5634)، ومسلم (1 - 2065)، وابن ماجه (3413)، والنسائي في الكبرى (6843 - 6747)، وابن حبان (5341).

(2)

أخرجه مسلم (2065) م و (2 - 2065)، والنسائي في الكبرى (6848)، وابن حبان (5342).

(3)

شرح النووي على مسلم (14/ 27 - 28).

ص: 326

يجرجر، واختلف في الراء في "نار جهنم" في هذا الحديث فنقلوا فيها النصب والرفع وهما مشهوران في الرواية وفي كتب الشارحين وأهل الغريب واللغة والنصب هو الصحيح المشهور والذي جزم به الأزهري وآخرون من المحققين ورجحه الزجاج والخطابي والأكثرون، ويؤيده الرواية الثالثة "يجرجر في بطنه نارا من جهنم"، وفي صحيح مسلم هكذا هو في الأصل نارا.

وأما معناه فعلى رواية النصب الفاعل هو الشارب مضمر في يجرجر والنار مفعول أي يلقيها في بطنه بجرع متتابع يسمع له جرجرة وهو الصوت لتردده في حلقه، أ. هـ.

يقال: جرجر فلان الماء إذا جرعه متواترا له صوت والمعنى: كأنما يجرع نار جهنم، كذا في النهاية

(1)

وعلى رواية الرفع تكون النار فاعلة معناه تصوت النار في بطنه والجرجرة هي التصويت أي يحذر فيه نار جهنم فيجعل الشرب والجرع جرجرة وهي صوت وقوع الماء في الجوف، قال الزمخشري

(2)

: "فيجرجر" مجاز لأن نار جهنم على الحقيقة لا تجرجر في جوفه والجرجرة: صوت البعير عند الضجر ولكنه جعل صوت جرع الإنسان للماء في هذه الأواني المخصوصة لوقوع النهي عنها واستحقاق الذهاب على استعمالها كجرجرة نار جهنم في بطنه من طريق المجاز، هذا وجه الرفع والله أعلم، ويكون قد ذكر "يجرجر" بالياء للفصل بينه وبين النار.

(1)

النهاية (1/ 255).

(2)

النهاية (1/ 255).

ص: 327

أقول: ويحتمل أن يكون على الحقيقة فإن الله على كل شيء قدير، وسمي المأكول والمشروب نارا لأنه يؤول إليها كما في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}

(1)

فهذا نص في تحريم الأكل والشرب وقيس عليه في الباقي

(2)

.

تنبيه: ظاهر النهي التحريم ثم التحريم هل هو تعبد أم لمعنى منهم من رآه مختصا بعينهما كما في الفرائض وغيره ومنهم من قال: إنما حرم للخيلاء والتشبه بالأعاجم وقال الإمام والعراقيون: معنى الخيلاء لا بد من اعتباره والله أعلم.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى

(3)

: واختلفوا في المراد بالحديث فقيل: هو إخبار عن الكفار من ملوك العجم وغيرهم الذين عادتهم فعل ذلك كما في الحديث الآخر فهي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة أي هم المستعملون لها في الدنيا وكما قال صلى الله عليه وسلم في ثوب الحرير إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة، أي لا نصيب له قال: وقيل المراد نهي المسلمين عن ذلك وأن من ارتكب هذا النهي استوجب هذا الوعيد وقد يعفوا الله عنه وهذا كلام القاضي، قال النووي: والصواب أن النهي يتناول جميع من يستعمل إناء الذهب أو الفضة من المسلمين والكفار لأن الصحيح أن الكفار مخاطبون

(1)

سورة النساء، الآية:10.

(2)

شرح النووي على مسلم (14/ 28).

(3)

إكمال المعلم (6/ 564)، وشرح النووي على مسلم (14/ 28 - 29).

ص: 328

بفروع الشرع والله أعلم، وأجمع المسلمون على تحريم الأكل والشرب في إناء الذهب وإناء الفضة على الرجل وعلى المرأة والصغير والكبير حتى يحرم على الولي أن يسقي الصبي بإناء منهما ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء إلا ما حكاه أصحابنا العراقيون أن للشافعي قولا قديما أنه يكره ولا يحرم، وهذا قول باطل مردود بالنصوص والإجماع، وحكي المرعشي قولا أن الأكل والشرب يحرمان دون غيرهما.

وقال النووي في شرح مسلم

(1)

: قال أصحابنا: ويحرم استعمال ماء الورد والادهان من قارورة الذهب والفضة وإن ابتلي بالدهن في قارورة فضة أو ذهب فليصبه في يده اليسرى ثم يصبه من اليسرى في اليمنى ويستعمله، قال أصحابنا: ويحرم تزيين الحوانيت والبيوت والمجالس بأواني الذهب والفضة هذا هو الصواب قال الشافعي والأصحاب: لو توضأ أو اغتسل من إناء ذهب أو فضة عصى بالفعل وصح وضوءه وغسله هذا مذهبنا وبه قال مالك وأبو حنيفة والعلماء كافة إلا داود فقال: لا يصح والصواب الصحة وكذا لو أكل منه أو شرب عصى بالفعل ويكون المأكول والمشروب حلالا هذا كله في حال الاختيار، وأما إذا اضطر إلى استعمال إناء، ولم يجد إلا ذهبا أو فضة فله استعماله في حال الضرورة بلا خلاف.

ومن استعمال المحرم الأكل بمعلقة منهما ويجوز تخليل الأسنان بخلالهما والاكتحال بميلهما واستعمال الإبرة والمرآة منهما والحيلة في

(1)

شرح النووي على مسلم (14/ 30) والمجموع (1/ 246 - 251) باختصار.

ص: 329

الاستعمال أن يخرج الطعام من الإناء على شيء بين يديه ثم يأكل، قال أصحابنا: ولو باع هذا الإناء صح بيعه لأنه عين طاهرة يمكن الانتفاع بأن تسبك، وأما اتخاذ هذه الأواني من غير استعمال فللشافعي والأصحاب فيه خلاف والأصح تحريمه، والثاني: كراهته فإن كرهناه استحق صانعه الأجرة ووجب على كاسره إرش النقص وإلا فلا، وأما إناء الياقوت والزمرد والفيروزج ونحوها فالأصح عند أصحابنا جواز استعمالها ومنهم من حرمها والله أعلم

(1)

.

تتمة: استعمال الذهب والفضة على أربعة أقسام قسم يحرم على الرجال والنساء وهو أواني الذهب والفضة حتى المكحلة وظرف القالب والميل والذي يكتحل به إلا أن تحتاج إليه لجلاء العين فيجوز كما قال الماوردي ومن ذلك تحلية سكين المهنة والدواة والمقلمة والمقراض والمرآة و [المصحف] ونحوها مما لا يلبس بل يلابس المشط والملعقة والخلال والمغزل.

وقسم يحرم على الرجال دون النساء [يجوز لها] التحلي بأنواع حلي الذهب والفضة وخاتم الذهب والخاتم المطلي بالذهب والخاتم الذي [فصه] من ذهب وكذا المموه بالذهب على الأصح إلا أن يكون قد صدى فيجوز كالمنسوج بالذهب وتحلية المصحف بالذهب وكذا سائر كتب العلم.

(1)

المجموع (1/ 246 - 251) باختصار.

ص: 330

القسم الثالث: يباح لهما جميعا وهو التختم بخاتم الفضة لكن قال الخطابي في معالم السنن

(1)

: يكره للمرأة لبس خاتم الفضة لما فيه من التشبه بالرجال قال: فإن لبسته فلتصفره بزعفران ونحوه وكل موضع كره فيه استعمال الذهب والفضة أو حرم وجبت فيه الزكاة كالصبية الصغيرة للزينة والكبيرة للحاجة فعلى هذا يجب على المرأة أن تخرج الزكاة عن خواتيم الذهب والفضة وتحلية المصحف بالفضة جائز للرجال والنساء وينبغي إلحاق اللوح المعد لقراءة القراءة بالمصحف واستعمال أواني الذهب والفضة لحاجة الدواء جائز للرجال والنساء، وقد ذكر الحليمي أنه لو كان بشخص مرض لا يزول إلا بسماع الأوتار جاز له استماعها بخلاف شرب الخمر للدواء فإنه حرام؛ القسم الرابع: يحرم على النساء دون الرجال وهو تحلية آلة الحرب بفضة، أ. هـ، قاله ابن العماد.

3205 -

وعن حذيفة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة رواه البخاري ومسلم

(2)

.

(1)

نسبه النووي في المجموع (4/ 464) وشرح مسلم (14/ 67) للخطابي ولم أعثر عليه في معالم السنن.

(2)

أخرجه البخاري (5426) و (5632 و 5633) و (5831) و (5837)، ومسلم (4 و 5 - 2067)، وابن ماجه (3414) و (3590)، وأبو داود (3723)، والترمذي (1878)، والنسائي في المجتبى 8/ 210 (5345)، وابن حبان (5339).

ص: 331

قوله: وعن حذيفة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة" تقدم الكلام على ذلك.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تأكلوا في صحافها" الحديث، الصحاف جمع صحفة وهي دون القصعة، قال الجوهري في صحاحه

(1)

: قال الكسائي: أعظم القصاع الجفنة، ثم القصعة تليها تشبع العشرة، ثم الصحفة تشبع الخمسة، ثم [المكئلة] تشبع الرجلين والثلاثة، ثم الصحيفة تشبع الرجل. أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" الحديث، أي: أن الكفار إنما يحصل لهم ذلك في الدنيا، وأما في الآخرة فما لهم فيها من نصيب، وأما المسلمون فلهم في الجنة الحرير والذهب وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وليس في الحديث حجة لمن يقول: الكفار غير مخاطبين بالفروع لأنه لم يصرح فيه بإباحته لهم وإنما خطر عن الواقع في العادة أنهم هم الذين يستعملونه في الدنيا وإن كان حراما عليهم كما هو حرام على المسلمين.

قوله: "وهو لكم في الآخرة يوم القيامة" إنما جمع بينهما لأنه قد يظن أنه بمجرد موته صار في حكم الآخرة في هذا الإكرام فبين أنه إنما هو في يوم القيامة وبعده في الجنة أبدا، ويحتمل أن المراد أنه لكم في الآخرة من حين

(1)

الصحاح (4/ 1384)، وشرح مسلم للنووي (14/ 37)، ولسان العرب لابن منظور (9/ 187).

ص: 332

الموقف ويستمر في الجنة أبدًا،

(1)

أ. هـ.

قوله: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" الحديث يحمل على من لبسه مستحلا أو يحمل على العموم ويخص منه من تاب كما ورد في الخمر من شربها ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة، ذكره النووي في شرح مسلم

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة" وفيه دليل على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة كما تقدم وعلى تحريم سائر وجوه الاستعمالات من الغسل والطبخ فيهما ويقاس بأواني الذهب والفضة ما كان في معناهما كا [وانى الياقوت والزبرجد] وأواني الطيب، قاله النووي

(3)

، وقال: إن الصحيح أنه لا فرق في التحريم بين المسلم والكافر، وذكر في الروضة في كتاب الجزية أن الكافر لا يمنع من لبس الحرير في بلاد الإسلام [

]

(4)

أن لا يمنع من استعمال أواني الذهب [

]

(5)

وعدم المنع لا يقتضي الإباحة لأن عدم المنع أعم من الإذن ولهذا لا نمنعهم من إعادة ما استهدم من كنائسهم ولا نفتيهم بالجواز بل نفتيهم بأنا لا نمنعهم ولا نقول يجوز لهم ذلك.

(1)

شرح النووي على مسلم (14/ 36 - 37).

(2)

عزاه المصنف للنووى وإنما هذا نص كلام المظهري في المفاتيح شرح المصابيح (5/ 10).

(3)

المجموع (1/ 252 - 253).

(4)

بياض في الأصل.

(5)

بياض في الأصل.

ص: 333

3206 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب بها في الآخرة ثم قال لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل الجنة رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة، تقدم الكلام عليه وعلى الحديث.

3207 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير وشرب من الفضة فليس منا ومن خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه فليس منا رواه الطبراني ورواته ثقات إلا عبد الله بن مسلم أبا طيبة

(2)

.

قوله: وعن ابن عُمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من لبس الحرير وشرب من الفضة فليس منا"، تقدم الكلام على قوله ليس منا.

تتمة: أواني المشركين وثيابهم إن كانوا لا يتعبدون باستعمال النجاسة كأهل الكتاب فهي كآنية المسلمين وثيابهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة

(1)

أخرجه الطيالسي (2331)، والطحاوي في معانى الآثار (6678)، والبغوى في الجعديات (975)، والحاكم 4/ 141. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2050) والصحيحة (384).

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 17 رقم 698) والأوسط (5/ 115 رقم 4837) و (8/ 79 رقم 8022)، والكبير (13/ 228 - 229 رقم 13959) وعنه أبو نعيم في الحلية (3/ 114). قال الهيثمي في المجمع 4/ 332: رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، وفيه محمد بن عبد الله الرزي، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. وقال في 5/ 77: رواه الطبراني في الكبير والصغير، وفيه أبو طيبة عبد الله بن مسلم، وثقه ابن حبان وقال: يخطئ ويخالف، وبقية رجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2015).

ص: 334

وتوضأ عمر من جر نصرانية، والجر والجرار جمع جرة و [كره] استعمالهما لعموم تحرزهم، قال الشافعي:[وأنا لما يلي أسافلهم من] الثياب أشد كراهة، وخص البنديجي الكراهة بما عدا آنية الماء واستدل بفعله [صلى الله عليه وسلم] وإن كانوا لا يتدينون باستعمال النجاسة كطائفة من المجوس يغتسلون ببول البقر [

]

(1)

ففي جواز استعمالها وجهان أخذا من القولين في تعارض الأصل والغالب ويجري الوجهان في أواني قدمني الخمر وثيابهم وثياب القصابين الذين لا يحترزون من النجاسة والأصح الجواز، أ. هـ. قاله الكمال الدميري

(2)

.

فروع: شرب بكفه وفي إصبعه خاتم فضة أو في الإناء الذي يشرب منها دراهم جاز ولو أثبتت الدراهم في الإناء بالمسامير فهو كالضبة وقطع القاضي حسين بجوازه، ولو اتخذ الإناء رأسا أو حلقة أو سلسلة من فضة صرح جماعة بالجواز وعللوا الرأس بأنه منفصل عن الإناء لا يستعمل معه، أ. هـ، قاله الكمال الدميري

(3)

. قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه فليس منا" خبب: معناه أفسد، تقدم الكلام عليه في كتاب النكاح.

فروع يختم بها الباب:

فرع: ورد النهي عن الشرب في آنية النحاس رواه أبو نعيم في حلية الأولياء من حديث أنس بن مالك: "فإنه يورث السهك"

(4)

فقال بعض العلماء: يعني فإن فيه ريح السهك، والسهك صداء الحديد.

(1)

بياض في الأصل.

(2)

النجم الوهاج (1/ 262).

(3)

المصدر السابق (1/ 261 - 262).

(4)

لم أعثر عليه.

ص: 335

فرع آخر: كما يحرم استعمال أواني الذهب والفضة يحرم اتخاذها لغير الاستعمال على الرجال والنساء ويحرم على الصانع عملها.

فرع آخر: من قدم إليه طعام في آنية ذهب أو فضة ولم يستطع الإنكار فطريقه أن يأخذ الطعام من الآنية ويضعه في إناء آخر أو على الخبز أو في يده الشمال ثم يأكل منه لأنه إذ ذاك ليس بآكل فيها، وكذلك إذا أراد الاكتحال من كحل مكحلة فضة أو ذهب أفرغ منه في شيء ثم اكتحل منه والله أعلم.

فائدة: من الكبائر استعمال أواني الذهب والفضة كذا عده ابن قيم الجوزية وغيره ولا فرق بين أن تكون الآنية كبيرة كالصحن والزبدية ونحوهما أو صغيرة كالمكحلة والميل والإبرة ونحوها.

خاتمة: يحل استعمال كل إناء طاهر إلا ذهبا أو فضة نعم المتخذ من عظام [الميتة] وجلدها [قبل] الدباغ يكره استعماله فقط كما في [زوائد] الروضة، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من إناء من صفر وكره في الإحياء الوضوء منه ورواه عن ابن عمر عن أبي هريرة وهو محجوج بالحديث الصحيح، أما الأكل والشرب فيه فيكره، قال القزويني: واعتياد ذلك يتولد منه أمراض لا دواء لها والإناء جمع آنية وجمع الآنية أواني روى الطبراني عن أبي عتبة الخولاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله آنية في أرضه وآنيته في أرضه [قلوب عباده الصالحين، فأحبها] إليه ألينها [وأرحمها] وأصفاها وأرقها"

(1)

.

(1)

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (840) والكبير كما في الصحيحة للألبانى (1691). وصححه الألباني في الموضع السابق.

ص: 336