الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْل الخاتمة
مقدار صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
-:
جاء في كتاب «الصلاة» لابن القيم رحمه الله تحت عنوان (المسألة العاشرة) ما مختصره: (وأما المسألة العاشرة، وهي مقدار صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فهي من أجلّ المسائل وأهمها، وحاجة الناس إلى معرفتها أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وقد ضيعها الناس في عهد أنس بن مالك رضي الله عنه. ففي «صحيح البخاري» من حديث الزهري قال: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت .... ) فإذا أردت معرفة مقدار صلاته صلى الله عليه وسلم فارجع إلى الكتاب السالف ذكره «كتاب الصلاة» من (ص: 81: 111). ولقد قام ابن القيم رحمه الله في هذه الصفحات بالكلام عن مقدار صلاته صلى الله عليه وسلم، وتعرض رحمه الله لحجج المخففين للصلاة والرد عليها من جانب المكملين للصلاة .. ومما قاله رحمه الله في تعليقه:(وفي «الصحيحين» - عنه أي: أنس رضي الله عنه: (ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم من صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) زاد البخاري: وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه. فوصف صلاته صلى الله عليه وسلم بالإيجاز والإتمام، والإيجاز هو الذي كان يفعله، لا الإيجاز الذي كان يظنه من لم يقف على مقدار صلاته صلى الله عليه وسلم، فإن الإيجاز أمر نسبي إضافي راجع إلى السنة لا إلى شهوة الإمام ومن خلفه، فلما كان يقرأ في الفجر بالستين إلى المائة [في الركعتين أو إحداهما كما في البخاري] كان هذا الإيجاز بالنسبة إلى ستمائة إلى ألف، ولما قرأ في المغرب بالأعراف، كان هذا الإيجاز بالنسبة إلى البقرة. وفي «سنن» أبي داود [عن أنس أيضًا]: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع اللَّه لمن حمده قام حتى تقول: قد أوهم [أي: نسي] ثم يكبر ويسجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى تقول: قد أوهم. وقال رحمه الله عن سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ولا نأخذ منها ما سهل علينا، ونترك منها ما شق علينا لكسل، وضعف وعزيمة، واشتغال بدنيا قد ملأت القلوب وملكت الجوارح وقرت بها العيون بدل من قرتها بالصلاة فقامت على خدمة المخلوقين كأنها على الفرش الوثيرة والمراكب الهنية، وقامت في حق خدمة ربها وفاطرها كأنها على الجمر المحرق، تعطيه الفضلة من قواها وزمانها، وتستوفي لأنفسها كمال الحظ، ولم تحفظ من السنة إلا «أَفَتَّانٌ أنت يا معاذ؟ ويا أيها الناس إن منكم منفرين»
ووضع الحديث على غير موضعه. وقد قال رحمه الله (1) في «زاد المعاد» : وأما العشاء الآخرة فقرأ فيها بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} ووقَّتَ لمعاذ فيها بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ونحوها، وأنكر عليه قراءتها بـ (البقرة) بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف، فأعادها لهم [أي: العشاء] بعد ما ماضى من الليل ما شاء، وقرأ بهم بـ (البقرة)، ولهذا قال له:«أفتان أنت يا معاذ» ، فتعلق النقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها. وعاد رحمه الله مرة أخرى إلى التخفيف والتطويل فقال: بل المرجع في ذلك والتحاكم إلى ما كان يفعله من شرع الصلاة للأمة وجاءهم بها من عند اللَّه، وعلمهم حقوقها وحدودها وهيئاتها وأركانها، وكان يصلي وراءه الضعيف والصغير والكبير وذو الحاجة، ولم يكن بالمدينة إمام غيره صلوات اللَّه وسلامه عليه. فالذي كان يفعله صلوات اللَّه وسلامه عليه، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88]. وقد سئل بعض أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما لك في ذلك من خير. فأعادها عليه، فقال: كانت صلاة الظهر تقام، فينطلق أحدنا إلى البقيع (2) فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ، ثم يرجع إلى المسجد، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها، رواه مسلم في «الصحيح» .
وقال عبد اللَّه بن عمر: إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليؤمنا بـ (الصفات). رواه الإمام أحمد والنسائي [ومن المعلوم أن سورة الصافات 182 آية].
وقال رحمه الله: وأما قراءته صلى الله عليه وسلم في الفجر بالمعوذتين، فهذا إنما كان في السفر كما هو مصرح به في الحديث والمسافر قد أبيح له أو أوجب عليه قصر الصلاة لمشقة السفر، فأبيح له تخفيف أركانها، فهلا عملتم بقراءته في الحضر بمائة آية في الفجر؟
وأما قراءته صلى الله عليه وسلم بسورة التكوير في الفجر، فإنه كان في السفر.
وأما حديث تسبيحه في الركوع والسجود ثلاثًا فلا يثبت، والأحاديث الصحيحة بخلافه. وقال رحمه الله: فإن جاءهم حديث صحيح خالف ما ألفوه واعتادوه قالوا: هذا منسوخ أو خلاف الإجماع، ولو كانت أحاديث التطويل منسوخة، لكان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك، ولما احتجوا بها على من لم يعمل بها، ولا عمل بها أعلم الأمة بها وهم الخلفاء الراشدون. فهذا صديق الأمة وشيخ الإسلام صلى الصبح فقرأ بالبقرة من أولها إلى آخرها، وخلفه الكبير والصغير وذو الحاجة، فقالوا: يا خليفة رسول اللَّه،
(1)«زاد المعاد» (ج 1 ص: 211: 213)، ومن المعلوم أن هديه صلى الله عليه وسلم في العشاء التخفيف. (قل).
(2)
قبل التوسعة الحالية. (قل).
كادت الشمس تطلع علينا، قال: لو طلعت الشمس لم تجدنا غافلين، ومضى على منهاجه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وكان يقرأ في الفجر بالنحل ويوسف وبهود وبني إسرائيل ونحوها من السور). انتهى.
1 -
ما هي الصلاة؟
كل ما تقدم كان مقدمة لما أقوله الآن: فقد بحث ابن القيم رحمه الله هذه النقطة من (ص: 94 إلى ص: 106) من كتابه السالف ذكره «الصلاة» بحثًا قيمًا، ويمكنني أن أقول بفضل اللَّه تعالى: لو لم يؤلف ابن القيم رحمه الله سوى هذا الجزء فقط لكفاه
…
2 -
سياق صلاته صلى الله عليه وسلم:
أما إذا أردت معرفة سياق صلاته صلى الله عليه وسلم من حين استقباله القبلة وقوله: اللَّه أكبر، إلى حين سلامه، كأنك تشاهده عيانًا، فعليك بقراءة كتاب «زاد المعاد» لابن القيم رحمه الله بتحقيق الأرنؤوط (ج1 ص: 201: 206) ولا غنى لقارئ هذا الكتاب عن تحقيق الأرنؤوط أثابه اللَّه.
تنبيه:
قد تقدمت الإشارة إلى أهمية قراءة مسألة الجماعة للصلاة من «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» (ج23 ص: 239: 243)، فلا بد من قراءتها، وأيضًا لا بد من قراءة أعذار التخلف عن صلاة الجماعة من «فقه السنة» .
* * *