الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُبَيْل
الخاتمة
ما تزول به عقوبة الذنوب:
جاء في كتاب «الإيمان الأوسط» لابن تيمية رحمه الله ما مختصره: إن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أشياء:
1 -
التوبة: وهذا متفق عليه بين المسلمين، قال تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
2 -
الاستغفار: في «صحيح مسلم» عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لو لم تذنبوا لذهب اللَّه بكم، ولجاء بقوم يذنبون، ثم يستغفرون اللَّه، فيغفر لهم» .
3 -
الحسنات الماحية: كما قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].
4 -
دعاء المؤمنين للمؤمن: مثل صلاتهم على جنازته، فعن عائشة رضي الله عنها، وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون باللَّه شيئًا إلا شفعهم اللَّه فيه» رواه مسلم.
5 -
ما يعمل للميت من أعمال البر: كالصدقة ونحوها.
6 -
شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة: كما تواترت عنه أحاديث الشفاعة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في «الصحيح»:«شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» وكما روي عنه صلى الله عليه وسلم: «خيرت بأن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكثر، أترونها للمتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين الخاطئين المتلوثين» (1).
7 -
المصائب التي يكفر اللَّه بها الخطايا في الدنيا: كما في «الصحيحين» عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن إلا كفر اللَّه بها من خطاياه» .
8 -
ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة: فإن هذا مما يكفر به الخطايا.
9 -
أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها.
10 -
رحمة اللَّه وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد (2) انتهى.
* * *
(1) الحديث حتى قوله: «فاخترت الشفاعة» صحيح، والزيادة ضعيفة (انظر «صحيح الجامع»، «ضعيف الجامع»). (قل).
(2)
راجع هذه النقاط في الكتاب السالف ذكره لابن تيمية (ص: 19: 43). (قل).
الخاتمة
أستغفر اللَّه من هذا الكتاب؛ إن الاستغفار بعد الطاعة لا يقل عن الاستغفار بعد المعصية.
قال ابن القيم رحمه الله: فالرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها.
وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارًا عقيب الطاعات، لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام بها كما يليق بجلاله وكبريائه. وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية، ولا رضيها لسيده.
وقد أمر اللَّه تعالى وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجل المواقف وأفضلها. فقال: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ - ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 198، 199]، وقال تعالى:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بالأسْحَارِ} [آل عمران: 17]. قال الحسن: مدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا يستغفرون اللَّه عز وجل. وفي «الصحيح»:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثًا، ثم قال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» وأمره اللَّه تعالى بالاستغفار بعد أداء الرسالة، والقيام بما عليه من أعباء، وقضاء فرض الحج، واقتراب أجله، فقال في آخر سورة أنزلت عليه:{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1 - 3].
ومن هاهنا فهم عمر وابن عباس رضي الله عنهم أن هذا أجل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعلمه به، فأمره أن يستغفره عقيب أداء ما كان عليه. فكأنه إعلام بأنك قد أديت ما عليك، ولم يبق عليك شيء. فاجعل خاتمته الاستغفار كما كان خاتمة الصلاة والحج وقيام الليل. وخاتمة الوضوء أيضًا أن يقول بعد فراغه: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، اللهم اجعلني من التوابين،
واجعلني من المتطهرين» (1). انتهى.
واللَّه لو علموا قبيح سريرتي
…
لأبى السَّلام عليَّ من يلقاني
ولأعرضوا عني وملُّوا صحبتي
…
وَلَبُؤْتُ بعد كرامة بهوانِ
لكن سَتَرْتَ مَعَايِبي وَمَثَالِبي (2)
…
وَحَمَلْتَ عن سَقَطِي وعن طُغياني
فلك المحامد والمدائح كلها
…
بخواطري وجوارحي ولساني
ولقد مَنَنْتَ عليَّ ربِ بأنعم
…
ما لي بشكر أقلهن يدانِ
فوحقِّ حكمتك التي آتيتني
…
حتى شددت بنورها برهاني
لئن اجْتَبَتْنِي من رضاك مَعُونَةٌ
…
حتى تُقوِّى أَيْدُهَا (3) إيماني
لأسبحنك بكرةً وعشيةً
…
ولتخدمنك في الدُّجَى (4) أركاني
ولأعبدنك قائمًا أو قاعدًا
…
ولأشكرنك سائر الأحيانِ
ولأكتمن عن البرية خَلَّتي
…
ولأشكون إليك جَهْدَ زماني
ولأقصدنك في جميع حوائجي
…
من دون قصد فلانةِ وفلانِ
ولأحسمن عن الأنام مطامعي
…
بحُسَامِ يَأْسٍ لم تَشُبْهُ بَناني (5)
ولأجعلن رضاك أكبر همتي
…
ولأضربن من الهوى شيطاني
ولأكسون عيوب نفسي بالتُّقى
…
ولأقبضن عن الفجور عناني (6)
ولأمنعن النفس عن شهواتها
…
ولأجعلن الزهد من أعواني
ولأتلون حروف وحيك في الدجى
…
ولأحرقن بنوره شيطاني
رحم الإله صداك يا قحطاني.
(1)«مدارج السالكين» لابن القيم (ج1 ص: 175، 176). (قل).
(2)
المثالب: المعايب - كذا في «المعجم الوسيط» . (قل).
(3)
الأيد: القوي الشديد - كذا في «المعجم الوسيط» فيكون المقصود بأيدها هنا: قوة المعونة واللَّه أعلم. (قل).
(4)
الدجى: سواد الليل وظلمته «المعجم الوسيط» . (قل).
(5)
البنان: أطراف الأصابع، واحدته: بنانة «المعجم الوسيط» . (قل).
(6)
العِنان: بكسر العين (سير اللجام الذي تمسك به الدابة)«المعجم الوسيط» . (قل).