الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا معشر النساء قصتكن كلها واحدة، أحل اللَّه لكن الزينة غير متبرجات (1)، أي: لا يحل لكن أن يروا منكن محرمًا. وقوله: {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} أي: وترك وضعهن لثيابهن وإن كان جائزًا، خير وأفضل لهن، {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ). انتهى من «مختصر ابن كثير» .
أحكام العورة بين المحارم:
جاء في كتاب «المرأة المسلمة» للشيخ وهبي غاوجي أثابه اللَّه تعالى.
(قد عرفنا أن المرأة في حق الأجنبي عورة مستورة، لا تبدي له شيئًا من بدنها ولا وجهها وكفيها.
فما عورتها في حق زوجها ومحارمها؟
1 -
العورة بين الزوجين:
لا عورة بين الرجل وزوجته، فيحل له أن ينظر منها إلى كل شيء، ويحل لها أن تنظر منه إلى كل شيء، وإن كان يستحب أن لا يتجردا تجرد العيرين حين يكونان معًا. قال صلى الله عليه وسلم:«احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» . رواه الخمسة (2).
2 -
العورة بين الأولاد وأبويهم:
ينظر الأولاد إلى أبيهم فيما عدا ما بين السرة والركبة، فلا يحل للرجل أن يظهر فخذيه بقصد بين يدي أولاده ذكورًا كانوا أو إناثًا.
وينظر الأولاد إلى أمهم كما ينظرون إلى أبيهم، وينظرون إلى صدرها، دون ظهرها على المختار، لقوله تعالى:{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم} أي: يقول أحدهم لزوجته: أنت علي كظهر أمي، يحرمُها بذلك على نفسه). اهـ من كتاب «المرأة المسلمة» .
وجاء في كتاب «فقه النظر في الإسلام» لمحمد أديب كلكل رحمه اللَّه تعالى (ص95: 99):
(كل امرأة تحرم على الرجل حرمة مؤبدة فهي من ذوات محارمه، وكل رجل حرم على المرأة الزواج منه حرمة مؤبدة فهو من ذوي محارمها.
ونظر الرجل إلى ذوات محارمه بنسب أو رضاع (كالأم وإن علت، والبنت وإن
(1) أخرجه ابن أبي حاتم. اهـ النفاض: يقال: ما عليه نفاض: شيء من ثياب - «المعجم الوسيط» (قل).
(2)
حسن، رواه أبو يعلى في «مسنده» والحاكم والبيهقي في «السنن» - انظر «صحيح الجامع» (قل).
سفلت، والأخت من أي جهة، والعمة، والخالة، وبنت الأخت، وبنت الأخ، أو مصاهرة:(كزوجة الأب وإن علا، وزوجة الابن وإن سفل، وأم الزوجة ولو قبل الدخول بهن، وبنت الزوجة إذا دخل بأمها؛ لأن العقد على البنات يحرم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرم على البنات).
فنظره يجوز إلى ما عدا ما بين السرة والركبة، لكن بغير شهوة؛ لأن النظر بشهوة حرام حتى فيما عدا ما بين السرة والركبة كما في شرح النووي لصحيح مسلم. بل هو حرام لكل ما لا يباح الاستمتاع به ولو حيوانًا أو جمادًا.
وقيل: إنما يحل نظر ما يبدو منها في المهنة فقط؛ لأن غيره لا ضرورة إلى النظر إليه سواء المحرم بالنسب والمصاهرة والرضاع، وقيل لا ينظر بالمصاهرة والرضاع إلا إلى البادي في المهنة، والصحيح الأول، ولكن الثاني أسلم وأحوط.
والمراد بما يبدو في المهنة: الوجه، والرأس، والعنق، واليد إلى المرفق، والرجل إلى الركبة. والمهنة: بفتح الميم وكسرها: الخدمة، وهل الثدي زمن الإرضاع مما يبدو عند المهنة؟ فيه وجهان عند الشافعية وفي حاشية الدسوقي من كتب المالكية:« .... ولا يجوز للرجل أن يرى من المرأة التي من محارمه صدرها ولا ظهرها ولا ثديها ولا ساقها وإن لم يلتذ بخلاف الأطراف من عنق ورأس وظهر قدم إلا أن يخشى لذة فيحرم لا لكونه عورة» . اهـ.
وفي «المغني» لابن قدامة المقدسي من كتب الحنابلة: «ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبًا كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستتر غالبًا كالصدر والظهر ونحوهما» . اهـ.
وفي «الهدية العلائية» من كتب الحنفية: « .... ومن محرمه إلى الرأس والوجه والصدر والساق والعضد إن أمن شهوته وشهوتها وإلا لا، لا إلى الظهر والبطن والفخذ وما يتبعهما من نحو الفرجين والأليتين والركبتين» . اهـ.
وأما النظر إلى السرة والركبة فيجوز لأنهما ليس من العورة بالنسبة لنظر المحرم. قال النووي في «شرح صحيح مسلم» : «السرة والركبة فيهما ثلاثة أوجه لأصحابنا، أصحها: ليستا بعورة، والثاني: هما عورة، الثالث: السرة عورة دون الركبة» . اهـ.
وقال مالك: السرة ليست بعورة، وعند أبي حنيفة: الركبة عورة، وهو قول عطاء.
ونظر المرأة إلى محرمها كعكسه - لأن المحرمية معنى يوجب حرمة المناكحة - فكانا كالرجلين والمرأتين فتنظر منه ما عدا ما بين سرته وركبته.
يقول العلامة أبو بكر بن العربي في كتابه «أحكام القرآن» :
إن حكم الرجل مع النساء على ثلاثة أقسام:
الأول: من يجوز له نكاحها.
الثاني: من لا يحل له نكاحها ولا لابنه كالأخ والجد والحفيد.
الثالث: من لا يحل له نكاحها، ويجوز لولده كالعم والخال بحسب منزلتهم في الحرمة. فمن كان يجوز له نكاحها لم يحل له رؤية شيء منها، ومن لا يحل له نكاحها ويجوز لولده [كالعم والخال] جاز له رؤية وجهها وكفيها خاصة، ولم يحل له رؤية زينتها، ومن لا يحل له ولا لولده جاز الوضع لجلبابها ورؤية زينتها). اهـ.
فيحرم على الرجل إذن أن يرى ابنته، أو أخته، أو أمه، أو خالته، أو عمته، أو إحدى محارمه وقد ارتدت تلك الثياب القصيرة التي ارتفعت إلى ما فوق الركبتين، وكشفت عن الفخذين، وأبدت ما حول السوءتين، والتي ملؤها الإغراء والفتنة.
ويحرم عليه تمكينهن من ارتدائها أو ارتداء ثوب يصف أو يشف، ويحرم عليه أيضًا أن يخلو بابنته أو أخته أو إحدى محارمه إذا لم يأمن الشهوة وخاف الفتنة، وبالأخص في مثل هذا العصر حيث الشهوات العارمة، والغرائز المتوثبة.
قال القرطبي في «تفسيره» : «لقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه، أو أخته، وزمانه خير من زماننا - هذا كلام القرطبي - وحرم على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمه نظر شهوة يريدها» . اهـ.
ويحرم على المرأة أن ترى ذلك - بين السرة والركبة - من أحد محارمها، ولو كان ابنها، أو أخاها، أو ابنتها، وإن أمنت الفتنة ولم تخف الشهوة ولو من أجل خلع الثياب والتغسيل والتدليك في الحمام
…
). اهـ من كتاب «فقه النظر» .
فائدة: بمناسبة النهي عن لبس المرأة الثياب الضيقة جاء في كتاب «فقه النظر» (ص 170):
قال مالك رضي الله عنه: بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى النساء عن لبس القباطي، قال: وإن كانت لا تشف فإنها تصف.
قال ابن رشد رحمه الله: القباطي: ثياب ضيقة ملتصقة بالجسد لضيقها فتبدي تخانة جسم لابسها من نحافته، وتصف محاسنه وتبدي ما يستحسن مما لا يستحسن). اهـ من «فقه النظر» .
قال اللَّه تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر: 8] فإن إبليس لعنه اللَّه