الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فترميهم بالثمار».
7 -
إذا ابتليت فاستتر، فإن الصغيرة في حقك كبيرة.
8 -
لا تعرقل دعوتك إلى اللَّه بالانتصار لنفسك. قال اللَّه تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} قال موسى عليه السلام: {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ} فرد فرعون: {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ} فرد موسى عليه السلام: {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلينَ} فرد فرعون: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} فاستمر موسى عليه السلام في دعوته {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء: 23: 28].
9 -
اعلم أن اللَّه تعالى لم يكرم الإنسان العالم فقط، بل كرم الكلب المعلم أيضًا، فكن أهلاً لثقة اللَّه فيك، قال ابن القيم رحمه الله في فضل العلم والعلماء:(إن اللَّه سبحانه جعل صيد الكلب الجاهل ميتة يحرم أكلها، وأباح صيد الكلب المعلم، وهذا أيضًا من شرف العلم أنه لا يباح إلا صيد الكلب العالم، وأما الكلب الجاهل فلا يحل أكل صيده فدل على شرف العلم وفضله). يقصد ابن القيم رحمه الله قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [المائدة: 4].
قال ابن كثير في تفسير {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} : الكلاب المعلمة والبازي وكل طير يعلم للصيد، وقال رحمه الله في تعريف الكلب المعلم:(إذا أرسله استرسل، وإذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه ولا يمسكه لنفسه).
فائدة:
قال سفيان الثوري: كان يقال: العلماء ثلاثة:
عالم باللَّه عالم بأمر اللَّه، وعالم باللَّه ليس بعالم بأمر اللَّه، وعالم بأمر اللَّه ليس بعالم باللَّه، فالعالم باللَّه وبأمر اللَّه الذي يخشى اللَّه تعالى ويعلم الحدود والفرائض، والعالم باللَّه ليس بعالم بأمر اللَّه الذي يخشى اللَّه ولا يعلم الحدود والفرائض، والعالم بأمر اللَّه ليس بعالم باللَّه الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى اللَّه.
السادسة والتسعون:
إن خفت ظالمًا فعليك بهذه الأدعية:
1 -
حسبنا اللَّه ونعم الوكيل، قال اللَّه تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ - فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ
وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173، 174].
2 -
حسبنا اللَّه ونعم الوكيل على اللَّه توكلنا. أخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «وكيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ، فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال لهم: قولوا: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل على اللَّه توكلنا» . والحديث صححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» .
3 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «من كان دعاؤه: اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة، مات قبل أن يصيبه البلاء» . أخرجه ابن حبان وصححه، وأخرجه أحمد في «مسنده» ، والحاكم في «مستدركه» ، وصححه الطبراني في «الكبير» ، واللفظ للطبراني، وضعفه الألباني.
4 -
الاستغفار: عن عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «من لزم الاستغفار جعل اللَّه له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب» .
قال الأرنؤوط في «جامع الأصول» (جـ4 ص: 389): (أخرجه أبو داود رقم 1518) في الصلاة، باب الاستغفار، ورواه أيضًا أحمد في «المسند» رقم (2234) وابن ماجه رقم (3819) وفي سنده الحكم بن مصعب المخزومي الدمشقي، قال أبو حاتم: مجهول، وذكره ابن حبان في «الثقات» ، وفي «الضعفاء» أيضًا، وترجمه البخاري في «التاريخ الكبير» ، ولم يذكر فيه جرحًا، وباقي رجاله ثقات، وقد صحح إسناده العلامة أحمد شاكر في تعليقه على «المسند» رقم (2234) بناء على أنه ثقة عند البخاري؛ لأنه لم يذكر فيه جرحًا فانظره). اهـ.
ومن المعلوم أن سيد الاستغفار: «اللهم أنت ربي .... » ، ويجدر بك أن تصلي صلاة التوبة بين الحين والحين. وقد جاء في «تحفة الذاكرين» (ص: 71) في تفسير الهم والفرق بينه وبين الحزن ما يلي: (قيل: والفرق بين الهم والحزن: أن الهم إنما يكون لأمر متوقع، وأن الحزن يكون من أمر قد وقع، وقيل: الحزن للماضي والهم للمستقبل، وقيل: الفرق بينهما بالشدة والضعف، فالهم أشد في النفس من الحزن لما يحصل فيها من الغم بسببه).
5 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا أتيت سلطانًا مهيبًا تخاف أن يسطو عليك فقل: اللَّه أكبر الله أكبر، اللَّه أعز من خلقه جميعًا، اللَّه أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ باللَّه الذي لا إله إلا هو الممسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والإنس، اللهم كن لي جارًا من شرهم، جل ثناؤك، وعز جارك، ولا إله غيرك - ثلاث مرات - اللهم إنا نعوذ بك أن يفرط علينا
أحد منهم أو أن يطغى). أخرجه الطبراني في «الكبير» وابن أبي شيبة في «مصنفه» .
وقال الشوكاني في «تحفة الذاكرين» : والحاصل أن الحديث موقوف على ابن عباس.
6 -
تقدم الحديث الذي ذكرناه في الأذكار في «سنن أبي داود» والنسائي عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف ظالمًا قال: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم» قال المناوي: في نحورهم: (أي في إزاء صدورهم لتدفع عنا صدروهم وتحول بينا وبينهم) ..
7 -
«اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة» ، عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول اللَّه علمني شيئًا أسأله اللَّه، قال:«سل اللَّه العافية» ، فمكثت أيامًا ثم جئت فقلت: يا رسول اللَّه علمني شيئًا أسأله اللَّه، قال:«يا عباس يا عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، سل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة» رواه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح. وصححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (1).
8 -
«اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك» أخرجه الترمذي والحاكم في «المستدرك» .
قال الشوكاني في «تحفة الذاكرين» : وقد ذكر له الترمذي قصة وفيها: أن اللَّه عز وجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: سل يا محمد، قال: قلت: «اللهم إني أسألك .... » الحديث إلخ. وبعد هذه الكلمات قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إنها كلمة حق، فادرسوها ثم تعلموها» قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني.
9 -
كثرة ذكر اللَّه تعالى والبعد عن الاختلاف - وأعظم الذكر القرآن - قال اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ - وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكم واصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45، 46]، جاء في «مختصر ابن كثير» ما مختصره: (هذا تعليم من اللَّه تعالى لعباده المؤمنين آداب اللقاء وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ} . وفي «الصحيحين» : «يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا اللَّه العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب،
(1) يمكنك أن تدعو بالدعاء الوارد في أذكار الصباح والمساء: «اللهم إني أسألك العافية
…
» أي: الحديث (7). (قل).
وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» وقال قتادة: افترض اللَّه ذكره عند أشغل ما يكون، عند الضرب بالسيوف. وعن كعب الأحبار قال: ما من شيء أحب إلى اللَّه تعالى من قراءة القرآن والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} . فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا، وأن يذكروا اللَّه في تلك الحال ولا ينسوه، بل يستعينوا به، ويتوكلوا عليه، ويسألوه النصر على أعدائهم، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضًا فيختلفوا، فيكون سببًا لتخاذلهم وفشلهم {وَتَذْهَبَ رِيحُكم} أي: قوتكم ووحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال {واصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وقد كان للصحابة رضي الله عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم اللَّه ورسوله به، وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم، ولا يكون لأحد ممن بعدهم، فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقًا وغربًا في المدة اليسيرة، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم، وقهروا الجميع حتى علت كلمة اللَّه وظهر دينه على سائر الأديان، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة، فرضي اللَّه عنهم وأرضاهم). اهـ من «مختصر ابن كثير» .
تنبيه:
بعض الناس يرى في الفتن، أن البعد عن التمسك بالسنة سبيل للنجاة، فتراه يسارع إلى حلق اللحية، وخلع القميص، والبعد عن الصلاة ومجالس العلم في المساجد التي قال اللَّه فيها:{لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108]، بل يأمر البعض زوجه - أي امرأته - بخلع النقاب، وعلاج ذلك أن اللَّه تعالى يقول:{وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَاّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ} [الأنعام: 17]، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:« .... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف» . صحيح - رواه أحمد والترمذي والحاكم كما في «صحيح الجامع» ، وجاء في «الفتح»:«لا يمنع العذابَ الفرارُ، وإنما يمنعه التوبةُ والاستغفار» . اهـ.
واعلم أن العبد إذا أتاه الابتلاء - نسأل اللَّه العافية مع محبته - فكيف يعرف أن هذا الابتلاء
من محبة اللَّه أو غير ذلك؟ قال العلماء كلامًا معناه: إذا كان العبد على طاعة اللَّه فما يأتيه من ابتلاء فهو من محبة اللَّه، وإذا كان العبد على معصية اللَّه، فما يأتيه من ابتلاء فهو مما كسبت يداه، قال اللَّه تعالى:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30] فعليك بكثرة تلاوة القرآن، والصلاة والسلام على خير الأنام، والنفل من الصيام.
فائدة:
بعد أن علمت هذه الأدعية، أستحب لنفسي ولك - واللَّه أعلم - أن تصلي ركعتين لله تعالى (صلاة الحاجة) ثم تدعو بتلك الأدعية السابقة، مطبقًا عليها آداب الدعاء خاصة الدعاء باسم اللَّه الأعظم، وكلما ألححت على اللَّه تعالى بالدعاء بأن تجعلها من أورادك اليومية كان ذلك خيرًا، والدعاء إذا كان أقوى من البلاء فإنه يرده كما تقدم في باب الدعاء.
السابعة والتسعون: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه تعالى إذا استودع شيئًا حفظه» رواه ابن حبان والبيهقي وصححه الألباني. وعلى ذلك إذا تركت دابتك فقل: اللهم إني أستودعك إياها، وقس على ذلك باقي أمورك بأن تستودع اللَّه أولادك، وبيتك ومالك، ونفسك، حتى قلمك.
الثامنة والتسعون: إياك وسيف الحياء، كأن تأكل من البضاعة قبل وزنها، حتى إذا أذن لك البائع فغالبًا يكون ذلك بسيف الحياء.
التاسعة والتسعون: يقول علي رضي الله عنه: (لا يرجونَّ عبد إلا ربه) فلا تقل لفلان أرجوك، ولكن قل له: أرجو اللَّه أن تفعل لي كذا.
المائة: قال ابن القيم رحمه الله: علامة سعادة العبد: إذا أنعم عليه شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر. من كتاب «الوابل الصيب» .
الحادية بعد المائة: وجبات البدن: الإفطار، والغداء، والعشاء، ووجبات القلب: صلاة التوبة، وصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، فداوم على صلاة التوبة، واستخر ربك في كل أمر لا تعرف خيره من شره، وإن كان صغيرًا، وإذا استطعت أن تداوم على صلاة الحاجة كمداومتك على كلمة يا رب فافعل. وإن تعسر عليك أمر ودعوت اللَّه تعالى وأحسست بعدم الإجابة فصل صلاة التوبة، ثم ارجع صلاة الحاجة كرة أخرى، لأن اللَّه تعالى يقول:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
الثانية بعد المائة: اهتم بتربية أولادك ودينهم خُمس اهتمامك ببطونهم.
الثالثة بعد المائة: بعض الناس يتخذ من يوم مولده عيدًا، ويسميه عيد الميلاد. إن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة، فما بالك بغيره صلى الله عليه وسلم، ليس في الإسلام أعياد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى، ولكن لك أن تفعل في اليوم السابع من الميلاد ما يسمى بالنسيكة (أي: العقيقة) لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى، ويحلق رأسه» . رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» .
واعلم أنه قد ورد حديث يفيد إباحة العقيقة لأربع عشرة ولإحدى وعشرين، وهذا الحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع» وضعفه الحافظ ابن حجر وهو (4132):«العقيقة تذبح لسبع، أو لأربع عشرة، أو لإحدى وعشرين» . (صحيح) الطبراني في «الأوسط» ، والضياء عن بريدة «الروض النضير» (166)، و «الإرواء» (1170).
قال الترمذي: (والعمل على هذا عند أهل العلم: يستحبون أن يذبح عن الغلام، العقيقة يوم السابع، فإن لم يتهيأ يوم السابع فيومَ الرابع عشر، فإن لم يتهيأ عق عنه يوم إحدى وعشرين).
جاء في «تحفة الأحوذي» (جـ5 ص: 78، 80) تعليقًا على هذا القول: قال الحافظ في «الفتح» : بعد أن نقل قول الترمذي هذا ما لفظه: لم أر هذا صريحًا إلا عن أبي عبد اللَّه البوشنجي، ونقله صالح بن أحمد عن أبيه، وورد فيه حديث أخرجه الطبراني من رواية إسماعيل بن مسلم عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، وإسماعيل ضعيف. وذكر الطبراني أنه تفرد به، انتهى كلام الحافظ.
قلت: قال الحافظ في «التقريب» : إسماعيل بن مسلم المكي أبو إسحاق كان من البصرة ثم سكن مكة وكان فقيهًا وكان ضعيف الحديث. انتهى.
[وقال رحمه الله]:
فائدة:
إذا مات المولود قبل يوم السابع هل يعق عنه أم لا؟ فقيل: لا يعق عنه وهو قول مالك. قال الحافظ في «الفتح» قوله صلى الله عليه وسلم: «يذبح عنه يوم السابع» تمسك به من قال إن العقيقة مؤقتة باليوم السابع، وأن من ذبح قبله لم يقع الموقع وأنها تفوت بعده وهو قول مالك. وقال أيضًا: إن مات قبل السابع سقطت العقيقة. وفي رواية ابن وهب عن مالك: أن من لم يعق عنه في السابع الأول عق عنه في السابع الثاني. قال ابن وهب: ولا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث. انتهى كلام الحافظ.
قلت: والظاهر أن العقيقة مؤقتة باليوم السابع، فقول مالك هو الظاهر واللَّه تعالى أعلم. وأما رواية السابع الثاني والسابع الثالث فضعيفة، كما عرفت فيما مر.
[وأما عن التسمية في غير السابع فجائزة] وقد ثبت تسمية المولود يوم ولد. ففي «صحيح البخاري» عن أبي موسى قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة
…
الحديث. وفيه عن أبي أسيد أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بابنه حين ولد فسماه المنذر، وفي «صحيح مسلم» عن أنس رفعه قال:«ولد لي اليوم غلام فسميته باسم أبي إبراهيم» الحديث (ويحلق رأسه) أي جميعه. اهـ. أي: بالموسى.
مشروعية تحويل العقيقة إلى النسيكة: لما رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه رواه عن جده قال: (سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: «لا يُحبُ اللَّهُ العقوق» - كأنه كره الاسم - وقال: «من ولد له ولدٌ فأحب أن ينسك عنه فلينسُك، عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة» ومعنى مكافأتان - كما في (ب - ف) - متساويتان في السن والحسن. وقد ورد ما يفيد الإجزاء بشاة عن الغلام. ونعود إلى شرح الحديث: جاء في «عون المعبود» (جـ8 ص: 43، 44): («كأنه كره الاسم»، وذلك لأن العقيقة التي هي الذبيحة والعقوق للأمهات مشتقان من العق الذي هو الشق والقطع، فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحب اللَّه العقوق» بعد سؤاله عن العقيقة للإشارة إلى كراهة اسم العقيقة لما كانت هي والعقوق يرجعان إلى أصل واحد. قاله في «النيل» «فأحب أن ينسُك» بضم السين أي: يذبح (عنه) أي: عن الولد «فلينسك» هذا إرشاد منه إلى مشروعية تحويل العقيقة إلى النسيكة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «مع الغلام عقيقة
…
» [هذا الجزء رواه البخاري وغيره] فلبيان الجواز، وهو لا ينافي الكراهة التي أشعر بها قوله: «لا يحب اللَّه
العقوق». اهـ.
تنبيه:
احذر قول الأمهات - إلا ما رحم ربي - إن رأس المولود طرية (1)، فيحرم المولود من سُنة حلق الرأس، فإذا كانت الأم أرحم الناس بولدها، فاللَّه أرحم من الوالدة بولدها، فإبراهيم عليه السلام عندما أُمر بذبح ولده أمسك بالسكين وتله للجبين، وأنت تبخل بشُعيراتٍ يا مسكين. واعلم أنه لا فرق بين الغلام والجارية من ناحية الحلق، فالكلام الوارد في منهاج المسلم غير صحيح، فلم يذكر الشوكاني في «نيل الأوطار» - عندما ذكر الفرق بين الغلام والجارية - أن الغلام يتميز بالحلق، وإنما العمدة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما النساءُ شقائق الرجال» (2)، فلا يثبت التخصيص إلا بدليل.
الرابعة بعد المائة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال:«لا تغضب» ، فردده مرارًا، قال:«لا تغضب» . رواه البخاري.
الخامسة بعد المائة: جاء في «صحيح مسلم» (باب النهي عن الشرب قائمًا) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا يشربن أحد منكم قائمًا فمن نسي فليستقئ» . وجاء فيه أيضًا (باب الرخصة في الشرب قائمًا من زمزم) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سقيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب قائمًا واستقى وهو عند البيت. وإليك فقه هذين الحديثين:
بوب الإمام النووي في كتاب «رياض الصالحين» قائلاً: (باب جواز الشرب قائمًا وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب جالسًا) وجاء في «زاد المعاد» لابن القيم رحمه الله: (وكان أكثر شربه - أي صلى الله عليه وسلم قاعدًا، بل زجر عن الشرب قائمًا، وشرب مرة قائمًا، فقيل: هذا نسخ لنهيه. وقيل: بل فعله لبيان جواز الأمرين، والذي يظهر فيه - واللَّه أعلم - أنها واقعة عين شرب فيها قائمًا، وسياق القصة يدل عليه، فإنه أتى زمزم وهم يستقون منها، فأخذ الدلو وشرب قائمًا. والصحيح في هذه المسألة: النهي عن الشرب قائمًا، وجوازه لعذر يمنع من الشرب قاعدًا، وبهذا تجمع أحاديث الباب واللَّه أعلم. انتهى من «زاد المعاد» (3).
(1) طري: غضًا لينًا - كذا في «المعجم الأوسط» . (قل).
(2)
صحيح - رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن عائشة، والبزار عن أنس. انظر «صحيح الجامع» . (قل).
(3)
«زاد المعاد» (ج1 ص: 149: 150). (قل).
وجاء فيه أيضًا عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء (1). وجاء فيه أيضًا عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثًا ويقول: «إنه أروى وأبرأ وأمرأ» . قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثًا. انتهى. ومعنى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه كان يبعد الإناء عن فيه أثناء الشرب مرتين ويضعه في الثالثة.
وجاء في «تحفة الأحوذي» للمباركفوري رحمه اللَّه تعالى (جـ5 ص: 539): («كان يتنفس في الإناء ثلاثًا» ووقع في رواية مسلم: «يتنفس في الشراب ثلاثًا» ووقع في رواية أخرى له مثل رواية الترمذي.
قال النووي: معناه في أثناء شربه من الإناء أو في أثناء شربه الشراب «ويقول» إن النبي صلى الله عليه وسلم «هو» أي تعدد التنفس أو التثليث «أمرأ» من مرأ الطعام إذا وافق المعدة أي أكثر انصياعًا وأقوى هضمًا، «وأروى» من الري بكسر الراء غير مهموز أي أكثر ريًا وأدفع للعطش، ووقع في رواية مسلم:«أنه أروى وأبرأ وأمرأ» بزيادة قال النووي: معنى أبرأ أي أبرأ من ألم العطش، وقيل أبرأ أي أسلم من مرض أوأذى يحصل بسبب الشرب في نفس واحد انتهى. وقال الحافظ في «الفتح»: أبرأ بالهمزة من البراءة أو من البرء أي يبرئ من الأذى والعطش، ووقع في رواية أبي داود «أهنأ» بدل قوله:«أروى» من الهنأ. قال: والمعنى أنه يصير هنيًا مريًا أي سالمًا أو مبريًا من مرض أو عطش، ويؤخذ من ذلك أنه أقمع للعطش وأقوى على الهضم وأقل أثرًا في ضعف الأعضاء وبرد المعدة، واستعمال أفعل التفضيل في هذا يدل على أن للمرتين في ذلك مدخلاً في الفضل المذكور، ويؤخذ منه أن النهي عن الشرب في نفس واحد للتنزيه. انتهى كلام الحافظ.
قوله: «هذا حديث حسن» وأخرجه مسلم وأصحاب السنن قاله الحافظ). اهـ.
السادسة بعد المائة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا آكل متكئًا» رواه البخاري. قال النووي في «رياض الصالحين» : (قال الخطابي: المتكئ هنا هو: الجالس معتمدًا على وطاء تحته، قال: وأراد أنه لا يعتمد على الوطاء والوسائد كفعل من يريد الإكثار من الطعام، بل يقعد مستوفزًا لا مستوطئًا ويأكل بلغة (2). هذا كلام الخطابي.
(1) وفي «صحيح الجامع» نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه، حم، د ت عن ابن عباس. صحيح. (قل).
(2)
ويأكل بلغة أي: يكتفي ويجتزئ به.
وأشار غيره: إلى أن المتكئ هو المائل على جنبه، واللَّه أعلم) انتهى كلام النووي رحمه الله. وجاء في «زاد المعاد» لابن القيم رحمه الله:(والاتكاء على ثلاثة أنواع: أحدهما: الاتكاء على الجنب، والثاني: التربع، والثالث، الاتكاء على إحدى يديه وأكله بالأخرى، والثلاثة مذمومة) انتهى.
السابعة بعد المائة: أنقل إليك هنا بعض المنهيات الواردة في «صحيح الجامع» للألباني (1)، وقد راعيت بعون اللَّه تعالى أن تكون هذه المنهيات بقدر الاستطاعة من التي لا تثير خلافًا بين العلماء:
1، 2 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«لا أمس يد النساء» طس عن قيلة بنت عبيد - صحيح. وجاء فيه أيضًا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» . الطبراني عن معقل بن يسار. صحيح.
3 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحًا أو ذا محرم» (م عن جابر) - صحيح.
4 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا تسأل الناس شيئًا ولا سوطك وإن سقط منك حتى تنزل إليه فتأخذه» حم عن أبي ذر. صحيح.
5 -
« ........ لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار» حم، ت، عن عائشة صحيح [الحائض هنا أي: التي بلغت سن المحيض].
6 -
«لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه لاعبًا ولا جادًّا، وإن أخذ عصا صاحبه فليردها إليه» (م - عن أبي هريرة) صحيح.
7 -
«لا عقر في الإسلام» (د - عن أنس) صحيح (2).
8 -
«لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر عليه» هب - عن سلمان. صحيح.
9 -
«لا يحل لمسلم أن يروع أخاه» حم، د عن رجال. صحيح.
10 -
«لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق اللَّه الخلق فمن خلق اللَّه؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت باللَّه ورسوله» م عن أبي هريرة صحيح.
11 -
«لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار» حم، ت عن أبي هريرة. صحيح. [وفي معنى ذلك السكين] انتهى.
(1)«صحيح الجامع» للألباني (ج6 ص: 40) باب المناهي، (ص: 199) باب اللام ألف. (قل).
(2)
لا عقر: أي: لا ذبح عند القبر، وفي معناه التصدق عنده بخبز أو نحوه. كذا في «فيض القدير» .