الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس: الذكر
الذكر كما عرفه العلماء: هو ما يجري على اللسان والقلب، من تسبيح اللَّه تعالى وتنزيهه والثناء عليه ووصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال والجمال (1).
قال اللَّه تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، مثل الحي والميت» رواه البخاري.
وكان بعض العارفين يقول: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها، وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة اللَّه تعالى ومعرفته وذكره. وأخرج البخاري تعليقًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إذا ذكر اللَّه خنس وإذا غفل وسوس له» .
أولاً: فوائد الذكر:
جاء في «الوابل الصيب» لابن القيم رحمه الله ما مختصره (2):
1 -
أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره.
2 -
أنه يرضي الرحمن عز وجل.
3 -
أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
4 -
أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.
5 -
أنه يقوي القلب والبدن.
6 -
أنه ينور الوجه والقلب.
7 -
أنه يجلب الرزق.
8 -
أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.
9 -
أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين ومدار السعادة والنجاة.
10 -
أنه يورثه المراقبة حتى يدخل في باب الإحسان، فيعبد اللَّه كأنه يراه.
11 -
أنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى اللَّه عز وجل.
12 -
أنه يورثه القرب منه سبحانه.
(1) يقصد بالذكر في كل ما ذكر وسيذكر إن شاء اللَّه تعالى الذكر الشرعي. (قل).
(2)
راجع كتاب «الوابل الصيب من الكلم الطيب» (ص: 38: 88) خاصة شرح معظم هذه النقاط بالأدلة والبرهان والبيان (مع مراعاة أنني لم أشر إلى النقاط 74، 75، 76). (قل).
13 -
أنه يفتح له بابًا عظيمًا من أبواب المعرفة، وكلما أكثر من الذكر ازداد من المعرفة.
14 -
أنه يورث الهيبة لربه عز وجل، وإجلاله لشدة استيلائه على قلبه، وحضوره مع اللَّه تعالى.
15 -
أنه يورث ذكر اللَّه تعالى له، كما قال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].
16 -
أنه يورث حياة القلب (1).
17 -
أنه قوت القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته.
18 -
أنه يورث جلاء القلب من صدئه، وصدأ القلب بأمرين بالغفلة والذنب. وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر.
19 -
أنه يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.
20 -
أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى.
21 -
أن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله وتسبيحه وتحميده يذكر بصاحبه عند الشدة.
22 -
أن العبد إذا تعرف إلى اللَّه تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشدة.
23 -
أنه ينجي من عذاب اللَّه تعالى.
24 -
أنه سبب لتنزيل السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة بالذاكر.
25 -
أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل واللغو.
26 -
أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين.
27 -
أنه يسعد الذاكر بذكره ويسعد به جليسه.
28 -
أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة.
29 -
أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال اللَّه تعالى يوم الحر الأكبر في ظل عرشه.
30، 31 - أنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها.
32 -
أن العطاء والفضل الذي رتب عليه ما لم يرتب على غيره من الأعمال.
33 -
أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه، الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده. قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ
(1) قال ابن تيمية قدس اللَّه روحه: الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟
هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19].
34 -
أن الذكر يسير العبد وهو في فراشه وفي سوقه، وفي حالتي صحته وسقمه، وفي حالتي نعيمه ولذته.
35 -
أن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور في قبره، ونور له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط.
36 -
أن الذكر رأس الأصول، وطريق عامة الطائفة، ومنشور الولاية، فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على اللَّه عز وجل.
37 -
أن في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء البتة إلا ذكر اللَّه عز وجل.
38 -
أن الذكر يجمع المتفرق (من القلب والإرادة، والهموم) ويفرق المجتمع (من الذنوب وجند الشيطان).
39 -
أن الذكر ينبه القلب من نومه ويوقظه من سنته، وهو أيضًا يقرب البعيد (الآخرة)(1) ويبعد القريب (الدنيا).
40 -
أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون فالذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد.
41 -
أن الذاكر قريب من مذكوره، ومذكوره معه، فهي معية بالقرب والولاية والتوفيق.
42 -
أن الذكر يعدل عتق الرقاب ونفقة الأموال والحمل على الخيل في سبيل اللَّه عز وجل ويعدل الضرب بالسيف في سبيل اللَّه عز وجل.
43 -
أن الذكر رأس الشكر فما شكر اللَّه من لم يذكره.
44 -
أن أكرم الخلق على اللَّه تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبًا بذكره.
45 -
أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر اللَّه تعالى.
46 -
أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه ،
47 -
أن الذكر أصل موالاته عز وجل ورأسها، والغفلة أصل معاداته ورأسها.
48 -
أنه ما استجلبت نعم اللَّه تعالى واستدفعت نقمه بمثل ذكر اللَّه تعالى.
49 -
أن الذكر يوجب صلاة اللَّه تعالى وملائكته على الذاكر {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43].
(1) يقربها إلى قلبه وأما كون الذكر يبعد الدنيا أي بالزهد فيها. (قل).
50 -
أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا فليستوطن مجالس الذكر.
51 -
أن مجالس الذكر مجالس الملائكة.
52 -
أن اللَّه عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته.
53 -
أن مدمن الذكر يدخل الجنة وهو يضحك.
54 -
أن جميع الأعمال إنما شرعت إقامة لذكر اللَّه تعالى.
55 -
أن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرًا لله عز وجل، فأفضل الصوام أكثرهم ذكرًا لله تعالى في صومه.
56 -
أن إدامته تنوب عن التطوعات، وتقوم مقامها، سواء كانت بدنية أو مالية أو بدنية مالية كحج التطوع.
57 -
أن ذكر اللَّه عز وجل من أكبر العون على طاعته، فإنه يحببها إلى العبد ويسهلها عليه، ويلذذها، ويجعل قرة عينه فيها، ونعيمه وسروره بها، بحيث لا يجد لها من الكلفة والمشقة والثقل ما يجد الغافل.
58 -
أن ذكر اللَّه عز وجل يسهل الصعب وييسر العسير ويخفف المشاق.
59 -
أن ذكر اللَّه عز وجل يذهب عن القلب مخاوفه كلها، وله تأثير عجيب في حصول الأمن.
60 -
أن عمال الآخرة في مضمار السباق، والذاكرين هم أسبقهم في ذلك المضمار.
61 -
أن الذكر يعطي للذاكرة قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.
62 -
أن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده.
63 -
أن دور الجنة تبنى بالذكر، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكت الملائكة عن البناء.
64 -
أن الذكر سدّ بين العبد وبين جهنم.
65 -
أن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب.
66 -
أن الجبال والقفار تتباهى وتستبشر بمن يذكر اللَّه عز وجل عليها، قال مجاهد: إن الجبل ينادي الجبل باسمه: يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر للَّه عز وجل؟ فمن قائل: لا، ومن قائل: نعم.