المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل العاشر: بحث خاص برفع اليدين في الدعاء - ففروا إلى الله - القلموني

[أبو ذر القلموني]

فهرس الكتاب

- ‌رجاء

- ‌بشرى لكل ناسخ وناشر

- ‌المقدمة

- ‌آثار ترك الذنوب والمعاصي

- ‌تنبيهات:

- ‌موضوعات الكتاب:

- ‌الباب الأول: التوبة

- ‌ذكر أحاديث فيها نفي القنوط:

- ‌أولاً: شروط التوبة:

- ‌فائدة:

- ‌ثمرة الاستغفار النافع تصحيح التوبة

- ‌من الأحاديث الدالة على التوبة:

- ‌ثانيًا: آثار المعاصي:

- ‌ثالثًا: جاء في مختصر منهاج القاصدين ما مختصره:

- ‌رابعًا: اتهام التوبة:

- ‌خامسًا: علامات قبول التوبة:

- ‌فائدة:

- ‌سادسًا: سؤال هام:

- ‌فائدة مشهد الرحمة في المعصية:

- ‌كتابة الحسنات والسيئات

- ‌سابعًا: توبة المرأة:

- ‌تنبيه وكلمة:

- ‌الباب الثاني: الدنيا

- ‌وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور:

- ‌فصل في بيان حقيقة الدنيا والمذموم منها والمحمود

- ‌الباب الثالث: الموت

- ‌ذكر شدة الموت

- ‌حسن الظن باللَّه تعالى:

- ‌الباب الرابع: الصلاة

- ‌المعاني التي تتم بها حياة الصلاة كثيرة:

- ‌ تساؤلات:

- ‌ قد يقول قائل: يا أخي العمل عبادة

- ‌ قد يقول قائل: إن فلانًا رجل يصلي ولكن معاملته غير طيبة

- ‌ احذر إبليس:

- ‌ قيام الليل:

- ‌فصل: في الأسباب الميسرة لقيام الليل

- ‌ما حكم قضاء الصلاة الفائتة

- ‌خاتمة:

- ‌الباب الخامس: الذكر

- ‌أولاً: فوائد الذكر:

- ‌منزلة الذكر وأقسامه

- ‌فصل في أذكار النوم واليقظة

- ‌فصل في أذكار الانتباه من النوم

- ‌بعض الأذكار الأخرى الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادس: الدعاء

- ‌الفصل الأول: فضل الدعاء

- ‌الفصل الثاني: آداب الدعاء

- ‌الفصل الثالث: ما هي أوقات الإجابة

- ‌الفصل الرابع: الذين يستجيب اللَّه تعالى دعاءهم

- ‌الفصل الخامس: بم يستجاب الدعاء

- ‌الفصل السادس: علامة استجابة الدعاء

- ‌الفصل السابع: التوسل بالأنبياء والصالحين

- ‌الفصل الثامن: فوائد

- ‌الفصل التاسع: صلاة الاستخارة

- ‌الفصل العاشر: بحث خاص برفع اليدين في الدعاء

- ‌الفصل الحادي عشر: ختامه مسك

- ‌خاتمة:

- ‌الباب السابع: حكم الإسلام في الغناء

- ‌ ومن مكايد عدو اللَّه (إبليس) ومصايده

- ‌خاتمة:

- ‌الباب الثامن: داء العشق ودواؤه

- ‌أولاً: جاء في كتاب «الجواب الكافي»

- ‌الباب التاسع: آداب من سورة النور

- ‌أولاً: آداب دخول البيوت وغض البصر وحفظ الفرج:

- ‌ثانيًا: تساؤلات:

- ‌آداب الهاتف من آداب دخول البيوت

- ‌الباب العاشر: حكم تغطية وجه المرأة

- ‌مقدمة:

- ‌أولاً الخلاصة: كما يراها فضيلة الشيخ البوطي:

- ‌ثانيًا: حكم تغطية الوجه بقلم فضيلة الشيخ وهبي غاوجي:

- ‌ثالثًا: 1 - ما جاء في «روائع البيان» تحت عنوان: «طائفة من أقول المفسرين في وجوب ستر الوجه»

- ‌من أقوال الشعراء في الإسلام:

- ‌استئذان الأقارب بعضهم على بعض:

- ‌أحكام العورة بين المحارم:

- ‌3 - العورة بين المرأة والمرأة:

- ‌الباب الحادي عشر: حكم عمل المرأة خارج البيت

- ‌أمان المرأة:

- ‌القوامة:

- ‌لا تكلف المرأة بشيء من الإنفاق:

- ‌ثالثًا: كيفية تعليم المرأة:

- ‌شروط خروج المرأة من البيت:

- ‌بحث مسألة وضع ثياب المرأة خارج بيتها

- ‌الباب الثاني عشر: علاج الصرع وعلاج السحر وفك الربط وعلاج الحسد

- ‌أولاً: هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع:

- ‌ثانيًا: علاج الصرع:

- ‌ثالثًا السحر:

- ‌رابعًا علاج السحر:

- ‌خامسًا: بعض ما ورد في حل السحر:

- ‌سادسًا: تنبيهات خاصة بفك الربط:

- ‌علاج الحسد:

- ‌علاج العين:

- ‌الباب الثالث عشر: الدين النصيحة

- ‌ عليك بهذه المكتبة الإسلامية

- ‌ فائدة حول التسبيح دبر الصلوات:

- ‌ معاملة الزوجة بلطف والصبر على أذاها

- ‌ إياكَ والإفسادَ بين المرء وزوجه:

- ‌ الختان من محاسن الإسلام:

- ‌ استجب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية

- ‌القرآن واللحية:

- ‌ إن خفت ظالمًا فعليك بهذه الأدعية:

- ‌ مختصر أسباب شرح الصدر

- ‌قَبْل الخاتمة

- ‌مقدار صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌قُبَيْل‌‌ الخاتمة

- ‌ الخاتمة

- ‌ما تزول به عقوبة الذنوب:

- ‌كتب للمؤلف

الفصل: ‌الفصل العاشر: بحث خاص برفع اليدين في الدعاء

‌الفصل العاشر: بحث خاص برفع اليدين في الدعاء

عن أنس بن مالك قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه» رواه البخاري.

جاء في «فتح الباري» (جـ2 ص 602):

(قوله: «إلا في الاستسقاء» ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالأحاديث الثابتة بالرفع في غير الاستسقاء وقد تقدم أنها كثيرة، وقد أفردها المصنف بترجمة قي كتاب «الدعوات» وساق فيها عدة أحاديث، فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره. وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة أمَّا الرفع البليغ فيدل عليه قوله:«حتى يرى بياض إبطيه» ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهة حتى حاذتاه وبه حينئذ يرى بياض إبطيه، وأما صفة اليدين في ذلك فلما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس «أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء» ولأبي داود من حديث أنس أيضًا:«كان يستسقى هكذا ومد يديه - وجعل بطونهما مما يلي الأرض - حتى رأيت بياض إبطيه» .

قال النووي: قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء. انتهى. وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهرًا لبطن كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسئول وهو نزول السحاب إلى الأرض). اهـ.

وجاء في «الفتح» (جـ 11 ص 146، 147): باب رفع الأيدي في الدعاء:

وقال أبو موسى الأشعري: دعا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رفع يديه ورأيت بياض إبطيه.

وقال ابن عمر: رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» .

قال أبو عبد اللَّه: وقال الأُويسي حدثني محمد بن جعفر عن يحيي بن سعيد وشريك سمعا أنسًا «عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه» .

ص: 164

قوله: (باب رفع الأيدي في الدعاء) أي: على صفة خاصة.

وفي الحديث الأول رد من قال لا يرفع كذا إلا في الاستسقاء، بل فيه وفي الذي بعده رد على من قال لا يرفع اليدين في الدعاء غير الاستسقاء أصلاً، وتمسك بحديث أنس:«لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء» وهو صحيح، لكن جمع بينه وبين أحاديث الباب وما في معناها بأن المنفي صفة خاصة لا أصل الرفع وقد أشرت إلى ذلك في أبواب الاستسقاء (1)، وحاصله أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه مثلاً وفي الدعاء إلى حذو المنكبين، ولا يعكر على ذلك أنه ثبت في كل منهما «حتى يرى بياض إبطيه» بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره، وإما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء. قال المنذري: وبتقدير تعذر الجمع فجانب الإثبات أرجح. قلت: ولا سيما مع كثرة الأحاديث الواردة في ذلك، فإن فيه أحاديث كثيرة أفردها المنذري في جزء سرد منها النووي في «الأذكار» وفي «شرح المهذب» جملة. وعقد لها البخاري أيضًا في «الأدب المفرد» بابًا ذكر فيه حديث أبي هريرة:«قدم الطفيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسًا عصت فادع اللَّه عليها، فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: اللهم اهد دوسًا» وهو في «الصحيحين» دون قوله «ورفع يديه» ، وحديث جابر:«أن الطفيل بن عمرو هاجر» ، فذكر قصة الرجل الذي هاجر معه، وفيه:«فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر ورفع يديه» . وسنده صحيح، وأخرجه مسلم. وحديث عائشة أنها:«رأت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعًا يديه يقول: اللهم إنما أنا بشر» الحديث، وهو صحيح الإسناد.

ومن الأحاديث الصحيحة في ذلك ما أخرجه المصنف في «جزء رفع اليدين» : «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رافعًا يديه يدعو لعثمان» ، ولمسلم من حديث عبد الرحمن بن سمرة في قصة الكسوف «فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يدعو» ، وعنده في حديث عائشة في الكسوف أيضًا «ثم رفع يديه يدعو» ، وفي حديثها عنده في دعائه لأهل البقيع «فرفع يديه ثلاث مرات» الحديث، ومن حديث أبي هريرة الطويل في فتح مكة «فرفع يديه وجعل يدعو» ، وفي «الصحيحين» من حديث أبي حميد في قصة ابن اللتبية:«ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه يقول: اللهم هل بلغت» ، ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قول إبراهيم وعيسى فرفع يديه وقال: اللهم أمتي»، وفي حديث عمر «كان رسول اللَّه

(1) أي ما تقدم في شرح الحديث السابق. (قل).

ص: 165

- صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل اللَّه عليه يومًا، ثم سرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا». الحديث أخرجه الترمذي، واللفظ له، والنسائي والحاكم، وفي حديث أسامة «كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى» . أخرجه النسائي بسند جيد، وفي حديث قيس بن سعد عند أبي داود «ثم رفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يديه وهو يقول: اللهم صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة» الحديث وسنده جيد. والأحاديث في ذلك كثيرة: وأما ما أخرجه مسلم من حديث عمارة بن رو يبة - براء وموحدة مصغر - أنه «رأى بشر بن مروان يرفع يديه، فأنكر ذلك وقال: لقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وما يزيد على هذا يشير بالسبابة» فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال: السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة، ورده بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة، وهو ظاهر في سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها، وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفْرًا» بكسر المهملة وسكون الفاء أي خالية، وسنده جيد.

قال الطبري: وكره رفع اليدين في الدعاء ابن عمر وجبير بن مطعم. وأما ما نقله الطبري عن ابن عمر فإنما أنكر رفعهما إلى حذو المنكبين، وقال: ليجعلهما حذو صدره، كذلك أسنده الطبري عنه أيضًا. وعن ابن عباس أن هذا صفة الدعاء.

وأخرج أبو داود والحاكم عنه من وجه آخر قال: المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعًا. وأخرج الطبري من وجه آخر عنه قال: يرفع يديه حتى يجاوز بهما رأسه. وقد صح عن ابن عمر خلاف ما تقدم أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» من طريق القاسم بن محمد «رأيت ابن عمر يدعو عند القاص يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه باطنهما مما يليه وظاهرهما مما يلي وجهه» ). انتهى من «الفتح» .

ص: 166

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إذا سألتم اللَّه تعالى فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها» . صحيح (د) عن مالك بن يسار السكوني. (هـ، طب، ك) عن ابن عباس وزاد: «وامسحوا بها وجوهكم» . «الصحيحة» (595)، «صحيح أبي داود» (1335).

قال الألباني - أثابه اللَّه تعالى - بعد ذكر الحديث، كما في «صحيح الجامع» تعليقًا على الزيادة الضعيفة:«وامسحوا بها وجوهكم» : قلت: هذه الزيادة واهية جدًّا، ولذلك قال العز بن عبد السلام:(لا يمسح وجهه إلا جاهل). وبيان ذلك في «الصحيحة» . اهـ.

وجاء في «فيض القدير» للمناوي رحمه اللَّه تعالى: («إذا سألتم اللَّه تعالى» جلب نعمة «فاسألوه ببطون» قال الطيبي: الباء للآلة ويجوز كونها للمصاحبة كما مر «أكفكم» لا بظهورها فإنه غير لائق بالأدب ولذلك زاد الأمر تأكيدًا بتصريحه بالنهي عن ضده، فقال: «ولا تسألوه بظهورها» وذلك لأن من عادة من طلب شيئًا من غيره أن يمد بطن كفيه إليه ليضع النائل فيها كما مر ولأن أصل شرعية الدعاء إظهار الانكسار بين يدي الجبار والثناء عليه بمحامده والاعتراف بغاية الذلة والمسكنة وذلك ابتهال قولي ولا بد في كمال إظهار الانكسار والافتقار من ضم الابتهال الفعلي إليه، وذلك بمد بطن الكف على سبيل الضراعة إليه ليصير كالسائل المتكفف لأن يملأ كفه بما يسد به حاجته ولا ينافيه خبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم استسقي وأشار بظهر كفه إلى السماء لأن معناه رفعها رفعًا تامًّا حتى ظهر بياض إبطيه وصارت كفاه محاذيتين لرأسه ملتمسًا إلى أن يغمره برحمته وذلك لمساس الحاجة إلى الغيث عن الجدب {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: 28] أما لو دعى بدفع نقمة فبظهورها كما في أخبار كثيرة). اهـ.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك والاستغفار أن تشير بأصبع واحد، والابتهال أن تمد يديك جميعًا» .

صحيح رواه أبو داود - «صحيح أبي داود» (1338 - 1340)، الضياء كذا في «صحيح الجامع» .

جاء في «عون المعبود» (جـ4 ص 360، 361): («قال المسألة» مصدر بمعنى السؤال والمضاف مقدر ليصح الحمل أي آدابها «أن

ص: 167

ترفع يديك حذو منكبيك» أي: قريبًا منهما لكن إلى ما فوق «والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة» .

قال الطيبي: أدب الاستغفار الإشارة بالسبابة سبًا للنفس الأمَّارة والشيطان والتعوذ منهما، وقيده بواحدة لأنه يكره الإشارة بإصبعين لما روي أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يشير بهما فقال له: أحِّد أحد (1)«والابتهال» أي: التضرع والمبالغة في الدعاء في دفع المكروه عن النفس أدبه «أن تمد يديك جميعًا» أي: حتى يرى بياض إبطيك.

قال الطيبي: ولعله أراد بالابتهال دفع ما يتصوره من مقابلة العذاب ليجعل يديه الترس ليستره عن المكروه). اهـ من «عون المعبود» .

وجاء في (ب - ف): «حذو منكبيك: أي: أمامه وإزاءه. والابتهال: أي: التضرع والمبالغة في السؤال» .

فائدة: في الدعاء رضا رب الأرض والسماء:

قال المناوي رحمه اللَّه تعالى تعليقًا على الحديث المتقدم: «من لم يسأل اللَّه تعالى يغضب عليه» : (قوله: «من لم يسأل اللَّه تعالى» أي: يطلب من فضله «يغضب عليه» لأنه إما قانط، وإما متكبر، وكل واحد من الأمرين موجب الغضب، قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: 60] أي: عن دعائي فهو سبحانه يحب أن يسأل وأن يلح عليه، ومن لم يسأله يبغضه والمبغوض مغضوب عليه، قال ابن القيم: هذا يدل على أن رضاه في مسألته وطاعته (2)، وإذا رضي الرب تعالى فكل خير في رضاه، كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه، والدعاء عبادة، وقد قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، فهو تعالى يغضب على من لم يسأله كما أن الآدمي يغضب على من يسأله.

فشتان ما بين هذين، وسحقًا لمن علق بالأثر وأبعد عن العين، قال الحليمي: وإذا كان هكذا فما ينبغي لأحد أن يخلي يومًا وليلة من الدعاء، لأن الزمن يوم وليلة وما وراءهما تكرار، فإذا كان ترك الدعاء أصلاً يوجب الغضب فأدنى ما في تركه يوم وليلة أن يكون مكروهًا). اهـ.

* * *

(1) قاله صلى الله عليه وسلم لسعد - صحيح - رواه أحمد عن أنس - انظر «صحيح الجامع» . (قل).

(2)

وسخطه في الاستغناء عنه ومعصيته. (قل).

ص: 168