الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر». رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح [وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي].
7 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» . متفق عليه. الفذ: يعنى الواحد.
8 -
عن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة ولكن سن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إن اللَّه وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن» . رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، وهو كما قال. انظر «صحيح الجامع» .
أولاً: جاء في «مختصر منهاج القاصدين» ما مختصره:
واعلم: أن للصلاة أركانًا وواجبات وسننًا، وروحها النية والإخلاص والخشوع وحضور القلب، فإن الصلاة تشتمل على أذكار ومناجاة وأفعال، ومع عدم حضور القلب لا يحصل المقصود بالأذكار والمناجاة؛ لأن النطق إذا لم يعرب عمَّا في الضمير كان بمنزلة الهذيان، وكذلك لا يحصل المقصود من الأفعال، لأنه إذا كان المقصود من القيام الخدمة، ومن الركوع والسجود الذل والتعظيم، ولم يكن القلب حاضرًا، لم يحصل المقصود؛ فإن الفعل متى خرج عن مقصوده بقي صورة لا اعتبار بها، وقال اللَّه تعالى:{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} [الحج: 37]. والمقصود أن الواصل إلى اللَّه سبحانه وتعالى هو الوصف الذي استولى على القلب حتى حمل على امتثال الأوامر المطلوبة، فلا بد من حضور القلب في الصلاة، ولكن سامح الشارع في غفلة تطرأ؛ لأن حضور القلب في أولها ينسحب حكمه على باقيها.
و
المعاني التي تتم بها حياة الصلاة كثيرة:
المعنى الأول: حضور القلب كما ذكرنا، ومعناه أن يفرغ القلب من غير ما هو ملابس له، وسبب ذلك الهمة، فإنه متى أهمَّك أمر حضر قلبك ضرورة، فلا علاج لإحضاره إلا صرف الهمة إلى الصلاة، وانصراف الهمة يقوى ويضعف بحسب قوة الإيمان بالآخرة واحتقار الدنيا، فمتى رأيت قلبك لا يحضر في الصلاة، فاعلم أن سببه ضعف الإيمان، فاجتهد في تقويته.
والمعنى الثاني: التفهم لمعنى الكلام فإنه أمر وراء حضور القلب، لأنه ربما كان القلب حاضرًا مع اللفظ دون المعنى، فينبغي صرف الذهن إلى إدراك المعنى بدفع الخواطر الشاغلة وقطع موادها، فإن المواد إذا لم تنقطع لم تنصرف الخواطر عنها.
المعنى الثالث: التعظيم لله والهيبة، وذلك يتولد من شيئين: معرفة جلال اللَّه
تعالى وعظمته، ومعرفة حقارة النفس وأنها مستعبدة، فيتولد من المعرفتين الاستكانة، والخشوع.
ومن ذلك الرجاء: فإنه زائد على الخوف، فكم من معظم مَلكًا يهابه لخوف سطوته كما يرجو بره.
والمصلي ينبغي أن يكون راجيًا بصلاته الثواب، كما يخاف من تقصيره العقاب.
وينبغي للمصلي أن يحضر قلبه عند كل شيء من الصلاة، فإذا سمع نداء المؤذن فليمثل النداء للقيامة ويشمر للإجابة، ولينظر ماذا يجيب، وبأي بدن يحضر.
وإذا ستر عورته فليعلم أن المراد من ذلك تغطية فضائح بدنه عن الخلق، فليذكر عورات باطنه وفضائح سره التي لا يطلع عليها إلا الخالق، وليس لها عنه ساتر، وأنها يكفرها الندم، والحياء، والخوف.
وإذا استقبل القبلة فقد صرف وجهه عن الجهات إلى جهة بيت اللَّه تعالى، فصرف قلبه إلى اللَّه تعالى أولى من ذلك، فكما أنه لا يتوجه إلى جهة البيت إلا بالانصراف عن غيرها، كذلك القلب لا ينصرف إلى اللَّه تعالى إلا بالانصراف عما سواه.
وإذا كبّرت أيها المصلي، فلا يُكَذّبَنَّ قلبك لسانك، لأنه إذا كان في قلبك شيء أكبر من اللَّه تعالى فقد كذبت، فاحذر أن يكون الهوى عندك أكبر بدليل إيثارك موافقته على طاعة اللَّه تعالى.
فإذا استعذت، فاعلم أن الاستعاذة هي ملجأ إلى اللَّه سبحانه، فإذا لم تلجأ بقلبك كان كلامك لغوًا، وتفهم معنى ما تتلو، وأحضر التفهم بقلبك عند قولك:{الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، واستحضر لطفه عند قولك:{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} ، وعظمته عند قولك:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وكذلك في جميع ما تتلو.
وقد روينا عن زرارة بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه قرأ في صلاته: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8] فخر ميتًا، وما ذاك إلا لأنه صور تلك الحال فأثّرت عنده التلف.
واستشعر في ركوعك التواضع، وفي سجودك زيادة الذل، لأنك وضعت النفس موضعها، ورددت الفرع إلى أصله بالسجود على التراب الذي خُلقت منه وتفهم معنى الأذكار بالذوق.
واعلم: أن أداء الصلاة بهذه الشروط الباطنة سبب لجلاء القلب من الصدأ، وحصول الأنوار فيه التي بها تتلمح عظمة المعبود، وتطلع على أسراره وما يعقلها إلا العالمون.
فأما من هو قائم بصورة الصلاة دون معانيها، فإنه لا يطلع على شيء من ذلك بل ينكر