الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذا وكذا» يعني: زانية (1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقي امرأة شم منها ريح الطيب ولذيلها إعصار، فقال: يا أمة الجبار جئت من المسجد؟ قالت: نعم، قال لها: تطيبت؟ قالت نعم، قال: إني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يقبل اللَّه صلاة امرأة طيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة» (2)، ومن ذلك أيضًا أنهن ينهين عن المشي في وسط الطريق لما فيه من التبرج، فقد روي عن حمزة بن أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للنساء:«استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق، عليكن بحافات الطريق» ، فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به (3)، وقوله تعالى:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي: افعلوا ما أمركم به من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة، واتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة، فإن الفلاح كل الفلاح في فعل ما أمر اللَّه به رسوله، وترك ما نهى عنه واللَّه تعالى المستعان (4). انتهى من ابن كثير.
ثانيًا: تساؤلات:
سؤال 1 - هل يجوز للرجل أن يشيع (يوصل) ابنة عمه، أو ابنة عمته، أو ابنة خاله، أو ابنة خالته
…
إلى البيت خوفًا عليها من مساوئ الطريق؟!
الجواب: كيف يكون الذئب حارسًا للغنم! «الحمو الموت» وقد تقدم.
سؤال 2، 3 - هل جعل اللَّه الزميل محرمًا؟! هل جعل اللَّه المدرس الخصوصي محرمًا؟! حتى يخلو كل منهما بالمرأة دون محرم؟!
(1) أخرجه الترمذي وقال: حديث صحيح، ورواه أيضًا أبو داود والنسائي. اهـ. [وحسنه الألباني]. (قل).
(2)
أخرجه أبو داود وابن ماجه. اهـ. صحيح - انظر «صحيح سنن أبي داود» . (قل).
(3)
أخرجه الترمذي في «السنن» . اهـ. [وحسنه الألباني في «صحيح سنن الترمذي»]. (قل).
(4)
الفقرتان (ب، جـ) من «مختصر تفسير ابن كثير» (ج2 ص: 598: 602).
الجواب: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [البقرة: 156] وفي الأثر: «لا تخلون بامرأة ولو كنت تحفظها كتاب اللَّه» (1).
ثالثًا: سؤال هام: هل صوت المرأة عورة؟
جاء في «روائع البيان» ما يلي: «حرم الإسلام كل ما يدعو إلى الفتنة والإغراء، فنهى المرأة أن تضرب برجلها الأرض حتى لا يسمع صوت الخلخال فتتحرك الشهوة في قلوب بعض الرجال {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} .
وقد استدل الأحناف بهذا النهي على أن صوت المرأة عورة فإذا منعت عن صوت الخلخال فإن المنع عن رفع صوتها أبلغ في النهي.
قال الجصاص في «تفسيره» : وفي الآية دلال على أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذا كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها، ولذلك كره أصحابنا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت، والمرأة منهية عن ذلك، وهو يدل على حظر النظر إلى وجهها للشهوة إذا كان ذلك أقرب إلى الريبة وأولى بالفتنة (2). ونقل بعض الأحناف أن نغمة المرأة عورة واستدلوا بحديث «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء» (3)، فلا يحسن أن يسمعها الرجل.
وذهب الشافعية وغيرهم إلى أن صوت المرأة ليس بعورة لأن المرأة لها أن تبيع وتشتري وتدلي بشهادتها أمام الحكام، ولا بد في مثل هذه الأمور من رفع الصوت بالكلام.
قال الألوسي: «والمذكور في معتبرات كتب الشافعية - وإليه أميل - أن صوتهن ليس بعورة فلا يحرم سماعه إلا أن خشي منه فتنة» (4).
والظاهر أنه إذا أمنت الفتنة لم يكن صوتهن عورة فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كُنَّ يروين الأخبار، ويحدِّثن الرجال، وفيهم الأجانب من غير نكير ولا تأثيم.
وذهب ابن كثير رحمه الله أن المرأة منهية عن كل شيء يلفت النظر إليها، أو يحرك شهوة الرجال نحوها، ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها لقوله عليه السلام:«كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا» (5). يعني: زانية ومثل ذلك أن تحرك يديها لإظهار أساورها وحليها.
أقول: ينبغي على الرجال أن يمنعوا النساء من كل ما يؤدي إلى الفتنة والإغراء
…
» (6). انتهى من «روائع البيان» .
فائدة:
شرح الحديث المتقدم في التفسير «الحمو الموت» :
ثبت في «الصحيحين» عن عقبة بن عامر، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«إياكم والدخول على النساء» . فقال رجل من الأنصار: يا رسول اللَّه، أفرأيت الحمو؟ قال:«الحمو الموت» .
جاء في «تحفة الأحوذي» (جـ4 ص 264، 265):
قوله: «إياكم والدخول» بالنصب على التحذير وهو تنبيه للمخاطب على محذور ليحترز عنه كما قيل إياك والأسد، وقوله: إياكم مفعول بفعل مضمر تقديره: اتقوا وتقدير الكلام: اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء، والنساء أن يدخلن عليكم. وفي رواية عند مسلم: لا تدخلوا على النساء. وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بالطريق الأولى «أفرأيت الحمو» . اهـ.
قال النووي رحمه اللَّه تعالى في «شرح مسلم» (جـ 14 ص 220، 221): (وقال الليث بن سعد: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه، اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم، والأختان أقارب زوجة الرجل، والأصهار يقع على النوعين. وأما قوله صلى الله عليه وسلم:«الحمو الموت» فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه، بخلاف الأجنبي. والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم، ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه. ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث، وأما ما ذكره المازري وحكاه أن المراد بالحمو أبو الزوج.
وقال: إذا نهى عن أبي الزوج وهو محرم فكيف بالغريب، فهذا كلام فاسد مردود، ولا يجوز حمل الحديث عليه،
(1) الأصل قيام الرجل بالتدريس للرجال، والنساء بالتدريس للنساء، فإن كانت هناك حاجة في قيام الرجال بالتدريس للنساء فليكن ذلك من وراء حجاب. (قل).
(2)
«أحكام القرآن» للجصاص (ج3 ص: 393).
(3)
سيأتي إن شاء اللَّه تعالى. (قل).
(4)
«روح المعاني» للألوسي (ج18 ص: 146).
(5)
رواه أبو داود النسائي. وانظر «تفسير ابن كثير» . اهـ. وقد تقدم. (قل).
(6)
«روائع البيان» للشيخ الصابوني، (ج2 ص: 166، 167). (قل).
فكذا ما نقله القاضي عن أبى عبيد أن معنى الحمو الموت فليمت ولا يفعل هذا هو أيضًا كلام فاسد، بل الصواب ما قدمناه.
وقال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب كما يقال: الأسد الموت أي لقاؤه مثل الموت وقال القاضي: معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين، فجعله كهلاك الموت فورد الكلام مورد التغليظ). اهـ. وفي «تحفة الأحوذي»:«الحمو الموت» قال القرطبي في المفهم: المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة أي فهو محرم معلوم التحريم. وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة. فخرج هذا مخرج قول العرب الأسد الموت، والحرب الموت، أي لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة.
قال أبو عيسى الترمذي: وإنما معنى كراهية الدخول على النساء على نحو [الحديث المتقدم الذي رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة، إلا كان ثالثهما الشيطان» (إلا كان ثالثهما الشيطان) برفع الأول ونصب الثاني ويجوز العكس والاستثناء مفرغ. والمعنى يكون الشيطان معهما يهيج شهوة كل منهما حتى يلقيا في الزنا). اهـ.
* * *