المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خمسًا هي قوله صلى الله عليه وسلم: «اعفوا، أوفوا، أرخوا، - ففروا إلى الله - القلموني

[أبو ذر القلموني]

فهرس الكتاب

- ‌رجاء

- ‌بشرى لكل ناسخ وناشر

- ‌المقدمة

- ‌آثار ترك الذنوب والمعاصي

- ‌تنبيهات:

- ‌موضوعات الكتاب:

- ‌الباب الأول: التوبة

- ‌ذكر أحاديث فيها نفي القنوط:

- ‌أولاً: شروط التوبة:

- ‌فائدة:

- ‌ثمرة الاستغفار النافع تصحيح التوبة

- ‌من الأحاديث الدالة على التوبة:

- ‌ثانيًا: آثار المعاصي:

- ‌ثالثًا: جاء في مختصر منهاج القاصدين ما مختصره:

- ‌رابعًا: اتهام التوبة:

- ‌خامسًا: علامات قبول التوبة:

- ‌فائدة:

- ‌سادسًا: سؤال هام:

- ‌فائدة مشهد الرحمة في المعصية:

- ‌كتابة الحسنات والسيئات

- ‌سابعًا: توبة المرأة:

- ‌تنبيه وكلمة:

- ‌الباب الثاني: الدنيا

- ‌وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور:

- ‌فصل في بيان حقيقة الدنيا والمذموم منها والمحمود

- ‌الباب الثالث: الموت

- ‌ذكر شدة الموت

- ‌حسن الظن باللَّه تعالى:

- ‌الباب الرابع: الصلاة

- ‌المعاني التي تتم بها حياة الصلاة كثيرة:

- ‌ تساؤلات:

- ‌ قد يقول قائل: يا أخي العمل عبادة

- ‌ قد يقول قائل: إن فلانًا رجل يصلي ولكن معاملته غير طيبة

- ‌ احذر إبليس:

- ‌ قيام الليل:

- ‌فصل: في الأسباب الميسرة لقيام الليل

- ‌ما حكم قضاء الصلاة الفائتة

- ‌خاتمة:

- ‌الباب الخامس: الذكر

- ‌أولاً: فوائد الذكر:

- ‌منزلة الذكر وأقسامه

- ‌فصل في أذكار النوم واليقظة

- ‌فصل في أذكار الانتباه من النوم

- ‌بعض الأذكار الأخرى الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادس: الدعاء

- ‌الفصل الأول: فضل الدعاء

- ‌الفصل الثاني: آداب الدعاء

- ‌الفصل الثالث: ما هي أوقات الإجابة

- ‌الفصل الرابع: الذين يستجيب اللَّه تعالى دعاءهم

- ‌الفصل الخامس: بم يستجاب الدعاء

- ‌الفصل السادس: علامة استجابة الدعاء

- ‌الفصل السابع: التوسل بالأنبياء والصالحين

- ‌الفصل الثامن: فوائد

- ‌الفصل التاسع: صلاة الاستخارة

- ‌الفصل العاشر: بحث خاص برفع اليدين في الدعاء

- ‌الفصل الحادي عشر: ختامه مسك

- ‌خاتمة:

- ‌الباب السابع: حكم الإسلام في الغناء

- ‌ ومن مكايد عدو اللَّه (إبليس) ومصايده

- ‌خاتمة:

- ‌الباب الثامن: داء العشق ودواؤه

- ‌أولاً: جاء في كتاب «الجواب الكافي»

- ‌الباب التاسع: آداب من سورة النور

- ‌أولاً: آداب دخول البيوت وغض البصر وحفظ الفرج:

- ‌ثانيًا: تساؤلات:

- ‌آداب الهاتف من آداب دخول البيوت

- ‌الباب العاشر: حكم تغطية وجه المرأة

- ‌مقدمة:

- ‌أولاً الخلاصة: كما يراها فضيلة الشيخ البوطي:

- ‌ثانيًا: حكم تغطية الوجه بقلم فضيلة الشيخ وهبي غاوجي:

- ‌ثالثًا: 1 - ما جاء في «روائع البيان» تحت عنوان: «طائفة من أقول المفسرين في وجوب ستر الوجه»

- ‌من أقوال الشعراء في الإسلام:

- ‌استئذان الأقارب بعضهم على بعض:

- ‌أحكام العورة بين المحارم:

- ‌3 - العورة بين المرأة والمرأة:

- ‌الباب الحادي عشر: حكم عمل المرأة خارج البيت

- ‌أمان المرأة:

- ‌القوامة:

- ‌لا تكلف المرأة بشيء من الإنفاق:

- ‌ثالثًا: كيفية تعليم المرأة:

- ‌شروط خروج المرأة من البيت:

- ‌بحث مسألة وضع ثياب المرأة خارج بيتها

- ‌الباب الثاني عشر: علاج الصرع وعلاج السحر وفك الربط وعلاج الحسد

- ‌أولاً: هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع:

- ‌ثانيًا: علاج الصرع:

- ‌ثالثًا السحر:

- ‌رابعًا علاج السحر:

- ‌خامسًا: بعض ما ورد في حل السحر:

- ‌سادسًا: تنبيهات خاصة بفك الربط:

- ‌علاج الحسد:

- ‌علاج العين:

- ‌الباب الثالث عشر: الدين النصيحة

- ‌ عليك بهذه المكتبة الإسلامية

- ‌ فائدة حول التسبيح دبر الصلوات:

- ‌ معاملة الزوجة بلطف والصبر على أذاها

- ‌ إياكَ والإفسادَ بين المرء وزوجه:

- ‌ الختان من محاسن الإسلام:

- ‌ استجب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية

- ‌القرآن واللحية:

- ‌ إن خفت ظالمًا فعليك بهذه الأدعية:

- ‌ مختصر أسباب شرح الصدر

- ‌قَبْل الخاتمة

- ‌مقدار صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌قُبَيْل‌‌ الخاتمة

- ‌ الخاتمة

- ‌ما تزول به عقوبة الذنوب:

- ‌كتب للمؤلف

الفصل: خمسًا هي قوله صلى الله عليه وسلم: «اعفوا، أوفوا، أرخوا،

خمسًا هي قوله صلى الله عليه وسلم: «اعفوا، أوفوا، أرخوا، ارجوا، وفروا» والأمر بهذا يفيد وجوب المأمور به، بحيث يثاب فاعله، ويعاقب تاركه، وليست هناك قرينة تصرفه إلى الندب، ومنه يعلم أن حلق اللحية مخالفة صريحة لأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وقال صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب» . رواه البخاري ومسلم. وجاء في فقه السنة تعليقًا على هذا الحديث: «حمل الفقهاء هذا الأمر على الوجوب وقالوا بحرمة حلق اللحية بناء على هذا الأمر» . انتهى.

‌القرآن واللحية:

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: 94] ما نصه: (فهذه الآية بضميمة آية الأنعام إليها، تدل على لزوم إعفاء اللحية، وعدم حلقها، وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} [الأنعام: 84]، ثم إن اللَّه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم، وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك أمر لنا، لأن أمر القدوة أمر لأتباعه كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية من هذا الكتاب المبارك في سورة المائدة (1). وقد قدمنا هناك أنه ثبت في «صحيح البخاري» أن مجاهدًا سأل ابن عباس رضي الله عنهما: من أين أخذت السجدة في (ص)؟ قال: أو ما تقرأ {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ..... أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فسجدها داود، فسجدها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإذا علمت بذلك أن هارون كان موفرًا شعر لحيته، بدليل قوله لأخيه:{لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} لأنه لو كان حالقًا لما أراد الأخذ بلحيته، تبين من ذلك بإيضاح أن إعفاء اللحية سمت من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات اللَّه وسلامه عليهم). انتهى.

وكما يقال: اللحية تربيها تربيك، وعندما يعفي الإنسان لحيته، يجدها تلزمه بأشياء لا عليه ألا يقوم بها لو كان حالقًا لها، فلو مشي إنسان ملتح مع امرأة متبرجة - حتى ولو كانت أخته - فإن الناس سوف ينظرون إليه نظرة فيها احتقار.

(1)«أضواء البيان» للشنقيطي (ج4 ص: 506). (قل).

ص: 327

ومن الصعب على المسلم الملتحي أن يتردد على أماكن المعصية، لأن اللحية تقول بالمعنى الصامت: أنا تبع النبي صلى الله عليه وسلم.

فوائد وتنبيهات:

1 -

قال البغوي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] قيل: الرجال باللحى، والنساء بالذوائب.2 - حلق اللحية استجابة لأمر الوالدين بحجة أن طاعة الوالدين فرض وإعفاء اللحية سنة: من تلبيس إبليس (1)، وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا طاعة لأحد في معصية الله» .

3 -

حلق اللحية رضوخًا لطلب الزوجة بيان عظيم لقول اللَّه عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14].

خاتمة:

جاء في «موارد الظمآن» : وفي اللحية خصال نافعة:

1 -

مخالفة المشركين.

2 -

تمييز الرجل عن المرأة.

3 -

تمييز الرجل عن الصبي وتغطية ما في منبتها من تشويه أو تثن، لا سيما في الكبر.

4 -

تعظيم الرجل الذي يعفيها وتوقيره.

5 -

أن إعفاءها من سنن المرسلين.

6 -

تقديم من يعفيها على الجماعة وتفضيله.

7 -

السلامة من تضييع قطعة من العمر في حلقها أو قصها. انتهى من «موارد الظمآن» .

وفوق ذلك كله فهي امتثال لأمر اللَّه، ويا سعادة من امتثل لأمر مولاه، فإن العز كل العز في طاعة اللَّه، وإن الذل كل الذل في معصية اللَّه.

الثامنة والستون: إذا كنت من الدعاة إلى اللَّه، واحتجت إلى بيت تسكن فيه، فيمكنك - واللَّه أعلم - أن تدعو بهذا الدعاء: اللهم ارزقني بيتًا يساعدني على طاعتك في المكان الذي تحب أن أدعو فيه إليك.

التاسعة والستون: الشرفة كالشارع خاصة بالنسبة للمرأة ويمكنك أن تقوم بعمل ستارة تغطي أحبال الغسيل من الخارج.

(1) وهو قياس مع الفارق. (قل).

ص: 328

السبعون: أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن عبد الأعلى التيمي أنه قال: من أوتي من العلم ما لا يبكيه، لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه، لأن اللَّه نعت أهل العلم فقال:{وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} انتهى. وذلك في نهاية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا - وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً - وَيَخِرُّونَ للأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107: 109].

الحادية والسبعون: من رسوخ العلم أن يكون من الكتاب، فقد ورد أن رجلاً سأل الإمام أحمد سؤالاً، فصعد الإمام إلى بيته كي يحضر الكتاب فقال الرجل: حدثني من الذاكرة، فقال الإمام رحمه الله: لا، بل من الكتاب.

وقد يلبس عليك إبليس قائلاً: إنك إذا قرأت من الكتاب، قال الناس: إن حظك من العلم قليل. فإذا كنت عالمًا حقًّا فلا يهمك أن تكون عالمًا عند الناس. وعمومًا يقول ابن القيم رحمه الله: فالبصير الصادق، لا يستوحش من قلة الرفيق، ولا من فقده، إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول الذين أنعم اللَّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

الثانية والسبعون: إذا كنت تقوم بإعطاء درس أو خطبة جمعة، فيمكنك أن تصلي صلاة الاستخارة، لا على إلقاء الدرس أو الخطبة وإنما على الموضوع واللَّه أعلم. وأيضًا يا حبذا لو صليت صلاة الحاجة قبل تحضير الخطبة تسأل اللَّه فيها الصواب والإخلاص.

الثالثة والسبعون: إذا كنت قد تعودت على السفر كثيرًا فاحذر طول الغياب، وأذكرك بقول اللَّه تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. فإلى هذا الحد تصبر المرأة على زوجها، حيث سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها عن ذلك فأجابته بهذه الآية. وجاء في «زاد المعاد» لابن القيم رحمه الله: وينبغي (أي: للرجل) ألا يدع الجماع، فإن البئر إذا لم تنزح ذهب ماؤها (1).

الرابعة والسبعون: ضع في نيتك أن كل ما تنفقه على أهلك يعتبر نفقة في سبيل اللَّه تعالى، حتى رغيف الخبز، ففي «صحيح مسلم» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«دينار أنفقته في سبيل اللَّه، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أفضلها الذي أنفقته على أهلك» .

(1) راجع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الجماع في «زاد المعاد» (ج4 ص: 249). (قل).

ص: 329

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «نفقةُ الرجل على أهله صدقة» رواه البخاري والترمذي - كما في «صحيح الجامع» .

جاء في «تحفة الأحوذي» (جـ6 ص: 72، 73): (قوله: «نفقة الرجل على أهله» وفي رواية للشيخين إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها.

قال الحافظ: المراد بالاحتساب القصد إلى طلب الأجر. وقال القرطبي في قوله يحتسبها: أفاد بمنطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة واجبة أو مباحة، وأفاد بمفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر لكن تبرأ ذمته من الواجبة لأنها معقولة المعنى «صدقة». قال الحافظ: المراد بالصدقة الثواب وإطلاقها عليه مجازي، وقرينته الإجماع على جواز الإنفاق على الزوجة الهاشمية مثلاً، وهو من مجاز التشبيه، والمراد به أصل الثواب لا في كميته وكيفيته، قال: وقوله على أهله: يحتمل أن يشمل الزوجة والأقارب ويحتمل أن يختص بالزوجة ويلحق به من عداها بطريق الأولى، لأن الثواب إذا ثبت فيما هو واجب، فثبوته فيما ليس بواجب أولى.

وقال الطبري ما ملخصه: الإنفاق على الأهل واجب، والذي يعطيه يؤجر على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع.

وقال المهلب: النفقة على الأهل واجبة، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم، ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع انتهى). انتهى من «تحفة الأحوذي» للعلامة المباركفوري رحمه اللَّه تعالى.

الخامسة والسبعون: إذا ذهبت إلى أخيك المسلم لمصلحة معينة كصلح بين اثنين متخاصمين

فلا تبدأ في الموضوع إلا بعد أن تجعله يؤدي الصلاة، خاصة إذا كان من المواظبين على الصلاة، ولو كان الوقت ضيقًا. ويمكنك أن تسأله بهذه الكيفية: بأي سورة قرأ بكم الإمام اليوم في الصلاة؟

السادسة والسبعون: إذا كنت وسيطًا بين طرفين في أمر من أمور الخير كالصلح .... فيمكنك أن تصلي ركعتين لله (صلاة الحاجة) تسأل اللَّه تعالى فيهما التيسير والإخلاص

ص: 330

وسرعة الإنجاز.

السابعة والسبعون: جاء في كتاب «الزهد» للإمام أحمد قال سليمان بن داود لابنه عليهما السلام: «يا بني إن أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع العصا عن ابنك» أي: داوم على تأديبه ولو بالعصا.

الثامنة والسبعون: لو جهزت المرأة قلبها لله عز وجل من صغرها، بالتقوى، وحفظ القرآن - خاصة سورة النور - والابتعاد عن الأغاني، وعدم اختلاطها بالرجال، وبقرارها في بيتها، وتوكلها على فاطرها بأنه هو النافع الضار الباسط القابض، وبالدعاء في السجود بأن اللَّه تعالى يرزقها بزوج صالح، يعفها، ويحفظ عليها دينها، وينفق عليها - لو جهزت بذلك قلبها لربها - لتزوجت بإذن اللَّه تعالى قبل من تجهز لنفسها أثاث بيتها من صغرها، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (1) [الزمر: 26] يا مسكينة: توضئي، واقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين .. تململي بين يديه، وقولي: يا رب إن الحلال يسير على من يسرته عليه فلا تردني.

التاسعة والسبعون: إذا رقيت إنسانًا بالفاتحة أو بغيرها فلا تنس أن تكون الرقية بالترتيل.

الثمانون: التزم بالترتيل في الصلاة السرية، فرب العلن هو رب السر.

الحادية والثمانون: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إياك وكل أمر يعتذر منه» . حسن، الضياء عن أنس. «الصحيحة» (354، 1421). انظر «صحيح الجامع» .

قال المناوي رحمه اللَّه تعالى في «فيض القدير» : «إياك» منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره، من قبيل قولهم إياك والأسد، وأهلك والليل، وتقديره هنا باعد واتق «وكل أمر يعتذر منه» أي: احذر أن تتكلم بما تحتاج أن تعتذر عنه. قال ذو النون: ثلاثة من أعلام الكمال: وزن الكلام قبل التفوه به، ومجانبة ما يحوج إلى الاعتذار، وترك إجابة السفيه حلمًا عنه، وأخرج أحمد في «الزهد» عن سعد بن عبادة أنه قال لابنه: إياك وما يعتذر منه من القول والعمل؛ وافعل ما بدا لك؛ وفي رواية: فإنه لا يعتذر من خير؛ وخرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران قال لي عمر بن عبد العزيز: احفظ عني أربعًا: لا تصحب سلطانًا وإن أمرته بمعروف ونهيته عن منكر، ولا تخلونّ بامرأة ولو أقرأتها القرآن، ولا تصلنّ من قطع رحمه فإنه لك أقطع؛ ولا تتكلمن بكلام تعتذر منه غدا. وأخرج القالي في أماليه عن بعضهم: دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك

(1) بلى. (قل).

ص: 331

اعتذاره؛ فلست بموسع عذرًا كل من أسمعته نكرًا، وهذا الحديث عده العسكري من الأمثال، وقد قال: جمع بهاتين الكلمتين جميع آداب الدنيا والدين، وفيه جمع لما ذكره بعض سلفنا أنه لا ينبغي دخول مواضع التهم، ومن ملك نفسه خاف من مواضع التهم أكثر من خوفه من وجود الألم؛ فإن دخولها يوجب سقم القلب كما يوجب الأغذية الفاسدة سقم البدن، (الضياء) المقدسي (عن أنس) قال: قال رجل: يا رسول اللَّه أوصني وأنجز فذكره.

الثانية والثمانون: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن اللَّه عز وجل يقول لأهل الجنة، يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك! فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدًا» . رواه البخاري ومسلم والترمذي.

الثالثة والثمانون: عن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «من غسل (1) واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة أجر سنة: صيامها وقيامها» . قال ابن كثير: هذا الحديث له طرق وألفاظ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة، وحسنه الترمذي.

(1) غسل: جامع أهله. (قل).

ص: 332

الرابعة والثمانون: إذا استصعب عليك حمل شيء ما أو خفت مكروهًا، أو خفت فقرًا، فقل:«لا حول ولا قوة إلا باللَّه» عن الليث بن سعد عن معاوية بن صالح قال: حدثنا مشيختنا أنه بلغهم: أن أول ما خلق اللَّه عز وجل حين كان عرشه على الماء - حملة العرش، قالوا: ربنا لم خلقتنا؟ قال: خلقتكم لحمل عرشي، فأعادوا عليه ذلك مرارًا، فقال قولوا: لا حول ولا قوة إلا باللَّه، فحملوه. رواه ابن أبي الدنيا، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقيس بن عبادة:«ألا أدلك على باب من أبواب الجنة» ؟ قلت: بلى. قال: «لا حول ولا قوة إلا باللَّه» (1) رواه الترمذي والحديث صحيح - انظر «صحيح سنن الترمذي» .

الخامسة والثمانون: عن ابن عباس: إذا قلت: لا إله إلا اللَّه فقل الحمد لله، فإن اللَّه تعالى يقول:{فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65]. انتهى، وتمام الآية:{هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

السادسة والثمانون: قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} [النساء: 5] قال ابن كثير رحمه اللَّه تعالى: ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال، التي جعلها اللَّه للناس قيامًا، أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها، ومن هاهنا يؤخذ [الحجر على السفهاء] وهم أقسام: فتارة يكون الحجر للصغر، فإن الصغير مسلوب العبارة، وتارة يكون الحجر

(1) انظر شرح ذلك الكنز في مقدمة كتابنا «عون الرحمن في حفظ القرآن بزيادة فتح المنان في حمل الفرقان» . (قل).

ص: 333

للجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة للفلس وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه؛ حجر عليه. وقال ابن عباس في قوله:{وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} قال: هم بنوك والنساء، وقال الضحاك: هم النساء والصبيان. وقال سعيد بن جبير: هم اليتامى. وقال مجاهد وعكرمة: هم النساء

وقوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} قال ابن عباس: لا تعمد إلى مالك وما خولك اللَّه وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بنتك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم. وقال ابن جرير عن أبي موسى قال: ثلاثة يدعون اللَّه فلا يستجيب لهم: رجل له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفيهًا؛ وقد قال اللَّه:{وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} ، ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه. وقال مجاهد:{وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} يعني: في البر والصلة، وهذه الآية الكريمة تضمنت الإحسان إلى العائلة في الكساوي والأرزاق، بالكلام الطيب وتحسين الأخلاق (1). انتهى.

بل صح الحديث السابق مرفوعًا، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«ثلاثة يدعون اللَّه فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيهًا ماله؛ وقال اللَّه تعالى: {وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ}» .

صحيح رواه الحاكم عن أبي موسى، «الصحيحة» (1805)، الطحاوي، ابن شاذان، أبو نعيم، الديلمي - كذا في «صحيح الجامع» .

قال المناوي رحمه الله في «فيض القدير» :

(«ثلاثة يدعون اللَّه عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق» بالضم «فلم يطلقها» فإذا دعا عليها لا يستجاب له؛ لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها، «ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه» فأنكره، فإذا دعا لا يستجاب له لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} «ورجل آتى سفيهًا» أي: محجورًا عليه بسفه «ماله» أي: شيئًا من ماله مع علمه بالحجر عليه، فإذا دعا عليه لا يستجاب له، لأنه المضيع لماله فلا عذر له. «وقد قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُؤْتُواْ

(1)«مختصر تفسير ابن كثير» للصابوني (ج1 ص: 357، 358). (قل).

ص: 334

السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ}».

وقال المعلق على الفيض: قال البيضاوي: نهى الأولياء عن أن يؤتوا الذين لا رشد لهم أموالهم فيضيعوها، وإنما أضاف الأموال إلى الأولياء لأنها في تصرفهم وتحت ولايتهم، وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة، وقيل نهي لكل أحد إلى ما خوله اللَّه من المال فيعطي امرأته وأولاده ثم ينظر إلى أيديهم، وإنما سماهم سفهاء استخفافًا بعقلهم، وهو أوفق لقوله:{الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} أي: تقومون بها وتنتفعون، وعلى الأول بأنها التي من جنس ما جعل اللَّه لكم قيامًا). اهـ.

تنبيه:

من إكرام الرجل لزوجته ألا يجعلها تذهب إلى السوق، فإن شر الأماكن في الأرض الأسواق.

السابعة والثمانون: جاء في «تحفة الذاكرين» ما مختصره: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إذا كان جُنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم، وأغلق بابك واذكر اسم اللَّه، وأطفئ مصباحك واذكر اسم اللَّه، وأوك سقاءك واذكر اسم اللَّه، وخمر إناءك واذكر اسم اللَّه ولو أن تعرض عليه شيئًا» «الحديث أخرجه الجماعة: البخاري ومسلم وأهل السنن الأربعة.

جنح الليل: أي: طائفة منه وأراد به هنا الطائفة الأولى عند امتداد فحمة العشاء.

فكفوا صبيانكم: أي: امنعوهم من الخروج. فخلوهم: أي: حُلوهم عن ذلك الكف الذي كففتموهم. ولو أن تعرض عليه شيئًا: يعني: أي شيء كان من عود أو غيره، فإن ذلك يكفي، وإن لم يستر جميع الإناء» (1).

الثامنة والثمانون: جاء في «إغاثة اللهفان» ما مختصره:

(كان النبي صلى الله عليه وسلم «يتوضأ بالمُد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد». رواه البخاري ومسلم، قال في «عون المعبود» بتصرف: (جـ 1 ص 164، 165): (الصاع: هو مكيال يسع أربعة أمداد. والمد: هو بالضم ربع الصاع لغة، وقال في «القاموس»: أو ملء كف الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومد يده بهما، ومنه سمى مدًا). اهـ.

وعن عبد اللَّه بن عمرو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال: «لا تُسرف» فقال: يا رسول اللَّه! أوَفي الماء إسراف؟ قال: «نعم وإن كنت على نهر جار» رواه أحمد (2) وقال محمد بن عجلان: الفقه في دين اللَّه إسباغ الوضوء وقلة إهراق الماء.

وقال الإمام أحمد: كان يقال: من قلة فقه الرجل ولعه بالماء. وفي «جامع الترمذي» من حديث أبي بن كعب «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن للوضوء شيطانًا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء» (3). وكما قال أبو حامد

(1)«تحفة الذاكرين» للشوكاني (ص: 80). (قل).

(2)

والحديث ضعيف. (قل).

(3)

ضعفه الألباني. (قل).

ص: 335

الغزالي وغيره: الوسوسة سببها إما جهل بالشرع، وإما خبل في العقل، وكلاهما من أعظم النقائص والعيوب (1). انتهى.

التاسعة والثمانون: لا تسأل أخاك المسلم إذا لقيته إلى أين تذهب؟ فربما لا يريد إعلامك بذلك. (ورد معنى ذلك في «مختصر منهاج القاصدين») وإنما من الممكن - واللَّه أعلم - لو أن معك دابة - أن تقول له: أنا طريقي في اتجاه كذا فإن أحببت أن تركب معي فافعل.

التسعون: إذا زرت عالمًا فلا تطل الزيارة عنده، فإن وقته للكتاب.

الحادية والتسعون: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة. متفق عليه.

وعن ابن مسعود رضي الله عنهما قال: لعن اللَّه الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق اللَّه. قال العلماء: الوشم أن يغرز الجلد بإبرة ثم يحشي بكحل أو نيلج فيزرق أثره أو يخضر، وفاعلته الواشمة، والتي يفعل بها المستوشمة. وقال النووي رحمه الله: الواصلة: التي تصل شعرها أو شعر غيرها بشعر آخر. والموصولة: التي يوصل شعرها. والمستوصلة: التي تسأل من يفعل ذلك لها. والمتفلجة: هي التي تبرد من أسنانها لتباعد بعضها من بعض قليلاً وتحسنها وهو الوشر، والنامصة: هي التي تأخذ من شعر حاجب غيرها وترفعه ليصير حسنًا. والمتنمصة: التي تأمر من يفعل بها ذلك.

الثانية والتسعون: قال اللَّه تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].

وروي أن بعض الفقراء شكا فقره إلى بعض أرباب البصيرة، وأظهر شدة اغتمامه بذلك، فقال له: أيسرك أنك أعمى ولك عشرة آلاف درهم؟ قال: لا، قال: أيسرك أنك أخرس ولك عشرة آلاف درهم؟ قال: لا، قال: أيسرك أنك أقطع اليدين والرجلين ولك عشرون ألفًا؟ قال: لا، قال: أيسرك أنك مجنون ولك عشرة آلاف؟ قال: لا، قال: أما تستحي أن تشكو مولاك ولك عنده عروض بخمسين ألفًا.

الثالثة والتسعون: جاء في الأثر: (من أتلف شيئًا فعليه إصلاحه) فإن البعض قد يتحرج من ذلك ويقول: إنه لا يقبل العوض، وهذا خطأ، بل لو كسرت كوبًا، ولو بحسن نية فعليك ثمنه، إلا أن يعفو صاحب الكوب، وتظهر هذه المسألة في حوادث

(1)«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ص: 146: 162). (قل).

ص: 336

التصادم بالسيارات، فإنك قد تجد البعض يتحرج من أخذ حقه ظنًّا منه (عن غير علم) أن ما يسمونه بالعوض حرام.

الرابعة والتسعون: إذا بشرت بنعمة تسر، أو باندفاع نقمة، فاسجد شكرًا لله، ولو كنت على غير وضوء، أو في غير اتجاه القبلة، فعن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به خر ساجدًا شكرًا لله تعالى. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه. وقال الأرنؤوط: إسناده حسن.

وهنا نكتة لطيفة: وهو أنه كلما سجدت شكرًا لله، ولو في الأمور التي قد تعد صغيرة عند البعض، زادك اللَّه رفعة وعطاء. وبالمناسبة، لا تمنعك هيبة الناس أن تسجد للَّه في الطريق، أو في المركبة، أو عند أرباب المناصب، فلسجود الشكر وسجود التلاوة أيضًا في هذه الأماكن لذة في القلب لا تقل عن لذة السجود بين يدي اللَّه تعالى في الليل. وللمرأة أيضًا أن تسجد شكرًا لله تعالى بعد كل عمل من أعمال بيتها كالطبخ ....

الخامسة والتسعون: ابتعد عن لحوم العلماء، وخذ خير ما عندهم، واترك ما سوى ذلك، وكما قال ابن عساكر: لحوم العلماء مسمومة. ومن أقواله أيضًا: من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه اللَّه قبل موته بموت القلب.

طلب من العلماء:

1 -

قراءة باب تلبيس إبليس على العلماء من كتاب «تلبيس إبليس» لابن الجوزي.

2 -

قراءة كتاب «مختصر منهاج القاصدين» بين الحين والحين، وتغذية خطبة الجمعة به.

3 -

ختم القرآن مرتين على الأقل في الشهر. واعلم أن اللَّه تعالى أودع قلبك كتابه لتذكره وتخشاه، لا لتهجره وتنساه، فالعلم هو الخشية.

4 -

قراءة تفسير القرآن كل عام، خاصة قبل رمضان، (على الأقل كتاب كلمات القرآن الكريم من كتاب «أيسر التفاسير» وقد تقدم).

5 -

كما قال ابن تيمية: (ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف، ونهيك عن المنكر غير منكر). وضع نصب عينك هذه الحكمة: «أكثروا الكلام عن الخير فينتشر، ولا تكثروا الكلام عن الشر فيندثر» .

6 -

كن في بيتك ومسجدك ومكان دعوتك كالنخلة، كما جاء في الحديث «يرمونها بالأحجار

ص: 337