الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث الحادي عشر [الجود ومدارسة العلم فِي رمضان]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمُطَهَّرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُومِسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْكَرْخِيُّ بِالرِّيِّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيِّ -، وَأَنَا أَسْمَعُ، فَقِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ الشِّمْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُون فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرُيلُ عليه السلام، وكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام أَجْوَدَ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ "
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، عَالٍ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ مُقَاتِلٍ وَعَبْدَانَ وَبِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ.
رواه حبر الأمة مفسر التنزيل، ومبين التأويل، ابن عم الرَسُول صلى الله عليه وسلم: أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْد اللَّهِ بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عبد مناف الهاشمي وأمه: لبابة بنت الحارث بْن حزن بْن بجير الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
حنكه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بريقه، ودعا لَهُ فَقَالَ:" اللَّهُمَّ بارك فِيهِ، وانشر منه، وعلمه الحكمة " وسماه " ترجمان القرآن " وَكَانَ يسمى: البحر من كثرة علمه.
روى عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه قَالَ: خرج رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فتلقاه الْعَبَّاس فَقَالَ لَهُ: " ألا أبشرك يَا أبا فضل؟ قَالَ ": بلى، قَالَ:" فإن اللَّه افتتح بي هَذَا الآمر، وبذريتك يختمه " وأراد بِذَلِكَ، بقاء الخلافة فِي أولاده إِلَى قيام الساعة.
ولد عَبْد اللَّهِ عام الشعب، قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابن عشر سنين مختونا، وقيل: ابن ثلاثة عشرة سنة قد ناهز الاحتلام، وكانوا يختنون للبلوغ.
وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين، وقيل: سنة سبعين.
قَالَ ميمون بْن مهران: شهدت جنازة عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، فلما وضع
ليصلى عَلَيْهِ جاء طائر أبيض حَتَّى وقع عَلَى أكفانه ثُمَّ دخل فِيهَا، فالتمس فلم يوجد، فلما سوي عَلَيْهِ التراب سمعنا من نسمع صوته ولا نرى شخصه:{يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}
فِي الْحَدِيث دلالة ظاهرة عَلَى أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أسخى الناس، وأشجع الناس، وهما خصلتان تعرف إحداهما من الأخرى، من حيث المعني، لأنهما يدلان عَلَى قوة النفس وعلو الهمة وعظم الثقة بالله تَعَالَى.
والجود خصلة حميدة، والله تَعَالَى جبل نبيه صلى الله عليه وسلم عَلَى أحسن الأخلاق، وأكرم الطباع، وأطهر الخصال. روي أَنَّهُ عليه السلام مَا سئل شيئا قط فَقَالَ: لا، سأله رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فعاد الرجل إِلَى قومه فَقَالَ: أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة.
وفيه دلالة عَلَى استجاب زيادة البذل وتوسيع النفقة فِي رمضان، لما يرجي من القبول والثواب ومضاعفة الأجر، ويسمي رمضان:" شهر الجود " وفيه دليل عَلَى أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عند لقاء جبريل عليه السلام أجمع هما وأصفي وقتا، وأقوى حالا، وفي ذَلِكَ أمارة عَلَى أن صحبة الصالحين مؤثرة فِي دين الرجل وعمله، وقد قيل:" لقاء أهل الْخَيْر عمارة القلوب ".
وفيه دلالة عَلَى استحباب مدارسة العلم بالليل لقلة الشغل وحضور القلب وفراغ النفس.
وفيه دلالة عَلَى استحباب قراءة القرآن فِي رمضان، وكثرة درسه وعرضه عَلَى القراء والمعلمين.
أَخْبَرَنَا الإْمَامُ أَبُو سَهْلٍ غَانِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ -، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ مُفْطِرُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْتَالُونَ.
أَخْبَرَنَا الخطيب أَبُو زكريا يَحْيَى بْن علي التبريزي، إجازة، رحمه الله، قَالَ أنشدنا أَبُو العلاء المعري، لنفسه:
استغفر اللَّه قلبي خائف فرق
…
وطرق أجدادي الماضين أطرق
والنسك أفضل مَا قدمت من ذخر
…
إذا أجنك من هَذَا الثرى طبق
أهل التدين فِي الدنيا ذوو تعب
…
عبيد ربك مَا فكوا وما أبقوا
وما عرفت لعمري منهم أحدا
…
لكن جهلت فماء الجفن يستبق