الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث الأربعون [من آداب الأكل]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ الصَّائِنُ أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْبَصْرِيُّ الْمُلَقَّبُ بِسَعِيدٍ، وَوَالِدُهُ يُعَرْفُ بِبُجَيْرٍ الْبَصْرِيِّ رحمهم الله، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ -، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَرْزُبَانِ الأَبْهَرِيُّ -، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ - الْحَزَوَّرِيُّ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِ مِائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ، وَلَقَبُهُ لُوَيْنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ:
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ غُلامًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَةٍ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا غُلامُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ " فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طُعْمَتِي بَعْدُ.
هَذَا حَدِيثٌ، حَسَنٌ، عَالٍ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الأَطْعِمَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ وَهْبٍ.
وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ربيبة، عمر بْن أَبِي سلمة عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الأسد القرشي المخزومي رضي الله عنه.
فِي الْحَدِيث: دلالة عَلَى استحباب ذكر اسم اللَّه تَعَالَى عَلَى الأكل والشرب، وأنه يبارك فِيهِ بالتسمية.
روى أَبُو أيوب الأنصاري رضي الله عنه قَالَ: كنا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقرب طعام، فلم أر طعاما كَانَ أعظم بركة منه أول مَا أكلنا، ولا أقل بركة فِي آخره، فقلنا لَهُ، فَقَالَ عليه السلام:" إنا ذكرنا اسم اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ قعد من أكل ولم يسم اللَّه تَعَالَى فأكل معه الشيطان ".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا أكل أحدكم فنسي أن يذكر اسم اللَّه تَعَالَى عَلَى طعامه فليقل: بسم اللَّه عَلَى أوله وآخره.
وأعلم أن التسمية شرط عَلَى الذبيحة حالة مَا يذبح، وعلى الصيد حالة مَا ترسل الجارحة أَوِ السهم فلو تركه هناك هل يحل؟
قَالَ بعض العلماء: هُوَ حلال، وبه قَالَ مَالِك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم، لأن المؤمن يذبح عَلَى اسم اللَّه تَعَالَى سمى أَوْ لم يسم، فيكون المراد منه ذكر القلب.
وَقَالَ آخرون: لا تحل سواء ترك التسمية عامدا أَوْ ناسيا، وَهُوَ الأشبه بظاهر الكتاب والسنة. وَقَالَ داود وأصحاب الظاهر: إن تركها عامدا لا تحل، وإن تركها ناسيا تحل.
واحتج من شرط التسمية بقوله تَعَالَى: " {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ، وتأوله من لم يرها شرطا، عَلَى أن المراد منه مَا ذكر عَلَيْهِ اسم غير اللَّه، بدليل أَنَّهُ سماه فسقا.
وفيه دليل عَلَى أن الأكل والشرب باليمين سنة، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يحب التيامن فِي كل شيء، حَتَّى فِي تنعله إذا تنعل، وفي ترجله إذا ترجل.
وأما الأكل مما يليه ففيه نوع أدب واحترام لمؤاكله.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد مَكِّيُّ بْن بُجَيْرِ بْن عَبْد اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن كلثوم بْن أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الإْمَام أَبُو بَكْر بْن لال، حَدَّثَنَا
جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ نصير الخلدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يونس، حَدَّثَنَا ابن مسروق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسن، حَدَّثَنَا عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي الجنوب، يَقُول:
سمعت ميمون بْن سياه يَقُول: إذا أراد اللَّه عز وجل بعبد خيرا حبب إِلَيْهِ ذكره.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو علي الحداد إجازة، أَخْبَرَنَا الْحَافِظ أَبُو نعيم، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ البغدادي أَبُو بَكْر، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن سهل الرَّازِيّ، قَالَ:
سمعت يَحْيَى بْن معاذ يَقُول: أيها المريدون طريق الآخرة والصدق، والطالبون أسباب العبادة والزهد، اعلموا أن من لم يحسن عقله لم يحسن يعبد ربه، ومن لم يعرف آفة العمل لم يمكنه أن يحترز مِنْهَا، وإنما خلقتم لأمر عظيم وخطب جسيم، وإن العلم لا يراد ليعلم ولكن ليعمل بِهِ، فاتقوا اللَّه تَعَالَى الَّذِي إِلَيْهِ معادكم.
وَكَانَ يَقُول: إلهي إن عظمت ذنوبي فِي جنب نهيك فقد صغرت فِي جنب عفوك.
وَكَانَ يَقُول: الكيس من بادر بعمله، ولم يسوف بأمله، واستعد لأجله، ولا يكون ممن يفضحه يوم موته ميراثه، ويوم حشره ميزانه.
أنشدنا الإْمَام زين الإْسِلام أَبُو نصر عَبْد الرحيم، أنشدنا الإْمَام والدي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد الكريم بْن هوازن الْقُشَيْرِيّ، يَقُول: سمعت عُبَيْد اللَّهِ بْن مُوسَى السيلامي يَقُول: سمعت الشبلي رحمه الله ينشد فِي مجلسه:
ذكرتك لا أني نسيتك لمحة،
…
وأيسر مَا فِي الذكر ذكر لسان
وكنت بلا وجد أموت في الهوى
…
فهام علي القلب بالخفقان
فلما أراني الوجد أنك حاضري
…
شهدتك موجودًا بكل مكان
فخاطبت موجودًا بغير تكلم
…
ولا حظت معلومًا بغير عيان
وأنشدنا شَيْخ القضاة أَبُو علي، أنشدنا شَيْخ الإسلام أَبُو عُثْمَان، أنشدني أبو الفتح علي بن محمد البستي، لمجنون بني عامر:
وكنت وليلى في صعود من الهوى
…
فلما ترقينا ثبت وزلت
وكنا عقدنا عصمة الوصل بيننا
…
فلما تواقفنا شددت وحلت
فإن سأل الواشون: فيم سلوتم؟
…
فقل: نفس حر سليت فتسلت
آخر كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين.
والحمد لله رب العالمين، وصلواته على محمد نبيه وآله وسلم تسليماً كثيراً.
وحسبنا الله ونعم والوكيل