الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث العشرون [فضل صيام يوم عرفة]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ الصَّائِنُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ أميرجه بْنِ الأَشْعَثِ الصُّوفِيُّ الْهَرَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْفُقَّاعِيِّ، حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ شَيْخُ الإْسِلامِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ، إِمْلاءً، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمةَ، حَدَّثَنَا جَدِّي -، حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلُ بْنِ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ -، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سَابُورَ -، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، وَأَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ:
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، السَّنَةُ الَّتِي قَبْلَهَا، وَالسَّنَةُ الَّتِي تَلِيهَا ".
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، صَحِيحٌ، عَالٍ.
أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ بِلَفْظٍ آخَرَ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صاحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وفارسه الشجاع المقدام، المخصوص بدعاء رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبُو قتادة الحارث بْن ربعي، ويقال:
النعمان بْن ربعي بْن بلدمة بْن خناس بْن شيبان بْن عبيد بْن عدي الأنصاري السلمي الخزرجي رضي الله عنه.
روي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كنت مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بعض أسفاره، إذ مال عَنِ الراحلة فدعمته بيدي حَتَّى استيقظ، ثُمَّ مال فدعمته بيدي حَتَّى استيقظ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ احفظ أبا قتادة كما حفظني منذ الليلة، مَا أرانا إِلا شققنا عليك.
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقُول: " خير فرساننا أَبُو قتادة ".
وتوفي أَبُو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين، وله سبعون سنة.
وفي الْحَدِيث: دلالة عَلَى استحباب صيام يوم عرفة فِي حق من لم يشهد عرفات، فأما من شهد الموقف فالأولي أن لا يصومه لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يصم بعرفة، ولأن الحاج يحتاج إِلَى قوة واستظهار للوقوف والدعاء، فإذا صام ضعف عَنْ ذَلِكَ، فكان المستحب لَهُ الإفطار.
وفيه: دليل عَلَى أن صوم يوم عرفة يكفر سنة قبلها وسنة بعدها.
وفيه: دلالة عَلَى أن السيئة اللاحقة يجوز أن تكفرها الحسنة السابقة، وذلك من فضل اللَّه تَعَالَى ولطفه بعباده.
وفيه: دليل عَلَى فضل يوم عرفة، وأنه يوم عظيم حرمته، مرجوة بركته، وَهُوَ يوم الحج الأكبر، ويوم المباهاة، ويوم الدنو، ويوم العتق، وكل ذَلِكَ مروي عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد استجاب اللَّه تَعَالَى فِي هَذَا اليوم دعاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي أمته بالمغفرة.
وَقَالَ عليه السلام: يَقُول اللَّه لملائكته: عبادي جاءوني شعثا غبرا، آمنوا بي ولم يروني، وعزتي لأغفرن لهم.
وأما الدعاء الَّذِي يستحب ذكره يوم عرفة فكثير، منه مَا روي عَنِ ابن عَبَّاس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دعا فِي حجة الوداع يوم عرفة فَقَالَ:" اللَّهُمَّ إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، المشفق الوجل المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المساكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خشعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل جسمه، ورغم أنفه لك، اللَّهُمَّ لا تجعلني بدعائك شقيا، وكن بي رءوفا رحيما، يَا خير المسئولين ويا خير المعطين ".
وقد ثبت عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " أفضل مَا دعوت بِهِ، أنا والنبيون قبلي، عشية عرفة: لا إله إِلا اللَّه وحده لا شريك لَهُ، لَهُ الملك، وله الحمد، بيده الْخَيْر، وَهُوَ عَلَى كل شيء قدير.
وَكَانَ أكثر دعائه هَذَا.
وَهَذَا أصح، لما روي عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ حاكيا عَنْ ربه عز وجل:" من شغله ذكري عَنْ مسألتي أعطيته أفضل مَا أعطي السائلين ".
أَخْبَرَنَا شَيْخ الْقُضَاةِ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَدَ البيهقي، أَخْبَرَنَا شَيْخ الإْسِلامِ أَبُو عُثْمَان إِسْمَاعِيل بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصابوني، أخبرني أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن حَامِد الإصبهاني، حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا الحارث، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن الكوفي، عَنْ يَحْيَى بْن بسطام:
حدثني عُثْمَان بْن مُحَمَّدِ بْنِ سودة، وكانت أمه أمة من العابدات، فلما احتضرت رفعت رأسها إِلَى السماء فقالت: يَا ذخري وذخيرتي يَا من عَلَيْهِ اعتمادي فِي حياتي وبعد وفاتي لا تخذلني عند الموت، ولا توحشني فِي قبري.
قَالَ: فماتت، وكنت أزورها فِي كل جمعة فأستغفر لها ولأهل القبور فرأيتها ذات ليلة فِي منامي فقلت: كيف أنت؟ فقالت بني إن الموت لشديد كربه، وأنا بحمد اللَّه لفي برزخ يفترش فِيهِ السندس إِلَى يوم القيامة. قلت: لك حاجة؟ قالت: نعم، لا تدع مَا كنت تصنع من زيارتنا والدعاء لنا، فإني لآنس بمجيئك يوم الجمعة، إذا أقبلت من أهلك يقال: هَذَا ابنك قد جاءك زائرا، فأسر بِذَلِكَ ويسر من حولي من الأموات لأجلي.
وَهَذَا صَحِيح، فإن الدعاء للأموات كالهدية للأحياء، وقد روي عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" آنس مَا يكون الميت فِي قبره إذا زاره من كَانَ يحبه فِي دار الدنيا ".
أنشدنا تاج الإْسِلام أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُور السَّمْعَانِيّ، أنشدنا أَبُو عَمْرو بْن أَبِي جَعْفَر الصوفي، أنشدنا أَبِي، أنشدنا السيد أَبُو طالب حمزة بْن مُحَمَّد الجعفري، أنشدنا الْقَاضِي رحمه الله:
رب خود عرفت فِي عرفات
…
سلبتني بحسنها حسناتي
حرمت حين أحرمت نوم عيني
…
واستباحت دماي باللحظات
وأفاضت مَعَ الحجيج ففاضت
…
من جفوني سوائل العبرات
ورمت بالجمار جمرة قلبي
…
أي قلب يقوي عَلَى الجمرات
لم أنل من "مِنى" مُنى النفس حَتَّى
…
خفت بالخيف أن يكون وفاتي