الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث الخامس [أركان الإْسِلام والنوافل]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ الزَّاهِدُ جَمَالُ الزُّهَّادِ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ رحمه الله، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّائِنُ أَبُو الْخَيْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الأَدِيبُ أَبُو الْهَيْثَمِ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَطَرَ الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ -، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سهيلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ -،
أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ: حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإْسِلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ "، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟
قَالَ: " لا، إِلا أَنْ تَطَوَّعَ وَصِيَامَ رَمَضَانَ "، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: " لا، إِلا أَنْ تَطَوَّعَ "، قَالَ:" وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ " فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: " لا، إِلا أَنْ تَطَوَّعَ "، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا أُزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أُنْقِصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ "
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ " أَوْ " دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ "
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَالٍ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سهيل نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِه
وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِي الإِيمَانِ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلِ بْنِ جَعْفَرٍ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ
رواه عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَبُو مُحَمَّد طلحة بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن عُثْمَان بْن عَمْرو بْن كعب، بْن سَعْد بْن تيم بْن مرة التَّيْمِيّ القرشي رضي الله عنه
أحد العشرة الَّذِينَ شهد لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفي وَهُوَ عنهم
راض، وأحد السبعة المسمين فِي الشورى.
سماه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طلحة الْخَيْر، وطلحة الجود، وطلحة الفياض، ودعاه الصبيح المليح الفصيح، وَهُوَ من المهاجرين الأولين.
قَالَ ابن شهاب: قدم طلحة بْن عُبَيْد اللَّهِ من الشام بعدما رجع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بدر، فكلم رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سهمه، فَقَالَ:" لك سهمك "، فَقَالَ: وأجري، قَالَ:" وأجرك ".
ثبت مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين تفرق عند أصحابه، ووقاه بيده من ضربة قصد بها فشلت يده، فَقَالَ عليه السلام:" أوجب طلحة ".
قالت عائشة رضي الله عنها: كَانَ أَبُو بَكْر رضي الله عنه إذا ذكر يوم أحد قَالَ: ذاك يوم كله لطلحة، أتيناه فِي بعض الحفار فإذا بِهِ بضع وتسعون أَوْ أقل أَوْ أكثر من طعنة برمح، أَوْ ضربة بسيف، أَوْ رمية بسهم.
آخي سول اللَّه بينه وبين سَعْد بْن أَبِي وقاص.
قتل طلحة يوم الجمل فِي رجب سنة ست وثلاثين، أتاه سهم غرب فوقع فِي حلقه، فَقَالَ: بسم اللَّه {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} ،
وَكَانَ ابن أربع وستين، وقيل ابن أربع وخمسين سنة، ودفن بالبصرة، وقبره معروف ويقال: إن مروان بْن الحكم رماه
وفي الْحَدِيث دلالة عَلَى أن اسم الإْسِلام يشتمل عَلَى الأعمال، لأن الرجل سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإْسِلام فأجابه الأعمال، وَهُوَ مذهب أهل السنة والجماعة: أن الأعمال من الإيمان، وأن الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.
فإن قيل: لم لم يذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الحج فِي هَذَا الْحَدِيث؟
قلنا: يحتمل أن هَذَا السؤال وقع من السائل قبل وجوب الحج، ويحتمل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بين لَهُ الشرائع الَّتِي لم تكن تعرفها العرب ولم تعتقد وجوبها وفعلها، فأما الحج فكانوا يتعارفونه فيما بينهم، ويدينون بِهِ توارثوه من إِبْرَاهِيم عليه السلام.
وفي الْحَدِيث دلالة أيضا عَلَى أن قدر الواجب فِي هَذِهِ الأنواع المذكورة مَا نص عَلَيْهِ الشرع، وليس عَلَى العبد فِيهِ زيادة، إِلا أن يجعله عَلَى نفسه بنذر أَوِ التزام، وقد ذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم النذر، وسمى الناذر بخيلا.
وفيه دليل عَلَى أن الوتر ليس بواجب.
وفيه دليل عَلَى أن الفرض والواجب شيء واحد، لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يجعل بين الفرض والتطوع واسطة ومنزلة، بل مَا أخرجه من الفرائض أدخله فِي التطوعات.
وفيه دليل عَلَى أن من داوم عَلَى أداء الفرائض بشرطها ولم يزد عَلَيْهَا ترجى لَهُ النجاة وأما النوافل فشرعت لاكتساب المحبة، وزيادة الدرجة، وجبر مَا يقع فِي الفرائض من الخلل.
وقد قيل: من شغله الفرض عَنِ النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عَنِ الفرض فهو مغرور.
وقوله: " نسمع دوي صوته " فالدوي: الصوت الَّذِي لا تعرف حقيقته كدوي النحل.
وقوله: " أفلح " أي نجا، والفلاح: النجاة والبقاء.
وقوله: " إِلا أن تطوع " يعني: إِلا أن تفعل بطواعيتك من غير أمر وتكليف، ويقال: تطوع واطوع بمعني واحد.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ أَبُو الحسن فيد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن شاذي الشعراني، أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل عمر بْن إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَر البختري، قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس السراج، يَقُول:
سمعت أبا إِسْحَاق القرشي، يَقُول كتب إِلي أخ من مكة:
يَا أخي، إن كنت تصدقت بما مضى من عمرك عَلَى الدنيا، وَهُوَ الأكثر، فتصدق بما بقي عَلَى الأخرى، وَهُوَ الأقل.
أنشدنا تاج الإْسِلام أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُور السَّمْعَانِيّ، أنشدنا الشَّيْخ أَبُو البركات مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْن يَحْيَى، أنشدنا الشَّيْخ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ علي الصوري الْحَافِظ، عَنْ بعض شيوخه:
ولا خلاف بأن الناس قد خلقوا
…
فيما يرمون معكوسي القوانين
إذ ينفق العمر فِي الدنيا مجازفة
…
والمال ينفق فِيهَا بالموازين