الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث التاسع والعشرون [استمرار القيام بأمر الدين]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الرُّكْنُ أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيُّ -، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ -، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ -، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ -، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ -، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِي:
أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: " لا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ "، قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَامَ مَالِكُ بْنُ يَخَامِرَ فَقَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَالٍ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ وَأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ.
وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَطَائِفَةٍ أُخْرَى، كُلِّهِمْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيه.
وَابْنِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ هُوَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خال المؤمنين، وكاتب وحي رَسُول رب العالمين، ومعدن الحلم والحكم، والمشار إِلَيْهِ بالفضل والكرم، أعلم أقرانه، وأسخى أهل زمانه: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ معاوية بْن أَبِي سُفْيَان صخر بْن حرب بْن أمية بْن عبد شمس القرشي رضي الله عنه.
أسلم عام الفتح وولي الشام لعمر وعثمان عشرين سنة، وولي الخلافة عشرين سنة إِلا أشهرا. توفي بدمشق سنة ستين وَهُوَ ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل: ثمان وسبعين سنة.
بلغ معاوية أن أهل الكوفة بايعوا الْحَسَن بْن علي، فسار يريد الكوفة، وسار الحسن يريده، فالتقوا بموضع من الكوفة، فصالح الْحَسَن بْن علي معاوية رضي الله عنهم، وبايع لَهُ، ودخل معه الكوفة، ثُمَّ انصرف معاوية إِلَى الشام واستعمل عَلَى الكوفة المغيرة بْن شعبة.
وقد صوب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فعل الحسن حيث قَالَ: إن ابني هَذَا سيد، وسيصلح اللَّه عز وجل بِهِ بين فئتين عظيمتين من المسلمين ".
وأبوه: أَبُو سُفْيَان، أسلم قبيل فتح مكة، ولاه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صدقات الطائف ذهبت إحدى عينيه يوم تبوك مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، والأخرى، يوم اليرموك مَعَ عُمَر بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه.
وأم معاوية: هند بنت عتبة بْن ربيعة. وأخته: أم حَبِيبة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
نقل عَنِ الجم الغفير والعدد الكبير من علماء الأمة، وأعيان الأئمة، مثل: عَبْد اللَّهِ بْن المبارك، وأحمد بْن حنبل، ويزيد بْن هارون، وإبراهيم بْن الْحُسَيْن، ونزيل الهمداني: أن المراد بالطائفة المذكورة فِي الخبر هم أصحاب الْحَدِيث وأهل الآثار، الَّذِي نهجوا الدين القويم، وسلكوا الطريق المستقيم، فتمسكوا بالسبيل الأقوم والمِنْهَاج الأرشد، فشيدوا أعلامها، ونشروا أحكامها، ولم يخافوا فِي اللَّه لومة لائم، وجعلوا المعقول تبعا للمنقول، فِي الشرائع والأحكام، والحلال والحرام.
أعلم أن مذهب أهل السنة أن العقل لا يوجب شيئا عَلَى أحد، ولا يرفع شيئا عَنْهُ، وليس إِلَيْهِ التحليل والتحريم، والتحسين والتقبيح، ولو لم يرد السمع مَا وجب عَلَى أحد شيء، ولو كانت الحجة لازمة بنفس العقل لم يكن لبعث الرسل وإنزال الكتب فائدة. فتميز بما ذكرناه الفرقة النبوية من الفرق النظرية، وطائفة الاتباع من طائفة الابتداع.
أَخْبَرَنَا جمال الأئمة أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ، أَخْبَرَنَا والدي شَيْخ الإْسِلامِ أَبُو المظفر مَنْصُورِ بْن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ، قَالَ: حكي عَنْ إِسْحَاق بْن راهويه أَنَّهُ قَالَ: إن اللَّه تَعَالَى لم يكن ليجمع أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم عَلَى ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم.
فقيل لَهُ: يَا أبا يعقوب من السواد الأعظم؟ قَالَ: مُحَمَّد بْن أسلم ومن تبعه. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاق: لو سألت الجهال عَنْ ذَلِكَ لقالوا: جماعة الناس، ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بالكتاب والسنة. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاق: لم أسمع عالما منذ خمسين سنة أشد تمسكا بأثر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من مُحَمَّد بْن أسلم الطوسي.
أنشدنا الشَّيْخ الإْمَام جمال الإْسِلام أَبُو الحسن فيد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن شاذي الشعراني، لبعضهم:
كل العلوم سوى القرآن زندقة
…
إِلا الْحَدِيث وإلا الفقه فِي الدين
والعلم متبع مَا قَالَ حَدَّثَنَا
…
وما سوى ذاك وسواس الشياطين