الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث الرابع عشر [تقديم الوصية فِي حال الصحة]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أَبُو عَمْرٍو الْفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَتُّوَيْهِ الْمَعْرُوفُ بِكَاكوَيْهِ، حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو مَسْعُودٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبجليُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، بِسَرَخْسَ بِهَا، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ الطُّوسِيُّ الْفَازِيُّ، قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى طُوسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ سَالِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ "
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، عَالٍ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكِ عن نَافِعٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، وَبِطُرُقٍ سِوَى ذَلِكَ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الزاهد فِي الدنيا، الراغب فِي الأخرى، الَّذِي عد نفسه فِي الدنيا غريبا ورأى كل مَا هُوَ آت قريبا، صاحب رَسُول اللَّهِ لله صلى الله عليه وسلم وابن صاحبه: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الْخَطَّابِ بْن نفيل بْن عَبْد العزى القرشي العدوي رضي الله عنه.
يعد مَعَ المهاجرين، هاجر مَعَ أَبِيهِ، واستصغره رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم بدر فلم يجزه، ثُمَّ أجازه فِي السنة الأخرى يوم أحد، وقيل: بل أجازه يوم الخندق وَهُوَ ابن خمس عشرة سنة، وَهُوَ أول مشهد شهده، وَهَذَا أصح.
كَانَ عالما، مجتهدا، عابدا، لزوما للسنة، نفورا عَنِ الفتنة، ناصحا للأمة، رؤى فِي الكعبة ساجدا يَقُول فِي سجوده: يَا رب، تعلم مَا يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى هَذِهِ الدنيا إِلا خوفك.
أمه وأم أخته حفصة: زينب بنت مظعون بْن حَبِيب بْن وهب بْن حذافة.
أثنى عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: إن عَبْد اللَّهِ بْن عمر رجل صالح.
يقال: إنه مَا خرج من الدنيا حَتَّى صار مثل أَبِيهِ.
قَالَ سالم بْن أَبِي الجعد: مَا أدركت أحدا إِلا مالت بِهِ الدنيا ومال بها إِلا عَبْد اللَّهِ بْن عمر.
قَالَ سُفْيَان الثوري: كَانَ من عادة عَبْد اللَّهِ بْن عمر رضي الله عنهما إذا أعجبه شيء من ماله تصدق بِهِ، وَكَانَ رقيقه عرفوا ذَلِكَ، فربما شمر أحدهم ولزم المسجد والإقبال عَلَى الطاعة، فإذا رآه ابْن عُمَرَ عَلَى تلك الحالة الحسنة أعتقه، فقيل لَهُ: إنهم يخدعونك، فيقول ابْن عُمَرَ: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: مَا مات ابْن عُمَرَ حَتَّى أعتق ألف إنسان أَوْ زاد عاش عَبْد اللَّهِ بْن عمر بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى سجية واحدة من ملازمة النسك، والاجتهاد فِي العبادة، واتباع السنة واجتناب الدنيا، والإكثار من الصدقة.
وتوفي بمكة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سنة ثلاث وسبعين، وَكَانَ أصاب رجله زج رمح رجل من جند الحجاج، فيحكى أن الحجاج دخل عَلَيْهِ فَقَالَ: لو أعلم الَّذِي أصابك لقتلته، فَقَالَ: أنت أصبتني، قَالَ كيف؟ قَالَ: حين أدخلت حرم اللَّه السلاح.
وفي الْحَدِيث دلالة عَلَى استحباب تقديم الوصية فِي حالة الصحة إن كَانَ لَهُ، أَوْ عَلَيْهِ، مَا يوصي فِيهِ، قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عمر: مَا مرت علي ليلة واحدة منذ سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول ذَلِكَ إِلا وعندي وصيتي.
وقد روي عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حين سئل عَنْ أفضل الصدقة أَنَّهُ قَالَ: " أن تصدق وأنت صَحِيح شحيح، تأمل البقاء، وتخشى الفقر، ولا تمهل حَتَّى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كَانَ لفلان ".
أَخْبَرَنَا شَيْخ الْقُضَاةِ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَدَ البيهقي، أَخْبَرَنَا الإْمَام شَيْخ الإْسِلامِ أَبُو عُثْمَان إِسْمَاعِيل بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصابوني، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النصروي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن المعدل، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن معاذ الفرياناني، حَدَّثَنَا عَبْد المنعم بْن إِدْرِيس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده وهب، قَالَ:
قيل لوهب: بم زهدت فِي الدنيا؟ قَالَ: بحرفين قرأتهما فِي التوراة: يَا من لا يستتم سرور يوم يَا من لا يأمن عَلَى روحة طرفه عين الحذر الحذر!!
وكتب الربيع بْن خيثم إِلَى بعض إخوانه أن رص من جهازك، وكن وصي نفسك، ولا تجعل أوصياءك الرجال.
أنشدنا الإْمَام شرف الأئمة أَبُو حفص عمر بْن مُحَمَّد الشِّيرَزِيّ السَّرَخْسِيّ، أنشدنا الْقَاضِي أَبُو علي الْحَسَن بْن علي الْوَخْشِيّ، قَالَ: أنشدني الأمير أَبُو الفضل عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ الميكالي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
مَالِك للحادثات نهب
…
أَوْ للذي حازه وراثة
أَوْ لك تتخذه ذخرا
…
فلا تكن أعجز الثلاثة