الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث الخامس والثلاثون [جمع المغرب والعشاء فِي مزدلفة]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ ظَرِيفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحِيرِيُّ رحمه الله، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنُ -، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيُّ -، بِهَرَاةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَخْلَدٍ -، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصَعْبٍ، إِمْلاءً، حَدَّثَنَا (مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ) ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ:
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: " دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ "، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:" الصَّلاةُ أَمَامَكَ "، " فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ وَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ "، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ:" ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلاةُ الْعِشَاءِ الآخِرَةَ، فَصَلاهَا، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ".
هَذَا حَدِيث صَحِيح مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ الإْمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي رِشْدِينٍ كُرَيْبِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْقُرَشِيِّ مَوْلاهُمْ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ.
وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْهُ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حبه ومولاه، أسامة بْن زيد بْن حارثة بْن شراحيل، ويقال: ابن شرحبيل، بْن كعب بْن عَبْد العزى الكلبي من قضاعة، ويكنى أبا زيد، ويقال: أَبُو يَزِيد، وقيل: أَبُو مُحَمَّد، وَأَبُو خارجة وأمه أم أيمن، واسمها بركة، كانت لعَبْد اللَّه بْن عَبْد المطلب، وهي حاضنة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
استعمله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابن ثماني عشرة سنة، وتوفي بعد قتل عُثْمَان، بوادي القرى، ويقال: مات بالجرف، وحمل إِلَى المدينة، وَكَانَ ابْن عُمَرَ يَقُول: عجلوا بحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قبل أن تطلع الشمس
فِي الْحَدِيث: دلالة عَلَى أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، ومن فاته فِي وقته فقد فاته الحج، ووقته إذا زالت الشمس من يوم عرفة إِلَى أن يطلع الفجر من يوم النحر.
وكانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس، وَكَانَ سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإْسِلام أمر اللَّه عز وجل نبيه عليه السلام أن يأتي عرفات فيقف بها ثُمَّ يفيض مِنْهَا.
والجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بالمزدلفة متفق عَلَيْهِ بين العلماء مَعَ إمام الحاج.
سئل أسامة بْن زيد: كيف كَانَ سير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي حجة الوداع حين دفع؟ قَالَ: يسير العنق، فإذا وجد فرجة نص. قَالَ هشام:"والنص" فوق "العنق"، قَالَ الخطابي: العنق: السير الواسع، والنص: أرفع السير، ومنه قولهم: نصصت الْحَدِيث، إذا رفعته إِلَى قائله.
وأجمعت الأئمة عَلَى أَنَّهُ إذا جمع بين الظهر والعصر فِي وقت الظهر يؤذن ويقيم للظهر ولا يؤذن للعصر. والأكثرون عَلَى أَنَّهُ يقيم لها. وقال أصحاب الرأي: لا يقيم.
أما إذا جمع المغرب والعشاء فِي وقت العشاء، فذهب جماعة إِلَى أَنَّهُ يجمع بينهما بإقامتين، لحديث أسامة، وإليه ذهب الشَّافِعِيّ.
وصار صائرون إِلَى أَنَّهُ يجمع بينهما بأذان وإقامتين يؤذن ويقيم للأولى، ويقيم للثانية، وَهُوَ قول أصحاب الرأي: وَقَالَ مَالِك: بأذانين وإقامتين. وَقَالَ الثوري: بإقامة واحدة.
أَخْبَرَنَا أَبُو سهل غانم بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الواحد، حَدَّثَنَا الْحَافِظ أَبُو نعيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْد اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عِيسَى، حَدَّثَنَا سَعِيد بْن الحكم قَالَ:
سمعت ذا النون يَقُول: بينا أنا أسير فِي بعض سياحتي وإذا بصوت حزين كئيب موجع القلب، أسمع الصوت ولا أرى الشخص، وَهُوَ يَقُول:" سبحان مفني الدهور، سبحان مخرب الدور، سبحان باعث من فِي القبور، سبحان مميت القلوب ".
فاتبعت الصوت فإذا أنا بإنسان يَقُول: سبحان من لا يسع الخلق إِلا ستره، سبحانك مَا ألطفك بمن خالفك، وأوفاك بعهدك، سبحانك مَا أحلمك عمن عصاك وخالف أمرك. ثُمَّ قَالَ: سيدي بحكمك نطقت، وبفضلك تكلمت، فيا إله من مضى قبلي، ويا إله مَن يكون بعدي، بالصالحين فألحقني، ولأعمالهم فوفقني.
ثُمَّ قَالَ: أين الزهاد والعباد؟ نزل بهم الزمان فأبلاهم، وحل بهم البلاء فأفناهم، فهل تنتظر إِلا مثل الَّذِي أصابهم؟ فانصرفت وتركته باكيا.
وأنشدنا الفقيه ذو المحاسن أَبُو الْخَيْر سعيد بْن الْحُسَيْن، أنشدنا نجم الزمان حمزة الصَّفَّار، لأبي سَعْد بْن خلف:
جرت النوى بهم فما عنوا
…
رفقا بنا ونأوا فما حنوا
أن كَانَ عندهم وقد رحلوا
…
أنا نقيم فبئس مَا ظنوا
هيهات نحن عَلَى محبتهم
…
نستن فِيهَا مثل مَا استنوا
إن أسهلوا فالسهل منزلنا
…
أَوْ أحزنوا فحملنا الحزن
ولنا بحيث تلفتوا شبح
…
يبدو وأين تلفظوا أذن
لِي عندهم دين، فواعجبا!
…
الدين لِي وفؤادي الرهن
لا غرو أن أبديت سرهم
…
فالعاشقون إذا صبوا أنوا
إني ومن حج الحجيج لَهُ البيت
…
الحرام وسيقت البدن
لا آب، مَا غاب الخليط، إِلَى قلبي
…
السرور، ولا نأى الحزن