الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث السادس [التسليم لحكم رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ الْحَافِظُ فَرِيدُ عَصْرِهِ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ مَحْمُودُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ -، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ:
أَنَّ الزُّبَيْرَ رضي الله عنه كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ لِلأَنْصَارِيِّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ،
فَأَبَي عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِلزُّبَيْرِ:" يَا زُبَيْرُ، اسْقِ وَأَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ " فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:" يَا زُبَيْرُ، اسْقِ وَاحْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الْجِدَارِ ".
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسَبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .. ..
هَذَا حَدِيثٌ عَالٍ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن يُوسُفَ.
وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِِي فَضَائِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ، وَقُتَيْبَةَ.
وَكُلِّهِمْ عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: قاتل الأبطال، وباذل الأموال، صاحب السيف الصارم، والرأي الحازم: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزبير بْن العوام بْن خويلد بْن أسد بْن عَبْد العزى بْن قصي بْن كلاب بْن مرة القرشي.
حواري رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أحد العشرة الَّذِي سموا للجنة، وأحد
أصحاب الشورى.
وأمه صفية بنت عَبْد المطلب عمة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
أسلم الزبير وَهُوَ ابن ثماني سنين، وهاجر وَهُوَ ابن ثماني عشرة، وقيل: اسلم وَهُوَ ابن ست عشرة.
ولم يتخلف عَنْ غزوة غزاها رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وفيه يَقُول حَسَّان بْن ثابت رضي الله عنه شعرا:
فكم كربة ذب الزبير بسيفه
…
عَنِ المصطفى، والله يعطي ويجزل
فما مثله فيكم، ولا كَانَ قبله
…
وليس يكون الدهر مَا دام يذبل
ثناؤك خير من فعال معاشر
…
وفعلك يَا ابن الهاشمية أفضل
قَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: كَانَ للزبير ألف مملوك يؤدون إِلَيْهِ الخراج، وَكَانَ يقسمه كل ليل ثُمَّ يقوم إِلَى منزله ليس معه شيء.
قتل يوم الجمل فِي جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وَهُوَ يومئذ ابن أربع وستين سنة، وقيل ابن ستين سنة قتله عَمْرو بْن جرموز، بوادي السباع. وقبره هنالك.
وفي الْحَدِيث دلالة عَلَى أن حكم مياه الأودية والسيول الَّتِي لا تملك منابعها ومجاريها: الإباحة، والناس فِي الارتفاق بها شرع سواء، ومن
سبق إِلَى شيء مِنْهَا كَانَ أحق بِذَلِكَ من غيره ومن كَانَ أعلى فهو أولى ممن هُوَ أسفل منه، وله أن يسقى زرعه حَتَّى يبلغ الماء إِلَى الكعبين، ثُمَّ لا حق لَهُ فِيهِ بعد مَا أخذ منه حاجته، بل هُوَ لمن كَانَ أسفل منه.
وأما إذا كَانَ المنبع ملكاً لواحد فليس لأحد أن ينازعه فلي ذَلِكَ، إِلا أَنَّهُ لا يجوز منع الفضل من حاجته عَنْ ماشية الغير، لقوله عليه السلام:"لا تمنع فضل الماء لتمنع بِهِ الكلأ" وَهَذَا فيما نبع فِي بئر لإنسان هي ملكة وبقربة مواتٌ فِيهِ كلأ لعامة المسلمين، فإن بذل صاحب البئر فضل مائه أمكن الناس رعيه، وإن منع لم يمكنهم، فيكون فِي منعه فضل الماء منع الكلأ، وإلى هَذَا ذهب جماعة من العلماء.
وَقَالَ بعضهم: ليس هَذَا نهي تحريم، إنما هُوَ من باب المعروف إن شاء فعل، وإن شاء ترك.
وَقَالَ آخرون: لايجوز منعه، وله طلب القيمة، كإطعام المضطر يجب عَلَيْهِ وله أن يأخذ قيمته.
والأصح أَنَّهُ يجب بذله مجانا، لما روي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ بيع فضل الماء، وَهَذَا بخلاف الطعام فإنه منقطع المادة وغير مستخلف، والماء مستخلف مادام في منبعه، حتى لوجمعه فِي حوض أَوْ إناء فله منعه من غيره، كالطعام.
وفي الْحَدِيث دليل عَلَى أن مَا أشار إِلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي الابتداء كَانَ مصلحة ورعاية للجانبين، فلما أحفظه - أي أغضبه الأنصاري – استوفي حق الزبير بصريح الحكم.
والآية الَّتِي نزلت فِي تلك الحادثة تدل عَلَى أن الاستسلام والانقياد لحكم رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سرا وعلنا من شرط الإيمان.
والشراج المذكورة فِي الْحَدِيث: سائل الماء الحرار إِلَى السهل، وأحدها: شريج وشرج.
والحرة: حجارة سود بين جبلين، وجمعها: حرون وحرات وحرار.
وقوله: أحفظه فِي بعض الروايات، أي: أغضبه.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ أَبُو سَهْلٍ غَانِمُ بن أَحْمَد، حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الحَرِيسِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ - قَالَ:
اجْتَمَعَ فِي الْحِجْرِ مُصْعَبُ وَعُرْوَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالُوا تَمَنَّوْا
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: " أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّي الْخِلافَةَ
وَقَالَ عُرْوَةُ: " أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي الْعِلْمُ "
وَقَالَ مُصْعَبٌ: " أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى إِمْرَةَ الْعِرَاقِ، وَالْجَمْعَ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَسَكِينَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ "
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: " أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ "
قَالَ: فَنَالُوا كُلُّهُمْ مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ غُفِرَ لَهُ
أنشدنا شرف الأئمة أَبُو حفص عمر بْن مُحَمَّد الشِّيرَزِيّ، أنشدنا الْقَاضِي أَبُو علي الْحَسَن بْن علي الْوَخْشِيّ، أنشدنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن طاهر، لأبي هلال الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ العسكري:
خليلي إني للكواكب حاسد
…
ولست لشيء مَا سواهن حاسدا
أعيش قليلا، ثُمَّ أفني وأنقضي
…
وتبقى عَلَى مر الزمان خوالدا
فهبني ملكت الأرض شرقا ومغربا
…
ونلت الثريا والمجرة قاعدا
ألست إذا استكملت ذَلِكَ كله
…
ونلت المنى فِيهِ واليدا وولدا
أصير إلي قبر ببيداء بلقع
…
أعانق فِيهِ جندلا وجلامدا
وأورث أموالي رجالا أقاربا
…
تخالهم بعدي رجالا أباعدا
فماذا الَّذِي ردت علي جلالتي
…
وعزي إذا أفردت فِي القبر واحدا