المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثاني والثلاثون [فضل الجهاد في سبيل الله، والعزلة عند الفتن] - كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين أو الأربعين الطائية

[أبو الفتوح الطائي]

فهرس الكتاب

- ‌الْحَدِيثُ الأَوَّلُ [دُعَاءُ آخِرِ الصَّلاةِ]

- ‌الْحَدِيث الثاني [إنما الأعمال بالنيات]

- ‌الْحَدِيث الثالث [صفة الوضوء]

- ‌الْحَدِيث الرابع [اللعن عَلَى أمور الظلم]

- ‌الْحَدِيث الخامس [أركان الإْسِلام والنوافل]

- ‌الْحَدِيث السادس [التسليم لحكم رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌الْحَدِيث السابع [الذكر عقب الصلاة، وقبيل النوم]

- ‌الْحَدِيث الثامن [استشهاد المقتول دفاعا عَنْ ماله أَوْ نفسه أَوْ أهله]

- ‌الْحَدِيث التاسع [ثواب الصلاة أو السلام عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌الْحَدِيث العاشر [عقوبة قاتل من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر]

- ‌الْحَدِيث الحادي عشر [الجود ومدارسة العلم فِي رمضان]

- ‌الْحَدِيث الثاني عشر [أحب الأعمال إِلَى اللَّه]

- ‌الْحَدِيث الثالث عشر [استحباب التيامن]

- ‌الْحَدِيث الرابع عشر [تقديم الوصية فِي حال الصحة]

- ‌والحديث الخامس عشر [طاعة أولي الأمر، ولزوم السنة]

- ‌الْحَدِيث السادس عشر [أداء الواجبات واجتناب المحرمات]

- ‌الْحَدِيث السابع عشر [فضل صيام رمضان]

- ‌الْحَدِيث الثامن عشر [رؤية اللَّه تَعَالَى فِي الجنة، وتفضيل صلاتي الصبح والعصر]

- ‌الْحَدِيث التاسع عشر [اقتداء المؤمنين من النار بأهل الملل الكافرة]

- ‌الْحَدِيث العشرون [فضل صيام يوم عرفة]

- ‌الْحَدِيث الحادي والعشرون [الدعاء لمن يؤتي زكاتهِ]

- ‌الْحَدِيث الثاني والعشرون [جمع الصلوات فِي السفر]

- ‌الْحَدِيث الثالث والعشرون [الهدايا إِلَى الولاة تضم للمال العام]

- ‌الْحَدِيث الرابع والعشرون [ذكر المؤمنين فِي غيبتهم بالخير، والدعاء لهم]

- ‌الْحَدِيث الخامس والعشرون [استحباب تعجيل الفطر]

- ‌الْحَدِيث السادس والعشرون [فضل قريش وتقدمها]

- ‌الْحَدِيث السابع والعشرون [إكرام الجار بإهداء الطعام]

- ‌الْحَدِيث الثامن والعشرون [قبض العلم بقبض العلماء]

- ‌الْحَدِيث التاسع والعشرون [استمرار القيام بأمر الدين]

- ‌الْحَدِيث الثلاثون [فضل التصدق ولو بالقليل]

- ‌الْحَدِيث الحادي والثلاثون [مقدار العقوبة التعزيرية]

- ‌الْحَدِيث الثاني والثلاثون [فضل الجهاد فِي سبيل اللَّه، والعزلة عند الفتن]

- ‌الْحَدِيث الثالث والثلاثون [فضل سَعْد بْن معاذ رضي الله عنه]

- ‌الْحَدِيث الرابع والثلاثون [أحكام وآداب الاستنجاء]

- ‌الْحَدِيث الخامس والثلاثون [جمع المغرب والعشاء فِي مزدلفة]

- ‌الْحَدِيث السادس والثلاثون [مدة رخصة التيمم وكيفيته]

- ‌الْحَدِيث السابع والثلاثون [من صلى الصبح فهو فِي ذمة اللَّه]

- ‌الْحَدِيث الثامن والثلاثون [كيفية الصلاة عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌الْحَدِيث التاسع والثلاثون [بعض المحرمات والمكروهات]

- ‌الْحَدِيث الأربعون [من آداب الأكل]

الفصل: ‌الحديث الثاني والثلاثون [فضل الجهاد في سبيل الله، والعزلة عند الفتن]

‌الْحَدِيث الثاني والثلاثون [فضل الجهاد فِي سبيل اللَّه، والعزلة عند الفتن]

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ فَخرُ الإْسِلامِ أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الرُّويَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السّهلكِيُّ، أَخْبَرَنَا أحمد بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الشَّاوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:" مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ لِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شَعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ عز وجل وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ".

هَذَا حَدِيثٌ حَسَن عَالٍ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ.

ص: 185

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ.

وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ.

رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حليف الصبر، ومؤثر الفقر: أَبُو سَعِيد سَعْد بْن مَالِك بْن سنان بْن عبيد بْن ثعلبة بْن عباد الأنصاري الخزرجي الخدري المدني، وَهُوَ مذكور فِي أهل الصفة، منسوب إِلَى الخدرة وهم من اليمن. وأمه: أنيسة بنت أَبِي الحارث، من بني عدي بْن النجار.

وأخوه لأمه: قتادة بْن النعمان، كَانَ من الرماة المذكورين فِي صحابة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

سكن أَبُو سَعِيد المدينة وتوفي بها سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع وله أربع وتسعون سنة، وقد أعقب.

وفي الْحَدِيث: دلالة عَلَى فضل الجهاد فِي سبيل اللَّه عز وجل، وقد جعله رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تلو الإيمان فِي الفضيلة فِي حَدِيث آخر، حيث سئل، أي الأعمال أفضل؟ قَالَ:" إيمان بالله عز وجل ورسوله " قيل: ثُمَّ أي؟ قَالَ: " ثُمَّ جهاد فِي سبيل اللَّه تَعَالَى " قيل: ثُمَّ أي؟ قَالَ: " حج مبرور ".

ص: 186

ويحتمل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنما قدم الجهاد والحج فِي هَذَا الْحَدِيث لأن فيهما إتعاب البدن وإنفاق المال، وغيرهما من العبادات إما أن يكون بالبدن أَوْ بالمال.

وفيه: دليل عَلَى فضل العزلة، وهي مستحبة عند فساد الزمان، وتغير الإخوان، ووقوع الفتن، وتراكم المحن، كما فعله جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. وقد كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أوصاهم، عند تقلب الأحوال واختلاف الرجال وكثرة القيل والقال، بالاعتزال وملازمة البيوت وكسر السيوف واتخاذها من العراجين والخشب.

أَخْبَرَنَا تاج الإْسِلام أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُور السَّمْعَانِيّ رحمه الله، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو غالب مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد الملك بْن مُحَمَّدِ بْنِ بشران، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن الأجري، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد العطشي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الجنيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، قَالَ: حدثني ابن سلمة الوراق، قَالَ: حدثني قثم العابد، قَالَ:

حدثني عَبْد الواحد بْن يَزِيدَ رحمه الله، قَالَ: هبطت مرة واديا فإذا أنا براهب قد حبس نفسه فِي بعض غيرانه، فراعني ذَلِكَ.

فقلت: أجني أم إنسي.

ص: 187

قَالَ: وفيم الخوف من غير اللَّه عز وجل؟ لست بجني، ولكن إنسي مغرور. قَالَ قلت: منذ كم أنت هاهنا؟ قَالَ: منذ أربع وعشرين سنة. قَالَ: فقلت: فمن أنيسك؟ قَالَ: الوحوش. قَالَ: فما طعامك؟ قَالَ: الثمار ونبات الأرض. قَالَ قلت: فما تشتاق إِلَى الناس؟ قَالَ: منهم هربت. قلت: أفعلى الإْسِلام أنت؟ قَالَ: مَا أعرف غيره، إِلا أن المسيح أمرنا فِي الكتب بالعزلة والانفراد عند فساد الناس.

أنشدنا شرف الأئمة أَبُو حفص عمر بْن مُحَمَّد الشِّيرَزِيّ السَّرَخْسِيّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو علي الْوَخْشِيّ رحمه الله قَالَ: دخل رجل عَلَى أَبِي الْعَبَّاس ثعلب وَهُوَ ينظر فِي الكتب، فَقَالَ: إِلَى متى هَذَا؟ وأنشده:

وإن صحبنا الملوك تاهوا وعقوا

واستخفوا جهلا بحق الجليس

أَوْ صحبنا التجار صرنا إِلَى البؤس

وصرنا إِلَى عداد الفلوس

فلزمنا البيوت نستكثر الْخَيْر

ونملأ بِهِ بطون الطروس

لو تركنا وذاك كنا ظفرنا

من أمانينا بعلق نفيس

غير أن الزمان - أعني بنيه -

حشدونا عَلَى حياة النفوس

ص: 188

أنشدنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أميرجه، أنشدني شَيْخ الإْسِلامِ عَبْد اللَّهِ الأنصاري، أنشدنا أَبُو زكريا يَحْيَى بْن عمار، إملاء، أنشدنا أَبُو بَكْر هبة اللَّه بْن الْحُسَيْن يَقُول: أنشدنا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريد، أنشدنا: أَبُو عُثْمَان سَعِيد بْن هارون، أنشدنا هلال بْن العلاء رحمه الله، لنفسه:

لما عفوت ولم أحقد عَلَى أحد

أرحت نفسي من غم العداوات

إني أحيي عدوي عند طلعته

لأدفع الشر عني بالتحيات

وأحسن البشر للإنسان أبغضه

كأنه قد حشا قلبي محبات

ولست أسلم من خل يخالصني

فكيف أسلم من أهل المعاداة؟

ص: 189