الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث الثاني والثلاثون [فضل الجهاد فِي سبيل اللَّه، والعزلة عند الفتن]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ فَخرُ الإْسِلامِ أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الرُّويَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإْمَامُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السّهلكِيُّ، أَخْبَرَنَا أحمد بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الشَّاوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:" مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ لِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شَعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ عز وجل وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ".
هَذَا حَدِيثٌ حَسَن عَالٍ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَأَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حليف الصبر، ومؤثر الفقر: أَبُو سَعِيد سَعْد بْن مَالِك بْن سنان بْن عبيد بْن ثعلبة بْن عباد الأنصاري الخزرجي الخدري المدني، وَهُوَ مذكور فِي أهل الصفة، منسوب إِلَى الخدرة وهم من اليمن. وأمه: أنيسة بنت أَبِي الحارث، من بني عدي بْن النجار.
وأخوه لأمه: قتادة بْن النعمان، كَانَ من الرماة المذكورين فِي صحابة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
سكن أَبُو سَعِيد المدينة وتوفي بها سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع وله أربع وتسعون سنة، وقد أعقب.
وفي الْحَدِيث: دلالة عَلَى فضل الجهاد فِي سبيل اللَّه عز وجل، وقد جعله رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تلو الإيمان فِي الفضيلة فِي حَدِيث آخر، حيث سئل، أي الأعمال أفضل؟ قَالَ:" إيمان بالله عز وجل ورسوله " قيل: ثُمَّ أي؟ قَالَ: " ثُمَّ جهاد فِي سبيل اللَّه تَعَالَى " قيل: ثُمَّ أي؟ قَالَ: " حج مبرور ".
ويحتمل أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنما قدم الجهاد والحج فِي هَذَا الْحَدِيث لأن فيهما إتعاب البدن وإنفاق المال، وغيرهما من العبادات إما أن يكون بالبدن أَوْ بالمال.
وفيه: دليل عَلَى فضل العزلة، وهي مستحبة عند فساد الزمان، وتغير الإخوان، ووقوع الفتن، وتراكم المحن، كما فعله جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. وقد كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أوصاهم، عند تقلب الأحوال واختلاف الرجال وكثرة القيل والقال، بالاعتزال وملازمة البيوت وكسر السيوف واتخاذها من العراجين والخشب.
أَخْبَرَنَا تاج الإْسِلام أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُور السَّمْعَانِيّ رحمه الله، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو غالب مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد الملك بْن مُحَمَّدِ بْنِ بشران، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن الأجري، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد العطشي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الجنيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، قَالَ: حدثني ابن سلمة الوراق، قَالَ: حدثني قثم العابد، قَالَ:
حدثني عَبْد الواحد بْن يَزِيدَ رحمه الله، قَالَ: هبطت مرة واديا فإذا أنا براهب قد حبس نفسه فِي بعض غيرانه، فراعني ذَلِكَ.
فقلت: أجني أم إنسي.
قَالَ: وفيم الخوف من غير اللَّه عز وجل؟ لست بجني، ولكن إنسي مغرور. قَالَ قلت: منذ كم أنت هاهنا؟ قَالَ: منذ أربع وعشرين سنة. قَالَ: فقلت: فمن أنيسك؟ قَالَ: الوحوش. قَالَ: فما طعامك؟ قَالَ: الثمار ونبات الأرض. قَالَ قلت: فما تشتاق إِلَى الناس؟ قَالَ: منهم هربت. قلت: أفعلى الإْسِلام أنت؟ قَالَ: مَا أعرف غيره، إِلا أن المسيح أمرنا فِي الكتب بالعزلة والانفراد عند فساد الناس.
أنشدنا شرف الأئمة أَبُو حفص عمر بْن مُحَمَّد الشِّيرَزِيّ السَّرَخْسِيّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو علي الْوَخْشِيّ رحمه الله قَالَ: دخل رجل عَلَى أَبِي الْعَبَّاس ثعلب وَهُوَ ينظر فِي الكتب، فَقَالَ: إِلَى متى هَذَا؟ وأنشده:
وإن صحبنا الملوك تاهوا وعقوا
…
واستخفوا جهلا بحق الجليس
أَوْ صحبنا التجار صرنا إِلَى البؤس
…
وصرنا إِلَى عداد الفلوس
فلزمنا البيوت نستكثر الْخَيْر
…
ونملأ بِهِ بطون الطروس
لو تركنا وذاك كنا ظفرنا
…
من أمانينا بعلق نفيس
غير أن الزمان - أعني بنيه -
…
حشدونا عَلَى حياة النفوس
أنشدنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أميرجه، أنشدني شَيْخ الإْسِلامِ عَبْد اللَّهِ الأنصاري، أنشدنا أَبُو زكريا يَحْيَى بْن عمار، إملاء، أنشدنا أَبُو بَكْر هبة اللَّه بْن الْحُسَيْن يَقُول: أنشدنا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريد، أنشدنا: أَبُو عُثْمَان سَعِيد بْن هارون، أنشدنا هلال بْن العلاء رحمه الله، لنفسه:
لما عفوت ولم أحقد عَلَى أحد
…
أرحت نفسي من غم العداوات
إني أحيي عدوي عند طلعته
…
لأدفع الشر عني بالتحيات
وأحسن البشر للإنسان أبغضه
…
كأنه قد حشا قلبي محبات
ولست أسلم من خل يخالصني
…
فكيف أسلم من أهل المعاداة؟