الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيث السادس والعشرون [فضل قريش وتقدمها]
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الرَّضِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْفَرَائِضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد مُحَمَّد بْن مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الصُّوفِيُّ الصَّيْرَفِيُّ -، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ:
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ "
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، عَالٍ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَأَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ بِطَرِيقٍ آخَرَ.
رواه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أَبُوعَبْدِ اللَّهِ، ويقال: أَبُو مُحَمَّد، جابر بْن عَبْد اللَّهِ
ابن عَمْرو بْن حرام السلمي المدني، من أكابر أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، شهد بدرا وغزا مَعَه تسع عشرة غزوة، ويقال: أَنَّهُ شهد العقبة مَعَ السبعين من الأنصار، وَكَانَ أصغرهم يومئذ.
قتل أَبُو يوم أحد، فأحياه اللَّه عز وجل وكلمه كفاحا.
واستغفر رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لجابر فِي ليلة واحدة سبعا وعشرين مرة، وذلك ليلة البعير، حين باع بعيره من رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وشرط لَهُ ركوبه إِلَى المدينة، قَالَ: مررت مَعَ رَسُول صلى الله عليه وسلم ومع بعير معتل وأنا أسوقه فِي آخر القوم، فَقَالَ:" مَا شأن بعيرك هَذَا؟ "، قَالَ: قلت: معتل أَوْ ظالع يَا رَسُولَ اللَّهِ " فأخذ بذنبه فضربه ثُمَّ قَالَ: اركب " فلقد رأيتني فِي أولهم وإني لأحبسه؟ ثُمَّ قَالَ: " بعني بعيرك هَذَا "، قَالَ: قلت: هُوَ لك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " بعنيه "، قلت: هُوَ لك يَا رَسُولَ اللَّهِ فلما أكثر علي قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها قَالَ:" نعم، تبلغ عَلَيْهِ إِلَى أهلك وأرسل إِلَى بلال فَقَالَ: أعطه أوقيه ذهب، وزده " فأعطاني أوقية وزادني قيراطا، فقلت: لا يفارقني هَذَا القيراط، شيء زادني رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فجعلته فِي كيس، فلم يزل حَتَّى أخذه أهل الشام يوم الحرة.
توفي جابر بْن عَبْد اللَّهِ رضي الله عنه بالمدينة سنة ثمان، وقيل: سنة تسع وسبعين، وله يوم توفي أربع وتسعون سنة، وقد ذهب بصره صلى عَلَيْهِ أبان بْن عُثْمَان، وَكَانَ والي المدينة حينئذ.
قَالَ عَمْرو بْن علي: هُوَ آخر من مات بالمدينة من الصحابة.
وفي الْحَدِيث: دلالة عَلَى فضل قريش عَلَى سائر الناس فِي كل شيء والمراد بـ " الْخَيْر ": الدين، فإنه أصل كل خير، وبـ " الشر " الكفر، فإنه أساس كل شر.
روى عَنْهُ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ: " لا تقدموا قريشا فتهلكوا ولا تخلفوا عَنْهَا فتضلوا، قوة الرجل من قريش قوة رجلين، لا تفاقهوا قريشا فهي أفقه منكم، لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند اللَّه عز وجل، خيار قريش خيار الناس، وشرار قريش خير من شرار الناس ".
وفي هَذِهِ الرواية: دليل عَلَى مَا تقدم قريش فِي الدين والعلم والفقه، وأن قريشا أحق بالإمامة من غيرهم فِي الاقتداء بهم والاقتباس من عملهم وصح عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ " لا تؤموا قريشا وائتموا بها ولا تعلموا قريشا وتعلموا مِنْهَا، فإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض ".
قَالَ الشَّيْخ: فخرج من مجموع هَذَا الروايات أن الإْمَام المطلبي القرشي الشَّافِعِيّ رضي الله عنه أفضل العلماء الَّذِينَ يقتدى بهم فِي الإمامة، وأحقهم عند اللَّه بالكرامة، وأرفعهم درجة فِي الدين والأمانة، وأقواهم رأيا وحكما، وأبرعهم فضلا وعلما.
وقد حمل جماعة من الأئمة، منهم: أَحْمَد بْن حنبل، وَأَبُو نعيم الاستراباذي، قوله عليه السلام:" فإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض " عَلَى الشَّافِعِيّ، لأن الشَّافِعِيّ رضي الله عنه هُوَ الَّذِي انتشر علمه فِي البلاد فكتبت كتبه كما تكتب المصاحف، ودرسها المشايخ والشبان وغيره من علماء قريش لم يكن لَهُ هَذِهِ المرتبة.
أَخْبَرَنَا ناصر بْن مهدي المشطبي رحمه الله، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد بْن مسعود السجزي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بشري الليثي مولاهم السِّجِسْتَانِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيمَ، أخبرني عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الْعَبَّاس الشَّافِعِيّ بمصر، قراءة عَلَيْهِ، قَالَ: سمعت يَحْيَى بْن زكريا النيسابوري، قَالَ:
قَالَ مُحَمَّد يعني: ابن عَبْد الحكم: مَا أظن أن يكون مثل الشَّافِعِيّ رضي الله عنه فِي الدنيا، إني لأمر بباب الشَّافِعِيّ من غير حاجة لِي، فأدعو اللَّه عز وجل لَهُ.
وروينا أن أَحْمَد بْن حنبل سئل عَنْ الشَّافِعِيّ، فَقَالَ: هُوَ كالشمس للأرض، والعافية للخلق، فهل عنهما من بد؟
أنشدنا الصائن أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أميرجه الصوفي الْهَرَوِيّ، أنشدنا الشَّيْخ الأديب أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، بنيسابور، لنفسه:
أحاديث الرَسُول شفاء قلبي
…
وقوة ناظري وجلاء همي
فدت نفسي ثقات قد رووها
…
وما ملكت يدي وأبي وعمي
أعاذلتي عَلَيْهِ إليك عني
…
فإن إليهم قصدي وأمي
لمن والاهم حبي ومدحي
…
لمن عاداهم بغضي وذمي
وأنشدوا لبعضهم:
الشَّافِعِيّ إمام الناس كلهم
…
بالعلم والحلم والعلياء والباس
لَهُ الإمامة فِي الدنيا مسلمة
…
كما الخلافة فِي أولاد عَبَّاس
أصحابه خير أصحاب، ومذهبه
…
خير المذاهب عند اللَّه والناس